فــترة بقـاء يسـوع مَـيِّتًـا ؟

أهلا وسهلا بالأخت نادين تومـا.

سألت نادين عن :” كم دامَ موتُ يسوع ؟ هل يومين أم ثـلاثة ” ؟.

قياسُ الفترة يبدأ من ساعة الوفـاة الى ” حين ” معرفة خبر القيامة. حسبَ الأناجيل الأزائية الثلاثة حدثت وفاة يسوع الساعة التاسعة ، أى الثالثة بعد الظهر أو قبل المغيب. جاءَ في مرقس :” وأنتشر ظلامٌ على الأرض كلها من الساعة السادسة وحتى التاسعة. وصرخَ يسوع نحو الساعة التاسعة صرخة شديدة قال : الهي الهي لماذا تركتني… و صرخَ أيضا صرخة شديدة ، ولفظ الروح “(15: 33-37 ؛متى 27: 45-50). أما لوقا فقال :” احتجبت الشمس نحو الساعة السادسة ، وأنتشر ظلامٌ على الأرض كلها حتى الساعة التاسعة. … فصرخ يسوع صرخة شديدة : يا أبتاه ! في يديك أستودع روحي. قال هذا ولفظ الروح ” (لو23: 44-46).

أما القيامة فقد ذكر الإنجيليون أنَّ النسوة وصلن القبر ” فجر الأحد عند الخيط الفاصل بين الظلام ونور الشمس ” (متى28: 1؛ مر16: 2؛ لو24: 1؛ يو20: 1). فلو حسبناها حسبة أمين صندوق نحصلُ على الفترة التالية : 3 ساعات من الجمعة ؛ 12 ساعة ليل السبت ؛ 12 ساعة نهار السبت ؛ 12 ساعة ليل الأحد. يكون المجموع 39 ساعة في أبعد تقدير !.

ولكن الموتَ لا يُقاسُ بساعات أو بأيام. بل بتوَّقف أجهزة الجسم عن العمل ، لاسيما القلب والمخ. فإذا توَّقفَ هذان الجهازان يكون الإنسان قد مات. ولحظة استعادة الجسم نشاطـهُ الحيوي يكون الموت قد توقف لأنَّ الحياة انتعشت.

ماتَ يسوعُ على الصليب بعد لفظه الروح. وأما متى أنتعشَ الجسم وأستعاد الحياة فلم يكن في القبر مراقبٌ ولا كاميرا خفـية لتسجلَ لحظة القيامة !. يبقى السّرُ عند الله. وهناكَ ما هو أبعد من هذا التفكير. عند وصول النسوة الى القبر بادرهن الملاك بالسؤال : ” لماذا تطلبن الحيَّ بين الأموات لقد قام ” (لو24: 5)، وكأن الأمر قد حدثَ من زمان !. وقد ذكر لوقا قول يسوع للص اليمين ” تكون اليوم معي في الفردوس ” (لو23: 43). وكأني به يقول : اليوم أقوم وأقيمك معي !!. ويُؤَّيدُ النظرة متى عندما قال :” ولفظ الروح. وإذا ستار الهيكل .. والصخورُ تصَّدعت ، والقبورُ تفَّتحَتْ فقام كثير من أجسادَ القديسين الراقدين ..” (متى 27: 51=52). وقد لا يكون كلام مار بطرس أقل دلالة على أنَّ الموتَ والقيامة متزامنان. قال :” أُميتَ موتَ الجسد ، ولكنه أُحـيِـيَ حياة الروح ، فأنطلق بهذا الروح يُبَّشرُ الأرواحَ التي في السجن {أبرار العهد القديم}…و أُبلغت البشارة الى الأموات أيضا ليكونوا أحياءَ في الروح عند الله “(1بط3: 18-19 ؛ 4: 6).

ويمكننا أن نفهمَ بهذا أنَّ القيامة لا تقاس كالجسد بالزمن. إنها لا تعني الاستفاقة من النوم ولا النهوضَ والحركة. القيامة تعني ، ببساطة ، أنَّ يسوعَ حَّيٌ مُمَّجَد. ويسوعُ أولُ من نال حياة القيامة ومجدَها لكونه ” بكرًا لإخوةٍ كثيرين “(رم8: 29). له تحُّقُ الأولية لأنه أول من قام من بين الأموات وضمن قيامة من يؤمنون به ،” فكما يموت جميع الناس في آدم كذلك يحيا جميعهم في المسيح. لكل واحد رتبتُه : فالمسيحُ أولا لأنه البكرُ(1كور15: 20-23). كي ينال المجد هو أولا حتى يُشاركَه مجدَه من هم له (يو17: 1، 24).

وألفُ سنةٍ بقياس البشر هي بيوم واحد عند الله (2بط3: 8) ، فما هي قيمة يومين للبشر أو ثلاثة ؟. لا تُقاس أمور الأيمان بمكيال البشر بل بحساب اللـه !. أما ثلاثة أيام فهي تعبيرٌ فقط أن ” موت يسوع ” أمتَّـدَ عبر ثلاثة أيام هي : الجمعة ، السبت ، والأحـد !.

القس بـول ربــان