عيد المحبول بها بلا دنس

للعلم :  أعلنت الكنيسة هذه العقيدة سنة 1854م. ولما ظهرت مريم العذراء في لورد ، سنة 1858م لبرناديت سوبيرو ، ولمَّا سألتها عن إسمها، أجابتها :” أنا المحبول بها بلا دنس أصلي”.

تتلى علينا اليوم القراءات :  سي24: 1-46 ؛ حك7: 21 – 8: 10عب1: 1-13؛ متى1: 1-17

القـراءة : سيراخ 24 : 1 – 46 :– نشيدُ الحكمةِ الألهية المُتجَّسدة، مع أعمالِها. إنَّها إلَهيةٌ أزلية، تُخَّيمُ على الكون، تسري في الحياة الأنسانية. إِنَّها ” أُمُّ المحَبَّةِ و التقوى والعالم والرجاء “.

القـراءة البديلة : حكمة 7 : 21 – 8 : 10 :– للحكمةِ روحُ الله، وتكشفُ لنا طبيعَتَه. تنبعُ من قُوَّةِ الله ومن مجدِه، وهي نورٌ لأعمالِه. إنَّها البِرُّ الذي لا يغلِبُه السوء، لا شيءَ أغلى من الحكمة.

الرسالة : عبرانيين 1 : 1 – 13 :– الله هو الذي كشفَ ذاتَه للأنسان. أولاً، من خلالِ ضميرِه، ثمَّ بواسطة الكائناتِ ولاسيما الأنبياء. وأخيرًا أعلن عن نفسِه بتجَسُّدِه وإقامتِه بيننا فنراه ونتعَلَّمُ منه مباشَرَةً.

الأنجيل : متى 1 : 1 – 17 :– يسرُدُ متى نسبَ يسوع الأنساني. فالمسيحُ إبنُ الله هو إنسانٌ كاملٌ ينحدرُ من سُلالةٍ مشهورة بأمجادِها وأيضًا عيوبِها. لكنه لم يرث دنَسَها البشري لأنَّ الخطأ في الفكر والأرادة لا في الجسد. إنَّه الموعودُ فاديًا لآدم وملكًا إبنًا لآبراهيم. فهو إبنُ الله وآبنُ الأنسان مُخَّلِصًا للآنسانية.

                              لِنـقَرأ كلام الله بآهتمامٍ وآنتــباه ْ  

 الصلاة الطقسية 

إنَّ صلاة كلِّ عيد، ما عدا الأعياد التي تبدأ أساسا كاحد اول للسابوع مثل القيامة والعُنصرة ، مُستَقِّلةٌ بذاتها وقائمةٌ لوحدها، ولا صلة لها بأيام الأُسبوع كالآحاد، فلا مردود لها عليها. مع ذلك تحتفظُ بهيكلية الصلاة فتنقسم الى الأجزاء الأربعة وتفوحُ من ترانيم المَحاور نكهةٌ خاصَّة، تُضافُ عليها ترنيمة بعد المزمورالسابق وأُخرى بعدَ اللاحق للمزمور: ” يا رب دعوتُك…” وهو العمود الفقري لصلاة الرمش، ويتكون من المزامير 140+141+119 فقرة 14+ 116 ، ويتلى بين المزمورين، قبل ترنيمة الرمش.

التـرانيم   

1+ ترنيمة المزمور السابق : 1- ” القصرُ الذي تأَسَّسَ على رؤوس الجبال، ثَبَّتَ أساسَه

الكاروبيم والسرافيم والملائكةُ والروحانيون، بمواهب كاملة، هَيَّأَه الجَبَّار حتى يَحُّلَ فيه*

ܫܲܒܲܚ.أيَّتُها القديسةُ البتول هيكلَ الروح القدس، يا مريم الطاهرة تضَرَّعي الى المسيح

ليُكَّملَ وعودَه لكنيسته فيملك هو بواسطة بطرس بكر إيماننا “*.

2+ ترنيمة المزمور اللاحق : 1-” من يقدر أن يتفَحَّصَ فيُدرِكَ كمِيَّةَ المواهب الغنية التي

     لا شِبه لها، التي أفاضَها في حضن الطوباوية مريم؟. في بدء الحبل بها، البريء من كل

     خطيئة ، هَيَّأَها رَبُّ الخلائق سماءًا جديدةً وبهيّةً بها يخلصُ جنسُ آدم من الموتِ و

    اللعنة*.

    ܫܲܒܲܚ. صنعَ الرَّبُ الجَّبار بذراعِه نصرًا بتهيِئَةِ الطوباوية التي حَبَلُها عجيبٌ. جُبِلَتْ في

     الحشا وهي سالمة من ذنبِ الأبِ الأول الذي إمْتَّدَ الى كلِّ جيل. بينما هي وحدَها خرجتْ

     من السلسلة، لأنها غيرُ مُقَيَّدةٍ بهذا الصَّك. فالرَبُّ حفظها بهِيَّةً لتكون له مَسكِنًا ” *.

3+ ترنيمة الرمش :” اللهُ جَبَّارُ العالمين العالي، الذي يفحصُ الأعماق من العُلى، صنعَ بيده

     القديرة عجائبَ لا مثيلَ لها بين الخلائق. ذلك بصُنعِ مريمَ معصومَةً من العيب، نقِيَّةً

     قدّيسة ،  بريئةً من الإثمِ وهي بعدُ في بطن أُمِّها. ملأَها نِعَمًا كالبحر تجري أنواعًا من

     الحكم، ولا حدود لها إلا ما في فكر خالقِ العالم الغير محدود” *.

