تتلى علينا اليوم القراءات : قض13: 2-24 ( أو تك18: 1-15) ؛ أف3: 1-9 ؛ لو1: 57-66
القـراءة : تكوين 18: 1 – 15
يتراءى اللهُ لآبراهيم بشكل ثلاثة أشخاص، ويتمُّ الحوارُ بينهم تارة بالمفرد وكأنهم شخص واحد وأخرى بالجمع. يستضيفهم إبراهيم ويُخبرُ اللهُ بأن سارة ستلدُ بعدَ سنةٍ إبنًا. تستغربُ سارة لأنها عاقر وتعتبرُ الخبر مزحًا، لكن اللهَ يُعلن لها قدرته ويُصِّرُ على ما أنبأَ به. القـراءة البديلة : قضاة 13 : 2 – 24 :– تقُّصُ خبر ولادة شمشون الجَّبار من والدين عجوزين، مع عُقر الأُم. إنَّهما باران. والطفلُ يكون نذيرًا لله أي مُكَّرَسًا له، وعلامةُ ذلك عدم قصِّ شعرِه، و تجاوبًا مع مشيئة الله تتقَّيدُ الأُّمُ بشريعةِ الله من ناحية الأطعمة المُحَّرمة عليها.
الرسالة : أفسس 3 : 1 – 9
دعا اللهُ بولس وأرسله خصّيصًا ليُبَّشرَ الوثنيين بأنَّهم شُركاءُ اليهودِ في ميراثِ الله وأعضاءُ شعبِه ولهم نصيبٌ في الخلاص. هذه مشيئة الله وسِّرُ فعلِه. فيدعو الرسولُ إلى فهم هذا سِّرِ المسيح، إذ يتساوى فيه كلُّ الشعوب، لأنَّهم مدعوون جميعًا الى العودة الى الفردوس المفقود والتمتُّع بمجد الله وخيراتِه. وهذا يتطلب المحَّبة، و هي توَّسعُ أفاقَ الأنسان بمقدار سِعة الله. ولادة يوحنا وتسميتُه وشفاءُ زكريا من خرسِه. و خبرُه أَذهلَ وحَّيرَ كلَّ من سمع به فتساءل :” ما عسى أن يكون هذا الطفل. يدُ الرَّبِ معه”.
شمشون .. و.. يوحنا !
قدَّمت لنا القراءات شخصين بارزين في التدبير الخلاصي : شمشون ويوحنا. يستشدُ كلاهما ، مثلَ المسيح، الأولُ من أجل إنقاذ شعب الله والثاني دفاعًا عن الحَّق. أنقذ شمشون شعبَهُ ، حوالي 1100سنة ق.م، وحَرَّرَه من إِستعمار أعدائِه مُعيدًا إِيَّاهُ إلى حفظِ شريعةِ الله. اللهُ هو المنقذُ والمُحَّررُ والمخَّلصُ وليس الأنسان، لكنه يفعلُ ذلك على يد الأنسان. سيكون شمشون صورةً للمُخَّلص الألهي الموعود، ويحفظُ شريعة الله، رغمَ ضُعفِه البشري وبعضِ تصَّرفاتِه العاطفية اللاواعيةـ التي سيدفعُ ثمنها غاليًا. أمَّا يوحنا فسيكون المعاصرَ للمسيح فيكشفُ للناس هويَّتَه الحقيقية، ويُعَّرفُ بوجهه الأنساني ليؤمنوا به ويسمعوا كلامه.
