الأحد الثاني للبشارة

عيد البشارة

تتلى علينا اليوم القراءات :  عدد22: 20-25؛ اش43: 41- 44: 13 كول4: 2-5؛ لو1: 26-37

القـراءة : عدد 22 : 20 – 25 :– يُعادي بالاقُ شعبَ الله ويريدُ محارَبَتَه فيطلبُ من بلعام أن يَلعَنَه لينكسرَ. يُبَّلعُ اللهُ بلعامَ أن يقولَ فقط ما يوحيهِ هو إليه. يذعنُ بلعامُ لصوتِ الله ويُباركُ الشعبَ المُختار.

القـراءة البديلة : إشَعْيا 43 : 41 – 44 : 13 :– أظهرَ اللهُ آياتٍ عظيمةً ، وسيصنعُ معجزاتٍ أعظمَ لشعبِه لأنَّهُ يُحِّبُهُ. بالمقابل أغضبَ الشعبُ اللهَ بخطاياهُ فأهانَه. إلا إنَّ اللهَ سيغفرُ ذنوبَه ويُباركُه من جديد.

الرسالة : كولسي 4 : 2 – 5 :– يَحُّثُ الرسولُ على الصلاة ومعاملةِ الغرباءِ بلُطف. ثمَّ يُحَّيي معاونيهِ في البشارة، ويُطلقُ لفظة “الكنيسة” على جماعِةِ المؤمنين.

الأنجيل : لوقا 1 : 26 – 37 :– يَقُّصُ لوقا علينا بشارة مريم، حيرَتَها أولاً ثمَّ إيمانَها، وأخيرًا إستعدادَها للطاعةِ تعاونًا مع مشيئةِ الله لتحقيق خلاصِ البشر.

 لِنقرأ كلام الله بحُبٍّ وآهتمــام      

الصلاة الطقسية

تتركز الصلواتُ والترانيم على نَصِّ الأنجيل فتذكر بأنَّ بركاتِ إبراهيم بدأتْ تكتملُ ومريمُ هي الطريق إلى تحقيق ذلك، فآستقبلتْ بشارةَ الأمنِ والخلاص وضمانِ التجسُّدِ الذي يقودُ الى كشفِ سِرِّ ذاتِ الله الثالوث ونوع عمله. منها سيولدُ المُخَّلصُ. وشهرُ كانون الذي تُسْبِتُ فيه الطبيعةُ فلا تُثمرُ، فيه كثرتْ ثمارُ النعمةِ الروحية، وهو محَّطُ هذه البركات الألهية.

الترانيم الأربع

1+ ترنيمة الرمش  : ” السِرُّ الكبير الذي كان مخفيًا عن الأجيالِ والطوائف كُشِفَ لنا في نهايةِ الأزمنة. فالوحيدُ الذي في حضن والدِه جاءَ وأخذ بنعمتِه شِبهَ العبد. وهو أخبرنا و كشفَ لنا عن الأيمان الكامل بالثالوث ” *.

2+ ترنيمة السهرة :” اللَّهُمَ! لقد إنحنيتَ، في رحمتِك، نحو التابيين كمُحِّبٍ للأنسان. تعرفُ الأسئلةَ قبل أنْ تُطرَح. وتسبقُ معرفتُه كلَّ الأحداث. يا مُغَّيرَ الأوقاتِ والأزمان. ويا  من لا يحرمُ الأرضيين قط من خيراتِ عطاياه. إنَّك تنظرُ، يا سَيِّدي، وترى الخطأَة، و تتغاضى بصلاحِكَ عن تجاوزاتنا، لأنَّك أنتَ الله، ولأنَّكَ تتلَّطف برحمتِك نحو الترابيين، كمُحَّبٍ للأنسان. لك المجد ” *.

3+ ترنيمة الفجر : ” نُـقَّربُ، بتقوى، نفوسَنا وأعضاءَنا للذي هو نورٌ من نور” *.

4+ ترنيمة القداس : ” لِـنَتهَّيَأْ بالتقوى والمحَبَّة لِعَطيةِ سِرِّ المسيح المهيب. وَلْنُزَّيَنْ نفوسَنا بالأعمال التي بها نُرضي الذي يدينُ الجميع حتى يرحمنا عندما يدينُ طوائفَ العالم” *. الصلاة.

