البـاعـوثــة

للعلم : إِنتشر وباءُ الطاعون في القرن السادس الميلادي، بين باجرمي وحدياب وآثور و حصد مئات الأُلوف . إستنجدت الكنيسة بالله، وعلى طلب السماء، صام الشعب وصلَّى مثل أهل نينوى حتى دُعيت بعدَه بآسم ” باعوثة النينويين”. و بعد ثلاثة أيام من التوبة إختفى الوباء. ولذكراه وحمدًا لله تحتفلُ الكنيسة الكلدانية، سنويًا، بثلاثة أيام صوم مع الصلاة ، وثلاثة أسابيع قبل الصوم الكبير. ومن أجلها ثبُت الأحد الخامس للدنح في الثالث قبل الصوم، الذي يدعو إنجيله الى ولادة روحية من الله لنحيا حياتَه.    

و وباء كورونا ما يزالُ، منذ سنة، يحصُدُ الأرواح وقد أصاب عشرات الملايين. وما يزالُ الله يقول للبشر : توبوا لأشفيَكم. عودوا عن عاداتكم الدنيوية السَيِّئة. كفاكم الثقة بعلمكم وبمالكم وبأنفسكم. كفاكم الخوف. كفاكم التهَّرُبَ مني. أنا أبوكم. أنا أشفيكم. أنا احميكم. إسمعوا كلامي. إحترموا الحياة وقَدِّسوها. أحبوا بعضَكم البعض. سامحوا من كلِّ قلبكم. توبوا : صوموا ، وصَلُّوا ، وتَصَّدقوا على المحتاجين.  

تتلى علينا يوم الأربعاء القراءات : يو3: 1-4: 11 ؛ رم9: 14-10: 17؛ متى 6: 1-18

القـراءة : يونان 3 : 1 – 4 : 11 :– يونان الذي رفضَ أولاً طاعة الله خضع الآن لمشيئته وذهب الى نينوى ليُؤَّديَ المطلوبَ منه. أهل نينوى يتوبون. أمَّا هو فيحزن لأنَّ الله قبلَ توبتهم فغفر لهم. كان بوِدِّهَ أن يَفنيَهم ولا يُساويهم بشعبِهِ. إنَّهم أعداؤُه اللدودين. يُفهِمُه الله أن الرحمة هي طريق الحياة وأنَّ البشرَ كلَّهم أبناؤُه.

الرسالة : رومية 9 : 14 – 10 : 17 :– ليس عندَ الله ظلمٌ. يخطأُ الأنسان لمَّا يعترضُ عليه لأنَّ اللهَ لا يخطأُ ولا يُسيءُ، بل يريدُ أن يخلُصَ جميعُ الناس ويُشاركوه خيراتِه الأبدية. وهذا يتحَقَّقُ عندما يُجَّسدُ الأنسان إيمانَه بأعمال المحَبَّة و الرحمة؛ ” وكلُ من يدعو بآسم الرَب يخلُص “.

الأنجـيل : متى 6 : 1 – 18 :– يُوَّضِحُ يسوع في خِطابِه عن” الصدقة والصلاة و الصوم ” ، أنَّها لا تقوم على مظاهر الحرف، بل يجب أن تنبعَ من الأيمان و تسلك طريق الخفاءِ في التواضع والمحَبَّة أي بروح بُنُوَّةِ الله وبالإِتّحادِ معه.

لِنَقْرَأْ كلامَ الله بإيمانٍ وتقوى

الصلاة الطقسية

    >>>      اللَّهُمَ إِرحَمْنا  .  يا ربْ إِقْبَلْ دُعانا  .  يا رَبْ إِرْضَ تَوْبَتْنا    <<<

هذه الردَّةُ تُرفعُ من حينٍ لآخر بين أقسام الصلاة. أمَّا كافَّةُ الترانيم والتسابيح والطلبات و المداريش فرَكَّزتْ على الحالة الخاطئة للأنسان من جهة، ومن أخرى شَدَّدَتْ على رحمة الله الواسعة، فدعت الى التوبة ورفعت الأدعية طالبة الرحمة. وقدَّمت بنوع خاص تأملاتٍ لتخلق الثقة عند الخاطي وتشَّجعه على التوبة. ولاسيما لتُثَّقفَ القارئين والسامعين عن سلوك الله مُشَدِّدَةً على أنَّ رحمتَه تفوقُ عدالتَه.

بعض الترانيم النموذجية

إِخترتُ للقاريء اللبيب بعضَ الترانيم من الأيام الثلاثة لتقريب الصورة. منها :

1+ زمن التوبة : ” إنه زمن الخلاص.لنرجوَ بالله ونتخلَصَ من الخطايا والآثام، التي

   إقترفناها في هذا العالم، حتى نقبل غفران الخطايا “*.

   ” إِنَّه زمنُ التوبة عن إثمنا فنتوبَ عن كثرة شرورنا. فخطايانا قد هاجت علينا لتُفسِدَنا.

