أهلا وسهلا بالأخ فادي ألبيرت
ناقش الأخ فادي ” شخصًا من غير طائفة ” (!) عن قول آلمسيح :” من يؤمن بي يعملُ آلأعمالَ التي أعملُها، بل يعملُ أعظمَ منها ” (يو14: 12)، وقال عنهُ :” لم يكن أبدًا راضيًا عن هذا آلكلام. وكان مُصِّرًا على أنْ فقط آلمسيح هو من عملَ أعظم الأعمال. وختم كلامَه قائلاً : راح أُصَّلي لك حتى الله يُنَّوِرَ عقلَك “. ثم طرحَ سؤالَه :
+ هل هذه آلآية لها مفهومٌ آخر؟
+ هل يقصُدُ المسيحُ هذه آلمعجزات، أم شيئًا آخر ؟
صَدّقوني من أجل أعمالي !
يدور آلحديثُ عن الأيمان. ما زال الرسلُ يشُّكون في لاهوت يسوع. يطلبُ فيلبس أن يُريَهم آلآب، دليلاً على لاهوته وأنَّهُ ” الطريقُ، الوسيطُ الوحيد للوصول الى الآب “، رَدًّا على كلام يسوع ” لو كنتم تعرفوني لعرفتم أبي أيضًا “. فرَّدَ يسوع أنَّ أعماله ، ما يقوله ويفعلُه من ضمنها المعجزات، هي تشهدُ على أنَّه الله. لأنَّ تلك هي أفعالُ الله. هكذا يُعَلِمُ الله وهكذا يشاء . فما يحتاجُ إليه الرسل، وكلُّ من قَبِلَ المسيح أو يقبله على شهادتهم (يح17: 20)، أن يُؤمنوا بأنَّه اللهُ آلمُتجَّسد (يو1: 14).
لا غرابةَ، بل لا جدالَ للمسيحي بأنَّ يسوع، كإلَه، قادرٌ على كلِّ شيء (رؤ15: 3؛ 2كور1: 18). وقد صرَّح بنفسِه :” نلتُ كلَّ سُلطانٍ في السماء والأرض” (متى28: 18). هذه القدرة
نالها وهو إنسان، أبن الله المُرسَلُ إلى الناس، ليُشركهم بما لله من حياةٍ وسُلطان. لأنَّه يريدُ أن يكون البشرُ أيضًا مثله قادرين على كل شيء بنعمته. يبقى يسوع المسيح، بلا شك هو” الأعظم والأقدر” في حياته وأعماله. لكنه لم يحتفظ بها لنفسِه فقط. بل بذلها وأعطاها للناس. يسوع لم يعمل كلَّ ما يقتضيه ملكوت الله على الأرض. يسوع لن يبقَ على الأرض. سينتقلُ الى السماء. يعودُ إلى الآب، بعد أن أسَسَّ مملكة الله. والمملكة تدوم الى النهاية. يبقى المسيح يعمل فيها إنَّما من خلال تلاميذه ، على مرِّ الأجيال. فزوَّدَ رسله و تلاميذه بسُلطانه. هو يستمِرُّ بعمل العظائم التي لا يقوى عليها البشر. فتلاميذ كلِّ زمن يُبَشِّرون به ويشهدون له والَربُّ يعضُدهم و” يؤَّيدُ كلامهم بما يُساندُه من الآيات” (مر 16: 20).
أنا أُعطيكم السلطان ..!
والرَبُّ يسوع كلَّفَ تلاميذه بمتابعة إبلاغ رسالته ” إذهبوا الى العالم أجمع. تلمذوا..عَمِّدوا.. عَلِّموا..” (متى28: 19-20)، و زوَّدهم بسلطان إجراء المعجزات بآسمه، ” أنا أُعطيكم سُلطانًا تدوسون به الأفاعي وآلعقارب، وكلَّ قُوَّةٍ للعدو {ابليس} (لو1019).فـ “…آشفوا المرضى ، وأقيموا الموتى، و طهروا لبُرصَ، وآطردوا الشياطين..” (متى10: 8). وقد إختبر التلاميذ السبعون ذلك و فرحوا ،” حتى الشياطين تخضعُ لنا بآسمك ” (لو10: 17).
