أهلا وسهلا بالأخ رامي زهير أوبي.
رأى الأخ رامي أنَّ بأنَّ فقرة من صلاة ” الأبانا ” ترجمتها ” ركيكة ، وهي ” لا تُدخِلْنا في التجربة. ولكن نَّجِنا من الشرير”. وتساءَل إنْ لم يكن “من الأصح أن نقول:
## لا تدخلنا في تجربة ، ونَّجِنا من الشرير”. أو ترجمة بديلة :
## أدخلنا في تجربةٍ لكن نَّجِنا من الشّرير”.
## ما تفســيرُ ” لكـن ” ؟
الكتابُ كله من وحي اللـه ! 2طيم 3: 16
أولا : الله هو الذي أوحى الى الكاتب. لكنه لم يُنَّقِله الكلام. الكاتب إختار ألفاظه. وكل النسخ والترجمات ، في كل اللغات، أتت بهذا الشكل. النصُّ ألصلي كُتبَ باليونانية. وعلى النقلة والمترجمين والقراء إحترام النص وقبوله كما هو، ومحاولة فهمِه كما جاءَ في الكتاب وليس تغييرُه حسبَ منطقِنا أو إدراكِنا.
ثانيا : لا توجد ” و” قبل ” لكن “. من أينَ ومن أتى بها ؟.
ثالثا : ” تجربة ” هي نكرة كما لو كنا نقول : إذا حصلت لنا تجربة ما “. في حين”التجربة” كلمة مُعَّرفة، أى نعرف ماذا تعني وما هي. فالتجربة هي حالة عدم الرؤية بوضوح والشك في حقيقة الأمر وضعف الأرادة في البقاء في خط الحَّق والبر. مع وجود الخطر للأنزلاق وراء النوازع والملَّذات على حساب ما هو حقٌ وعدل. والتجربة قد تهيج على الأنسان من داخله ، أو تهجم عليه من الخارج لتقودَه الى ما هو شَّر. التجربة هي ما قاله الله لقايين :” الخطيئة تتلَّهَفُ إليك وعليكَ أن تسودَ عليها “(تك4: 7).
رابعا : أما عن ” أدخلنا في تجربة” يحبُ أن نعلم بأنَّ الله لا يُجَّربُ أحدًا. قال مار يعقوب :” هنيئًا لمن يصبرُ على المحنة… وإذا وقع أحدٌ في محنةٍ فلا يقُلْ ” هذه محنة من الله”. لأنَّ الله لا يمتحِنُه الشر، ولا يمتحنُ(لا يُجَّربُ ) أحدًا بالشر”(يع1: 12-13). الله يسمحُ بالتجربة، و لا يُهملُ المُجَّرَبَ ، كما سمح للشيطان أنْ يُجَّربَ أيوب (أي1: 8-12) ولكنه حمى حياته (اي 2: 6)؛ وسمح لأخوة يوسف أن يتبعوا حقدَهم ويُنفذوا مؤامرتهم لكنه أنقذ حياته (تك 37: 18-28)؛ وسمح لفرعون أن يتمسك بقساوةِ قلبه وغشاوةِ فكره مُستعملاً إيَّاه وسيلة لتضامن الشعب بينهم ولإضرام رغبة الشعب في الخروج من مصر بأي ثمن، وحتى يعرف المصريون من هو الأله الحقيقي القادر على كل شيء ” فقَّسى الرب قلب فرعون” (خر7: 3-5)؛ وسمح لليهود أن يصلبوا المسيح فينفضح غباؤُهم وإلحادُهم المُقَّنع.
خامسا : ” أدخلنا .. لكن نجَّنا “. إذا كان الله لا يُجَّربُ أحدا، وإذا كان الشيطان هو المُجّرِب فكيف يمكن أن نقول لله ” جَّربْنا، إنما إحْمنا من الشَّرير”؟. كيفَ يحمينا إذا كان هو يُجَّربُنا؟ وكيف يسمح للمجَّرب أن يُجَّربنا ويُنقِذُنا منه؟.
سادسا : بأية صيغة جاءَ الطلب فهو يعني بألا يسمج الله أنْ
نُجَّرَبَ فوقَ طاقتنا ، وأن يجعلَ لها مخرجًا فلا تهلِكنا ،
كما قال الرسول :” الله صادقٌ فلا يُكَّلِفكم من التجارب غيرَ
ما تقدرون عليه. بل يهبكم مع التجربة وسيلة النجاة منها
والقدرةِ على آحتمالِها “(1كور10: 13). نطلبُ نعمة أن نتحَّمل
ما يُصيبنا من التجارب والغلبة على ابليس. يقول العلامة الخوري
بولس الفغالي في شرحه لهذه الآيات :”حين نتعَّرضُ للتجربة
نطلبُ من الرب أن يكون بجانبنا بحيثُ لا ندخل في نظرة ابليس
ولا نتعامل معه ..” بل يُنصرنا عليه مثل يسوع.
فعندما نقول :” لا تدخلنا …لكن نجّنا ..” نكون نقول :” يا رب لا تسمح أن تقوى عليَّ التجربة فأسقط في الحفرة ، لكن ساعدني حتى أخرج منها ظافرًا على عدوي الشرّير”. سامح يا رب بأنْ أُمتَحَن حتى تكون لي فرصة ممارسة محبتي لك وتعَّلقي بك ، ولكن لا تسمح لأبليس أن ينتصرَ عليَّ فآنخدعَ به. نجّني من حيَلِه ، أُكشفها لي وقَّوِ إرادتي حتى لا أتصَّرفَ حسبَ مشيئتي ولَّذتي بل حسب مشورتك ومشيئتِك.
وأخيرًا ، تتمَّسَكُ الكنيسة بالنص كما جاءَ في الأصل. وعوض تغيير عباراتِه تحاولُ بعكس ذلك أن تفهمَ المعنى الذي أراده الله لنا من خلال مقابلته بنصوص أخرى من نفس الكتاب.
… لكــن !
تأتي لكن بصفة حرف عطف ، أي الجملة الثانية معطوفة على الجملة السابقة. وهذا يعني أنهما جملة مفيدة واحدة لا إثنتان. فيكون المعنى لا تسمح أن نقع في حفرة التجربة و نجنا من الشرير. وإذا كانت الجملة الأولى نفيا فلا لايجوز إستعمال “واو ” مع لكن. مثلا : لا تبكِ لكن صَّلِ. لا تأكُلْ بصلاً لكن عسَـلاً. وهكذا ” لاتدخلنا في التجربة ، لكن نجنا ..” هي طلبٌ واحد لا إثنين ، وهو: ساعدنا حتى لا يخدعنا ابليس.