الأحد الأول للكنيسة

ميزاتُ بعض أيام آلأسبوع

1- الأحــد

إنَّه آليومُ الآقدسُ وآلأعظمُ ، لا يعلو عليه يومٌ إلاّ الذي يقعُ فيه عيدٌ ربَّانيٌ كالميلاد والدنح والصعود والتجلي والصليب، أيامُ أعمال اللهِ آلمُتَجَّسد، الرَّب يسوع آلمسيح. هو أولُ يومٍ إحتفلت فيه آلكنيسة ونظَّمت فيه عبادتها عوضًا عن آلسبت منذ عهد آلرسل، ومع إنطلاق آلكنيسة. وصلاتُه نموذجٌ لبقيةِ آلأيّام حتى لتلك آلأعياد. صلاتُه إحتفاليةٌ تنضحُ آلأيمان ، مبنيةٌ على كلام آلوحي، لتبنيَ حياةَ المؤمن. تحملُ إلى آلمصَّلي ما جاءَ في آلوحي وتُفَّسرُه لتقودَه الى معرفةٍ حقيقيةٍ لمشيئة الله. قالت ترنيمةٌ :” الموجودُ قبلَ كلِّ شيء صنع بأمره الخليقةَ كلَّها. ورَتَّبَها بوفرةِ نعمتِه لتعرفَهُ بواسطتها. فجعلَ جزءًا منها مرئيًا وجزءًا عقلانيًا. وربطها كلَّها بالإنسان. لتُقِرَّ أنَّ خالقَها واحدٌ، عَرَّفَ بحُبِّهِ على ذاتِه”. من خلالِ الصلاة  يتنوَّرُ إيمانُ آلمؤمن فيعرفُ ما هو صحيحٌ،” وما هو صالحٌ، ومَرْضِيٌّ، وكامل”.

فصلاة الأحد تُسَّبحُ الله وتمجِّدُه، تسجدُ له وتُكَّرِمُه، تحمدُه وتشكرُه، تعلنُ جلالَه وعظمَتَه، وتشهدُ لمَحَّبتِه ورحمتِه، وتسألُه وتستغفره. وتدعو النفسَ آلمؤمنةَ الى الثقةِ والرجاءِ والتوبة. تسمو بالروح لتفرح بنعم الله وأفضاله. وتدعو آلمُصَّلين إلى عبادة روحية، بالروح والحق، جاعلين من أنفسهم” ذبيحة حيَّةً مقَدَّسة مرضِيَّةً عند الله ” (رم12: 1-2)، لا عند آلناس. و رُتَبُهُ مُحاكةٌ بخيوط المزامير، وتأَّملاتُه تذوي بسيرة الآباء وآلقديسين وأخبارالكتاب آلمقدس . تجد كلُّ فئةٍ من آلمؤمنين في فقراته ما تصبو إليه وتبحثُ عنه، وما يسند مسيرتها نحو آلحياة آلأبدية. قللَّتْ من آلعواطِف وكثَّرَت من الحوار مع آلخالق. فآلأحد يومُ إختلاءِ آلمؤمن مع آلرَّب. إنَّه يومُ تقديس آلذات لنكون مُقَدَّسين في آلحَّق مع آلرَب وله.

في آلعهد آلقديم

الأحد هو اليوم الذي فيه تَجَّلت قداسة الله وفعلُه فخلقَ آلزمن، لتُقَدِّسهُ فيه آلكائنات التي كان على وشك خلقها لـ ” تُـمَدِّدَ صورته، وتعرفَهُ، وتُمَّجِدَه ، وتحيا مثله ، فتُحِـبَّهُ ، وتعمل مثلَه ، وتشتركَ في حياتِه ومجـدِه”. فآلأحد هو يومُ بدءِ آلزمن، ” آلواحد ” وآلأول، فيه أعطى اللهُ آلحياة للكون آلذي سبق فأوجده في حالة عناصر جامدة لكي تحيا وتتفاعل مع بعضِها و تضمنَ إمتدادَ تلك آلحياة للأبد. قال الله في آلأحد :” ليكن آلنور” (تك1: 3)، و” في الله آلكلمة كانت آلحياة. و حياتُه كانت نورَ آلناس ” (يو1: 4). ففي آلأحد بدأت الخليقةُ المادَّية آلأولى. بعدَه تتوالى الأيام : الأثنين ، الثلاثاء… إلى السابع الذي دعاه موسى، مصدرُ سفر التكوين،  عندما نظَّم آلحياة آلإجتماعية لشعب الله، ” السبتَ “،أي ” آلراحة (من أسبتَ ، السُبات)، و لأنَّ الله أوعز إليه تخصيصَ يومٍ للتوَّقُفِ عن أعمال آلجسد، وتخصيصِه لأعمال آلروح، لله ، للحديث إليه، في سماعه وعبادته. آلمادَّة، الجسدـ تتعبُ وتُؤْلم وتزول. بالمقابل الروح هو يُرَّيح ويُؤَّبد. و قد خلق الله الإنسان للراحةِ، أعطاه من روحه وأسكنه في الفردوس، ولم يُسكنه في صحراء للكَدِّ وآلشقاء. قال الله :” غدًا، اليوم السابع، عُطلةٌ، سبتٌ

