النـيَّــة والفـعــل !

أهلا وسهلا بالأخ رامي زهير أوبي

قرأ الأخ رامي مقال النيات السيئة التي تثمرُ أعمالا سَّيئة فعاد وسأل ماذا عن : نيَّة جَيِّدة لم تكتمل بالفعل؟. كتبَ قائلا: ” نوى أحدٌ مساعدة صديقه تُنقِذُه من سوءٍ يلحقُ به. وتواعد معه على الألتقاء به في الوقت المطلوب. نامَ ولكنه لم يستفقْ في الوقت المناسب لينقذ صديقه… فسألَ : هل يُكافأُ .. أم يُحاسبُ لأنه لم يقدم العون الموعود ؟

الأعمـال بالنيات !

هكذا قال المثل لأنَّ الرب يسوع أكَّدَ بأنَّ الخير والشر ينبعان من الفكر والفلب. وهذان يقاسان بالنيةِ والضمير. إرادة الأنسان في العمل لا تنبع من الجسد/الحواس بل من الروح. فكل فعل للأنسان يمُّر بهاتين المرحلتين. هذا من جهة. ومن أخرى يبقى الأنسان جيّدًا أو سَّيئا، حسب نيته، حقَّقَ الفعل أم لم يُحَّقِقْه. والنية السليمة الجَّيدة تحافظ على نقاوة سيرته. يبقى في نظر الله عنصرا جيدا. ويتعامل الله معه حسب نيته. يذكر سفر الرؤيا عتاب الرب لملاك كنيسة أفسس لعودته الى ماضيه الشرير ولكن : يشفع فيك أنك تمقت اعمال النيقولاويين بقدر ما أمقته أنا “(رؤ2: 6). بينما مدح ملاك كنيسة برغامس لكنه عاتبه ثمَّ حَذَّره لأنه ساكتٌ عن فساد بعض رعاياه وأنذره بالعقاب إذا لم يُغَّير موقفَه (رؤ2: 12-16) . في كلتا الحالتين يتعامل الرب مع المؤمن حسب ضميره وموقفه الباطني، وإن لم يقترن بالأعمال. يقول الكتاب :” كلمة الله فاعلة ، أمضى من كلِّ سيف له حَدان .. تحكم على خواطر القلب والأفكار” (عب4: 12).

يُكافَأُ .. أم يُحاسَبُ ؟

وفي المثل المعطى لن يُحاسبَه الرب لعدم تقديم المساعدة. لأنه لو إستيقظ لقدم المساعدة. والنوم لم يكن بإرادته ولا لسوءِ نيته. لكن الرب يحاسبه على عدم إتخاذه اللازم لضمان تقديم المساعدة ، بآستعمال مُنَّبه مثلا. فمن نوى على عمل ما يلزم أن يتخذ التدابير اللازمة لإجرائه. ومن نوى عمل الخير يتابعُ تحقيقه ويسهر على ألا تفوته الفرصة.

أما أن يُكافِئَه على إستقامةِ نيته، أكيد يفرح الله به وهذا يشفعُ له عند الرب في حياته اليومية . لكن الله يريد الأفعال. لقد قال يسوع :” ليس من يقول لي” يا رب! يا رب” يدخل الملكوت .. بل من يعمل إرادة ابي الذي في السماوات” (متى7: 21). لا يكفي أن نريد الحق والخير بل يجب أن نفعله لأنَّ المجازاة على الأعمال لا النيات. قال الرب :” سأجازي كلَّ واحد حسب أعماله ” (متى16: 27).  فالنتيجة : لا يُكافأُ ولا يُحاسب إنما يُرصدُ الحدثُ في سجّل حياته.

القس بـول ربــان