الأحد الرابع للقيامة

يوم الدعوات الكهنوتية والرهبانية

تتلى علينا اليوم القراءات :  أع8: 14-25؛ اش49: 13-23 أف2: 1-7؛يو16: 16-24

القـراءة : أعمال 8 : 14 – 25 :– ينزلُ الرسلُ الى السامرة لتثبيتِ المُعَمَّدين وإحلال الروح القدس عليهم. حاولَ أحَدُهم أن يشتريَ هذا السُلطانَ بالمال. خَيَّبهُ الرسل ودعَوهُ الى التـوبة.

القـراءة البديلة : إشَعيا 49 : 13 – 23 :–  لمْ ينسَ اللهُ شعبَهُ. بل سيُنقِذُهُ من أعـدائِه. مَن يتَّكِلُ على الله لن يَخزَ.

الرسالة : أفسس 2 : 1 – 7 :– يُنشِدُ بولس لآنتصارِ المسيح، يمدَحُ إيمانَ أهلِ أفسس و يقول بأنَّ المسيحَ والمؤمنين بهِ يُشِّكلون جسدًا واحِدًا ، الكنيسة.

الأنجـيل : يوحنا 16 : 16 – 24 :– يتحَّدَثُ يسوع عن فِراقِهِ. يحزنُ الرسل. لكنَّ حزنَهم سيتَحَّولُ إلى الفرح. سيكونون مثلَه في التعبِ، ومعه في المجد.

 لِنَقْرَأْ كلامَ الله بآحترامٍ وآهتمام.

الصلاة الطقسية

رَكَّزت صلاة عيد القيامة والآحاد التالية على التجديد الذي جرى في الكون. الخليقةُ كُلُّها تجّدَّدت على يد المسيح. الأنسان الأول ـ آدم ـ كان” نفسًا حَيَّةً “، إنمَّا جسديًا تبعَ شهوتَه و أهمل كلام الله الروحي فسقطَ، وشَوَّهَتْ خطيئتُه كلَّ شيء. وخسر نعيمَ المقام مع الله، وفقدَ صوابَ العلاقة مع بقية الكائنات. فماتَ فيه الجاهُ والمجد والراحة التي إشتهاها. كانت خيرًا من الله فقدَه ولم يقدر لا أن يستعيدَه ولا أنْ يُعَّوضَ عنه. فقَـدَ دعوتَه ومستقبله كما لو كان مَيِّتًا. مات عن الله وحُرمَ خيراتِه. أمَّا آدم الثاني ـ الأنسان يسوع ـ فلم يتبع ما للجسد. بل طلبَ ما لله وتبع الروحاني ونشَر القِيَمَ الألهية، بل وضَخَّها من جديد في آدم/الأنسان المائت وأَحياه إِذ أعاده الى فردوسِ الله. آدم الأول سقط في التجربة أمَّا آدم الثاني فآنتصَرَ على التجربة بطاعته لله. وأصبحَ هو أبَ البشرية في الحياة الجديدة وقائدها. فكان” روحًا يُحيي” (1كور15: 45). إستعاد يسوع للأنسان فردوسَه وكرامته وسيادته للخلائق. وكانت القيامة تكليلًا لجهاده وضمانًا لخلود هذا الحَّق الذي إِكْتَسَبَه، على الأرض وفي السماء.

الترانيم

1+ ترنيمة الرمش :” إنتصبَ صليبٌ في أورشليم، والخلائقُ كُلُّها إبتهجَتْ. به إنحَلَّ الموتُ

     الشره، وسُلطانُ الأبالِسة سُحِبَ. بَدَّدَ اليهود في أربع أقطارِ العالم. وجَمَعَ الأُمم وأَدخَلَها

     إلى الملكوت*. إلى ذلك الفردوس السماوي الذي خسِرَه آدم لمَّا تجاوز. أمَّا آدمُ الثاني

     فآنتصرَ في اليهودية ورجع الى بلاده، الى الملكوت*. وحاز سُلطانًا في السماءِ و

     الأرض. وها هي جموعُ الملائكة تسجُدُ له، وتصرُخُ كلُّها بصوتٍ واحد : الشُكرُ لآبنِ

     سَيِّدِ الكل “*.

2+ ترنيمة السهرة :” يا رَبَّنا يسوع. قامت جميعُ الخلائق يومَ صلبِكَ في الرُعب. لمَّا

     شاهدتْكَ تُزدَرَى على يد عبيدٍ وقحين. وفي إستنكارِها للناطقين كانت الخُرسُ تصرخ

     أنْ هذا الذي صلبتُم هو رَبُّكم. وَبَّخَتْ  الضّالين : الشمسُ بظلامها، والأرضُ برعدتها،

     والصخورُ بتصَدُّعِها. وتثبيتًا لقيامتِكَ المُمَّجَدَة قامت أجسادُ القديسين الراقدين وخرجوا

     وهم يرفعون المجدَ لقُـوَّتِك العظيمة يا رب !”*.

