الخلاص لغير آلمسيحي

أهلا وسهلا بآلأخ ساهر فرنسو

كتب آلأخ سـاهر يقول :” بخصوص تدبير آلخلاص لغير آلمسيحي : هل هذا ممكن أم لآ ؟ مثلاً: هل يخلُصُ آلمسلم؟. ليتَ أن يكون تفسيرًا صحيحًا يوافقُ آلكتابَ آلمُقَدَّس ” !!!!

1* ـ صحيحًا … يوافق… ؟

أولاً : إِستغربتُ، لقول آلحَّق، التَمَّني ” ليتَ آلتفسيرَ صحيحًا ” ولاسيَّما أن ” يُوافقَ آلكتابَ آلمُقّدَّس” !!. أن يكون موافقًا للكتاب آلمقدَّس ، سهلٌ جِدًّا. نقرأُ آلكتابَ آلمقدَّس ونجد آلجواب دون أن نحتاج إلى وسيطٍ يقرأُه لنا. وإِذا كنَّا لم نفهم آلكنابَ جَيِّدًا وآحتجنا إلى من يُفَّسِرُه لنا فنسألُ من نثقُ بهِ أنَّه يقدر أن يُساعِدنا، فكيفَ نشترطُ أن ” يكون صحيحًأ “؟. ولكن أَعذرُ آلسائلَ الذي أعرفُ أنَّ له الثقةَ بنيل مبتغاهُ ولهذا طرح آلسؤال.لاسيَّما وقد كثرتْ في آلآونة آلأخيرة كتاباتٌ نَدَّدَت بتَقَّرُبِ آلكنيسة، الكاثوليكية خاَّصَّةَ، من غير آلمسيحيين لاسيَّما آلعالم آلإسلامي، ومُستندةً إلى حَرفِ بعضِ آلآيات معزولةً عن آلتعليم آلعام للكتاب ، وآلتي لم يفهموا معناها ألحقيقي، وفي آلموضع الذي ذُكرَت فيه بآلذات.

أولاً : ليس آلكتابُ آلمقدَّس فقط الحرفَ آلمكتوب بل يتعَدَّاهُ إلى آلمعنى آلمقصود بآلحرف. وكلآمُ آلمسيح بهذا آلخصوص صريح :” الروح هو آلذي يُحيي، وأمَّا آلجسد (الحرف الذي يحوي آلمعنى) فلا نفعَ منه. و آلكلامُ الذي كلمتُكم به هو روحٌ وحياة ” (يو6: 63).

ثانيًا : وآلآيات منفردةً ومعزولةً تشَّوهُ آلتعليم آلعام إِذا لم تُفهَم. مثلاً :” لا تظُّنوا أني جئتُ لأحمل آلسلام إلى آلعالم .. بل سيفًا. جئتُ لأُفَرِّقَ …الخ” (متى10: 34-36). وكأنَّها تدعو الى آلحرب. نعم إلى حربٍ ولكن روحية بين من يقبل آلحَّق ومن يرفُضُه. لأنَّه ” لا صِلةَ بين آلخير وآلشر. لا علاقة بين آلنور وآلظلام. لا تحالف بين آلمسيح وآلشيطان. ولا شِركةَ بين مؤمنٍ وغير مؤمن ..”(2كور6: 14-18). سوف يقوم جهادٌ من أجل آلحق ضِّدَ آلباطل إلى نهاية آلعالم، ومن ينصرُ آلحقَّ يخلص (متى11: 12).

ثالثًا : يبني يسوع آلسلام على آلحَّق وليس على آلعنف :” آلحَقَّ آلحَقَّ أقولُ لكم ..” ، سلامًا أتركُ لكم. سلامي أعطيكم. لا كما يُعطيه آلعالمُ أُعطيكم. “( يو13: 16؛ 14: 27). و” طوبى لفاعلي آلسلام لأنَّهم أبناءَ آللهِ يُدعَون” (متى5: 9). و” قيل لكم : العين بالعين وآلسنُّ بآلسن..أنا أقول لكم: لا تقاوموا آلشرير…قيل: أحب قريبك وآبغض عدوَّك. أنا فأقول لكم ” أحبوا أعداءَكم ..” (متى5: 38-45)، ” وأحسنوا الى من يُبغِضُكم وباركوا لاعنيكم ..” (لو 6: 27-31)؛ و” إذا غضبتم لا تُخطئوا ولا تغرب آلشمسُ على غضبكم “(اف4: 26)، و” لا تدع آلشَرَّ يغلبُك. بل آغْلِبِ آلشرَّ بآلخير” (رم12: 21). هذا هو آلسلامُ آلحَّق.