الشهيدة لوسيا
في السويد، يُعَّيدون دينيًا ومدنيًا للقديسة الشهيدة ” لوسيا ” يوم 13/ كانون الأول { أي قبلَ يومين}. لقد دخلت الأحتفالاتُ المدنية بذكراها في صلبِ التُراث الأجتماعي القومي، حتى تختارُ سنويًا كلُّ مدينة عروستها ” لوسيا ” وتوَّشِحُها بالأبيض، وتتَّوجُ رأسها بإكليل من ورود تعلوهُ شموعٌ مُضاءَة، وتُروى قصَّتُها لطلاب المدارس. إنَّها فتاةٌ وثنية، من سيراكوزا في صقليا الإيطالية. عاشت في نهاية القرن الثالث الميلادي. كان لعائلتها مركزٌ إجتماعيٌ مرموق. كانت حسناءَ مخطوبة لشّابٍ ثري مِن عَلِّيةِ القوم. مرضَت أمُّها وعجز الأطباء عن شفائها. وفي لهفة الفتاة في أن تنقذَ امها التي تحبها كثيرا، ولا معين لها غيرُها، وفي غمرةِ بحثها عمن يستطيع إغاثتها تعَّرفت على المسيحية وآمنت بيسوع المسيح وآعتمذت. آمنت أنَّ يسوع قادرٌ على شفائها. لم تترَّدَدْ في اللجوءِ إليه وصَلَّت بحرارة وثقة ومحَّبة رفيعة وبإلحاح. جاءَها الجوابُ السماوي :”سأُشفي أُمَّكِ. إنَّما أُريدُ منك أن تبَّشري بآسمي وتُخبري عَّني”. وكان إضطهادُ المسيحيين قائمًا على قدمٍ وساق، يُقتلون بدون رحمة. طلبَ منها يسوع أيضًا أن تُكَّرسَ قلبَها له وحدَه ولا تتزوج. سُرَّتْ لوسيا بشفاءِ أُمِّها. وكرَّستْ، كما وعدت الله، ذاتها كلَّها له ولأعلان اسمِه ورسالتِه. وعافت خطيبَها ورفضت الزواج. و بعد إلحاحٍ شديد عرف خطيبُها أنَّها قد تنَّصرت ولاحظ نشاطها في التبشير بيسوع. ولمَّا أبتْ التراجعَ عن قرارها والإنصياعَ له إشتكى عليها فسجنوها وعَذَّبوها. وإذ رفضتْ إنكارَ المسيح حكموا عليه بالحرق. شَدّوها إلى عامود، وحوَّطوها بالحطب والمواد المشتعلة و أشعلوا فيها النار. لكنَّ النار لم تمُسَّها بأذى. وعند ذلك، وفي ثورة غضبٍ وحقدٍ عارمتين ، هجم عليها أحدُهم وطعنها برمحٍ فقتلها.
مات شمشون لأنقاذ شعبه من الظلم، ومات يوحنا دفاعًا عن الحَّق، وماتت لوسيا لأيمانها و شهادتها للحق. لقد أقام اللهُ في كلِّ زمان في العهد القديم والجديد شهودًا له وقديسين وشُهداء ليُعيدوا الى ذاكرة البشر أنَّ خلاصَهم ليس لا بالعنف ولا بالثورات الدموية، بل بقربهم من الله وآتكالهم عليه. وإذا سفكوا من أجل الحَّق، مثل هؤل اء الشهود الثلاثة، دمًا بريئًا فليس نافلاً ولا شَاذًّا بل إقتداءٌ بيسوع الذي سفك دمه على الصليب شهادةً للحق والمحبة. وما أصلُ الشر سوى في آبتعادِ الأنسان عن الله وضلالِهِ، و وقوعِه عندئذ في كلِّ شَّرٍ وفساد و شقاء. هؤلاء الشهداء أبطال الأيمان درسٌ للثباتِ على تعليم الله وحفظه.
اسم يوحنَّا ودلالاتُه !
” يَهْ حَّنان “، الله رحوم أو الله ترَّحَم. لم يَقْسُ الله ضدَّ شعبِه ناكر الجميل وعديم المحبة لخالقه ومُخَّلِصِه. بل لم ينسَ ما وعدَ به الأبوين الأولين والآباء إبراهيم وداود بأن يُقيمَ للبشرية مُنقِذًا يُحَّررُها من قبضة عدُّوها ويعيدَها الى مجدها الأول ، الى فردوس سعادتها. لقد آنَ أوانُ تحقيق هذا الوعد. فاللهُ أمين لوعوده ولا ينكثُ بعهده، حتى لو نكث الأنسان بالعهد من طرفه. كلمة الله أزلية وأبدية لا تتغَيَّر لأنها الحَّق، وتتحَّققُ وتكتملُ مهما طالَ الزمن أوعرقلَها الناسُ (اش55: 10-11). لا تتعَلَّقُ خطَّة الله بتصَّرفات البشر. بل بما نواه هو نفسُه وشاءَ أن يجريه. تمامًا كما يتصَّرف أبٌ مع أولاده. قرارُ الأب لا يستندُ إلى مواقف أولاده بل ينبع من محَّبته هو ورغبته وإمكانياتِه. واللهُ أبٌ محّبٌ ، حنونٌ، رحومٌ ورؤوف. و ما يوحنا سوى دليل ٍ وشاهدٍ لهذه محَّبةِ الله ورحمتِه.