3+ ترنيمة الفجـر:” في فجرك العظيم عندما تأتي لدينونة الأرضِ وتفحصُ سُكّانَها بالنار.

     لِيقُمْ حنانُكَ في وجهِنا لمَّا تنجلي خفايانا. في تلك محكمة عدلِكَ الرهيبة “*.

4+ ترنيمة القداس:” يا يسوع مَلِكَنا الظافرالذي جاءَ وخَلَّصَنا بصليبِه، وأبطلَ سُلطة الموت.

     الذي كان يأسِرُنا بخطايانا، وأخجلَ علنًا الشيطانَ وقُوَّاتِه. نطلبُ منكَ أنْ إِحفَظنا بحنانِكَ

     ، وأَهِّلْنا جميعًا لموهبةِ أسرارِكَ المُقَدَّسَة المَعبودة. بنعمتِك يا رب أعطيتَنا الموهبة

     لغفران ذنوبِنا وخلاصِ نفوسِنا “*.

التعليم   

في حين تحَّدثت الترنيمة الأولى عن يسوع آدم الثاني وفيه تجَدَّدت الخليقة كلَّها، تحَدَّثتْ ترنيمة السهرة عن الخلائق الخرساء التي أعلنت إستنكارَها للصلب. بحيث مع الصلب سادَ الظلام وتبعته أحداثُ في الهيكل وفي الطبيعة وحتى بين الأموات إِعتراضًا وإيذانًا بالقيامة التي تحلُّ مشكلة الأنسان. فالطبيعة الخرساء بكنوزها وخيراتها أعلنت حِدادها من جهة ومن أخرى لومها لرئيسها الأنسان العاقل الناطق و وصمته بعار الجهل والنذالة. كما قال إشعيا :” البنون الذين رَبَّيْتُهم ورفعتُهم تمَّردوا عليَّ. الثورُ يعرفُ مُقتنيه والحمارُ معلفَ صاحبِه، أمَّا بنو إسرائيل فلا يعرفون. شعبي لا يفهمُ شيئًا ” (اش1: 2-3). الشعبُ الذي حرَّره الله من عبودية مصر بيد قديرة وأوصله بمعجزاتٍ لا توصَف الى أرض الميعاد و غفر له آلافَ الخيانات ولم يحرمه من بركته وخيراته، هذا الشعب صلبَ ” رَبَّهُ ” وأضافَ فآحتقره، مُدَّعيًا الحكمةَ والقداسة.

للطبيعة دورٌ في تعزيز علاقة الأنسان بالله. فهي تُذَّكرُه بعظمة الله وقدرته وحكمته التي لا تحاكيها حكمة الأنسان وقدرته (1كور1: 20). وتدعوه الى تسبيحه وتمجيده. وفي الوقتِ ذاتِه تُذَّكرُ الأنسان بضُعفِه وقلة بصيرته، وتُحَّسِسُه عندما يُسيءُ التصَّرفَ أنه في خطأ وأنَّ عليه أن يتلافاه، وأن يتعَلَّم منه الدرس. يمارسُ الأنسان عفويًا وفطريًا السيادة على الطبيعة والخلائق ويستغلُّها لمنفعتِه، لكنه ينسى أن يرعاها بالشكل الذي يخدمها حتى تقدر هي أن تخدمه بالشكل المطلوب. الحيوان والشجر يعطون ثمارهم بشكلٍ بَنّاء لأنَّ خالِقَها يُحييها. و الكواكب والعناصر تُقَّدِمُ خدمتها بآستمرار مُنَّفِذةً خُطَّةَ باريها. الأنسان وحدَه يتمَرَّدُ على الله ولا يُعطي دومًا ثمارًا يانعة تُرضي خالقه. واللهُ يُسامحُه ويُمَدِّدُ له عونَه. هكذا فعل قايين ولامه الله ولمْ يقتلهُ. بينما لعن التينة فيبست لأنها رفضتْ طلبه ، وإن لم يكن قد أتى بعدُ زمنُ الثمر (متى21: 18-19).

فنعترفُ مع الكنيسة بفضل يسوع ونصَّلي قائلين:” يا رب نحن الذين إعترفنا بك أنَّكَ الحَّقُ، نؤمنُ ونسجُد لصليبِك الغالي. إنَّكَ بِهِ تجَّلَيْتَ لنا في قُوَّتِكَ وحكمتِك التي لا تُدرَك. فمن يقدرُ أن يَصِفَ عجائبَ صليبِك يا رَبَّ الكل : المجدُ لك “*.