بعد القيامة ، أ لم يلتق يسوع مع أعدائه؟

أهلا وسهلا بالأخت نهى توما صائغ

سمعت الأخت نهى كثيرين يتساءَلون عن ” أ لمْ يلتقِ يسوع أعداءَه بعد قيامتِه؟. مثل الكهنة  والفرّيسيين والذين صاحوا” أصلبْه “؟. بينما صاحوا قبل أيام” يحيا الملك : أوشعنا “؟. واذا لم يروه ألم يسمعوا بقيامته؟ أ لم يلتقوا بشهود القيامة؟. ماذا كان ردُ فعلِهم : أ لم يخجلوا؟. أ لم يعتذروا؟. أ  لم يؤمنوا به؟ “. وربما أسئلة أخرى كثيرة تنبع من فضولية المؤمن الذي يشتاق إلى معرفة المزيد من التفاصيل عن حياة يسوع، وأيضًا عن موقف أعدائه.

ظهورات يسوع !

إنحصرت ظهورات يسوع في فترة الأربعين يومًا بعد القيامة وقبل الصعود الى السماء. و يذكر الكتاب عن ترائيه للرسل والتلاميذ الأوائل، و” كان يكلمهم عن ملكوت الله “، وكأنه يُنهي تعليمه وتوجيهاتِه بشرح إضافي يُهَّيئُهم لقبول الروح القدس والسماع له (أع1: 3-5). يبدو أن يسوع حَصَر ترائيَه في تلك الفترة عليهم، ودعاهم الكتاب ” إخوته، وكان عددهم نحو 120 واحدًا “(أع1: 15)، لأنَّهم النواةُ الأولى للكنيسة. إِنهم الرسلُ المُهَيَّئون ليستلموا بشارة المسيح وينقلوها إلى العالم، إلى أن يُضيفَ إليهم الربُّ ويدعو رسلا وتلاميذ جُدَدًا يتلَقَّون منهم ويتدرَّبون على ايديهم وينقلونَ بدورهم لغيرهم. أكَّد بطرس أنَّ الرَّب :” يظهرُ لا للشعبِ كلِّه بل فقط للشهود الذين إختارهم الله من قبلُ..” (أع10: 40-41).

أما ما سيذكره بولس عن” لأَكثر من خمسمئة أخٍ معًا ” (1كور15 : 6)، فهؤلاء من الذين آمنوا بالمسيح على يد الرسل وأُعطِيَ لهم أن يشاركوا في مهمة نقل البشارة. كتبَ بولس رسالته سنة 57م وقد قطعت المسيحية شوطًا بعيدًا في التبشير. بينما لم يكن عدد الأخوة أكثر من 120 عند حلول الروح القدس (أع1: 15؛ 2: 1). والمهم في تلك الترائيات أنَّ الربَّ” يُظهرُ نفسَه لمن يشاء” لا لمحاسبةٍ أو توبيخ بل لسندِ مسيرةِ الأيمان. وعليه واصلَ يسوعُ ترائيَه، عبر الأجيال، لمن إختارَهم لتبليغ العالم رسالة مُحَّددة.

مأساةُ المُعادين الصالبين !

لا أحد من قادة أعداء المسيح إلتقى به بعد القيامة لأنَّ الرَبَ لم يتراءَ لهم. إلتقى بهم قبل الصلب، كشف لهم الحقيقة، دعاهم الى الأيمان به وحتى حَذَّرهم وأنذرهم إذا رفضوه رغم شهادة أعماله (يو8: 14؛ 9: 40-41؛ 10: 25). بل أكد بأنهم سيعرفون أنه المسيح بعد صلبه وقيامته (يو8: 28-29). ويفضح عدم إيمانهم أنَّهم يرفضون نورالحق والسبب لأنهم يعملون الشَّر(يو3: 18-21). كانوا أول من سمع خبر قيامته. لكنهم عوض السؤال عنه و الأيمان به قرروا أن يتابعوا نهجهم في محاربته، وآلتجَأوا الى أسلوبهم النجس في مقاومة الحقيقة، لا عن جهلٍ بل عن ” رصْدٍ وسبق إصرار”،” فتشاوروا ورشوا الجنودَ بمال عالٍ و قالوا لهم : أَشيعوا بين الناس أن تلاميذ يسوع جاؤوا ليلاً وسرقوه ونحن نيام. وإذا سمع الحاكم .. نرضيه وندفع الأذى عنكم” (متى28: 11-14). عصفوران بحجر: طمس حقيقة القيامة، وتهديدُ الرسل بالسرقة. حاكوا الخطّة بشكل دقيق وحتى فطنوا لنتائجها!. وآستَعَّدوا لمواجهة كلِّ تداعياتها بإصرار. إنَّهم أولاد ابليس يُتابعون الشَّر(يو8: 44).