شخصيةُ يوحنا !
لن يدرسَ يوحنا على أيدي معلمين كبارليُغريَ الناسَ بعِلمِه. ولن يحميه مرافقون مسَلَّحون حتى يُهَّددَ من لا يطاوعه رغباتِه. ولا منصبَ له، لا دينيًا ولا دنيويًا، حتى يصدرَ الحكمَ على من يريدُ التخَّلصَ منهم. بل ولا يمتلك من حُطّام الدنيا دارًا تحويه. فهو يفترشُ البراري ويلتحِفُ االسماء. ولا يقتني من مال الدنيا ما يسُّدُ به رمقَه و يُوَّفر حاجاتِه، بل يقتاتُ على” الجراد وعسل البر” ويكتفي بجِلدٍ يلُّفُه على حقويه. مع ذلك قال الأنجيلُ عنه ” وكانت يد الرب معه ..ويُدعى نبّيَ العلي”. وسبق لوقا فذكر أنَّ الملاكَ أكَّدَ لوالده زكريا بأنَّه ” يكون عظيمًا عند الرب، وسيمتليء من الروح القدس”. وأكَّدت أُمُّهُ إليصابات أنَّه تمَّ فعلا ذلك وهو ما زال في بطنها (لو1: 41-42).
إنَّه إختيارٌ من الله وتكليفٌ فإرسالٌ منه. ولم يقُم هذا الإختيارعلى ما فعله يوحنا وآمتاز به من صفاتٍ وميزات خارقة. بل قبل ما يولد منحَه الله مواهب وآمتيازات تعينه لأداء المهّمة المُكَلَّف بها، لأنه ينطقُ بآسمِه. وسيُؤَّكدُ يوحنا نفسُه لاحقًا ذلك عندما يقول:” لا يأخذُ أحدٌ شيئًا إلا إذا أعطته إِيَّاهُ السماء” (يو3: 27). فيوحنا عظيمٌ عند الله وعظيمٌ به. ولن يترَّددَ يسوع في أن يؤَّكدَ بأنَّه :” لم يظهرْ بين مواليد النساء أعظمُ من يوحنا المعمدان ” (متى11: 11). وفي كل عصرٍ يختارالله رجالَه وشهودَه ويقيمهم بين الناس ويُزَّودُهم بالنعمة الخّاصة لأداء ما يُكَّلِفُهم به. إنها نعمة مجّانية لم يستحِقها الأنسان تكملُ عمل الله.
رسالة يوحــنا !
أمَّا رسالتُه فهي كتابية، سبقَ وتنبَّأَ عنها الأنبياء. آخرُ نبوءَةٍ في العهد القديم تقولُ على لسان ملاخي :” ها أنا أُرسلُ إليكم إيليا النبي، قبل أن يجيءَ يومُ الرَّبِ العظيم، فيُضالحُ الآباءَ مع الأبناء ” (ملا3: 23-24). رسالة مُحَّدَدة بما عزاهُ الله الى إيليا. لذا سيقَ لوقا وقال ” إنَّ يوحنا يسيرُ أمام الرَّب بروح إيليا النبي وقوَّتِه”. وأكَّد يسوع نفسُه الأمرَ :” إذا شئتُم أن تُصَّدقوا فآعلموا أنَّ يوحنا هو إيليا المُنتَظر” (متى11: 14).
