عيد الدنح

عيد عمــاد يسوع المسيح

تتلى علينا اليوم القراءات  :  اش4: 2-6+11: 1-5؛ عدد24: 2-9، 15-25 طي2: 11+3: 1-7 ؛ متى3: 1-12

القـراءة : إِشَعْيا 4 : 2 – 6 +11 : 1 – 5 :– يُخبرُ النبي عن زمن المسيح الحاضر بين الشعوب، ويرى الناسُ أعمالَهُ ويتنَعَّمون بخيراتِه.

القـراءة البديلة : عدد 24 : 2 – 9 ، 15 – 25 :– يُباركُ بلعامُ شعبَ الله ويلعنُ أعداءَه، ويُنبيءُ عن ظهورِ نجمِ المسيح المَلِك الذي تدينُ له الأُممُ.

الرسالة : طيطس 2 : 11 – 3 : 1 – 7 :– يدعو الرسولُ المؤمنين الى العيشِ في العدلِ والتقوى والحِلمِ والوداعة نابذين كلَّ شهوةٍ باطلة.

الأنجيل : متى 3 : 1 – 12 :– يوحنا يُعَّمد ويدعو الى التوبة ، ويأتي يسوع ويعتمدُ مُعترفًا بخطيئة الإنسان وفاتحًا لنا طريق التوبة. يتجَّلى الثالوث بحلول الروح القدس على الإبن وكلام الآب.

لنَقْرَأُ كلامَ الله بآنتبـاهٍ وآهتمــام

الصلاة الطقسية

ركَّزَت الترانيمُ على مواضيعِ ثلاثة مهمة : عماد يسوع ، الثالوث الأقدس ، والتجَدُّد. لا ننسى أن الصلاة الطقسية الكلدانية تنظَّمت في شكلها الحالي في منتصف القرن السابع. و كُتبَتْ أغلبُ ترانيمها قبل ذلك الوقت. كُتبَت ربما أجيالاً بعد أحداث حياة المسيح. لكنَّها عَبَّرت عن إيمان الكنيسة. والصلاة تُؤَّونُ أحداث الأيمان وتعيشُها في كلِّ مناسبةٍ أو حتى رتبة. فلا نستغرب إذا حَدَّثَتْنا  مثلاً ترنيمة عن موت وقيامة المسيح والفداء ونحن في موسم الميلاد. فالأيمانُ ومستلزماتُه ونعمُه وحدةٌ لا تتجزَّأ بل تُغَّطي الصلاةَ الطقسيةَ طوالَ السنة.

الترانيم

1+ ترنيمة المزمور السابق: ” يا ربَّنا! معموديتُك التي هي لنا نبعُ الخيرات وتتمةُ الأيمان

     بالحياة، التي تمَّت على يد يوحنا في نهر الأردن، هي خطَّتْ سبيلاً لكُلِّ المُعَمَّدين إلى

     ملكوت السماء، بحمدٍ كامل للأقانيم المجيدة للثالوث المسجودِ له ” *.

2+ ترنيمة المزمور اللاحق : ” الخليقة الجديدة تُنشِدُ المجدَ للآبن المسيح. الذي بتجَّليه

     جَدَّدَها وأشفقَ عليها. وكثَّرَ حنانه تجاهَ ضُعفِها. وبظهورِه أنقذَها من دم ذبائح الحيوانات

     غير العاقلة. وخَلَّصَها من ضلال الأصنام. وسَلَّمَها معرفةَ الحَّق تعليمَ الثالوث المجيدِ

     الكامل. فكُلُّ من في المسيح يصرُخُ ” شكرًا للتدبير الذي إكتملَ من أجلنا ” *.

3+ ترنيمة الرمش  : ” يا رب، نسجُدُ لظهورِك المقَدَّس الذي أبهَجَنا. به أضَأْتَ بآنذهال كلَّ

     الشعوب، الجالسةِ في الظلمة وفي ظلال الموت. يا مُحِّبَ البشر المجدُ لك” *.

4+ ترنيمة السهرة  : ” الملكُ المسيحُ حَرَّرَ، بتجَّليه ، الخليقَةَ وأنقَذَها من الضلال. وبَطَّلَ

     سُلطة الشيطان الذي ، في حَسَدِه، دان جنسَنا. وبعمادِهِ أصبحَ الرأسَ المجيدَ ومُكَّمِلَ

     أيماننا. لنعتمدْ مثله معتقدين بثلاثة أقانيم الآب والأبن والروح القدس، بطبيعةٍ واحدة

     وقدرةٍ واحدة لا تُحَّد. الذي هو من الأزل وتسجُدُ له كلُّ الخلائق” *.

5+ ترنيمة الفجـر   : ” لاحَ لنا من العُلى النورٌ الحقيقي. الوحيدُ سَيِّدُ الخلائق” *.

6+ ترنيمة القـداس  : ” تجَدَّدت الخليقةُ بسَيِّدِها. وآسْتَدَّلت على مُخَّلِصِها. الذي إعتمد

     وجَلا لها في الأُردن الأعتقادَ بالثالوث. الآبُ الذي يهتف ويصيح أنْ هذا هو حبيبي

     الذي به إرتضيتُ. والروحُ الذي حلَّ وآستقَّرَ عليه، وعَرَّفَ بمجدِه أمام الناس” *.