                                                                        صَّلِ 115

 (راحةٌ) ، مُقَدَّسٌ له ” (خر16: 23). ثم رصده موسى في آلوصايا العشر:” أُذكر يوم آلراحةِ ، و كَرِّسْه لي” (خر20″ 8).

في العهد آلجـديد

وفي آلأحد جَـدَّدَ الله خليقته. فالله الكلمة الذي” به كان كلُّ شيءٍ، وبغيرِه ما كان شيءٌ ممَّا

كان ” (يو1: 3)، جَدَّدَ خليقته، التي تلَّوثت بالخطيئة وقتلت آلروح، ودفع ثمن آلخطيئة على آلصليب ، يوم جمعة آلآلام وكان قد صنع الأنسان آلترابي يوم آلجمعة (تك: 1: 26، 31)، ثمَّ قام منتصرًا على آلخطيئة وآلموت آلروحي، يوم آلأحد، الأول من آلأسبوع، وأفاض الروح على التلاميذ أولاً :” خُذوا آلروحَ آلقدس ” (يو20: 22) قبل أن يُفيضَه على البشرية كلِّها يوم أحدٍ/آلعنصرة (أع2: 3-12). فـفي  آلأحد أبتدأ عهد آلروح آلجديد (2كور3: 6)، لأنَّه ” إن كان أحدٌ في آلمسيح، فهو خليقةٌ جديدة : زالَ آلقديمُ وها هو آلجديد ” (2كور5: 17). فقد جعلَ الوثنيين واليهودَ إنسانًا واحدًا جديدًا، وأصلِحَ بينهما وبين آلله بصليبه ” (اف 2: 15-16).

وقد لبس المسيحيُّ آلأنسان آلجديد” الذي يتجَّددُ في آلمعرفة على صورةِ خالقِه” (كو3: 10) لأنَّه قد لبس آلمسيح نفسَه وصار معه إبنًا لله :” أنتم كلكم أبناء آلله بآلأيمان بيسوع آلمسيح، لأنَّكم تعَمَّدتُم جميعًا في آلمسيح، فلبستم آلمسيح ” (غل3: 26-27). لأنَّنا مع آلمسيح صُلِبنا ومتنا وقمنا بحياةٍ جديدة (رم6: 3-4). حياتنا هي حياة آلمسيح، ” فما نحن نحيا بعد، بل آلمسيح يحيا فينا ” (غل2″ 20).

أصبح الأحد ، بقيامة آلمسيح، أعظمَ آلأيّام وعيدَ آلأعياد. أصبح مركزَ الحياة، لاسيما الليترجية ، ركنًا للخلاص ونورًا للرجاء وملاذًا للمهَّددين بالهلاك. وقد تغَنَّى تعليمُ آلقيامة بأمجاده ومسَّراته ( ص 105-106). منها :

–         إنَّه يوم فرح. فهو اليوم الذي صنعه آلرب لنبتهج ونتهَّلل به  {1}

–         لا مثيل له ولا شبيه ، لا قبله ولا بعده.

–         يومٌ جديد ، نَـيِّر ، يحملُ بشرى آلأنتصار.

–         بكرُ كلِّ آلأيّام ، مواهبه زَيَّنت السماءَ وآلأرض.

–         لنتعانق بمحبة. لنقَّبل بعضنا بعضًا بمـوَّدة.

–         لنتبادل السلام ، كما أعطاه المسيح للرسل ، يوم القيامة.

–         صَـفِّـقوا … مَـجِّـدوا …  عَـظِّـموا … سَـبِّـحوا …

–         ويُحَّـيي آلواحد آلآخر بـ ” قيامةُ آلرَبِّ عليكم.

–         ويرُّدون عليه بـ ” وعليك القيامةُ وآلحـياة وآلتَـجَّـدُد “.

والصلاة الطقسية تصدي لهذا آلأيمان ومَيَّزت آلأحد عن بقية آلأيام. وتحتفلُ بذكرى موتِ آلرب وقيامته في آلقداس الذي جعلته مركزًا لآلتئام آلمؤمنين ونبعًا لآغترافٍ الحياة الآلهية.