أهلا وسهلا بالسائل الكريم
تساءَل الأخ عما إذا كانت العادة السرية خطيئة في الكنيسة الكاثوليكية!. لأنَّ الكتابَ المقدس ،على حد تعبيره، لا يذكر ما إذا كانت حرامًا أم لا !
الكتاب يفيد في التعليم والتفنيد والتقويم ! 2طيم3: 16
إنَّ تعليم الكنيسة مبنيٌّ على الكتاب. والكتاب يدينُ كل فعل أو فكر شاذ عن طبيعة الأشياء. الجنس بطبيعته أمر حسن، لكن طرق إستعماله تجعله صحيحًا أو سَّيئًا. وآستعمالات عديدة للجنس مُدانة في الكتاب. بل لا يُبررُ الكتاب من إستعمالات الجنس إلا الذي يتم بين زوجين شرعيين يؤول الى خير الزوجين والى تمديد الحياة. أى عدم وضع عائق في أن تتم العلاقة بينهما بشكل طبيعي. وكلُ شيء حرمَه الكتاب لأنه يخالف طبيعة الأفعال وإرادة الله تَعتبره الكنيسة ” سَّيئًا “. وكلُ أمر سَّييء يُعتبر خطيئة ، بغَّض النظر عن جسامتهِ أو بساطته. و السوءُ مُحَّدَدٌ نسبة إلى نية الفاعل وإلى نتائج الفعل. فهذا يوحنا الرسول يُمَّيز بين خطيئة مًميتة أي التي تعزلُ الأنسان عن الله فتُميتُه روحيًا، وبين غير المميتة التي تنَّجسُه فقط دون أن تُميته روحيا إنما تضعفُ فيه حميمية العلاقة مع الله وبالتالي قد تقوده في النهاية أيضًا الى الموت الروحي. يقول :” كل معصيةٍ خطيئة.. هناك خطايا تؤدي الى الموت.. ولكن هناك من الخطايا ما لا يؤَّدي الى الموت” (1يو5: 16-17).
وذكر مار بولس أنَّ الشريعة لم تُسَّن للأبرار بل للخاطئين. وذكر من بين الخاطئين ” الفاسقين والفجار ومستبيحي المحَّرَمات أو منَّجسيها والزناة واللوطيين الفاحشين وكل من يخالف التعليم السليم “(1طيم1: 9-10). يُضيف عليهم “الذين يؤثرون اللذة على الله “(2 طيم3: 4)، و” أعمال الجسد ومنها الدعارة وما هو ضد العفاف ” (غل5: 19-22). وقد تكون العادة مثل الدعارة ” فساد البصيرة التي تقود إلى كل مُنكَر” التي صنفها الرسول بين الخطايا (رم1: 24-31).
تعليم الكنيسة الكاثوليكية !
قال الرب :” قيل لكم : لا تزنِ. أما أنا فأقول لكم: كلُّ من نظر الى إمرأةٍ ليشتهيَها فقد زنى بها في قلبه “(متى5: 27-28). عليه تعلم الكنيسة أنَّ المسيحي، كل مسيحي بل وكل إنسان، مدعُّوٌ بطبيعته الى العيش في طهارةِ السيرة. وعن الطهارة تقول :” هي فضيلة أخلاقية . و هي أيضا عطيةٌ من الله ، ونعمةٌ، وثمرة العمل الروحي. والروحُ القدس يولي الأقتداءَ بطهارةِ المسيح لمن أعادَ ماءُ المعموديةِ ولادتَهُ ” ( التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، رقم 2345). و تضيفُ بأنَّ الطهارة ” تعني إندماجَ الجنس الناجح في الشخص، وبذلك وحدة الأنسان الداخلية في كيانه الجسدي والروحي. والجنسُ، الذي فيه يظهرُ تعَّلقُ الأنسان بالعالم الجسدي والحيوي ، يصيرُ شخصيًا وإنسانيًا حَّقًا عندما يندمجُ في العلاقة بين شخصٍ و شخص، وفي عطاءٍ متبادل كامل وغير محدود في الزمن بين رجل وإمرأة. فضيلة الطهارة تتضَّمنُ إذن الشخصَ بكاملِه والعطاءَ بتمامِه” (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية ، رقم 2337).
وتُصَّنفُ الكنيسة الأفعال المسيئة الى الطهارة بـ ” الفجور، الأستمناء، الفسق، الأباحية ، البغاء، الأغتصاب والدعارة أو اللواط والفحشاء”. وعن الأستمناء، أو العادة السرية، تقول : ” يُقصدُ بالأستمناء الإثارة المُتعَّمَدَة للأعضاء التناسلية للحصول منها على اللذة الجنسية. إنَّ السلطة التعليمية في الكنيسة، كالحس الأخلاقي عند المؤمنين، قد أكَّدا دون ترَّدُدْ، في سياقِ تقليدٍ ثابتْ، أنَّ الأستمناء هو عملٌ مخالفٌ بحَّدَ ذاتِه مخالفة جسيمة للنظام الأخلاقي. إنَّ الأستعمالَ المتعَّمَد للطاقة الجنسية خارجَ نطاقِ العلائق الزوجية العادية يتعارضُ وغايتَها ، مهما كان السبب. فالمتعة الجنسية تُقصَدُ فيه خارجَ نطاقِ العلاقة الجنسية التي يقتضيها النظام الأخلاقي، والتي تُحَّقِقُ ، في إطار حُبٍّ صحيح، المعنى الكامل للعطاء المتبادَل و الأنجاب البشري” (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية ، رقم 2352).
وتلاحظ الكنيسة هنا أنه ربما لا يبلغ الخطأ مستوى القطيعة مع الله ، أى يبقى خطيئة عرضية في حالاتٍ معينة، فتقول : ” لتكوين حكمٍ منصِفٍ في مسؤولية الأشخاص الأخلاقية ، ولتوجيه العمل الراعوي، يجب الأخذ بالأعتبار عدم بلوغ النضج العاطفي، وقُوَّةَ العادات التي تعَّوَدَها الأنسان، وحالة الضيق، أو العوامل النفسية والأجتماعية الأخرى، التي تُنقِصُ بل تُنهكُ المسؤولية الأخلاقية ” (الرقم المذكور).
مع ذلك لا تنسى الكنيسة أن تذَّكرَ أبناءَها بالموقف الصحيح فتقول :” الطهارة تعني إستيعابَ الشخص للطاقة الجنسية. وتقتضي تعَّلُمَ السيطرة على الذات ” (رقم 2395). وتتبعه بما يلي :” يجبُ أن نذَّكرَ بين الخطايا المخالفة مخالفة جسيمة للطهارة: الأستمناء، والفسق،والأباحية ، والممارسات اللواطية ” (رقم 2396).