أهلا وسهلا بالأخ العزيز سعد حنا بيداويد.
تألم الأخ سعد بخصوص تاريخ عيد القيامة المختَـلَفُ عليه في المسيحية فكتب تعبيرا لألمه ما يلي : ” على مدى سنين لاحظنا الفرق في التفاوت بين عيد القيامة لدى الكاثوليك ولدى الأرثذوكس. فكان مرة ً أسبوعا واحدًا، وأخرى أسبوعين، وفي أخرى خمسة أسابيع. وفي أخرى في نفس اليوم. فالســؤال : ما هو السبب ؟
هل يستوجب هذا الموضوع ، أى التقويم الغريغوري واليولياني وآعتدال الربيع، أن تُعَّيدَ كلُّ كنيسةٍ على حــدة ؟
الســـبب !
# التقويم
لقد شخَّصه بأنه إختلافُ التقويمين. فالتقويم الغريغوري صحَّح الغلط الذي وقع فيه منظموا التقويم اليولياني. كان غلطًا علميا يخص كم يومًا يستغرقُ دوران الأرض حول الشمس من نقطةِ إنطلاقها وحتى العودة الى نفس النقطة. حسَّ على الغلطة البابا غريغوريوس وعلماء فلك زمانه، لما لاحظوا أنَّ الأرض قد عبرت برج الربيع بينما كان التقويم ينقص عشرة أيام حتى يصل الى برج إعتدال الربيع أى يوم 21 آذار الشمسي. وعرفوا أنهم لو إستمروا على نفس الخطأ لتأخر التقويم على دوران الأرض يوما آخر كل 133 سنة ، ويتأخر معه عيد القيامة. فيحدث أن يقع عيد القيامة في الشتاء ثم يتأخر الى الخريف ثم الى الصيف وهكذا دواليك ، أى مثل عيد الفطر أو الأضحى.
بينما سبقت الكنيسة و إتفقت على عيد القيامة وثبتته منذ سنة 325م ، أى قبل الأنقسام، في الربيع ، أى بعد 21 آذار الشمسي. وثبتته أيضا في يوم أحد. وإذ لم يتفقْ أساقفة الشرق والغرب على أى أحد من الربيع { فضل الشرقيون نهاية آذار، في حين فضل الغربيون نهاية نيسان بسبب الأنواء الجوية لكل منطقة }، أوحى الروح اليهم أن يربطوا العيد بآكتمال البدر بعد 21 آذار، فقرروا أن يكون العيد في الأحد الذي يلي إكتمال بدر الربيع الشمسي ، الواقع بعد 21 آذار. وبما أنَّ نهار 21 آذار ينتهي مع غروب الشمس فإذا تم البدر بعد الغروب يكون الأحد الذي يليه عيدا.
وقرر البابا ، وكان ذلك سنة 1582م، أن يصلح التقويم وأيدته الجهات العلمية المدنية وكل الكنائس عدا الأرثذوكسية الشرقية. فأضاف على التقويم عشرة أيام ، ومن 4/10/1582 عبروا رأسا الى 15/10/1582. أجرى الغربُ كله الأصلاح وأصبح من ذلك الحين تقيما عالميا، أما الأرثذوكس فظلوا على التقويم اليولياني الغربي الخاطيء. ومن عشرة أيام فرق أصبح الآن 13 يوما ، وإذا آستمروا عليه فسيزداد الفرق الى أن يصل الى أشهر وسنين!!.