وجهُ الشبَهِ كبيرٌ بين إيليا (1مل17: 1-2مل2: 18) ويوحنا في فقرهما، وقداستهما الفطرية ، وغيرتهما العارمة على الحَّق، ورفضِهما القاطع والحَّدي للجمع بين الأيمان و الكفر وبين الله والصنم. ولم يكن جهادُهما ضِدَّ إنحرافِ الشعب بل ضدَّ إنحرافِ الحُّكامِ و القادةِ. وكانت رسالتُهما المشتركة إعادة الوضع بين الله والأنسان الى طبيعته، كبين الأبِ و الأبناء. وكما كانت رسالةُ إيليا أن يُعيدَ الشعبَ إلى معرفةِ الله وطاعتِه ليتمَّتع بخيراتِه و نعيمِه، هكذا جاءت رسالة يوحنا إلى التمهيد لمعرفة المخَّلص الموعود الآتي إلى العالم وكشف وجه الله الحقيقي للناس، والتتلمذ له. هكذا قدَّمه اشعيا (اش40: 3)،وعَرَّفَ يوحنا هويته (يو1: 23؛ متى3: 3).
فرسالة يوحنا أن يكشفَ الوجه الحقيقي للمسيح، ويُزيلَ عن أذهان اليهود الصورة المُشَّوَهة والمُزَّيفة التي حلموا بها، ضدَّ ما قصدَه الله. إنَّهم لم يفهموا الكتب (يو5: 38-47). يوحنا يسبقُ المسيح ليَدُّلَ الناسَ على شخصِه. ويُهَّييءُ الطريقَ للمخلص فيبدأ بدعوة الناس الى تغيير سلوكهم وآرائِهم المُلتوية، والى التوبة عن شرورهم. يُفَّرغُ الكأسَ من العِكر القديم ليملأَها بالخمر الجديدة (لو5: 37-38). يبدأ كرازته بالدعوة الى التوبة، ومعموديتُه هي الدليل و الطريق إليها (لو3:3). وهكذا يُمَّهدُ طريق التوبة ليُحَّققها يسوع الذي أعلنها بابًا للعودة إلى الملكوت (متى4: 17). فليس المسيح مُحَّررًا سياسيًا أو مهندسًا إقتصاديًا، بل هو مُحَرِّرٌ روحيٌّ من نير الخطيئة ومُؤَّسِسٌ لمملكة الله على الأرض. أما الإستعمارُ والظلمُ و الأستغلال فليسوا سوى بناتٍ للخطيئة. وإذا سقطت إمبراطورية الخطيئة سقطت معها سواعدُها. هذا ما يُعلنه يوحنا مُشيرًا إلى يسوع قائلا :” هذا هو حملُ الله الذي يرفعُ خطيئة العالم ” (يو1: 29).
طـوبى لمن لا يَشُّكُ فيَّ !
ذكرَ متى عن يوحنا انَّه أرسلَ من السجن تلاميذَ له يسألُه :” أَ أنتَ الآتي أم ننتظرُ آخر” ؟ (متى11: 6). وآعتقدَ كثيرون ، حتى بعض مُفَّسري الكتاب ، أنَّ يوحنا شكَّ في مسيحانية يسوع. لأنَّ يسوع قال :” طوبى لمن لا يشُّكُ فيَّ”. لكن معطيات الكتاب تزيلُ كلَّ شَّكٍ أو وَهْمٍ من هذا النوع، ولا تتحَّملُ تفسيرًا من هذا القبيل. لأنَّ يسوع مدح يوحنا، بعد قوله المأثور، بشكل لم يفعله مع غيره، فقال أنَّه أعظمُ مواليد النساء!. وأنه لا فقظ هو نبي(لو1: 76)، بل أعظم من نبي. إنه مُرسلٌ من الله وبهدف أن يكشفَ هويته الأصيلة للناس. ونعته بـ” إيليا الذي يُنتظرُ رجوعُه” (متى11: 14)، وأنَّه كان “سراجًا مُتَّقِدًا مُنيرًا ” (يو5: 35). وشهد الأنجيل أنَّ يوحنا عرف يسوع حتى أبى أن يُعَّمده بل كان بحاجة إلى أن يعتمد هو من يد يسوع (متى3: 14-15) لأنه المسيح المنتظر. عرفه بالعلامة التي أعطاه الله (يو1: 32-33) فكشفَ هوّيتَه لتلاميذه وشخَّصَ رسالته وآعترف أنه عرفه وشهد له، فقال :” إنَّ الذي أرسلني أُعَّمدُ في الماء قالَ لي :” الذي ترى الروح القدس ينزلُ عليه فيستقّر، هو ذاك الذي يُعَّمِدُ في الروح القدس { والنار متى3: 11}. و أنا رأيتُه وشهدتُ أنَّه إبنُ الله ” (يو1: 33-43).