2*ـ المخَلِّص وآلخلاص !

أولاً : لا جدال ولا نقاشَ في أنْ لا خلاصَ بغير آلمسيح أوخارجًا عنه بقوَّةٍ أُخرى :” اللهُ واحدٌ ، وآلوسيط بين آلله وآلناس واحدٌ هو آلمسيح يسوع آلإِنسان الذي ضَحَّى بنفسِه فِدًى لجميع آلناس” (1طيم 2: 5-6). فَـ” لا خلاصَ إلاّ بيسوعَ. فما من إِسمٍ آخر تحتَ آلسماء  وهبَه آللهُ للناس نقدرُ به أن نخلُصَ “(أع4: 12). فآللهُ ” يريدُ أن يخلُصَ جميعُ آلناس ويبلغوا

إلى معرفةِ آلحَّق “(1طيم 2: 3-4). وأكَّد يسوع ذلك :” ما جئتُ لأدين آلعالم بل لأُخَلِّصَ

آلعالم ” (يو12: 47؛ 3: 17).     

ثانيًا : أمَّا آلخلاص فهو في آلمرحلة آلأولى التحَرُّرُ من آثار خطليئة آلإنسان السلبية التي جعلته عبدًا لأبليس إذ تبعَ نصحيته عوض طاعةِ آلله. وآلمسيح إبن آدم كَفَّرَ عن تلك آلخطيئة فتاب عنها على يد يوحنا آلمعمدان لمَّا إعتمد من يوحنا كخاطيء، مع أنه آلبار، معترفًا بخطيئة آلإنسان وطالبًا آلعفو عنها. ولمَّا دفع ثمنها بطاعته وقبول آلصليب، طلبَ من آلآب أن يغفرَها ويُعيد آلإنسان إلى صداقته و وارثًا لخيراته. فهذه آلخطيئة لن يدفعَ أحدٌ بعدُ ثمنًا عنها، ولن يُحاسَبَ عليها إِذ مزَّقَ آلمسيحُ على آلصليب، بتمزيق جسده، صَكَّ دينها. أصبح دربُ آلسماء مفتوحًا أمام كلِّ إنسان، ولن ينغلق بعدُ، يدخُلُه من يحفظ كلامَ آلله.

وفي آلمرحلة ألثانية طلب من آلناس أن يتوبوا عن خطاياهم آلشخصيَّة :” توبوا فقد إقتربَ ملكوت آلسماوات”. وفتح لهم باب آلغفران وسلم مفتاحه إلى آلكنيسة :” خذوا آلروح آلقدس. من غفرتم له خطاياه غفرت له. ومن أمسكتم عليه آلغفران يُمنَعُ عنه “(يو20: 22-23). فآلخطايا آلفردية لكل إنسان يُحاسبُ عليها. قبل موت آلمسيح آلغَفّاري كان للإنسان عُذرٌ أنَّه خاطيءٌ بدون إرادته. لقد ورث عبودية آلشر. أمَّا آلآن وقد حُرِّرَ من تلك آلعبودية فهو قادرٌ من جديد أن يسمع كلام آلله أو يرفضُه. ولذا فهو مسؤولٌ عن فعلهِ ويُحاسَبُ عليه. إنمَّا يقدر أن يدفع ضريبتَه هنا بآلتوبةِ وآلتكفير عنه. وإلا يُحاسبُ عليه بعد آلموت.

