الأحد الثاني للصيف

تتلى علينا اليوم القراءات : اش4: 2-6 ؛ تث4: 32-40 ؛ 2كور3: 4-18 لو15: 11-24

القـراءة : إشَعيا 4 : 2 – 6 :– يُكثرُ الشعبُ رجاساتِه وسلوكه الملتوي. يُحَّذرُه الله و يدعوه الى التوبة. لا يبدو التهديدُ فعَّالا، فينذرُ الرب بدمار المتمَّردين.

القـراءة البديلة : تثنية 4 : 32 – 40 :– إختار اللهُ شعبَه ليعترف به ويتبعه. طلب منهم أن يسلكوا حسب وصاياه ليكونوا منارَةَ حَّق ٍ للأمم.

الرسالة : 2 كورنثية 3 : 4 – 18 :– يفوقُ عهدُ يسوع وشريعتُه موسى. إنَّها روحية. يعيش فيها المؤمنُ صورةَ حياةِ الله ويتحَوَّلُ إليها.

الأنجـيل : لوقا 15 : 11 – 24 :– يُبَّينُ يسوع في مثَلِ الأبن الضال أنّ اللهَ يحترمُ حُرّيةَ الأنسان، يعطفُ عليه، يغفرُ له ويُعطيه فرصةً للحياة.

لِنَـقْـرَأْ كلامَ الله بآحترام وآهتمام

الصلاةُ الطقسية

تحَدَّثت الصلاة عن أمرين مهِّمين للسلوك اليومي، هما : اللامبالاة بالحياة والوعود بالتوبة الخادعة. يشعر المؤمن ببعدِه عن الله. لم يهتم بوصاياه. لم يسعَ في إثر الروحانيات. بل كرَّس كلَّ جهدِه وسعيِه في أمور الدنيا الزائلة، لإِشباع رغباتِ الجسدِ وطلبِ جاهِ الدنيا و الجري وراء تكديس خيرات الزمن والأنغماس في ملَّذاتِه. حتى قالت ترنيمةٌ :” لم أعملْ حتى ولا ساعةً واحدة في كرمِ الرب.. ولا حقَّ لي بأُجرةِ الأبرار”. وقالت ترنيمةٌ أخرى: ” أُؤتُمِنْتُ على الحياةِ فترةً قصيرة. وهذا الوقتُ القصير أيضًا قضيتُه باطلا ولم أقتنِ ما ينفعُ. جريتُ وجمَّعتُ لي خطايا كثيرة بقدر ما آستطعتُ أنْ أحملَ من ذنوبٍ وجروح. فأنا من أخمص القدم الى قمَّة المُّخ شدوخٌ ومصائب “. فدَعَتْ تسبحةٌ خاصّة بالآحاد قذمايى النفسَ المُعَـتَّـقةَ بالأثم أنْ :” قومي وتجَدَّدي بالتوبة. إخلطي الدواءَ بالألم والدموع. وآعْصُبي كسرَ صورتِك التي سقطتْ. أُصرخي من كل قلبكِ وآفضحي إثمَكِ حتى يُشفقَ الصالحُ على سقطتك “.

لكن النفسَ المتمَّرغةَ بوحل الأثم لا تسهُلُ توبتُها. حتى قالت ترنيمةُ السهرة :” أعِدُكَ كلَّ يوم أنْ أتوبَ عن خطاياي، وأُبدي التوبة لطرفةِ عين، ثم أعود الى أفعالي”. أمَّا الصلاة فلم تسمحْ للخاطيء أن يقطعَ رجاءَه بالخلاص، فدَلَّته ألا يتكلَّ على نفسِه وجهده بل على الذي يُحِّبُ الناسَ وهوالملجأ الوحيد والضمان الأكيد للتخَّلص من حالة الشر والفساد.        

الترانيم

1+ ترنيمة الرمش :” يا رب. لا إستفَدْتُ هنا من الحياة بسبب كثرة خطاياي، ولا من التي

     للأبدية بسبب ذنوبي التي قَهَّرَتْني. إنني سأقوم في خجل يوم الدين وأنا قلقٌ وأتحَسَّرُالى

     الأبد دون نجاة. يا ربنا أدعو مراحمك الى نجدتي. فبحَّقِ شروق مجيئِك إغفر ذنوبي

     وآرحمني “*.

