اليوبيل المِئَوي لتاسيسها
لماذا تأسست ؟ وماذا يمَّيزُها عن مئات الأخويات ؟
لنا أنواع الأخويات تختلف عن بعِضها. كلها تساعد على الدخول في إطار حلقة الخلاص. منها بالسجود لله. غيرها بالعبادة والصلاة. غيرها بالتعليم. غيرها بمد يد العون للمحتاجين. كلُّها تحاول ان تعيش فتحَّقق الفضائل الألهية والمشورات الأنجيلية. أما اللجيو ماريِّى فتختلف عن كلها: عبادتها ، وسلوكها وهدفها أومطلبها أن يدخل المسيحي
” سِّرَ الكنيسة “. الكنيسة جسد يسوع المسيح. كلُّ المعمدين أعضاءٌ في هذا الجسد ” يسوع الرأس ونحن الأعضاء .. كلُّنا تعمَّدنا بروح واحد (الروح القدس)، لنكون جسدًا واحدًا ، و آرتوينا من روح واحد” (1كور12: 12-13، 27). هذا الجسد يعمل بإمرة الرأس ويُتابع عمل يسوع الذي بدأه في فلسطين وسلمَّه إلى كنيسته/ جسده لتتابعه فتوصل نور الخلاص الى كل الناس وتساعد كلَّ المحتاجين وتغيثَ المتألمين عبرالأجيال. فلا يتوقف عملُ يسوع.
الجسد كلُّه في المعركة على الخط الأمامي يحمي الأيمان المستقيم ويقَّيم الأخلاق وينَّورُ لها أعضاءُه بحياتهم وسيرتهم: بالمناداة ، والقدوة، وتنوير الآخرين ، ولاسيما بإغاثةِ الضعفاء منهم والمجروحين بسهام الخطيئة.
فأن نعَّلم الحق ، من واجبنا. وأن نعيش في الحَّق، من واجبنا. ونعين الناس الضالّين للعودة الى الحق والفضيلة ، أيضًا من واجبنا. وعليه تاسست اللجيو ماريِّى. شعر المؤسس فرانك دوف بخطر الشر الذي يسري في جسم الكنيسة بسلوك بعض المسيحيين ، أعضاء جسد المسيح، درب الرذيلة. فشعر أنه من واجبه وواجب رعيتِه أن يتداركوا الأمر ويعملوا من أجل إصلاح الوضع. كما فعل قبل عقدٍ البابا بندكتوس 16 شرفًا، وفرض سنة توبةٍ على نفس كنيسة ايرلندا بسبب البيدوفيليا المنتشرة هناك. إستشار فرانك دوف أصدقاءَ له وفكروا ما العمل للقضاء على بؤرة الفساد، وصلوا طالبين أنوار الله وعونه، وأعلموا بذلك وبما إرتأوا رئاستهم الكنسية. فكروا أن الحلَّ تشكيلُ جيشٍ من العلمانيين المتطوعين للعيش في القداسة وتنبيه الضالّين وترتيب ما يتطلب لآنقاذ المتورطين في الفساد وإعادتهم الى درب البر. و أيَّدتهم السلطة الكنسية.
قامت هكذا أول جمعيةٍ أخوية ، في دبلن ، متكونة من علمانيين في تأدية شهادتهم للمسيح بالعمل من أجل خلاص الآخرين وليس خلاص الذات فقط. لقد ألهم الروح القدس العلمانيين أن التبشير بالحق والعيش في البر والعمل لخلاص الناس ليس حكرًا على الأكليروس والرهبنات ، بل هو واجب كل معَّمد بآسم المسيح. وليس خفيًا أن الكنيسة المؤَّسسة الرسمية التي كانت تبعد العلمانيين عن البشارة والعمل الراعوي ، فترةً غير قصيرة، بدأت تستقبل أنوار الروح القدس وتشَّجعُ المؤمنين على العمل الرسولي.
وهكذا قرر المجمع الفاتيكاني الثاني وثيقة خاصة بدور العلمانيين في تادية رسالة المسيح الخلاصية. وكان فرانك دوف أحد العلمانيين القلائل الذين إشتركوا في جلسات المجمع. كان العلم والقداسة ، في فترة من تاريخ المسيحية ، محصورًا بين الأكليروس والرهبنات. أمَّا الآن وبعد تأسيس اللجيو وقطف ثمار نشاطها تأكدت الكنيسة أن العلماني رسولٌ فيها بفعل عماده فواجبه ودوره في العمل لخلاص العالم لا يقُلُّ قوَّة و ضرورةً عن رسالة البابا والأساقفة والكهنة والشمامسة. العالم لا يستسيغُ الإكليروس، ولا يرتاحُ الى سلطة الكنيسة المؤسسة. أمَّا العلمانيون فلا يقُلُّ شأنهم عن غيرهم في بناء المجتمع الأنساني، ومُعتَرَفٌ به كما بدور الملحد. فبات دوره في المقدمة للتوجيه الخُلُقي خاصّةً ، بسلوك أخلاق مسيحية سليمة بوعيٍ ، شهادةً للعالم أن شريعةَ المسيح هي خلاصُ العالم لا العنف ولا الكره ولا العِداء، بل المحبة والغفران والألتزام بكلام الله. الحرفُ يقتل، الشهوة تميت، أمَّا نور الحياة فمن عند الله.