سؤالان: عدد الأناجيل ، هدف يهوذا بخيانة يسوع ؟

أهلا وسهلا بالأخ ايفــان بيـبــاني.

كتب الأخ ايفان يقول : سمعتُ تقريرا بوجود 12 إنجيلا. أما نحن فنقرأ حاليا فقط 4 منها :

# مدى صحَّة ذلك ؟

كما قرأ أيضا ، لم يذكر أينَ، عن أنَّ يهوذا الذي خان يسوع قصد بذلك بأن يُخرجَ الروحَ الطاهرة من الجسم ، ولهذا السبب سَّـلمَ المسيح الى الرومان ! :

# مدى صحّة ذلك ؟

قبل أن أبدأ بالجواب أتمنى من أعزائي قرائي الكرام أن يذكروا مصادرهم ، أى من أين إستقوا هذه المعلومات ؟ مهمة جدًا معرفة ذلك. لأنَّ بين الكُّـتّاب من يكتب بطريقة علمية ويقصدُ فائدة الناس بتقديم معلومات أكيدة لهم. وهناك أيضا من يكتبون فقط بهدف التشويه والتشويش ، فلا يهمهم صدقُ الخبر أو كذبه. بل أحيانا يحَّورونه لبلوغ هدفهم.

كما أتمنى أيضا أن يعملوا جهدًا للتثقيف الذاتي بالمطالعة : مطالعة الكتاب المقدس ، و مطالعة المنشورات الدينية التي تطلع علينا بآستمرار بكل علم وحقيقة وتأريخ تغَّذي الأفكار والأرواح.

12 إنجيلا !

أما عن الأناجيل فنحن بين أيدينا فقط أربعة أناجيل إعترفت بها الكنيسة أنها تحمل الينا نور الخلاص الذي أشَّعه يسوع المسيح. نقلت الينا ما يُشكَّلُ اساس عقيدتنا الأيمانية عن الحقيقة الألهية ، وطريقة الخلاص بتبني السلوك الأخلاقي المثالي. وهذه الأناجيل هي المعروفة : متى ومرقس ولوقا ويوحنا. وترتقي كتابة هذه الأناجيل الى سنة 70 م – 100م. أما أى كتاب آخر دُعي إنجيلا ، أو هكذا قدَّمه مؤَّلفه ، وكُتبَ بعد موت آخر رسول شاهد على أعمال يسوع وأقواله ، فيُعتبرُ مزَّورًا.

وقد ظهرت من هذا القبيل مؤلفات عدة، تصل الى حوالي 40 نسخة، كلها من القرن الثالث الميلادي و ما فوق. لا فقط لم تعترف بها الكنيسة أنها أناجيل بل فضحت أخطاءَها وبرهنت على أنها لا تنتمي الى المسيح. ومن جملة هذه الأناجيل الإنجيل العبراني المنسوب الى يعقوب الرسول والذي ترجمه القس والشيخ ورقة بن نوفل من العبرانية الى العربية لكي يطلع محمد على محتواه ، ومنه إستقى القرآن بعض الأمور منها أن مريم ولدت يسوع تحت شجرة النخلة ..الخ.

لقد ظهرت على مر التاريخ مؤلفات سمَّاها أصحابها ” أناجيل ” لخلق البلبلة ، ولاسيما لمنافسة الأناجيل الحقيقية والأصيلة. لم يترك أعداءُ المسيحية وسيلة لم يستعملوها لتشويه الحقائق المسيحية بغية القضاء عليها ، أو أقله إبعاد الناس من تبَّنيها. ظهر من هذا القبيل إنجيل جديد في القرن الرابع عشر الميلادي، بين سنة 1300 و1350 م، في ايطاليا كتبه يهوديٌ تظاهر بالأهتداء الى المسيحية وترَّهب. ولما تضَّلع من تأريخ المسيحية وعقيدتها جحد المسيحية وأسلم ، اسمه مصطفى العرندي، وألَّف كتابا دعاه ” إنجيل برنابا ” أرادَ من ورائه القول بأن يسوع ليس هو المسيح ، بل محمد هو المسيح. وبهذا ضربَ الديانتين ببعضها. لكنَّ الأخطاء التأريخية التي وقع فيها فضحته و كشفت زيف مُؤَّلَفِهِ ودجله ، فلم يعترف به حتى ولا العلماء المسلمون بأنه صحيح أو ينفع. روَّجت له الصهيونية وعملاؤُها العنصريين والمتعَّصبين ، لكنهم لمْ يحصدوا غير الفشلْ.

