لم يفهما كلامه

أهلا وسهلا بآلأخ باسم أوشانا

قرأ آلأخ باسم في إنجيل لوقا 2: 48-50 ما يلي :” ولمَّا رأه والداهُ تعَجَّبا، وقالت له أمُه : يا إبني لماذا فعلتَ بنا هكذا ؟. فأبوك وأنا تعَذَّبنا كثيرًا ونحن نبحثُ عنك ؟” فأجابهما : ” لماذا بحثتما عني؟ أما تعرفان أنَّه يجب أن أكون في بيت أبي ؟. فما فهما معنى كلامِه ؟

وكتبَ يسألُ :

أولاً : ” كيف لم يفهما معنى كلامه؟. الملاك جبرائيل بشَّر آلعذراءَ قائلا لها ” القدوسُ منك

          يُدعى إبنَ آلله “؟

ثانيًا : ” كيف لم يفهموا كلام يسوع أنَّه ” يجب أن أكون في بيت آبي “، وآلملاك يأتي في

         آلحلم إلى يوسف قائلا : لا تخف أن تأخذ إمرأتك مريم ، فهي حبلى من آلروح

         آلقدس “؟. 

ماذا فعلت بنا ؟

مريم ويوسف يعرفان أن يسوع هو آلمسيح آالمنتظر. وقد بلغ من نضوج الفكر إلى أن يتصَّرفَ بقراره. ولكن مدى عمق رؤيتهما عن أُلوهيته فليس واضحًا وضوح ألشمس. ثم خافا على حياته ألا يفقداه ، لقد قصرا في سهرهما عليه لخدمته، وهو غائبٌ عنهما ثلاثة أيام وأكثر، وهو لم يُخبرهما بشيء ليطمئنا عليه، كل هذا وضعهما في حيرةٍ وموقف مؤلم ومحرج حتى” تعَذَّبا كثيرًا ” ما أفقدهما رشدهما بآلتفكير في هويته آلألهية. لم يفهما كيف جرى هذا وكل همهما أن يجداه سالمًا. ماذا كانا سيفعلان لو لم يجداه؟. فلم يفهما هل يُبَّكتُهما ، رغم ألمهما وعذابهما في البحث عنه وضيقهما الشديد، وقلقهما إذا لم يعثرا عليه؟ أم إِنَّه يدعوهما إلى تعمق أكثر في آعتبار هويته؟ أم إنه في صدد إعلان حقيقة تعَدَّت مدى إستعابهما ؟. فـ ” ما فهما معنى كلامه “. فهمته آلكنيسة بعد موته وقيامته.   

في بيت أبي !

أو عبارة أخرى مثل :” عند أبي” أو ” عليَّ أن أهتم بأمور أبي” ( الترجمة اليسوعية ). أول كلام سَجَّله الأنجيل عن يسوع وهو يُفصح بنفسه عن هويته وسلوكه. قال عنه الملاك :” يُدعى إِبنَ العليِّ ويوليه الرب آلإله عرشَ داود أبيه “. وسبق المزمور 40 فقال عنه :” ها أنذا آتٍ لأَعملَ بمشيئتِك ” (مز40: 7-9). كما سيقول يسوع لاحقًا عن نفسِه ” طعامي أن أعمل بمشيئة الذي أرسلني، وأن اُتَّمم عمله ” (يو4: 34). وعملُ آلآب مُرسله أن تتوَحَّد آلأنسانية في عهد جديد يوَّحد بين شعب عهد موسى، السلطة الدينية وبين بقية البشرية الوثنية المتمثلة بآلسلطة آلمدنية ، وهذا ما سيتم على يد يسوع المسيح. وربما يكون هذا ما لم يفهمه يوسف ومريم.  

يقول الخوري بولس الفغالي :” حدثُ الهيكل، حيث قال الصبي كلمته آلأولى، يضم على مستوى تأريخ آلعهد المسيرتين : .. فيجمع في وعد واحد ” اسرائيل ( لو1: 5-80) وكل آلأمم (لو2: 1-38)، ويتم في هذا آلأبن الذي حبل بآلروح القدس؛ فهو حكمة الله، كلمة آلأب الحية من أجل شعبه ، وجوابُ شعبه آلبنوي، وطاعة غير مشروطة لأبيه ” (انجيل لوقا، دراسات بيبلية 9، لسنة 1995، ص24). وسيقول عنه مار بولس :” وأطاع حتى موت آلصليب ” (في2: 8). ويُضيف آلفعالي بأنَّ :” يسوع سيلتزم تاريخ البشر: هو الأبن آلمطلق. وإذ كشفَ لنا إلتزامه وخضوعه المطلق تجاه أبيه، أدخلنا في سِرِّ شخصِه الذي لا تحويه كلماتنا :” لم يفهما ما قال لهما ” (ص25). وفي هامشٍ في الكتاب المقدس، الطبعة اليسوعية،  ذكر بأنَّ يسوع أكَّد ، بلقائه العلماء في الهيكل وبرده لوالديه، أنَّه قد بلغ وعيه آلأنساني ويعرفُ هويته أنه الأبن. أي إبن آلله وآبن داود.

وهل كان سهلا على مريم ويوسف ان يفهما هذا؟ بينما نحن، بعد الفي عام، لا نستوعبه كليًّا ولا نقدر أن نُعَبِّرَ بدِّقة عن حقيقته بمفرداتنا اللغوية.