بركة الله وبركة آلإنسان

أهلا وسهلا بآلأخ نوئيل آلطَّباخ

كتب آلأخ نوئيل يسألُ :” ما آلفرقُ بين : آللهُ يباركُ آلإنسانَ  و آلإنسانُ يُباركُ آللهَ ؟

بركة آلله للأنسان !

كانت أول بركة آلله للإنسان يوم خلقَه : ” خلقَ آللهُ آلإنسان على صورته… وباركهم آللهُ ، فقال لهم : أُنموا وآكثُروا وآملأوا آلأرضَ ، وأَخضِعوها، وتسَلَّطوا على … وأُعطيكم كلَّ عشبٍ … وكلَّ شجر..”(تك1: 28-29). كشفُ آلله للأنسان ألعظمةَ وآلمجدَ وآلخير آلذي أنعم به عليه ، هي :” الحياة، الخصب، ألخيرات، ألإزدهار، ألراحة وآلسُلطة “.

كلمة ” بارَكَ ” تأتي من أصل آلفعل آللازم ” بْرَخْ = رَكَعَ” ، مُشتَّقُه آلمُتَعَّدي هو” بَرِّخْ = أركَعَ “. يركع آلخادم أمام آلسيِّد، وهذا يضع يده على رأسه. فبارَك هو للمتَّعدي أي للأعظم الذي أركعَ، سادَ فآمتلكَ آلآخرَ ويمُنُّ عليه بآلخيرات. وهذا قدرةٌ وعظمة ومجد. فآللهُ عظيمٌ ومجيدٌ وقديرٌ على كلِّ شيء. وببركته، بِخلقِه، آلإنسان على صورته جعلَهُ أعظمَ آلخلائق كلِّها وأقدرَها وأمجدَها، يشترك بحياة آلله وطاقاته. وما يزالُ آلله يُبارك آلأنسان ويُعينه لأَداءِ رسالته وكيلا له على إدارة آلكون، يُعَظِّمُه ويُمَجِّدُه في قِدّيسيه.

ولمَّا سقطَ آلأنسان آلأول عن مجده لم يتخَّلَّ آلله عنه، بل وعد بإنقاذِه من سقطته وإِعادتِه إلى مجده. ولِكي يُحَقِّقَ آلله وعده (تك3: 15) تحَرَّك لِيُعِّدَ لمجيءِ آلمُنقِذِ شخصًا مؤمنًا به، إِنسانًا يسمع كلامه، عكس آلإنسان آلأول، هو ابراهيم فباركَه :” أجعلُك أمَّةً عظيمةً وأُباركُك. و أُعَّظمُ إسمكَ وتكون بركةً. أباركُ مباركيك وألعنُ لاعنيك. وتتبارَكُ بك جميعُ عشائرآلأرض ” (تك12: 2-3). وحتى يتحَقَّقَ آلموعودُ يُقتَضى آلأيمان. و” آمن ابراهيم بآلرب، فبَرَّرَه آلربُّ لآيمانه ” (تك15: 6؛  رم4: 3).

ويستمِرُّ آلله في بركته من إعانةٍ وتوفيقٍ وتعظيم لشعبه. سيباركُ شعبَه، على يد موسى آلمؤمن، بإنقاذه ” بيد قديرةٍ و ذراع ٍ مرفوعة” (خر6: 1-8) من عبوديةِ ضيقِهِ وألمهِ وذُلِّهِ في مصر. إلى أن يُباركه بركةً جديدة عظيمة ويخلقَه من جديد بآلروح على يد ألمخلِّصِ آلموعود يسوع ألمسيح. فتجَسَّدَ آللهُ وكان ” اللهُ معنا “،  إنسانًا مثلنا ما عدا آلخطيئة، يرافقنا ، يُعَّلمُنا ويفدينا، فاتِحًا للأنسان باب آلحياة آلأبدية. ومن آلسماء يباركنا إِذ يبقى معنا مدى آلأيام (مت28: 20)، ” مُؤَّيِدًا عبادَه بما يساندُهم من آلآيات” (مر16: 20).

يباركُ آللهُ آلأنسانَ أي يَرعاهُ كإبن له وشريكٍ في عمله، فيُعطيه : يُغيثُه عند آلضيق؛ يسنُدُه عند آلضعف؛ يُسَلّيه عند آلألم ؛ ينصُرُه في جهاده في سبيل آلحَّق وآلبر؛  يستجيب له عندما يدعوه في كلِّ حاجة وفاقة ؛ بينما لمَّا يباركُ آلأنسانُ مثيلَهُ آلأنسانَ فهو يُمَدِّدُ له بركةَ آلله في كلِّ أبعادها. هكذا بارك يعقوب أولاده، فقال ليوسف:” بإِلَه أبيك الذي ينصُرُك، بآلقدير آلذي يباركُك. بركاتُ آلسماءِ من فوق، وبركاتُ آلغمر آلراكِدِ في آلأسفل. بركاتُ آلثديين وآلرحم. بركاتُ ( تمَنِّيات) أبيك التي تفوقُ بركاتِ آلجبال آلأزلية، وخيراتِ آلروابي آلأبدية، لتكن على رأس يوسف ..” (تك49: 25-26). بينما عَلَّم آلربُّ آلكهنة كيف يباركون: ” بمثل هذا تباركون إسرائيل وتقولون: يُباركُكُم آلربُّ ويحفظُكم. يُضيءُ آلربُّ بوجهه عليكم ويرحمُكم.