ذكرت صلاةُ الرمش أنَّ أهَّمَ حدثٍ هو إكتمالُ إيمانِنا إِذ كَشفَتْ لنا البشارةُ سِرَّ الله الخفي عن البشرية، حتى عن شعب الله نفسِه، ألا وهو أنَّ الله ثالوثٌ في هويته، وأنَّ سِرَّالفداء قد ظهر. وقد كررتْ فقراتٌ أُخرى هذا الإمتيازَ لهذا الأحد. قالت صلاةٌ أنَّ اللهَ الآبَ أرسلَ إبنه، وأنَّ الخليقة كلَّها تتجَدَّدُ. قالت صلاةٌ أُخرى أنَّ قوَّةَ الآب تحُّلُ عليكِ, وتلدين الإبن بقوة الروح. و إن فقرةً رابعة أكدتْ بأنَّ السرَّ الخفي كُشفَ وظهرَ من بيتِ داود، وهو كشَفَ لنا عن الأقانيم الثلاثة الأزلية. وكلُّها تستندُ إلى ما جاءَ في إنجيلِ اليوم في بشارةِ الملاك لمريم، قال :” ستحبلين وتلدين .. يسوع، فيكون عظيمًا وآبنَ العلي يُدعى…الروحُ القدس يَحُّلُ عليكِ، و قدرة العلي تُّظَّـلِلُك .. لذلك يُدعى إبنَ الله” (لو1: 31-35). فكلامُ الملاك يتحدَّثُ عن الله كآبٍ وكإبنٍ وكروحٍ قدُس. فالله هو القدرة  والمعرفة والحياة. إلَهٌ واحد ، كما نعلن في قانون الأيمان، لكنه في ثلاثة أبعاد حيوية مصيرية كاملة أو صِفاتٍ أصيلة تتميُّز فيما بينها دون أن تختلفَ في جوهرها الألهي، دعاها الوحيُ الآب والأبن الروح. تُعزى الى الأب القدرة الخَلاّقة، في حين تُنسبُ الى الإبن الحكمة الخلاقة ـ به كُوِّنَ كلُّ شيءٍ، وبغيره لم يكن شيءٌ مما كان ” (يو1: 3) ـ وتنسبُ الى الروح القدس الحياة الخَلاّقة، ” المُحيي” كما يقول قانون ايماننا، إستنادًا إلى ما قاله الأنجيل” الروحُ القدس يُظَّـلِلُك”.

والجديدُ في الولادةِ المُعلنة أنَّ المسيحَ سيولدُ من بتول، صانَها اللهُ من خطيئة آدم و بقدرة الهية مباشِرة ، بدون زرع بشري، كما خُلِق الأنسان الأول آدم مُباشرة من الله. ولهذا قال مار بولسُ عن المسيح ” كان آدم الأنسان الأول نفسًا حَيَّةً، وكان آدم الأخير روحًا مُحِييًّا ” (1كور15: 45). وكل مؤمن بالمسيح ” فهو خليقة جديدة. زال القديم وها هو الجديد” (2 كور5: 17). إنها الحياة الجديدة التي يُعلنها هذا الأحد، وهي سبيل الروح (رم8: 4، 9) أو عهد الروح الذي يُحيي (2كور3: 6).

التعليم

صلاةُ رمش الجمعةِ تقفُ، أمام الكشف الجديد، حائرةً متأَّمِلَة وترفعُ المجدَ لله :” من يقدرأنْ يصفَ عجائبَك أيُّها الملك المسيحُ مخَّلِصَنا. لأنَّك أنت أمجدُ من الكل. تجَلَّيتَ في بكرنا. و هكذا أرَدْتَ أن تُخَّلِصَ الذين آمنوا بك. وأن تتخذَ صورةَ العبدِ وتُرى بالجسد في العالم “.

نتَعَّلمُ أن الله واحدٌ في ثلاثة أقانيم. والأنسان على صورته  حَيٌّ، قديرٌ يُمَّددُ الحياة، وعارفٌ يُفَّكرُ ويختارُ ويعملُ. الله محبٌ ورحوم. لقد شَّوَهْنا صورَتَه وخالفنا عهده، فجدَّدَ صُنعَنا وجبلنا بالروح ليُعيدنا الى كرامتنا الأولى. هذا التغييرُ وهذا التجديد وهذه الدعوة الى العودة الى سبيل الروح والتمتع بعطايا الله وخيراته لاسيما الأبدية، رغم عزوفنا عن محَبَّته و وِزْرِ خطيئتِنا، تدعونا الى تمجيدِ الله وحمدِه، وإلى قبول دعوته للسُمُّوِ في عيش صورة الله الحَـقَّة على مثال إبنه الذي بُشِّرَ اليومَ بتجَسُّدِه.