الأحد الخامس للدنح

للعلم :– 

هذا الأحد تتبعُهُ دومًا الباعوثة ويُصَّلى ثلاثةَ أسابيعَ قبلَ الصوم ، حتى عندما يُضافٌ أحدٌ ثامنٌ بسبب تأَّخُر عيد القيامة و وقوعه في الأسبوع الرابع من شهر نيسان. في مثل تلك السنة يُسَبَّقُ الأحد السادس للدنح على الخامس ويُصَّلى قبلَه، وينتهي السابوع بأحدٍ ثامن

 

تتلى علينا اليوم القراءات  : اش48: 12-20؛ تث18: 9-22 عب6: 9- 7: 3؛ يو3: 1-21

القـراءة : إشَعْيا 48 : 12 – 20 :– مال قادةُ اليهود الى عبادة الأصنام. نكروا الله   وتمَرَّدوا عليه. يبقى اللهُ وحدَه منقِذَهم لأنَّ كلمتَه و روحَه مع الأنسان.

القـراءة البديلة : تثنية 18 : 9 – 22 :– يُحَذِّرُاللهُ الشعبَ من الأقتداءِ بالوثنيين. ويتنَبَّاُ موسى عن مجيء قائدٍ آخر، هو المسيح، الذي يُعَّلمُ الحَقَّ ويُخَّلِصَهم.

الرسالة : عبرانيين 6 : 9 – 7 : 3 :– يُشَّجعُ الرسول على الثباتِ في الخدمةِ والرجاء وعدَ اللهُ ولن يُخَّيِبَ لأنَّه لا يكذبُ ولا يُخالِف.

الأنجيل : يوحنا 3 : 1 – 21 :– ينقلُ الأنجيل حوارَ يسوع ونيقوديمُسْ حول الولادة الروحية للأنسان بالمعمودية. لا تكفي الولادة الجسدية. نحتاجُ الى ولادةٍ روحية من الله مباشرةً بالأيمان بيسوع المسيح، لنحيا حياة أبناء الله.

 لِنَقْرَأْ كلامَ الله بثقةٍ وآمتنان

الصـلاة الطقسية

لا يزال موضوعُ الصلاة يدورفي فَلَكِ المعمودية وثالوثية أُقنوم الله. صلاة اليوم قدَّمت عمادَ يسوع رمزًا لقيامته ومجدِه، ولمن يعتمدُ بآسمِه. ينقلُ التقليد بأنَّ يوحنا طمس جسمَ يسوع في الماء ثلاث مرات. ونقلت الصلاة تقليدًا للكنيسة، فقالت ترنيمة من فقرة ” المجلس” (مَوْتْوا) ما يلي:” المعمودية المقدسة ترسمُ رمز القيامة. ثلاث مراتٍ في الأُردن، أي ثلاثة أيام في القبر. والملابس البهية (البيضاء) التي يلبسُها من يخرُجُ من الجُرن رمزُ المجد الذي يتَّشحُ به المُعَّمَدون، يوم القيامة “. لذا يُلَّونُ الرسامون ثوبَ يسوع، في كل صور قيامته، بالأبيض . وإذا تقَلَّدَ المسيحيون ان يُلبسوا المُعَّمدين الجدد، خاصَّةً الأطفال، الثوب الأبيض، إلا أنَّ ايمانهم وتقليدهم يمتَّدُ الى الموت. ومع تجديد المجمع الفاتيكاني الثاني تبَّنتْ الكنيسة اللاتينية تغطية تابوت المَيِّتْ أيضًا بغطاءٍ أبيض كالعماد، عوض سابقه الأسود، مُذكِّرَةً المؤمنين بالمجد الذي ينتظرهم. هكذا صلى يسوع من أجل أتباعِه : ” أريدُهم أن يكونوا معي حيثُ أكون ليروا ما أعطيتني من المجد” (يو17: 24). وقال مار بولس:” الآن أنتظرُإكليلَ المجد .. لا وحدي بل جميعُ الذين يشتاقون ظهورَه” (2طيم4: 8).