فيسوع يطلب من تلاميذه أن يُؤمنوا بشخصِه ورسالته، ويُؤمنوا أنهم قادرون على أدائِها لأنهم يؤدون عمله الذي يحتاجُ إلى أمور عظيمة، ولا يبخُل بها عليهم. فيُشَّجعُهم على ان يتكلوا عليه يطلبوا عونَه. لذا أضاف على الآية 12 قوله :” كلُّ ما تطلبونه بآسمي أعملُه..” (الآية 13).
فما عمله يسوع كان عظيمًا. لكنه لم يعمل كلَّ العظائم. وما سيأتيه الرسل من عجائب مثله عظيم أيضًا لأنه يتِّمُ باسم المسيح ، إمتدادًا لعمله، أي يُجريه المسيح نفسُه بناءًا على رغبة التلميذ (أع 3: 6؛ 14: 10)، حتى أقاموا الموتى (أع9: 40-41؛ 20: 9-12). والعظائم لا تعني فقط آيات الشفاء أو إقامةَ أمواتٍ أو طردَ الشياطين، بل حتى التبشيرَ نفسَه. ربما يكون أعظمَ من شفاء مريض، خاصّةً في زماننا ، حيث يسودُ العُنفُ، ويتعاظمُ آلإضطهادُ ضِدَّ الحَّق ، ويتكالبُ الناس على الثأر وآلإنتقام ، وسيفُ الشِّرير يصولُ في كل الأقطار. إنَّها ظروفٌ أقسى لا تسَّهلُ عيش محَبَّةِ الأعداء. ولم تكن مثلَها قائمةً في زمن الرسل. ولم تذكر ايضًا في زمانهم أمراضٌ مستعصية كما توجد في زماننا مثلا. وشفاؤُها اعسر فأعظم من آلأمراض المذكورة في آلأنجيل.
في كل هذه الظروف سيتطلبُ عمل الله همَّةً أشَّد وصبرًا وصمودًا فلا ييأس منها من يؤمن بالمسيح. إضافةً الى ذلك لا تعني آلآية 12 أن تلاميذ يسوع هم أعظم منه ُ، او يجرون معجزات لم يقوَ عليها يسوع. بل أنَّ يسوع سيُجري معجزاتٍ أعظم من التي شاهدوها يعملها. سيتلقون منه قوَّة أعظم من التي عهدوها. وستجري على يدهم هم تلاميذه الذين، من خلالهم، يستمرُّ يسوع المسيح في عمله المتعاظِم. وهكذا سيرى العالمُ عظائم أقوى من التي عاينها التلاميذ الأوائل لأنَّ ظروف الحياة قد تطورت وتعَقَّدت أكثر من زمانهم. قال يسوع هذا ليُشَّجع التلاميذ على عدم التَرَدُّد في الأيمان بلاهوته، وعدم اليأس عند الضيق و آلشدة (يو16: 33)، ونقلها الأنجيلي للأجيال التالية من المؤمنين، كي يَتَّعظوا.
مجّانًا أخذتم مجّانًا أعطوا !
أخيرًا يريدُ المسيح من رسله أن يؤمنوا ويُجروا المعجزات إذا آقتضى الأمر دون أن يشُّكوا بأنَّه يجريها لهم، بل يتكلوا على وعده لهم. إنه يريد أن يستمِرَّ في عطائِه. فأرادهم وُسطاء وشُفعاءَ، لا ليسُّد الباب بوجه صلاة غيرهم من المؤمنين. بل كي يتعلموا أن يهتموا ويُعطوا مثله. ” مجَّانَا أخذتم مجّانًا أَعطوا ” (متى10: 8). يُعطي المسيحُ إيمانَه وروحَه لتلاميذه ، لكل مؤمن به، ليعملوا مثله، بروح عالية، أعمالاً الهية عظيمة. ذلك صعبٌ على البشر، لكن الله الذي يحيا فيهم ويعمل من خلالهم، يريدُ أن يشركهم في قدرته ليتغَّلبوا على الشِّرير ودسائسه وجميع إغواءاتِه لهم. يريدُهم اللهُ اقوياء عظماء ليسحقوا رأس ابليس (تك3: 15)، وينتصروا على عملائِه. أرادَ يسوع أن يُنَوِّرَ تلاميذه ، ليُنَّوروا بدورهم تلاميذِهم.