يرفعُ آلربُّ وجهَه نحوَكم ويمنحُكم آلسلام”. “هكذا يجعلون اسمي علامةً على بني إسرائيل وأنا أُباركُهم ” (عدد6: 22-27).

بركةُ آلأنسانِ لله !

جاء في نحميا : ” قوموا باركوا آلربَّ إِلَهكم من آلان إلى آلأبد. نادوا تبارَكَ آسمُك آلمجيد الذي هو فوق كلِّ بركةٍ وتسبيح. أنت يا رب وحدَك صنعت آلسماوات وكلَّ جندها، و آلأرضَ وكلَّ ما عليها، وآلبحر وكلَّ ما فيها. وأنت مُحيي هذه كلَّها…” ويتابع فيُعَدِّدُ أفعال آلله آلعظيمة وآلمجيدة خلال آلأجيال آلسابقة بسبب كثرة حنانه ومراحمه. ويُنهي بآلحديث عن صفاته قائلاً :” يا إِلَهَنا آلعظيم القادر الرهيب الحافظ للعهد وآلرحمة … أنت عادلٌ و مُحِقٌّ في كلِّ ما فعلته..” (9: 5-33). إنَّه تعظيمٌ وتمجيدٌ وآعتراف بسمو آلله وقداسته ورحمته.

سبقه بقرن ونصفِ آلقرن مديحُ دانيال آلنبي ودعوته آلخلائقَ إلى مُباركة آلرب على ما فعل وكيف أنه رحمَ آلأنسان. فكتب على لسان فتيان أتون آلنار آلثلاثة يقول :” سبَّح آلفتيان آلثلاثة بفم واحد وباركوا آلله، وهم في آلأتون، قائلين : مُبارَكٌ أنتَ أيُّها آلرب إِلهُ آبائنا، لِيُحمَدْ إسمُك وليرتفِعْ إلى آلدهور… مبارَكٌ أنت في هيكلك آلمجيد آلقدوس، ومُسَبَّحٌ ومُمَجَّدٌ إلى آلدهور…” ويستمرُّ فيدعو جميع آلكائنات آلروحية وآلجسدية وآلجمادية للتسبيح مع آلردة لكل نوعٍ منها ” مُسَبَّحٌ ومُمَجَّدٌ إلى آلدهور”. ثم ينهيها بما فعله آلله للأنسان ويقول:” إِحمَدوا آلربَّ لأنه أنقذَ …خلَصَ ونَجَّى… ولأنَّه صالحٌ، لأنَّ إلى آلأبد رحمَتَه” (دا 3: 51-90).

سبقهم كلَّهم داودُ آلنبي لما قال :” باركوا آلربَّ لأنه مجيدٌ وقدير”. ثم يتابع واصفًا عظمته وفضله وسلامه (مز28 )؛ لأنه المخلص (مز41)؛ لأنه لم يهمل آلصلاة ولا منع رحمته   ( مز66)؛ مز 102 دعا إلى مباركة آلرب عن جميع إحساناته.

هكذا يُبارك آلأنسانُ آلله أي يعترف بمجده وقداسته ومحبته ورحمته وفضله وإحسانه، و يشكره عليها ويحمَدُه، ويتواضعُ مُقِرًّا بضعفه هو وأخطائه ونكرانه آلجميل. إنما لا يقطع أمله بل يثق برحمة آلله آلغزيرة آلفائقة، مُستندًا إلى آلوثائق آلميدانية في تأريخ آلخلاص، من آلقديم إلى آلحديث. إِن كان آلله بركةً لأنه يُعطي من ذاته بمحبَّة وحنان ، فآلأنسان يباركُ فيُقَدِّسُ موقفَ آلله هذا، ويتفاعلُ معه، ويفتخر أن يأخذ فيشكر، ولا يستحي أن يطلب بإيمان ويثق أن آلله لن يخذله أبدًا.

هكذا بارك يسوع آللهَ أباه شاكرًا : ” أشكرك يا أبي لأنَّك إستجبتَ لي..” (يو11: 42)؛ و باركت مريم آلعذراء آلله معترفة بعظمته وقداسته فمدحته ومجَدَّته :” تعَّظم (تبارك) نفسي ألرب وتبتهج روحي بآلله مخَلِّصي. لأنه إعتبر تواضع أمته… لأنه قدير، وصنع لها آلعجائب. هو قدوس ..هو رحوم.. هو قدير..” (لو1: 46-55). كذلك زكريا يبارك آلرب شاكرًا إِيَّاهُ لأفضاله على شعبه وآلوفاء لهم بوعوده (لو1: 68- 75).

فبركة آلأنسان إعترافٌ وتعظيمٌ ومدحٌ وحمد.