مُؤمن يضطهِـدُه خُدّامُ الكنيسة !

أهلا وسهلاً بالشماس سامي متي

كتب الأخ الشماس سامي يقول :

  • كيفَ يتصَّرفُ المرءُ عندما يُضطهَدُ المؤمنُ من قِبَل الخُدّام في الكنيسة ؟ (وللأسف يتِمُّ ذلك بعلمِ كاهن الرعية !)
  • و ما هو دورُ رئاسةِ الكنيسة عند معرفةِ ذلك ؟

تَصَّرُف مسيحي !

لا يفرُقُ شيءٌ في الأجراءات التي تُتَّخذ في هذه الحالات، كان المُدَّعى عليه خادمًا في الكنيسة، أو في دائرةٍ ما، أو في أي قطّاعٍ إجتماعي يوجد فيه مسؤولون و مرؤوسون. لأنَّ الموضوعَ يخُّصُ العدالة والشريعة. الفرق الوحيد، لكنه مُهّم جِدًّا، هو أن الأمرَ يحدثُ بين إخوةٍ مؤمنين متساوين في الكرامة، رغم وجود مراتب ومهام خاصّة موكولة الى البعض ، ولاسيما يتم في أقدس مكان، وفي أقدس وقت أي أثناء مراسيم عبادة الله. ربما يقصُدُ السائلُ الكريم المنافسات بين خدم الكنيسة، ومحاولة البعض البروز على حساب غيره، أو بسَّد الطريق أمام الغير حتى يبقى الخادمُ ” الأناني” ، الذي يريدُ أن يحتكرَ الخدمةَ لنفسِه ولا يفسحُ المجال لغيره في إستغلال مواهبه الخِدَمية مثل غيرِه، ليَسَلِط أضواء إهتمام جميع المؤمنين على نفسِه فقط.

على أيةِ حال إذا كان إضطهادًا أو إحتكار خدمةٍ، أو حُبَّ ظهورٍ، كلها تصُّبُ في خانةِ ” الشر”، لأنها تخالفُ مشيئةَ الله، الذي دعانا الى تبادل المحبة ولاسيما الى ” إجراءِ ما يُرضي الآخر ويُرَّيحُه، لا ما يؤلمُه أو يؤذيه، تمامًا كما نريدُ من الآخر أن يُعاملنا” (متى7: 11). وإذا كان شَرًّا ونلومُه بل نرفُضُه فلا يليقُ بنا أن نفعلَ مثلَه، كما قال الشاعرُ :” لا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مثلَه >< عارٌ عليكَ، إذا فعلتَ، عظيمُ “. إذًا لامجال للكلام عن الأنتقام. ما حسبناه شَرًّا عند غيرنا لا يجوز أن نراه حَقًّا عادلاً لنا فنُحَلِّلَه لأنفسِنا.

إذا عامَلْنا “المُضطَهِدَ” لنا بالمثل لا نُرَّجعُ كرامتنا المهدورة، ولا نستعيدُ حقوقنا المهضومة. بل نُضيفُ شَرًّا على شر. ليست العدالة الألهية بإنزال العقوبةِ بالمخالفِ وإذلالِه، بقدر ما هي رفعُ الغبنِ وإيقافُ الشر وإعادةُ علاقة الأخُوَّةِ والمحبة والأحترام بين المتخالفين وكسرُ شوكةِ الأنانية والنفاق، لاسيما فيما يخُّصُ عبادة الله وخدمة كنيستِه. لذا قال الرب يسوع : ” لاتقاوموا من يُسيءُ إليكم” (متى5: 39). حكمة الله هي أن نعامل بالسماح واللطف والمحبة من يُعاملُنا بالكُرهِ والعنف أو الدسائس الخفية. يرفضُ أهلُ العالم هذا الحَلَّ إذ يعتبرُهُ ضُعفًا وذُلًّا وحتى “تسَّتُرًا” على الشر، وإجحافًا بحَّق حقوق الأنسان. لكنَّ الله يرَى أنَّ الشرَّلا يُمنَع ولا يُحَّد بالتعامل المماثل، بل بإعطاءِ الفرصةِ للخاطيء والمُعتدي أن يتوبَ ويُصلِحَ أخلاقَه . هذا لا يعني تكريسَ الشر وتقديسَه، كما يَدَّعي البعض، ولا يمنع الدفاعَ عن النفس. يسوعَ منع إستعمال السيف دفاعًا عنه، ولكنه إعترضَ على الحرس الذي لطمه من دون حَّقٍ وعَلَّمَ أنَّ الدفاعَ عن النفس أمرٌ حَقٌّ وكريم ولكن باللسان لا بالسلاح (يو18: 22-23). فإذًا لا يكون تصَّرفُ المُهانِ والمظلوم برَدِّ الصاعَ صاعين، ولا العين بعينين. إنما يكون بالحوار والمكاشفة والأتفاقِ على الأحترام والمحبة المتبادلين. المنافسة والصراعُ والدسائس أو الأنتقام لا يُجدون نفعًا. أصلُ الشر من القلب والفكر، ويُزال الشر بتنظيف القلب وتقييم الفكر، إما مباشرةً مع ” المُعتدي”، أو عن طريق وُسطاءٍ مشهودٍ لهم بالأستقامةِ والغيرة.

دور الرئاسة !

الرئيسُ الأول هو كاهنُ الرَّعية. يمكن مفاتحتُه بالأمر وسؤالُه أن يتدَّخلَ ليضعَ حَدًّا للشر. ربما يكون” المُضطَهَد” غيرَ واقعيٍ في توَّقعاتِه وإدانتِه. وربما هو صحيحٌ ولكن الكاهن لا يقدر أن يحَّلَ المشكلة لأنها تفوقُ صلاحياتِه، أو حتى إمكانياتِه. وبعد إستجلاء الأمور، و عند تقاعسِ الكاهن عن أداءِ دورِه المُحايِد، يمكن عرضُ القضية أمام الرئيس الكنسي الأعلى والمسؤول، وهو يهتم بإجراء التحقيق الضروري لمعرفة الحقيقة كما هي وإعطاء الرأي المناسب للسلوك بموجبِه. هذا لا يعني أنَّ الرئاسة تقدر دومًا أن تُحْقِقَ العدالة. لأنها لا تستعملُ السيفَ بل الصليب، ولأن لها سياستها في إدارةِ شؤون الرعية. وقد تبقى أمورٌ كثيرة مُعَّلقَةً بسبب ضبابية الإفاداتِ، أو حساسية الموقف، أو تشابك الظروف الراهنة للرعية. ليس الحَّلُ في رفعِ خادمٍ و حَطِّ غيرِه. ليس الحَلُّ في تبرئةِ واحدٍ وإدانةِ آخر. ولا تبديل الواحد بالآخر. الحَلُّ في إعادة المياه الى مجراها الطبيعي، أن يتصَّرفَ خادمُ البيعة كما ينبغي، بقداسةِ السلوك وطهارةِ النية. وأن يكون بينهم محَّبةٌ فحوارٌ وتعاونٌ وتنسيق. و هذا ليس سهلاً، ولا يتم بين ليلةٍ وضُحاها. لذا مشاكلُ كثيرة لا يحُلُّها سوى الصبر والزمن. ولاسيما الصلاة المتواضعة والمثابرة.

القس بـول ربــان