ثالثًا : ودينونة آلمسيح واضحة :” سيجيءُ إبنُ آلإنسان في مجدِ أبيه مع ملائكته فيُجازي كلَّ واحدٍ حسبَ أعمالهِ “(متى16: 27)؛ ” ومن رفضني وما قبلَ كلامي فله من يدينه ، الكلامُ  الذي قلتُه يدينه في آليوم آلآخر” (يو12: 48). وترك لنا متى تعليمًا للرب عن ذلك آليوم :” جعت.. عطشتُ.. تغربت.. تمرضت .. سُجنت و خدمتموني … أو لم تخدموني ” (متى25: 31-46). لم يسألْ عن آلأنتماء إليه. وحتى آلخدمة هي في حقل خدمة آلأنسان آلآخر” ما فعلتموه لأخوتي آلصغار لي فعلتموه”. سبق يسوع ودعاهم إلى هذه آلخدمة :” أنتم تدعونني معلِّمًا وربًّا. حسنًا تفعلون لأني هكذا أنا. وإذا كنتُ أنا آلسَيِّدُ وآلمعلم غسلتُ أرجلكم فيجبُ عليكم أنتم أيضًا أن يغسِلَ بعضُكم أرجُلَ بعض. وأنا أعطيتكم آلقدوة، فتعملوا ما عملتُه لكم” (يو13: 13-15).

و آلمعمـودية  ؟

وصَّى يسوع شهودَه آلرسل :” إذهبوا وتلمذوا جميعَ آلأُمم. وعمِّدوهم ..وعلموهم أن يعملوا بكل ما أوصيتكم به ” (تى28: 19-20)؛ ” فمن آمن وآعتمد يخلص. ومن لم يؤمنُ يُدان” (مر16: 16). سبقَ وقال لنيقاديمُس :” من لم يولد ثانيةً .. من آلماءِ وآلروح لن يقدرَ أنْ يدخلَ ملكوت آلله”(يو3: 3-5). المعمودية إِذًا علامةٌ للآيمان بآلأنتماء الروحي إلى آلمسيح بقبوله في آلفكر وآلقلب قبل آلجسد. وقد يتم آلأنتماء آلروحي في بأطن آلأنسان بدون علامة آلمعمودية آلظاهرة. وبآلتأكيد يتم قبل عماد آلماء. القائد كورنيليوس آمن وطلب فآستجاب آللهُ طلبه وأرسلَ بطرس لِيُعمّده. الأيمان كان آلأساس، حتى حلَّ ألروح القدس على آلقائد و أهله قبل أن يعتمدوا (أع10: 19-48). يوحنا آلمعمدان لم يعتمد بآسم آلثالوث ولا آلرسل بل طهَّر آلروح القدس يوحنا قبل ولادته (لو1: 15-16 و 53-54)، وآلرسل في يوم آلعنصرة (أع2: 3-4). وفي كلتا آلحالتين لم يعتمدوا بالماء. أبرار آلعهد آلقديم خلصوا ولم يعتمدوا بآلماء، بل كانوا يؤمنون بآلمسيح وينتظرونه. وكيرون آمنوا بالمسيح وقبلوه مخلِّصًا ولم يحظوا بفرصة آلمعمودية بآلماء، إمَّا لآستشهادهم أو لعدم حصولهم على آلفرصة آلمؤاتية إنما عاشوا حياةً حسب مقاييس ما طلبه آلمسيح، وكان شوقهم هو عمادهم كما صار الدم للذين إستشهدوا قبل آلعماد.

ماذا تقول آلكنيسة ؟         

المعمودية ضروريةٌ للخلاص بأيِّ شكل يكون. والدينونة على رفض آلمسيح بعدم آلأيمان به وآلأنتماء إليه رغم معرفة كاملة للمسيح، على حقيقته لا بصورة مشَّوهة ومن لم يؤمن أو يرفض آلعماد ” يُدان “. ليس آلله، حاشا قداسته، داعشيًا يُحاسب على آلهوية آلمدنية. الله هو آلأبُ آلخالق وآلآبن آلفادي يُحَّقق في آلهوية آلروحية. لا ينظر إلى ما للجسد بل إلى ما للروح. نحن نحكم على آلظاهر، نجهلُ آلباطن. وما نجهله نحن يعرفه آلله لأنَّه وحده ” فاحص آلكلى وآلقلوب”. وآلخلاص هو مشيئة آلله وملكه. فهو يتحَكَّم فيه لا نحن. 

