مريم : أمُّ الله أمْ أمُ المسيح !

أهلا وسهلا بالشماس سعد تومــايي.

تغَّوشت الرؤية لدى الشماس حول عقيدة ” مريم أم الله ” بسبب إختلافات المصطلحات بين الكاثوليك والآثوريين. فآكَّدَ بأنَّ الآثوريين يعتقدون بأنَّ مريم العذراء هي أمُّ المسيح فقط. فسأل :

++  لماذا لا يشاركُنا إخوتُنا الآثوريون بهذه العقيدة ؟

++++    هل بالأمكان توضيحُ الألتباس وشرح عقيدة ” مريم أم الله ” ؟

أم المسيح فقط  !

لم يخطأ الشماس في قوله أنَّ ” الآثوريين” لا يعتقدون بأمومة مريم الألهية. لكنه لم يقل ” الكنيسة الآثورية” لا تعتقد بتلك الأمومة.  إنَّ غالبية الشعب يسمعون الصلوات الطقسية ولا دراية لهم في علم اللاهوت. أما بعضُ الأكليروس منهم المثقَّف لاهوتيا فروايتُهم تختلف. كنتُ قبل عشرين عاما في لقاءٍ روحي مسكوني بين أبناء الكنيستين الآثورية والكلدانية و تطرَّقُ الحديثُ الى هذا الموضوع. فقال الكاهن الآثوري بعزم وتصميم بأنه عندما يدعون مريم في الصلوات “بأم المسيح” لا يعني ذلك أنهم ينكرون أنَّ المسيح إلـه. وإذا كان المسيح إلَـهًا و مريم ولدته في الناسوت فهي أمُ الله. لأنَّ مريم هي أم المسيح ألأله/ الأنسان. ليست أم جُزءٍ منه. بل هي أم الشخص كاملا. فهي أم الأنسان وأم الله في آنٍ واحد. إذا آخترنا نحن لقبَ ” أم المسيح ” لأسباب أو ظروفٍ خاصة، وأنتم لقبَ ” أم الله” لأسباب أيضا وظروفٍ خاصّة، فلا خلافَ بيننا بل كلانا نتكامل. وكان مُحِـقًا في حجـتِه.

مصدر الخلاف ! 

أصَّرت الكنيسة المشرقية، في بداياتِ تكوينها الأداري، على نعت مريم بـ” أم المسيح”، لأنَّ المسيحَ إلَـهٌ وإنسان. فكرَّ القادة الروحيون فيها:” لو قلنا أم يسوع ” ربما يعتقدُ البعضُ أن مريم لم تولد المسيح الأله. بل ولدت إنسانا فقط هو يسوع. ونكون بذلك ننكر لا فقط أمومة مريم للمسيح { الأله/الأنسان}، بل وننكر أن يسوع هو ” المسيح ابن الله الحي” كما قال مار بطرس (متى16:16). ومن جهةٍ أخرى لو قلنا “ام الله ” يقومُ الخطرُ في أن يعتقدَ البعضُ بأن مريم نفسَها إلهةٌ فولدت إلَـهًا مثل أساطير الوثنيين. هذا النوع من الإحتمال الخطير في التفكير أصدى له القران. فمال بطريرك قسطنطينية مار نسطوريوس سنة 431 في مجمع أفسس الى الرأي القائل بلقب ” أم المسيح” ، بينما إرتأى الأغلبية وتبنَّوا الرأي القائل بلقب “مريم أم الله “لأبراز حقيقة كون يسوع المسيح الإلهية وأمومة مريم للشخص المولود منها.

مريم أم الله !

ومنذ ذلك الوقت درجَ لقبُ مريم “أم الله” لدى الكاثوليك بينما حافظ أتباع رأي نسطوريوس على لقب مريم ” أم المسيح”. وألّفَ البابا سلستينوس الأول (422-432م ) صلاة ” السلام الملائكي” مضيفًا الطلبة :” يا مريم القديسة يا والدة الله صَّلي لأجلنا نحن الخطأة. الآن وفي ساعةِ موتنا. آمين”. بينما تبنَّت كنيسة المشرق رؤية نسطوريوس وآنفصلت عن الكنيسة الكاثوليكية منذ سنة 485م. ولما رفضَ جزءٌ من كنيسة المشرق نظام إنتقال البطريركية بالوراثة من العم الى إبن الأخ وذلك سنة 1551م وآنضَّم من جديد الى الكنيسة الكاثوليكية، وهو نحن الكلدان، قلَّبنا في الصلاة الطقسية كل عبارات مريم أم المسيح الى مريم أم الله. فصار الشعبُ لا يسمع إلا هذا اللقب وتعَّودَ عليه كما بقي الآثوريون متعَّودين على لقب مريم أم المسيح. والشعبُ البسيط لا يُعَّمقُ عادَةً في الحقيقة اللاهوتية بل يتبعُ التقليدَ. والقادة يتمسكون كل من جهته بعقيدته خوفًا من ألا يزيغَ عن الأيمان.

القس بـول ربــان