   وعدلُكَ يلتمعُ كسيفٍ يُهَّددُ أن يُبيدَنا من الأرض : بموتٍ خاطف وبسكوت، بالحروب و

   الأخبار المؤلمة. لنَعُدْ كلنا الى التوبة، حتى نعيشَ حياةً هادئة ومريحة، ونلقى الرحمةَ

   يومَ الدين “*.

  ” في زمن الضيق وسِنِّيِ الأضطرابات وقعت غُربتُنا، ففنيَتْ حياتُنا في شقاءٍ وسِنونا في

   حسرات. العِبَرُ أحاطت بنا. يا رب يا من هدَّأتَ البحر بأمركَ وسَكَّنتَ إضطرابَه. هكذا

   ليَهدَأ برحمتك عالمنا المُضطرب. وآسنُد الخليقةَ التي تتمايلُ للسقوط بسبب إثْمِنا”*.

2+ سبل التوبة : ” بالصلاة والصوم والتأَّلُم نتضَرَّع الى المسيح أن يقبلَ كلَّ التائبين و

   يُنقِذَهم لأنَّه مُحِّبُ الإنسان، ويُعلنَ بمراحمِه غفران الخطايا “*.

3+ دعوة الى التوبة : ” هَلُّموا نستَرْحِم لجيلِنا الذي أخطأَ وكثرَتْ شرورُه. لنقُم بالتوبة ولنا

   بعدُ مجال حتى تشملنا الرحمة+ لنطلب بتوَّسُل ونبتهل للمراحم ونسألْ الغفران من ذاكَ

   الحَّنان الذي بابُه مفتوحٌ لكل التائبين إليه “*.

وجاءَ في أول مدراشٍ للباعوثة ما يلي :

الردة : هَلُّموا نتوب إِذ لنا المجال. إِذ بعدَ الوفاة لا يبقى مجال* (لا ينفعُ الندم : لو16: 19-31)

   ” من هو صبور: كي يتحَدَّثْ. عن تأَّنيكَ: يُمهِلُ الذنوبْ. مِلؤُنا الخطأ :  مِلؤُنا الفخرُ.

   ولبعضِنا: قُساةْ لا نرحمْ. نحسُدُ الرفيعْ : نفرحْ بالوضيعْ. عُمرُنا قصيرْ، إِثمُنا كبير”*.

وفي قانونا المجلس الثاني للثلاثاء قالت الترنيمة :

   ” لِنتُبْ ، نبتهلْ الى الرَّبْ ، أخطأنا ، كي يَحُّنَ علينا *.  وأضافَ :

   ” بدموعٍ وحَسَراتْ. لنقتربْ الى التوبة * آثامُنا تفاقمَتْ . ولا تُعَّدْ ذنوبُنا *

وترنيمة رمش الأثنين قالت : ” تعالوا كلُّنا نلجَأُ الى الصلاة. لأنَّها مفتاحُ كنز السماء. فبقدر ما تحلو أنغامُ الحاننا، بقدر ذلك لتكن سيرتُنا مرضيَّةً أمامه قولاً وفعلاً * فهَّلموا كلُّنا نُحني الرُكَبَ بالصلاة أمام الصليب الذي هو كنز المعونات، لكي نجد رحمةً وغفرانًا للذنوب عندما تستنيرُ كلُّ الجِهات بأشِعَّتِه، وعندما لا يريدُ أعداؤُهُ أن يسجدوا لسيادتِهِ *

4+ حوارٌ مع الله: ” يا رب أعِدُ كلَّ يومٍ أني أتوب عن خطاياي، وبدمع العين أُظهرُ التوبة.

   إِلاّ إنني أعودُ الى أفعالي. فالآن أبتهلُ إليك يا مخَّلِصي ألا تتذكر زلاّتي وكثرةَ ذنوبي.

   بل مُدَّ لي يدَك المليئة رحمةً، كما هي عادةُ نعمتِك. أيُّها الطبيبُ الصالح لكل الأمراض.

   و إرحمني “*.

   ” يا رب ! أين أهرُبُ منك؟ وفي أيِّ بلدٍ أختفي من أمامك؟.السماءُ عرشُك والأرضُ

   موطيءُ قدميكَ. في البحر طريقُك، وفي الجحيم سُلطانُكَ. فإِنْ كانت يا رب قد بلغَتْ

   أواخرُ العالم ، فلتكن النهاية بالرحمة “*.

5+ توجيه : ” أُنظروا ألاّ تخطأوا كما فعلتم من البدء: ولا تُسَّلِطوا نيرَالموتِ على رقابكم*

     هلموا يا مائتين نسلُكُ سبيل الأبرار: لعَّلنا نبلُغُ ولو إلى نهاية الحياة الموعودة *

     أُلْجُموا بالصوم الجسدَ الشَرهَ كما بنير: حتى يعملَ في حقلِ الحياةِ الروحية *

     لا يخلُطْ أحدٌ مَكْرًا بصومه كالأثمة : لئَّلا يُدانَ بحُكم سافكي الدم *