الترانيم

1* ترنيمة الرمش :” تنَّجَسَت أرضُ يهوذا بدم الأطفال. وتطَهَّرَتْ بينابيع المياه التي تقَدَّسَتْ

     . لمَّا دَنَّسَ هيرودس الأرضَ بقتل الصبيان، أنتَ يا رب، برحمتكَ لأنَّك صالح، طهَّرْتَ

     الخليقة كلَها بعمادكَ المقدس. عظيمةٌ هي يا رب محَبَّتُك وعطيَّتُك. المجدُ لك” *.

2* ترنيمة السهرة :” لمَّا آرتفعَ مُخَّلصُنا من ماء العماد، هاجَ العدُوُّ الشّرير وبدأَ يقول: ” أنا

     الذي بمكري أخضعتُ آدم رئيس الخلائق ليخطأ. وأنا بخِدَعي أريتُ الشجرَة لحواء

     الهَشَّة. وعَلَّمتُ أيضًا قائين في الحقل قتلَ الأخ. وأنا أشرتُ لهيرودس ان يقتل الصبيان

     فمن هو هذا الذي قُوَّته هكذا شديدة حتى يوحنا يرتعدُ من كلامه، والأردن يهرب من

     أمامِه، ويأمرُالأرواحَ أيضًا فتخضعُ له؟. لعَّلَ مملكتَه أقوى بكثير من مملكتنا”؟. دَمِّرْ يا

     رب العدُّوَ الذي حمَّلنا تجارب عديدة. يا ربَّنا خَلِّصْنا برحمتك يا سَيِّدَ الكل. المجدُ لك”*.

3* ترنيمة الفجـر :” أيُّها المسيح الذي إعتمد وأشْرق وأنار الجميع. أَحِّلْ أمنَك لشعبك

     المختارِ لكَ ” *.

4* ترنيمة القداس : ” رأت الخليقة الجديدة عجَبًا : عمادٌ جديدُ في الأردن. سماءُ العُلى

     ينفتح، ويوحنا مرعوب. الحملُ الحَّي يُعَّمَد. والروح أتى ومكث عليه. والآب يختُم

     بكلمته : أنْ هذا هو حبيبي الذي به إرتضَيتُ ” *.

التعليم

ركَّزت الصلاة أيضًا على مفاعيل عماد المسيح. فبينما نَجَّسَ هيرودس الأرض بسفك دم أطفال بيت لحم طَهَّرَها المسيح بعماده من خلال تقديسِه ينابيع المياه. وبتقديس المياه طهَّر الخليقة كلَّها التي صرخت عند آمتصاصها دم هابيل طالبة التكفير والتعويض. لقد إعترف المسيح بخطيئة الأنسان وتاب عنها وقبل أن يدفع الثمن بدمه. بالخطيئة تغَوَّشَ فكر الأنسان وظلام الضلال غطَّى الخلائق. أما يسوع فبعماده أشرق نورًا للكون وللناس. فقالت ترنيمةٌ بأنَّ المسيح حررنا بعماده من ظلمة  الخطيئة وقيدها، فآستنارت المسكونة كلُّها بنورالحق والبر. وسَنَّ لنا أيضًا المعمودية فدخلنا إطار عطيَّتِه العظيمة ومحبته الفائقة.

لكن هذا الأحد إنفرد بمفعول لعماد المسيح هو إنكسارُ شوكة ابليس وآندحارُ قوَّتِه وخاصَّةً خسارتُه المخزية أمام المسيح. فصَوَّرته ترنيمة السهرة يندُبُ بمرارة حظَّه التعيس. يتحَسَّرُ كيفَ إنهار مكرُه وعثرت خِدعُه وفشلَ تعليمُه وآظلَّمَ إرشادُه وخابت نصائحُه فصرخ في يأسِه :” فمن هو هذا الذي قوَّته تسحق مملكتي وتُذَرّيها، وكلامه أرهبَ يوحنا، والأرواحُ أتباعُه ترتعدُ أمامه فرائصُها حتى تستجيب له دون مقاومة؟. ماذا حصل؟. من يكون يسوعُ الناصري؟. وقد توَّفق تعليم المدراش بوصف حالة ابليس وقد إنهار. فتأَمَل حدث قتل أطفال بيت لحم و وصف فاجعة ابليس ويأسَه. جاء فيه :