سمعوا أيضًا بشهادة الرسل للقيامة وعماد 3000 واحد يوم العنصرة، ولاسيما بشفاء كسيح الهيكل على يد بطرس ويوحنا، تبعه عمادُ 2000 آخرين. والمجموعتان من أورشليم وقد يكون بعضهم من الذين صرخوا ” اوشعنا،.. وأُصلبُه “. وربما أيضًا بعضُ الفريسيين للتجَّسُس أو عن فضولية، لأنَّ بطرس نوَّه الى ذلك في خطابه يوم العنصرة :” يسوع الذي صلبتموه أنتم”. ولمَّا بَـيَّـنَ بعضُهم” الحُزنَ والندَم وسألوا : ماذا يجب علينا أن نعمل” ردَّ عليهم بطرس ” توبوا وليعتمد كلُّ واحد منكم بآسم يسوع.. فقبلوا كلامه ” (أع2: 42). أمَّا أعداء يسوع فآعترفوا بمعجزة الهيكل :” هذه الآية بَيِّنةٌ تمَّت على أيديهما، ولا نقدر أن ننكرَها ” (أع4: 16). لكنَّهم إزاء هذه الحقائق لا فقط ما تابوا ولا أعادوا حسابَهم بل نسجوا على حساباتهم القديمة. وكما آجتمع المجلس وطلب شهودَ زور على يسوع، ثمَّ أدانَه وقرر قتلَه لقوله الحق (متى26: 59)، هكذا آجتمع المجلس من جديد ليقرر ماذا يعمل بعد القيامة وكيف يبيدُ حتى ذكرَها. سبق وآتَّهَم الرسل بالسرقة، والآن يُهَّددُهم و يقرر” ألّا يعودَ الرسلُ الى ذكر اسم يسوع أمام أحد” أو يُعاقبون. فالشَّرُ نفسُه يستمِّرُ إنَّما بثوبٍ آخر.   

أمَّا الرسلُ فآستمروا بالتبشير والشهادة للقيامة (أع4: 19-20). عاقبوهم بالسجن ثم قرروا قتلهم، لو لا أنقذتهم حكمةُ أحد معَّلمي الشريعة فآكتفوا بجلدهم  (أع5: 27-42). لكنهم لم يستطيعوا ضبط نفث سُمِّهم إلا برجم اسطيفانوس (أع7: 57-59) تبريدًا لغليلهم الى سفك الدماء. ثم بدأوا يضطهدون أتباع المسيح عامَّةً (أع8: 1-3)، بدءًا من الرسل فقتلوا يعقوب ابن زبدى وسجنوا بطرس تهيئة لقتله أيضًا (أع12: 1-5)،. فلا خجل ولا وجل ولا آعتذار ولا إيمان بل صمموا على محاربة المسيح حتى بعد موته وقيامته. إعتبروا محاربة المسيحيين قضية موت أو حياة كما مع المسيح، و يستمرون يُحاربون المسيح (يو11: 47-48) بقتل أتباعِه. باعوا أنفسهم للتنين” الحية القديمة والمُسَّمى ابليس او الشيطان خادع الدنيا .. الذي صار يُقاتلُ باقي نسل المرأة الذين يعملون بوصايا الله وعندهم شهادة يسوع ” (رؤ12: 9 و 17). والوحشُ الذي كلَّفه التنين هم قادة عملية الصلب، فعمل الوحشُ باطلاً على مسح أسم المسيح من خارطة الحياة، بواسطةِ رُسل الدجل و الغش والشَّر ضد الحقيقة والبر. فلم يكن يسوع على خطأ عندما قال لهم :” أنتم أولاد ابيكم ابليس. وتريدون ان تتبعوا رغبات ابيكم .. الذي لم يثبت على الحق. لأنْ لا حقَّ فيه .. وهو كذّابٌ وأبو الكذب ” (يو8: 44).