تقول آلكنيسة :” إنَّ الله ربط آلخلاصَ بسِّر آلمعمودية. ولكنَّه هو نفسُه غيرُ مُرتبط بآلأسرار التي وضعها ” لنا ( التعليم المسيحي للكنيسة آلكاثوليكية ، رقم 1257

و” قد إعتقدت آلكنيسة من آلقِدم إعتقادًا ثابتًا أنَّ الذين يموتون في سبيل آلمسيح، ولم ينالوا آلمعمودية، إنَّما يعتمدون بموتهم من أجل آلمسيح ومع آلمسيح. هذه ألمعمودية بآلدم ، كالمعموديةِ بآلشوق، تحملُ ثمارَآلمعموديةِ من غير أن تكون سِرًّا”(ت.م.ك، رقم 1258)؛

و” ..كلُّ إنسانٍ يجهلُ إنجيلَ ألمسيح وكنيستَه، ويسعى إلى آلحقيقة ويمتثل إرادةَ آلله، كما يعرفُها، يستطيعُ أن يخلص. ويمكن أن نفترضَ أنَّ مثلَ هؤلاء آلناس، لو عرفوا ضرورة آلمعمودية ، لكانوا تشَّوقوها صراحةً ” (ت.م.ك.ك.، رقم 1260).  

وهنا نلتقي مع مار بولس الذي يقول :” ..فغيرُ آليهود من آلأمم الذين بلا شريعة، إذا عملوا بآلفطرة ما تأمرُ به الشريعة، كانوا شريعةً لأنفسهم، مع أنهم بلا شريعة. فيُثَّبتون أنَّ ما تأمرُ به آلشريعة مكتوبٌ في قلوبهم وتشهدُ لهم ضمائرُهم وأفكارُهم. فهيَ مرَّةً تتَّهِمُهم ومرَّةً تدافعُ عنهم. وسيظهرُ هذا كلُّه،…، يوم يدينُ آللهُ بآلمسيح يسوع خفايا آلقلوب (رم2: 6-16).

ســؤالٌ ..!!

لقد كثرت في هذه آلفترة نقاشات وأغلبها ترفضُ خلاصَ غير آلمسيحي. لا أدرِ بأيِّ حَّق وعلى أيِّ أساس. أما علمَّنا ألمسيح أن نخدم ونريد آلخير لجميع آلناس؟. أما قال لنا:” لا تدينوا لئلا تُدانوا “!. هل يتصّوَّرون أن ألملكوت مضمون لهم بجاه آلمعمودية، ومحرومٌ على غيرهم بدون آلمعمودية؟. أما قرأوا في آلأنجيل :” ما كلُّ مَن يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات، بل من يعمل بمشيئة آبي الذي في آلسماوات” (متى7: 21)؟. أما قرأوا مثال آلعذارى آلجاهلات الهالكات؟. هل يهلكُ مسلمٌ أو يهوديٌ أو وثنيٌ وهو صالحٌ يلتزم بوصايا آلله لكنه لم يعتمد، ويخلصُ مسيحيٌّ لا يعرف آلله ولا يلتزم بوصاياه، فقط لأنَّه معَمَّد؟. إذا كانت عدالة آلأنسان ترفضُ أن يُعطيَ أبٌ لآبنه حجرًا بدل آلخبز أو حيَّةً بدل سمكة ” فكم بآلأحرى يُحسنُ أبوكم السماوي آلعطاءَ للذين يسألونه ” (متى7: 9-11). أما قال لنا الرب :” أنتم شهودٌ لي.. أنتم نور آلعالم؟. .. والويل لمن على يده تأتي آلشكوك”… كم دولة أو مؤسسة مسيحية أو مسؤولون أو مؤمنون يضربون تعليم آلمسيح عرضَ ألحائط، ليتبعوا مشورات ابليس ويُشَّوهون صورة ألمسيح وتعليمَه؟. عوضًا عن أن ننشغلَ بما لا يخُصُّنا وننصبَ أنفسنا حُكَّامًا نرسلُ إلى النار من لا نحِّبُهم، لنتمسكْ بتعليم آلمسيح ونلتزم بمحبَّةِ جميعَ ألناس ونعطي عن آلمسيح شهادة حيَّةً تُعين آلآخرين على آلخلاص.