2+ ترنيمة السهرة :” يا رب. أعدُك كلَّ يوم أن أتوبَ عن خطاياي، وأُبدي التوبةً لطرفةِ

     عينٍ ثم أعود الى أفعالي. والآن أتَضَّرعُ إليك يا مخَّلصي لا تذكر لي سَيِّئاتي وكثرة

     ذنوبي، بل مُدَّ لي يدك المليئة رحمةً، كما هي عادةُ نعمتك، أيُّها الطبيب الصالح لجميع

     الأوجاع، وآرحمني “*.

3+ ترنيمة الفجـر:” عندما يزول الظلامُ إرحمنا يا رب ، وفي النهار جَدِّدْ ضعفَنا لنشكر

     إسمك”*.

4+ ترنيمة القداس :” أمام منبرك الرهيب حيثُ كلُّنا مزمعون أن نقف، ليُجازَى هناك كلُّ

     واحد منا، في جسد شخصِه، في ذلك إمتحان عدلك المخيف، حسبما فعَلَ، خيرًا أو شَرًّا

     ، ترَّحم يا رب على الذين يتناولون جسدك ودمك “*.   

التعليم

لتُشَّجعَ الصلاةُ النفسَ الخاطئة على التوبة وَضَعَتْ أمام ناظريها مثالين: حواء التي خسرت مجدَها، وهي بنتُ النور، لتفضيلها المجد الزائل ففسُدَ جسدُها بسبب رخاوتها في مقاومة التجربة، فنادتها:” أيتُّها النفس التي ترفضين التوبة وآسْتَعْبَدَتْكِ الشهوةُ تذكَّري أنَّ أمَّك قتلتها الشهوة “. ودعتها أن تأخذ منها العبرة. الشهوة عاطفةٌ جسدية زمنية، لكنها إذا لم تُحجَم، فقد تجرفُ صاحبَها إلى تناسي الشهوة الروحية وعلى مقاومتها حتى التخَّلي عنها. فلأجل ما أحست به حواء بحواسها وآشتهته أهملت ما دعاها الله إليه فخسرت نعمة مجد الله ولم تَقْتَنِ مجد إغراء الثمرة. تبعت شهوتها ورفضت مشيئة الله فخسرت الحياتين.  

أمَّا المثال الثاني فجاء في ردّات شوباحا عن السَّباح، قالت : ” إن لم ينزع السَبّاحُ قميصَه يغرقُ في البحر. وإن لم يترك الخاطيءُ سَيِّئاتِه يبقى على الأرض. إن لم ينزع السبَّاح لا يقدر أن يسبح في البحر. وإن أشفقَ على قميصِه فالبحر يجرفه بمِلْئِه ( مَدِّه)”. التجربة مثل خطرالغرق. إما إتّخاذ كل ضمانات السباحة ومتطلباتها أو مواجهة الغرق عند إهمال بعض قواعدها. والحياة سِبَاحَةٌ في بحرالسلوك: فهل نتبعُ القواعدَ المرعية أم نتبع الشهوة الحِسّية؟. علينا أن نتحذَّرَ من الشهوة الحسية لئلا تقتلنا مثل حواء. فأعطتنا الصلاة مثال الأبن الضال في ترنيمة الأنجيل لنعترف أن الخطيئة أفقـدتنا جمال نفسِنا وقناياها، لكنَّنا نرجو في رحمة الله فنستعيدها بتوبة جذرية صادقة.

وسلاحًا قوّيًا آخر أعطته الصلاة للتائبين، ” نارًا تمتحنُ وأتونًا يُحرق فيُطَهر ويكوي وسخَ الخطيئة “. إنَّه تناول القربان بنيَّة صافية. فقالت ترنيمة القداس :” ترَّحم يا رب على الذين يتناولون جسدك ودمك “. إنه سلاح القداسة ضد الضعف البشري. لقد بقي المسيح معنا حتى يساعدنا ويُغيثنا قبل فوات الأوان. فهدف ابليس من إيقاعنا في الشر أن يسُّدَ في وجهنا طريق الحياة الأبدية. والرَبُّ أعطانا دواءًا يقيـنا من الوصول الى الباب المسدود. فتح أمامنا طريقًا للحياة. وهو يزودنا بالحياة الأبدية من الآن عن طريق تناول جسده ودمه، كما قال : ” من يأكل جسدي ويشرب دمي فله الحياة الأبدية ” (يو6: 54). ننهي مع الصلاة قائلين :    ” لنقترب ونتناول وضميرنا طاهر من كلِّ شك “.