أهلا وسهلا بالأخت ريتا اللـوس.
سألت الأخت ريتا أسئلة ً هي :
1- لماذا للكتاب المقَّدس أكثر من ترجمةٍ واحـدة ؟
2- لماذا لا توجدْ الأسفارُ اليونانية في بعضِ الترجمـات ؟
3- من له الســلطة لحـذفِ أســفار من الكتابِ المقَّدَس ؟
من له سُـلطةُ الحـذف ؟
نقرأُ في سفر الرؤيا :” كلُ من يسمع الأقوالَ النبوية في هذا الكتاب ، فإنَّه إذا زادَ عليها شيئًا ، زادَه الله من النكبات… وإذا أسقط أحدٌ شيئًا من أقوال هذا الكتاب ..أسقط اللهُ نصيبَه من شجرةِ الحياة ..”(رؤ22: 18-19). بهذا التحذير ينتهي سفرُ الرؤيا. وهو يُطّبَقُ على كل أسفارالكتاب المقدس. لا أحد على الأرض له السلطة أن يحذفَ منه شيئًا أو يُضيف عليه.إنه تحذيرٌ عام وشامل. ولم تفعل الكنائسُ الرسولية ذلك. قيلَ أنَّ لوثر وحدَه أضافَ ” وحدَه ” على كلمة ” الأيمان “، أى هكذا ” الأيمان وحده” في إحدى رسائل مار بولس . ولكنه من المؤكد أنه هو الذي رفضَ الأعترافَ بالأسفار اليونانية وحذفها من الكتاب المقدس الذي ترجمه الى الألمانية وآعترفَ به وحدَه.
ما خبر الأسـفار اليونانية ؟
الأسفار اليونانية هي التي لمْ تُكتب في العبرية بل أغلبُها باللغةِ السُريانية ثم ترجمت الى اليونانية مباشرة من قبل كاتبها، مثل سفر أبن سيراخ (1: 20-30)، أو غيره عندما ترجموا الكتابَ المقدس كله ، في الأسكندرية حوالي سنة 200م، الى اليونانية. لأنَّ اليونانية كانت لغة الثقافة لاسيما في الأسكندرية حيث كانت تتواجد جالية يهودية كبيرة إحتاجت الى هذه الترجمة بسبب ثقافةِ أبنائها وبهدف تسهيل نشرالكتاب بين الشعوب كنوع من التبشير. هذه الترجمة سادت في الأوساط اليهودية خارج فلسطين. أما داخل فلسطين كانت تسودُ النسخة العبرية ، بـ 39 سفرًا.
الأسفارُ اليونانية هي : طوبيا ، يهوديت ، الحكمة ، يشوع بن سيراخ، باروك ، المكابيين 1 و2، بالأضافة الى فصول من كل من سفراستير ودانيال ورسالة إرميا. ولما ترجم الكتاب الى اليونانية صار بعض يهود فلسطين يقبلون الأسفار اليونانية والبعض الآخر يرفضها. و لما آنتشرت المسيحية إستعملَ المسيحيون النسخة اليونانية ولذا فإنَّ معظم الشواهد المقتبسة من العهد القديم وذكرتها أسفارالعهد الجديد تعود الى هذه الترجمة. ولمَّا رأى اليهود ذلك ثبتوا سنة 90م قائمة الأسفار القانونية، أى المعترف بها أنها موحاة من الله، وحددوها بـ 39 سفرا ، وأخرجوا منها الأسفار اليونانية المذكورة أعلاه.
أما المسيحية فتمَّسكت بها. ولمَّا ثار لوثر، في القرن الـ 16، ضد بعض تعاليم الكنيسة الكاثوليكية أخرجَ أيضا عن ” كتابِه المقدس ” هذه الأسفار، ومُبَّررُه لأن اليهودَ لا يعترفون بها. وهكذا درجت في الكنائس البروتستانتية الى أن تمَّ إتفاقٌ سنة 1968م بين الفاتيكان و جمعيات الكتاب المقدس على ضمها من جديد الى الكتاب كجزءٍ منه ، إنما تنشرُ كجزء واحد بعد بقية أسفار العهد القديم ، كما فعلَ القديس جيروم في القرن الرابع الميلادي. وعليه يكون عدد أسفار الكتاب المقدس 73 ثلاثة وسبعين سفرًا ، 46 منها للعهد القديم ، و27 منها للعهد الجديد.
لماذا أكثر من ترجمة واحـدة ؟
لم يُوَّضحْ السائل ماذا يعني بـ” لماذا أكثر من ترجمة “. على الأكثر يقصُدُ “ترجمة عربية”. كانت الكنائس تقرأ ، في البداية ، الكتابَ المقدس أثناءَ طقوسها في اليونانية التي كتبَ فيها العهدُ الجديد كله. ثم حَّولت كلُ كنيسة القراءات باللغةِ المحلية الخاصة بشعبها. ولعدم وجود مطابع لتكثير النسخ بسهولة ونشرها إقتصرت النسخ المنقولة على الكنائس والأديرة أولا. ثم تمَّت الترجمات حسبَ لهجة البلد. وهكذا ترين ترجمات عربية تمت في العراق وغيرها في مصر وغيرها في لبنان. ولما ظهرت المطابع إهتمت الكنائس بتكثير نسخ الكتاب. و لما أبطلت الثورة اللوثرية الأعتراف بوجود السلطة الكنسية وضعت كل ثقلها في قراءة الكتاب المقدس. فتأسست جمعيات الكتاب المقدس وقامت بنشر الكتاب بكل اللغات. وكل جمعية تنطلق من مبادئها وأهدافها فتترجم الكتاب حسب قناعاتِها وتوزّعه بغية الترويج لأفكارها. وهكذا كثرت الترجمات العربية وتشكلت وآختلفت عن بعضها. فبينما إنحصرَتْ الترجمات القديمة بثلاثة، بين عراقية و مصرية و لبنانية، تعَّدتْ الترجمات البروتستانتية العشر. الى أن ظهرت مؤَّخرًا أول ترجمة عربية موَّحدة بين مختلف الكنائس الكاثوليكية والأرثذوكسية والأنجيلية في بداية التسعينات من القرن الماضي.
توجد أنواع من الترجمات في كل اللغات. هناك الترجمة العلمية أي يحاول العلماء الأحتفاظ بقدر الأمكان بحرفية النص الأصلي للباحثين العلميين. وهناك الترجمة الشعبية وفيها يحاول العلماء تقريب النص الى أبعد حد ممكن من الشعب البسيط ليفهمها ويعمل بها. وهناك الترجمة الطقسية و فيها يُحاول العلماء ترجمة النص بشكل أقرب الى اللغة الموسيقية وأوزانها لتسهيل مهمة ترتيل النص أو تلاوته الجماعية. المهم في كل هذه الترجمات أنها تصدرُ تحت إشراف اللجنة الكنسية المختصة بالكتاب المقدس. حتى لو قام أفرادٌ بترجماتٍ خاصة لا تُطبع في الكنيسة الكاثوليكية إلا بعد موافقة رسمية من السلطة الدينية والتأكيد من إستقامة الترجمة ونفعها.