ما هي:” الإِسكاتولوجية ” ؟

أهلا وسهلا بالأخت جينا ليان ســيا

سألت الأخت جينا :

  • ” ما هي عقيدةُ كنيستك الإسكاتولوجية “؟
  • ” يسوع يعود وتكون نهاية الدهر”؟
  • ” الأحياء والأموات يُحاكمون “؟
  • ” ثم تُخلق السماء والأرض الجديدتين “؟

عقـيدة كنيستي ..!

أنا كاهن كلداني كاثوليكي. عقيدة كنيستي هي ما تؤمن به الكنيسة الكاثوليكية. وعقيدة الكنيسة الكاثوليكية مُستوحاة من الكتاب المُقَّدس، وبنوع خاص من العهد الجديد. أمَّا ” الأسكاتولوجية فكلمة يونانية تعني ” معرفة النهايات “. كلُّ إنسان وكل جمعية أو ديانة أو مبدأ يتوَّقع نهايةً لما نحياه في الوقت الحاضر. في كل العصور إهتم الأنسان بمعرفة أصل الكون والحياة والأنسان، وعرف أن الكائنات الحية تموت، والكون يفقد طاقاته وينحدرُ نحو الزوال، التوقف الكلي عما كان فيه منذ ملايين السنين. والمبدأ الفلسفي يقول: لكلِّ بداية نهاية. والعلماء يؤَّكدون أن الزمن والكون والكائنات تسيرُ نحو نهايتها. ولكن متى تحدث وكيف؟ ليس العلمُ قادرًا أن يُحَدِّدَ ذلك. العلم يُراقب ويُحَّلل ويتوقَّع لكنه لا يقوى على إعطاء جوابٍ أكيدٍ شافٍ، لأنَّ ذلك خارجٌ عن طوعِه بسبب قصر باع العلماء الذين لا يمتلكون ناصية المعرفة لأنهم ليسوا هم من أوجدوا الموجود. مَن أوجدَه وحدَه قادرٌعلى أن يُخبرَعمَّا يبحثُ عنه الأنسان. إنَّه خالقُ الكون ومُنَّظمه، الذي يرعاه ويقودُ حركته، الله !

واللهُ تحَّدثَ وأوحى إلى البشر حقائق كثيرة لكن المُلحدين من أهل العالم يرفضون الأيمان به وبمبادِئه ووحيِه. ومن أمن به وحفظ كلامه يثقُ به ويعيشُ على رجاءِ ما أوحاه وعَّلمَه.

إســـكاتولوجيات !

لقد تطرَّق يسوع الى النهايات. ويمكن تصنيفها في ثلاثة أوجه : الخاصّة بالفرد ، للبشرية ، للكون. والنهاية ليست زوالًا، ولا فناءًا ثم خلقًا جديدًا، بل تغييرًا في الحالة، من المادي الحِسي المتقَّلب الى الروحي الثابت، كائنات روحية مثل الله والملائكة، لا نمُوَّ فيها ولا تكاثر ولا تغيير ولا موت.

1- الخاصّة Individual: ينتهي الأنسان الفرد جسَديًا بالموت ويتحَدَّد مصيره حالاً قال يسوع للص اليمين :” تكون اليوم معي في الملكوت ” (لو23: 43). وفي مثل العذارى دخلت الحكيمات الخمس مع الختن الى العرس الأبدي بعد موتهن حالا، أما الجاهلات الخمس فرُفِضْن لعدم سلوكهن حسب مباديء المسيح إذ نقصهن الحُّب فقال لهن الله :” أنا لا أعرفكن “(متى25: 12). وفي مثل الغني العديم المحبة والرحمة ولعازر الفقير الصبور نال كلُّ وحيد، بعد الموت، نصيبَه : لعازر في راحةِ الملكوت والغني في عذابِ الجحيم (لو 16: 22-26).