4+ ترنيمة السهرة : ” مريم ، إبنةُ الآب وأمُّ الإبن وكَنَّةُ الروح، إستحْقَـقْـتِ المديحَ لأنَّكِ

     صِرتِ هيكلاً للاهوت ومَسكنًا مُمَّجَدًا ومنزلاً نقِيًّا وهيكلاً. يا نبعًا مختومًا، جَنَّةً زاهية و

     راحة ومرقدًا ومطرَحًا نلجأُ الى عنايتِك لتُغَّطيَنا على الدوام وتحميَنا من كلِّ إثمٍ، وتسكبَ

     على الكنيسة نِعَمًا وعونًا مُريحًا فتستحقَ نعيمَ الفردوس مع لص اليمين ” *.

5+ ترنيمة الفجر :” إبنةُ الآب و والدةُ الأبن، وكنَّةُ الروح القدس، هي مريمُ نبعُ القداسة”*.

6+ ترنيمة القداس : ” يا رب، ذبيحةُ حبيبكَ الحيَّة نُقَرِّبُها لوقارِك، وللشكر اللائق بآسمكَ

     من أجل كل مواهبِكَ التي سكبتها بنعمتك على مريم البتول حبيبتِك. ويرفعُ كلُّ لسانٍ

     الحمدَ والمجدَ لسيادتِك” *.

الصلاة

قالت الصلوات أنَّ حدث ” الحبل بمريم” بدون دنس الخطيئة الأصلية مثل كلِّ البشر هو تخطيطٌ إلهي، هَيَّأَه الله حتى” يحُّلَ هو في مريم”. لذا دعتها الصلاة ” هيكلاً للروح القدس”. حيثُ روح الله هناك القداسة والبراءة. والله هو” القداسة ” بالكمال (أح19: 2؛ 1بط1: 16). وقال الملاك لمريم” الرَّبُ معكِ” (لو1: 28)، أي أنتِ قدّوسة بفعل الله، مليئة من حُبِّهِ و مستعدة لطاعته، فلم يسمح اللهُ أن يَلحَقَ بك فسادُ فكر الأنسان وقلبه (متى15: 19-20). لقد حفظها الرب ” بهيَّةً لتكون له مَسكِنًا”، ” فهَيَّأَ الله لنفسِه في الأرض المُدَّنسة هيكلاً مُقَدَّسًا “. فعقيدةُ ” الحبل بمريم من دنس الخطيئة الأصلية ” والفعلية من  صنع الله، كشفها لنا الأنجيل ، ولم تُعلِنها الكنيسة إلاَّ لمَّا بدأ الشَّكُ يدُّبُ في بعضَ المؤمنين بسبب إعتراض أعداء المسيح على ذلك. والله على كلِّ شيءٍ قدير(متى19: 26). قالت مريم : ” القدير صنع بي عظائم” (لو1: 37 و49) لأنَّها هي تواضعت أمامه ولم ترفضْ له كلاما أو مطلبًا، وعرفَتْ موقعَها منه : هو الخالق وهي المخلوق تتبعُ مشيئتَه ، لأنه هو يقودُ حياة الكون وما فيه. وأصبحت بذلك نموذجًا لنا لنعرف موقعنا من الله، ونثق به، ونتعَّلمَ منها كيف نمتثلُ لمشيئةِ الله.

وفي ترنيمةٍ ثانية للرمش قالت الصلاة :” يا صانعَنا كَرَّمتَ طبيعتَنا في صبيَّةٍ من جنسِنا..”. لمَّا جَرَّت حواءُ آدمَ الى سماع كلام ابليس عوضَ الله (تك3: 6)، تشَّوهت صورةُ الأنسان و ذُلَّ بآبتعادِه عن الله. أمَّا بطاعة مريم” أنا أمة الرب فليكن لي كقولك” (لو1: 38)، “فآمتلأَتْ  نِعمًا كالبحرِ تجري أنواعًا من الحكم ” ، فآستعادَ الأنسان كرامتَه إذ عرفَ أن يسلكَ بالشكل الصحيح. وأضافت الصلاة : ” فمن أرضِ الأشواك أنبتَ اللهُ عزاءَنا… أُمُّنا حواءُ أورثَتْنا اللعنة. أمَّا أُّمُنا مريم (يو19: 26-27) فقد جلبتْ لنا النِعمة. لأنها صارت هيكلاً ليسوع مُحيينا، ومن ملْءِ النعم التي حصلت عليها كَّفَتْ حاجتنا ” ، كما أصبَحَتْ معاونةً ليسوع و شريكتَه في خلاصِنا.

التعليم

نحن نبقى أولاد حواء، نرثُ بالجسد حالتَها الساقطة. لكننا أصبحنا بالروح أولاد مريم أيضًا . لقد تبَنَّتْنا تحتَ الصليب بمشيئة الله. كما قبلَتْنا، يوم إعتمدْنا فأصبحنا أولاد الله، إخوةً إلَهيين لآبنها الآلهي. وقد حلَّ فينا اللهُ، الآبُ والإبن، عندما عرفناه وأحببناه وحفظنا كلامه (يو14: 23). فنعمتُها الفريدة كانت تسهيلا لتجَّسُدِ الله وتمهيدًا لتأليهِنا نحنُ الأنسان. لقد سعى إلى اللأُلوهية آدمُ وحواء بالكبرياء لكنَّهم فشلوا. أمَّا مريم فلم تسعَ إلى ذلك، إِنَّما نالته بتواضُعها ، فولدتِ اللهَ وأصبحتْ أُمًّا له وللبشرية جمعاء.