طبيعة الأنسان والشر

أهلا وسهلا بالأخ رياض الأُمراوي.

سأل الأخ رياض : ” هل في الأنسان طبيعتان ” ( الخير ـ و ـ الشِّر ) ،

” أم طبيعتُه شِّريرة فقط ” ؟.

ماهي الطبيعة ؟.

الطبيعة ، كما يصفها المنجد العربي ، هي ” السجيّة التي طُبعَ عليها الأنسان ، أي ما يُمَّيِزُه بها عن بقية الكائنات. لكل كائن حي طبيعته الخاصة، لكن كلُّ كائن يتحَرَّك ويفعل ايجابيا وسلبًا، مثل الأنسان. يجب إذن التمييز بين الطبيعة والفعل. يقول أرسطو عن الطبيعة أنَّها ” ما يملكُ مبدأ الحركة الذاتية “. لذا تعَّود الأنسان على التمييز بين ما هو” من ذات الأنسان”، وما هو” من فعل الأنسان”. فكلُّ شيءٍ طبيعي يتميَّز بالمبدأ الآني الذي يدفعه الى تحقيق ذاته/ خصوصيته بالحركة. وأضاف عليه اللاهوتي الشهيرالقديس توما الأكويني بأن طبيعة الكائن هي الهدف من الحركة التي وضعها الله في الأشياء. وعليه كرامة الخالق الألهية ، كما هي فيه، هي في الأنسان الذي هو ” صورة الله ومثاله ” (تك1: 27)، والتي يحتفظُ بها رغمًا عن ” زلَّتِه الأصلية”.


جودة طبيعة الأنسان !

وعن جودة طبيعة الأنسان قال الكتاب :” ونظر الله إلى كلِّ ما صنعه ، فرأى أنَّه حسنُ جِدًّا ” (تك1: 31). ولم يكن ممكنًا غيُر ذلك ما دام الله هو” الخيُر الأعظم ومصدره ونموذجه ” في كل الكائنات. ولاسيما ما دام الأنسان صورة لله في طبيعته الخَّيرة. لا شَّرَ في الله، لا في طبيعته ولا في فعله. أما الأنسان فرغم جودة طبيعته مال الى الشَّر بسبب الحُرِّية التي يتمتع بها لآختيار فعله. الفعل يعود الى الفرد، الشخص، لا الطبيعة. في الطبيعة يتساوى كلُّ الناس. أمَّا في الشخص فلا يوجد إثنان متساون. لأنَّ كلَّ واحدٍ حُرٌّ على صورة الله، لذا فهو قادرٌ على ألا يُصغي لله نفسِه، وأن يُخالفَ أمره أو وصِيَّتَه. قادرٌ أن يفعل ما يشاء هو و ليس ما يشاؤُه الله. تُحافِظُ طبيعة الأنسان على سَجِيَّةِ الطِيْبة والخير، وتتمتع بقدرة صُنع فعلها بواسطة شخصها لتُحَّقق صورة الله وتبني كونًا يسوده البرُّ والخير. لأنَّ الله سَلَّط الأنسان على الكون وترك له حُرَّية أن يبنيه بفكره وفنه وذوقه لأنه هو الذي يتمتع بخيرات هذا الكون (تك1: 28).

فما هو شَّرٌ وشِّرير ليست الطبيعة في ذاتها بل الشر في الفعل الناتج عن الأرادة الخاصَّة الحُرَّة. طبيعة الأنسان إذن صالحة وجيدة. يُعَّبرُ عن هذا مار بولس بكلام معَّلم، يقول :” لا أفهمُ ما أعمل. لآنَّ ما أُريدُه لا أعمله، ما أكرهه أعمله … فإرادةُ الخير هي بإمكاني، أما عمل الخير فلا. الخيرُ الذي أُريده لا أعمله، والشَّرُ الذي لا أُريدُه أعملُه. إذا كنتُ أعملُ ما لا أُريده، فما أنا (الطبيعة) الذي يعمله بل الخطيئةُ التي تسكن فيَّ (آثارالخطيئة الأصلية) ” (رم7: 15-20). فللأنسان طبيعة واحدة، خَّيرة عاقلة حُرَّة، على مثال الله. أمَّا فعله التابع لأرادته الخاصّة فلا يتقيد، ذاتيًا أي غريزيًا، بإرادة الله. بل على الأنسان أن يختار الخير ، بكامل وعيه ومشيئته الحُرَّة، ويعمله مطابقًا فعله على فعل الله الخّيِر، طوعًا لا قسرًا.