2 ملوك 4: 32-35 ” ما المقصود ” ؟

أهلا وسهلا بالأخ فادي وسـام جلـو.

إنَّ النصَّ المذكور يقُّصُ خبرَ النبي إليشع وإحيائِه ابن الشونمية التي بنَتْ عُليَّة ً فوق بيتها ليبيتَ فيها النبي كلَّما مَّرَ من عندهم. وكان النبي قد كافأها فطلبَ من الله أن يرزُقَها طفلا ، لأنها عاقر و زوجها شيخٌ ، ونالت ذلك. ولمَّا كبرَ الصبي توفي فآلتجأت اليه ليُغيثَها. أرسلَ خادِمَه جحزي ومعه عصاه ليُعالجَ الصبيَ. لكن المرأة أبت إلا أن يُرافقَها النبي لأنه هو الذي وعدَها بالطفل دون أن تطلبَه هي منه.

عمــل اللـه !

رافقَها إليشَعُ بنفسِه. دخلَ العُلّية َ وحدَه. هكذا سيفعلُ يسوع عند إحيائِه إبنة يائير(مر5: 40). ليس كلُ الناس مُؤَّهلين ليدركوا عملَ الله. وقد يستغلُ إبليسُ بعضًا منهم لتخريب عملِ الله ، لاسيما بعدم إيمانهِم. ولمَّا تأكدَ للنبي أنَّ الطفلَ قد مات صَّلى طالبًا عون الله. وكأنه يقول : يا رب أنت أعطيتَ الحياة لهذا الصبي. أنتَ وحدَك قادرٌ على رَّد الحياة اليه ، لأنك أنت ” المُميتُ والمُحيي” (تث32: 39). فلا تدعْ عدوَ الحياة ينتصرُ بسلبِه هذه الحياة. تطَّلعْ يا رب إلى إيمان أمتك ، وآنظر الى دموعِ عينيها والى حسرةِ قلبها ، وآرحمها بكثرةِ رأفتِك.

دور الأنسـان !

ولمَّا أنهى إليشع صلاتَه وضمنَ عونَ اللـه ، أخذَ يُمارسُ دورَه فآستلقى على جسمِ الصبي المَّيِت و بدأ بعملية ” التنَّفُس الإصطناعي ” للطفل. هكذا يفعلُ كلُ الناس و يُحاولون إنقاذ من داهمه الموت ليُعيدوا اليه الحياة، فيشهقون نفَسَهم في فم الميت ويُرسلون كمية قوية من الأوكسجين الى الرئة لتضُّخَه الى القلب فيتحَّرك من جديد وتستمرَّ الحياة. آمن إليشع أنه إنْ كان اللهُ مصدرَ الحياة لكنه يستعينُ أيضا بالأنسان ، أو يُكَّلفُه ، للحفاظ عليها و تمديدها. أمَا خلقَ اللهُ الأنسان ثم سَّـلمَه طاقةَ الأنجاب ؟. هكذا تعاون اليشع مع إرادةِ الله وأكملَ دورِه في إحياء الطفل. وهكذا سيصنعُ بولس الرسول مع الصبي أفتيخُس الذي سقط ومات وأحياهُ بولس إذ ” جثا عليه وضَّمه الى صدره ” (أع20: 10). فالحياةُ تُعطى بالأنجاب ، وتُعطى أيضا بالأيمان. يسألُ الأنسانُ اللهَ من أجلها ويستجيبُ اللهُ له (يو14: 13).

هكذا إستغَّل الله موسى أيضا لشفاء مرضى شعب الله الذين لدغَتهم الحيات (عدد21: 8-9). وهكذا شـفى يسوعُ أنواع الأمراض وأقامَ الموتى، وأعطى رسله أيضا أن يفعلوا ذلك ” إشفوا المرضى، أقيموا الموتى ” (متى10: 8). وصنعوا كذلك. بل صار يكفي أن يقعَ “ظلُّ بطرس على أحدٍ منهم ” حتى يشفى (أع5: 15)، أو توضع على المريض قطعةٌ من قماش مَّسَ بدن بولس فيشفى (أع19: 12)، تماما كما حصل مع يسوع (متى14: 36). أما إليشع فمَّسَ جسمُه كله الصبيَ ليُدفئَه ويُنعشَه بالحياة ، بقوة الله الذي صَّلى إليه أولا.

القس بـول ربــان