أهلا وسهلا بالأخت نسـرين هـرمز. سألت الأخت نسرين :
# ما هو تفسيرُك لثمار الروح ؟ غلاطية 5: 22-23 !
حتى نفهم ونُفَّسِرَ ما كتبه مار بولس في هذه الآية يجبُ أن نتبعَها بقراءَةِ ما يليها. ثم نعيدَ قراءة ما سبقها في الآيات 5: 19-21. يكتُبُ مار بولس لأهل غلاطية. وقد ضاقَ بهم ذرعًا ، حتى نعَتهُم بـ ” الأغبياء” وَ آستنكرَ عليهم أنهم يعودون الى عاداتهم وعقائدهم اليهودية ، رغم أنهم قد آمنوا بالمسيح، ونفذ صبرُه فصاحَ بهم :” أَ بَلَغتْ بكم الغباوةُ إلى هذا الحد؟ أ تنتهون بالجسد بعدَما آبتدَأتم بالروح” ؟ (غل3: 1).
ثم يشرحُ لهم كيف أن أعمال الشريعة الموسوية لا تُخَّلصُ الأنسان. بل الأيمان بالمسيح. إنَّ شريعة موسى حرفية وتهتم بشؤون الجسد. بينما شريعة المسيح روحية ترفعُ الأنسان الى مستوى السلوك الألهي. اللهُ حُّرُ وكذا الأنسان. الله محَّبة وكذا الأنسان. والمسيح حَّررنا من سطوة الشهوات الجسدية وعلمنا بل أوصانا أن نسلك سبيل المحبة ، أى سبيل الروح. ولهذا وَّصى الغلاطيين بهذا قائلا : ” أُسلكوا سبيل الروح ، ولا تقضوا شهوة الجسد. لأنَّ الجسدَ يشتهي ما يخالفُ الروح ..”(والعكس) (غل5: 16-17). وبعد هذا عَّـدَدَ ماذا يشتهي الجسد وماذا يشتهي الروح.
وبعدَ أنْ ذكرَ ثمارَ الروح أضاف:” و ما من شريعةٍ تَنْهَى عن هذه الأشياء”. بينما ذّيَّلَ أعمال الجسد بقولهِ :” وأُنَّـبِهُكم، كما نَبَّـهْتُكم من قبلُ، على أنَّ الذين يأتون بمثل هذه المنكرات لا يرثون ملكوتَ الله ” (آية 21). لأنَّ هذه الأفعال يشتهيها الجسد ويُلَّبي الأنسان رغائبَ الجسد. بينما ثمارُ الروح لا تنبعُ من الجسد، وليست من مطاليبِه. وإذا آرتاحَ المرءُ الى أعمال الجسد قليلا فسريعًا يفقدها ويشتهيها من جديد. بينما يرتاحُ الأنسانُ إلى ثمار الروح. لأنها تنبعُ من مصدر ثابت لا يزول, إنها من فكرِ الله ـ الذي هو روح ـ ومن حياتِه ومشيئتِه. إنها تتماشى مع طبيعةِ الروح الأنسانية التي هي بدورها ” نفخةِ نسمة حية ” من روح الله. لهذا أكَّد مار بولس على أننا إنْ شئنا أن نتنعَّمَ بالحياة المريحة علينا أن ” نقتفيَ آثارَ الروح “(آية25) وأن نسلكَ سبيلَ الروح (آية 16)، أى أن نقتديَ بالله (اف 5: 1-2)، و أنْ نتخَّلقَ بأخلاقِ المسيح (في2: 5) ونسلك درب المحبة كالمسيح (أف5: 2؛ 1كور13: 1-13؛ 14: 1). فالمحبة تختصرُ الشريعة والأنبياء (متى22: 40؛ رم13: 8-10).
كل هذا لأننا روح وجسد. أما الجسد فيعود الى التراب الذي منه جُبِلَ ويفسد. وأما الروح فيعودُ الى الله الذي منه خرج (تك2: 7).هكذا فعل يسوع قبل أنْ يموت على الصليب، قال : ” يا أبتاه ، بين يديكَ أستودعُ روحي”. وسَّلمَ روحَه الى خالِقِها.
فثمارُ الروح هي إذن السلوك الأيماني المسيحي الذي نقبله ونتبعُه في حياتِنا ، والذي من المفروض أن نتبنّاهُ ما دُمنا نحن صورة الله ، وما دُمنا قد إعتمدنا بآسم المسيح وقبلنا مثله أن ننصلبَ عن العالم ، أى نتجرَّد ونتخلى عنه (غل6: 14)، ونميتَ بالروح أعمالَ أجسادِنا (رم8: 12-13) لنحيا منقادين الى روح الله وصائرين أبناءَ حَّقيقيين له، وارثين مجدَه.