يهـوذا وخـيانَــتُه !

و تزويرة أخرى على غرار سابقتها. أما إخراجُ الروح الطاهرة من الجسد الفاسد فهذه أيضا بدعةٌ أعلنت الكنيسة فساد تعليمها. لأنَّ الجسد ليس فاسدا حتى تتحرَّر منه الروح. الله هو خالقُ الروح والجسد. كيف نفخ الله روحه في الجسد لو كان الجسد سجنا عفنًا دنسًا حتى تتخلص منه الروح؟. أما قال الكتاب ” رأى الله أنَّ كلَّ ما صنع كان حسنًا جدًّا ” (نك 1: 31)؟. إدَّعى كثيرون أن َّ الجسد وما للجسد سَّيءٌ وفاسد فحرموا على المؤمن بسبب ذلك المشروبات وحتى الزواج (1طيم4: 3؛ رؤ2: 15). إنهم المعلمون الدجّالون الذين يُحَّذر منهم بطرس (2: 1-3)، والأنبياءُ الكذبة الذي حَّذر منه يسوع (متى 24: 11). وكيف تأنَّسَ الله وأخذ ” جسدًا” إن كان الجسد دنسًا؟ هل فقط حتى يعطي الفرصة ليهوذا أن يقتني مالا مقابل تحريره من الجسد الذي يكون قد توَّرطَ وحلَّ فيه؟.

هل هو يهوذا الذي فكَّرَ كذلك؟ أم هم يهوذا كل العصور، لاسيما عصرنا، الذين يفكرون كذلك ويُشَّوهون الحقيقة ويُبَّررون الجريمة ؟. إذا كان يهوذا قد نوى تخليص روحِ يسوع الطاهرة من جسده فلماذا تنَّدمَ على فعلِه وقتلَ نفسَه وأهلكَ روحه في جسدِه؟. ومن عَّلمَه أن الموتَ يُحَّررُ الروح من الجسد؟. أ لم يسمعْ قط أنَّ المتصوفين من كل الشعوب، لاسيما الهنود، يمارسون طقوسا روحية وتقشفات بحيث تبرزُ أعمال الروح مقابل إضمحلال الشهوات والملذات الحسية؟.

ثمَّ إنَّ يهوذا لم يتفق مع الرومان ليُسَّلم يسوع اليهم. بل ذهبَ ” الى الأحبار وقال لهم: ماذا تُعطوني لأُسَّلمَه اليكم ؟. فجعلوا له ثلاثين من الفضة. وأخذ من ذلك الحين يترَّصدُ فرصَةً ليُسَّلمَه “(متى26: 14-16). ولا سَّلمَه ليُنقِذَ روحه الطاهرة من جسده. الأنجيل واضحٌ وصريح :” كم تعطوني “؟. إنه الطمع الذي دفعه الى الخيانة. وهذا واضح وضوح الشمس. فإنه حتى عندما سكبت المجدلية العطرَ على جسم يسوع إعترض يهوذا وتظاهر بآهتمامِه بالفقراء وطالبَ بأن يتصَّدقوا به عليهم. لكن الأنجيل يقول:” ولم يقُلْ هذا لِعطفِه على الفقراء . بل لأنه كان لِصًّا وكان مؤتمنًا على صندوق الدراهم فيختلسُ ما يُدفعُ فيه ” (يو12: 6).

هكذا ينفضحُ أعداءُ المسيحية وينكشفُ دجلهم بجهلهم في تلفيقاتهم المناهضة لحقيقة الأنجيل. شأنهم أن يشَّوهوا الحقيقة ليخدعوا الناس ويُبعدوهم عن المسيح فيهلكوا. ولكن لا ينخدعُ بهم غير الجهلة من الناس، الذين عوض طلب الحقيقة من مصدرها يطلبونها عند الأغبياء، كمن يطلبُ نور الشمس داخل مغارةٍ مظلمة!.

القس بـول ربــان