مريــم إنســان حـقـيقـي !

أهـلا وسهلا بالأخ رفـان جوهر.

سأل الأخ رفان عن مريم العذراء ، بعدَ أن قرأ جوابا عن أنها حُبِلَ بها بلا دنس ، إنْ كانت ولادتُها ” كإنسان ٍ حقيقي لديها خطيئة آدم وحواء ” أم إنها طاهرة وبلا خطيئة مثل يسوع المسيح ؟؟.

طاهـرة ، بلا خطيـئة !

أما أنْ تكون مريم ” طاهرة بلا خطيئة ” فهذا هو بالذات معنى أنهُ ” حُبِلَ بها بلا دنس”. وكان هذا هو المفروض فيها حتى يحُّلَ في بطنها الكلمة الألهية القُدّوس ويأخذ منها جسدَه أى ناسُوتَه. فكانت مريم إذن في ناسوتِها طاهرة نقية بريئة ، كما كان آدم وحّـواء قبل أن يخطأآ. ومن ناسوتِها البريء والطاهر أخذ يسوع ناسوته فكان إنسانا بريئا من الخطيئة. هذا ما يؤكده مار بولس في رسالتِه الى العبرانيين حيث قال :” إنه شبيهٌ بإخوتِه { نسل ابراهيم} في كلِ شيء “(2: 17). ويُضيفُ بعدَه :” وقد أُمتُحِنَ في كلِّ شيءٍ مثلنا ما عدا الخطيئة ” (4: 15).

مريم إنسانٌ حقيقي !

مُهّمٌ جّدًا أنْ نُمَّـيزَ بين طبيعةِ الأنسان وبين فعلِه أو سلوكِه. الطبيعة هي ما جُبِلَ عليها دون إرادتِه. وهي وجودُه. أما الفعلُ فمن إرادَتِه ، وبعدَ أنْ وُجِد. لمُ تُخلق طبيعة الأنسان خاطئة أي مَّيالة الى الشر. كلا. بل خُلِقت نقية طاهرة بريئة من كل شر أو فساد؛ ” ونظرَ اللهُ الى كل ما صنعَه، فرأى أنَّه حَسنٌ جِدًّا “(تك1: 31). إنما خَلقها حُرَّة ” على صورة الله ” (تك1: 27)، أى زُّوَدَها بقابلية الأختيار بين شيئين متناقضين : الخير والشر. ولما قَسَّمَ اللهُ الأنسانَ الى ذكرٍ وأنثى، آدم وحّواء، كان ما يزالُ طاهرا نقيًا في جزئيه. ودخلَ التشويه الى الأنسان نتيجةَ أولَ فعلٍ قام به حيث إختارَ أن يكون حُرًّا ولا يبقى تابعًا ، فعصى أمرَ الله ليتبعَ نزوَتَه الخاصة وشهوَتَه (تك3: 5-6،و 11-12).

فالناسوت لا علاقة له بالخطيئة. الأنسان الشخص أخطأ وليست الطبيعة. ومريم حُفظتْ من آثار تلك الخطيئة التي إقترفها الأنسان أصل البشرية ، فكانت إنسانا حقيقيا إنما لم تمُّسها الخطيئة كما تمُّس كل البشر سواها. وهذا بتدخل إلهي خاص ، حتى تكون في مقام حواء قبل الخطيئة ويولد منها يسوع ويكون في مقام آدم قبل الخطيئة. وهكذا تجَّددت خِلقةُ الأنسان بتطهيره من الخطيئة. مريم حُفظت منها ونحن الآخرون نُطَّهَر عنها بالمعمودية. الطبيعة لا تتغَّير، إنما تُنَّظف من الوسخ الذي وقع عليها. فمريم ويسوع، الأنسان الواحد الجديد، أطاعَ الله. هكذا مريم مولودة كإنسان حقيقي ، من زرع اللحم والدم (يو1: 13) مثل كل الناس ” ما عدا الخطيئة ” (عب4: 15). و ليست هذه من طبيعة الأنسان، بل ممارسةُ طبيعةِ إرادتِه الحُرَّة في أفعالها.

القس بـول ربــان