الرَدَّة: الأطفال الذين قتلهم هيرودس في بيت لحم. يتنَعَّمون في العُلى، ويمرحون في الجَنَّة+

” من رأى ملوكًا غلبهم الأطفال. إِذ حَطُّوا الأعِّزاءَ ودَمَّروا الجبابرة. وضَّعوا القُضاة، بحكم

     سماوي. لأنَّهم لبسوا كلُّهم الحَقَّ :   داسوا بحذائهم الشّرير مُقلقَ الكل. مجدًا لتلك القوة

     التي صارت سِلاحًا لعبيدِها +*+

” ويلي ! ويلي ! صاح الشّرير باكيًا. لأني أنا الذي غلبتُ الملوك، ضعفتُ بموتهم. غلبوني

     ولم أعلم. وإن كانوا موتىً فهم أحياءُ، يتلألأون ، وضفروا الأكاليلَ بدم أعناقِهم. ويلي

     ماذا حدثَ لي ، حتى يأخذَ الأطفالُ أكاليلي ؟؟+*+

“السيفُ الذي أنا حدَّدتُه، قتلني ولم أدرِ. والسِرَّ الذي أنا عقَدتُ، ربطني ولم أُحِّسْ. السنابلَ

     التي أنا حصدتُ، إحترقتُ أنا بقُوَّاتِها. العناقيدَ التي أنا قطفتُ، أدانتني. لأنَّ موتَهم

     عَظَّمهم. وأنا خنقوني و أوثقوني. إلى أين أهربُ من يسوع؟. لقد قتلني !+*+

كملت المدراشَ ترنيمةٌ أُخرى قالت :” بعمادك يا مخَّلِصنا هاجَ العَدُّوُ الشّرير وآرتجفت الشياطين. وفرحَ الروحانيون وآبتهجَ الأرضيون. وهتفَ جميعُهم بلا آنقطاع : يا رب ، مجيدٌ هو عمادُك “.

الصلاة 

تذكر بعض ترانيم الصلاة أن عماد يسوع أعَّدَ لنا نبعَ خيراتٍ وملجَأًا أمينًا يُطمئنُنا. وختمت قولها بـ” لذا كلُّنا نُمّجِدُك بالمزامير والتسابيح لأنَّك وحدَك صالحٌ”. فالمسيح ” شمس البر العظيم نزل الى الماء و أتَّمَ فأكمل كلَّ ما كُتِبَ في النبوءة “، لذا حمدت ترنيمة بقولها :” نحمدُ ونسجُدُ لسَيِّدِ الكل .. إذ حَنَّ على خطايانا فأخذ منا جسَدَه لأنَّه شاءَ أن يُنقِذَ جنسَنا المائت من الشّرير. سار على الأرضِ فبارَكها، وبعماده طهَّرَمياهَها وقدَّسَها”. ورأينا كيف إعترفَ ابليسُ بهزيمتِه وفقدانِه سُلطانَه علينا. الربُ يسوع غلبَه وغَلَّبَنا عليه.

وهذا عِلَّةُ فخرٍ مع فرح وسرور ودعوة لنا لنشاركَ الكنيسة فنرفع لله الحمدَ والتسبيح ونحن ننشِدُ مع الصلاة :” مُبارَكٌ المسيحُ الذي بعمادِه أنقذَ جنسَنا من اللعنة “. فقد قَدَّس أجسادَنا التي دنَّسَتها الخطيئة، وغفر ذنوبَنا، وطَهَّرَ عيوبَنا، وأهَّلنا جميعًا أن ننشد قائلين: ” يا رب ، لك المجدُ في عمادِكَ “.