التعليم

يدخلُ عمادُ يسوع ضمن خطةِ التدبير الألهي. يوحنا جاء يُعَّمد ليظهرَ المسيحُ على يده  (يو1: 31-33). وعمَّد ” من أجل التوبة ” (متى3: 11). ولما جاء يسوع ليعتمدَ منه مانع أولاً لأنه عرفه أنه المسيح البار، ولا يحتاجُ الى التوبة، فرفض أن يُعّمدَه. ولمَّا حاوَرَه يسوع وقال له ” إننا نُتَمِّمُ بهذا مشيئةَ الله “(متى3: 15)، عندئذٍ أدركَ يوحنا أن يسوع هو” حملُ الله الذي  يرفعُ خطيئة العالم ” (يو1: 29). جاءَه ممثِلاً البشرية الخاطئة الراغبة بالتوبة. إعترفَ أنَّ آدم أخطأ. وآعترف أنَّ نسل آدم كلُّه أخطأ فيه إذ” سادَ الموتُ/الخطيئة من أيام آدم … حتَّى الذين ما خطئوا مثل خطيئة آدم” (رم5: 14). فإِذًا تقَدَّم يسوع الى معمودية التوبة مُعترفًا بخطيئة الأنسان، وبآسمه يدخُلَ الماءَ ليَغتسلَ كإنسانٍ مُعلنًا توبتَه. و سيُكَّفرُعنها بطاعته لله و قبولِ آلامِه شهادةً للحق. ثم سيغفرُها له بسلطانه الألهي على الصليب (لو23: 34). هكذا ستُصبح المعمودية لكل مسيحي رمز إعترافه بخطأِهِ وبتوبته بالآنتماء الى المسيح، فتصبحَ له ” نبعَ الخيراتِ الألهية وتتمةَ الأيمان بالحياة “. والمسيح أصبَحَ رأسَ جميع المؤمنين به وبكرَ المُعتَمدين بآسمه.

والإعلان الثاني أتى عن جوهر كيان الله الواحد : إنَّه ثالوث. إِلَهُ واحد لكنه في ثلاثة أوجه أو صفاتٍ جوهرية، تُدعى أَقانيم، تتميَّز عن بعضِها، وقائمة أيضًا بذاتها ، ولا تنفصل عن بعضِها وتعمل معًا عملا واحدًا مشترَكا وبمشيئة واحدة لا تختلف ولا تتناقض. هذا الثالوث ألمحَت اليه بشارةُ مريم. أمَّا اليوم فظهرَ جَلِيًّا إِلَهًا واحدًا في صورته الثلاثية الأبعاد: الأبن في الماء والآب من السماء يُعلن عن بُنُوَّة المسيح والروح القدس يحُلُّ عليه. و لتبسيطِ الصورةِ وتسهيل إستيعابِ هذه الحقيقة كثيرًا ما يلجأُ معلمو الأيمان إلى صورة الشمس التي هي النارُ والضوءُ والحرارة. وهي شمسٌ واحدةٌ لا ثلاثةُ شموس. وكلُّ بُعدٍ فيها يختلفُ عن الآخر بتعريفه ومفعوله، ومُرتبطٌ به. ولا يوجدُ الواحدُ بدون الآخر. لا يمكن لا الفصلُ ولا الخلطُ بينهم. إنهم واحدٌ في الوجود والعمل والمشيئة. سيقولُ يسوع ” أنا والآب واحد” (يو 10: 30)، و” من رآني رأى الآب ” (يو14: 9).

أمَّا الموضوعُ الثالثُ للترانيم  فكان التجدُّدَ، وقد ذكرَتْه الترنيمتان الثانية والسادسة. في آدم سقطت الخليقة الأولى عن مجدها. والمسيح نفخَ، بعماده، روحًا جديدًا في الأنسان. إنه روحُ المحَّبة والحق. علمَّ يسوع الأنسانَ الأعترافَ بذنبه والتراجعَ عنه والطاعةَ لكلام الله وقبولَ المعموديةَ، الأنتماء الى المسيح اللازم لآستعادة كرامته لدى الله ، فنتعَلَّم منه ونسلُكَ سبيلَه. فقالتْ الترنيمة ” لِنعتمد مثلَه “. فالعماد يُلزمنا الأقتداءَ بيسوع المسيح في التوبة والتجَّدُد.

الصلاة

ثَبَّتَ اللهُ في خطته تدبيرَ تجديدِ الخليقة. وتتجَسَّدُ الخُطَّةُ على يد يسوعَ المسيح. فمع ترنيمةِ المزمور اللاحق نرفعُ السجودَ والمجدَ والحمد لله قائلين :” شكرًا للتدبير الذي إكتملَ من أجلنا “، لا تحرُمْنا يا رب خيراتِ ثالوثِكَ لأننا بآسمكَ إعتمَدْنا فنلنا حياتَك الألهية.