# التزمت
حسب قاعدة العيد وآختلاف التقويم يجب أن يكون العيد إما معا أو بفارق خمسة أسابيع. و غير ذلك خطأ. لأنه إذا آكتمل البدر بعد 21/ 3 حسب التقويمين، مثلا في 4/4 مثل هذه السنة 2015، فكان يجب أن نعيد معا. لأن التقويم اليولياني ايضا يكون قد عبر 21/ 3. و أما إذا آكتمل البدر بعد 21/ 3 غرغوري وقبل 21/ 3 يولياني فالأرثذوكس ينتظرون آكتمال بدر آخر بعد 21/ 3 يولياني فيصبح الفرق 29 يوما على الأقل. أما فرق أسبوعين فلم ولن يقع أبدًا. أما فرق أسبوع فهذا أيضا إختلاقٌ شرقي وهو أنهم لا يريدون أن يُعَّيدوا إلا بعد فصح اليهود. مع أنه لا يقع معهم أبدا. لأنَّ اليهود يأكلون فصحهم في ليلة البدر نفسها وليس بعده. أما الكنيسة فتعَّيد في الأحد بعد البدر. فلو إكتمل البدر بعد غروب السبت على الأحد ، أى ليلة الأحد، يأكل اليهود فصحهم تلك الليلة. أما الكنيسة فلا تعيد، حسب القاعدة، ذلك الأحد لأن البدر آكتمل ليلة الأحد وليس قبله. أما إذا آكتمل البدر بعد غروب الجمعة على السبت، أى ليلة السبت، فاليهود يأكلون فصحهم تلك الليلة والكنيسة تعَّيد القيامة في اليوم التالي وهو الأحد بعد آكتمال البدر. هنا يرفض الأرثذوكس أن يُعيدوا في ذلك الأحد (؟؟؟) وينتظرون الأحد الذي يليه.
هل كل هذا يستوجب الأختلاف !
الأختلاف واقع لا محالة. فضلَّ الكاثوليك والعالم أن يتبعوا تقويما صحيحا علميا حتى لا ينتقل العيد من الربيع الى الفصول الأخرى. أما الأرثذوكس فرفضوا المنطق العلمي وقاعدة التعييد المتفق عليها وفضلوا البقاء على التقويم الخاطيء الذي سيجرهم ، بعد آلاف السنين ، الى التعييد شتاءا وصيفا وخريفا. ولو تبنوا غدا التقويم العلمي والعالمي لآنتهت مشكلة العيد ونعيد كلنا معا العيد القادم. وإذا لم يتم ذلك فسيكون الفرق في السنة القادمة2016،35 يوما. لو كان الأختلافُ إيمانيا وعقائديا لسَّلمنا بالأمر. لكن سبب الخلافَ خطأٌ علميٌ صُحّح ، فما هو المبرر لعدم القبول بالواقع الأنساني ؟؟. ولا تتصَّور بأن العالم يقبل إلغاء التقويم الغريغوري والعودة الى الخطأ. ولا تتصَّور أنَّ الرَّبَ لن يحاسب القادة الدينيين الذين يخفون الحقيقة عن رعاياهم!. ولا تتصَّورَ أنَّ إِدّعاء البعض بمعجزات مختلقة لن يكشف الرب زورها!. لقد قال الرب :” ما من خفي إلا وسيكشف. وما من مكتوم إلا وسيُعـلم ” (متى10: 26).
ما العـــمل ؟
أن نصَّلي لينير الرب القلوب ويقوي الأرادات الحسنة لتتبنى الحق وتدير الظهر الى الشيطان. وأن نكون مستعدين للقبول بأي قرار يتخذه رؤساؤنا ولا نخالفهم رأيهم. أما عن الكاثوليك فقد حاولت الكنيسة وما زالت تحاول توحيد العيد بين كل المسيحيين لكن هناك دوما من يعاند، أو يضع ورقة بيضاء ويتجنب تحمل المسؤولية. منذ خمسين عاما قررت أن يُعَّيد رعاياها الكاثوليك مع الأرثذوكس حيث يشكل هؤلاء الأغلبية. أما الأرثذوكس فيتشدقون برغبتهم في التوحيد ولكن شرطهم أن تتراجع الكنيسة الكاثوليكية عن إصلاحاتها. هذا المعروف. أما ماذا يجري وراء الكواليس فلا أحد يعلم غير الله. ولهذا لن يحل مشكلة توحيد العيد غير الله الذي، مع محبته ورحمته، لن يتنازل عن الحَّـق ولن يحابي أحدًا ولن يخضعَ لضغوط أيّ كان ، ومهما كان ثمنها !.