2- البشرية General: بالنسبة الى البشرية عامةً سيأتي يوم وتنتهي فجأةً ،” لأنَّ إبنَ الأنسان يجيءُ في ساعةٍ لا تتوقعونها “(لو12: 40)، عند” الهتافِ ونداءِ رئيس الملائكة، وصوتِ بوقِ الله” (1تس4: 16). بالحقيقة لقد بدأت نهاية الأزمنة مع مجيْ المسيح الأول، أي تجَّسده وفدائِه للبشرية من كابوس الخطيئة. فالزمن الأخير قد إبتدأ (عب1: 2؛ 1بط1: 20) ونحن نعيشُ فيه الآن (1يو2: 12)، ولكن لم يبلغ إلى نهايتِه، لم تكتمل المسيرة بعدُ (متى24: 6-14). ولمَّا تكتمل النهاية يجيءُ المسيح ثانيًة، يُذكرنا بذلك القداس اليومي الذي” يُخبرُ بموتِ المسيح وقيامتِه إلى أن يجيء” (1كور11: 26)، كما أنَّ الحروب و الكوارث الطبيعية هي مخاضُ النهاية “(مر13: 7-8). وعندما يجيءُ المسيح يجرى دينونة عامة، إعلان مصير كلِّ البشر معا (متى25: 31-32)، من بداية الحياة على الأرض والى نهايتها. لن تجري محاكمة بقدر ما يتم كشفُ المصير وعِلَّتِه. قال يسوع:” ستأتي ساعةٌ يسمع فيها صوته جميع من في القبور: فيخرج منها الذين عملوا الصالحات ويقومون للحياة ، والذين عملوا السيِّئات يقومون الى الدينونة ” أي الهلاك (يو5: 28-29).

وهنا يُوَّضح مار بولس الأمر بشكل أدَّق. يقول:” نحن الأحياء لن نتقدم الذين رقدوا… يقومُ أولاً الذين ماتوا في المسيح ( أي المُخَّلَصون).. ثم نُخطفُ معهم، نحن الأحياء الباقين، في السحاب لملاقاة الرب، حيث نكون معه كلَّ حين “، ويعزو هذا الكلام الى الرب يسوع نفسه (1تس4: 15-17).

3- الكون Cosmic: بالنسبة إلى الكون كله سيتغَّير. قال يسوع عن هيكل أورشليم سيُهدمُ كلُّه “(لو21: 6). وعن الكون :” ستظهرُ علاماتٌ في الشمس والقمروالنجوم..قوات السماء تتحَرَّك..”(لو21: 25-28)، “.. تظلم الشمس ولا يضيءُ القمر وتتساقط النجوم .. و يرى الناس إبن الأنسان آتيًا على سحاب السماء في كلِّ عِزَّةٍ وجلال “(متى24: 29-30). و يضيف مار بطرس:” تزول السماوات .. وتنحَلُّ العناصرُ بالنار وتُحاكمُ الأرضُ والأعمالُ التي فيها “(2بط3: 10). ويقول يوحنا أنه :” رأى سماءًا جديدة وأرضًا جديدةً ” لأنَّ ” القديمتين زالتا.. إنَّ الأشياءَ القديمة زالت .. وها أنا أجعلُ كلَّ شيءٍ جديدًا”. وأضاف :” رأيتُ أورشليم المدينة المقدسة نازلةً من السماء من عند الله، وعليها هالة مجدِ الله.. لم يكن فيها هيكلٌ لأنَّ الرَبَّ الأله القدير والحمل هما هيكلها.. ولا تحتاج الى نور الشمس والقمر لأنَّ مجدَ الله يُنيرُها والحملُ هو مصباحُها ..” (رؤ 21: 1-5، 10-11، 22-23).

هكذا تعَّلمُ الكنيسة الكاثوليكية أن الأزمنة الأخيرة بدأت مع مجيء المسيح الأول وبعد جهاد ينتصر الحَّق الألهي وتنسحق ثورة الشر ضد الله. قبل النهاية ستسود فترة إلحاد وآضطهاد قاسية ينكشف فيها الزؤان عن الحنطة، ثم يعود الرب يسوع كما وعد (يو14: 3)، في نهاية الزمن ” الأسكاتولوجية”، وكما أكَّد عليه الملاك عند صعوده (أع1: 11) ، ويُمَّيز الأبرار عن الأشرار ، و يأخذ كل واحدٍ جزاءَه، فيعيشُ إمَّا مرتاحًا مُتنَّعِمًا أو شقِيًّا مُتعَّذِبًا (متى25: 46). والمُخَّلصون يعيشون بصحبةِ الله في أورشليم الجديدة ” وهي مسكن الله والناس” (رؤ21: 3-4).

القس بـول ربــان