ليس يوحنا من شَكَّ في مسيحانية يسوع بل بعضُ تلاميذه الذين لم يتبعوا يسوع إذ لم يقتنعوا به لأنَّه لم يُبدِ أيَّ حركةٍ ثوروية بعدُ تقودُ الى تحرير البلاد من الأستعمار الروماني ، و تشكيل دولةٍ يهودية يقودها يسوع ويُوَّزرُ فيها القادة الدينيين ويُسيطروا على العالم. أولئك التلاميذ لم يشهدوا بعدُ أعمال يسوع ومعجزاتِه. إنَّه ما يزالُ في الأشهر الأولى من كرازته. ولمَّا لم يقتنعوا بكلام يوحنا، وآستمَّروا متعَّلقين بأوهامهم السياسية، أرسلهم الى يسوع ليروه ويسمعوا منه مباشرةً ويُعاينوا بأنفسِهم أعماله. وفعلا كان جوابُ يسوع بإجراءِ معجزاتٍ هي من أعمال الله مباشرةً ذكر الأنبياء أنْ سيُجريها المسيح (اش26: 19؛ 29: 18؛ 61: 1)، ذكَّرهم بها يسوع ثم دعاهم إلى الأيمان به قائلاً ” وطوبى لمن لا يشُّكُ فيَّ” ( متى11: 6)، كما ذكَّر اليهودَ عامَّةً بأنَّ أعماله تشهدُ له أنَّه المسيح (يو5: 36). وسيلوم يومًا شكَّ القادة فيه بأنهم ” لا يفهمون الكتب ” (يو5: 37-38). لقد إفتهموا ملوكية المسيح في بُعدٍ زمني محظ بينما ركَّزالكتاب على بُعدها الروحي كما صَرَّح يسوع أمام بيلاطس (يو18: 36)، وآعترفَ به بيلاطس ملكًا رغم صلبه:” يسوع الناصري ملك اليهود ” (يو19:19).
ليس إذن يوحنا من شَكَّ في هوية يسوع المسيحانية التي أعلنها بإيمانٍ وقناعة و” آستولى عليه الفرح ” لبشارة يسوع وآعترفَ فدعا سامعيه إلى الأبتعاد عنه هو وآتّباع يسوع الذي بيده مفتاحُ الحياة الأبدية ” (يو3: 28-36). إِنَّهم بعضُ تلاميذه، ومن سار في دربهم، الذين أغلقوا نوافذ حياتهم عن نور الحَّق الألهي لكي يُصغوا إلى تعاليم الناس ويتبعوا أحكامهم (متى15: 9). وتُعطينا هذه الأقوال، نحن الذين يقرأون اليوم الكتاب، ما يجبُ علينا أن نتَّخذه دستورًا لحياتنا. وبأمثلة الشهود الذين تعَّرفنا اليوم عليهم : شمشون، يوحنا ولوسيا والآخرين … يدعونا الرَّب إلى أن نعيَ رسالتَنا فنُعَّرفَ بيسوع المسيح مثل يوحنا، وننغارَ على إلَهِنا مثل شمشون، ونتمَّسكَ بإيماننا ونثقَ بالله ونُبَّشر به كلَّ الناس مثل لوسيا، ولا نبخَل بحياتِنا من أجل المسيح لأننا تلاميذه، وقد أنعم علينا بالخلاص فنشارك مجده وراحتَه. إننا في طريقنا إلى الأحتفال بعيد الميلاد. فتدعونا الكنيسة إلى أن نفتحَ أبوابَ فكرنا وقلبنا ليسوع المسيح فيجعلَ منا مقَّر سُكناه و مغارتَه المُفَّضلة ليولد فيها. ولن يتّم ذلك إلا إذا إنفتحَنا على الآخرين، وأحِبَبناهم وخدمناهم مثل يسوع ، وبناءً على طلبِه.