أهلا وسهلا بالأخت نــدى مروكي.
لاحظت ندى أنَّ بعضَ المؤمنين يُخالفون تعليمَ الكنيسةِ وقانونَها ويحضرون مع ذلك المراسيمَ الدينية فآستاءَت من ذلك وشكَّت في أسبابِ قبولهم في الكنيسة فتساءَلت ثم عرضت سؤالها كالآتي :” أشاهدُ بعضَ الأشخاص المتزوجين من مطلقين في كنائس غير كاثوليكية يحضرون الذبيحة الآلهية ، وفي بعضِ الأحيان يُعَّمدون أولادَهم عنـدنا :
هل هــذا يجــوز ” ؟.
<< نعم يجــوز >> ! ، وإلـيك الشــرح.
عمــادُ الأطفــال !
نـبدأُ بخصوص تعميد الأطفال المولودين من حالاتِ زواج شـاذ. إذا كان في الأمر خطـأٌ و خطيئة فليس للطفل لا ذنبٌ ولا مسؤولية في ذلك حتى يتحَّملَ النتائج السلبية لسلوكِ والديه الشاذ والمخالف. تعميدُ الطفلِ لا يعني تبريرُ فعلةِ الوالدين إن كانت مشينة ولا حتى تقديسُها إن كانت إيجابية وطبيعية. ولاهو تصحيحٌ لوضع خاص خاطيء. العماد يعني تحرير الطفل من سلطان الشر المتحكم بالأنسان نتيجة الخطيئة الأصلية ، و وضعه على درب المسيح حُرًّا قادرا على ألا يخطأ. وإذا لم يُعمَّدُ الطفل يقترفُ الوالدان بحَّقِه خطيئة أخرى إذ يتركونه تحت رحمةِ الأقدار وقد يخسر الحياة الأبدية بسببهم إذ جهلَ المسيح وحُرمَ نعمته بالخلاص التي وفَّرَها لجميع البشروالتي يحصلُ عليها المؤمن بالمعمودية إذ ينتمي الى المسيح وينالُ العون الألهي. وإذا كانت الكنيسة تُعَّمدُ كذا طفلاً وتطلب من والديه أن يرَّبوه تربية مسيحية فهي تأملُ أن تتفاعلَ النعمة فيهما أيضا وتشَّجعَهما على تصحيح وضعهما الشاذ.
مفهومُ الطـلاق !
يوجد طلاقٌ وطلاق. في نظر الناس كلُ طلاقٍ هو جريمة حسبما يفهمون ويُفَّسرون آية الأنجيل القائلة :” من تزَّوجَ مُطلقة فقد زنى” (متى 5: 32). هذه الآية تعني أنه لا طلاقَ بين الزوجين لآنهما قد إتحّدا بمشيئة الله وصارا إنسانا واحدًا. ولا يجوز أن تخالفَ ارادةُ الأنسان شريعةَ الله وتتحَّداها (متى19: 5-6). وهل ينفصلُ الأنسان عن ذاتِه ، أو هل يُطَّلقُ ذاتَه؟. طبعا كلا. ومع ذلكَ قد يخالفُ الأنسان ويتحدى شريعة الله. وهذه المخالفة أو التحدي يُسَّميها الكتاب ” زنًى” (هو2: 6)، أو ” الفحشاء “. وقد ذكر متى نفسه في الآية المذكورة 5: 32 وفي 19: 9 وقال :” من طلَّقَ إمرأته ، إلا لفاحشةٍ ، وتزوجَ غيرَها زنى”. بما يعني أنه يوجدُ للقاعدة شـواذ. وما هو شـاذ هو ضد إرادة الله. وهذا يعني أنه قد تتمُ زواجاتٌ ليست بإرادةِ الله فلا يجمع الله بين الزوجين. وإذا عاشا حياة زوجية ولم يجمعهما الله يقترفان ” زنًى أو الفحشاء “!. والتفريقُ عندئذٍ بينهما هو الأفضل. وكل تفريق من هذا القبيل يرى فيه الناس ويدعونه ” طلاقًا”. وهو ليس كذلك !.
أما الطلاقُ الذي يتحدَّثُ عنه الأنجيل فهو الذي يقعُ بين زوجين بإرادةِ البشر، رغمَ أنَّ الله يكون قد جمعَ بينهما. أى يرفضُ البعضُ الألتزامَ بواجبات الزواج وبقـيمِه وبحقوقه للطرفين ولا يرون فيه سوى عـقدٍ يستطيعون فكَّـهُ كلما حلا لهم. و يُخضعون الزواج لفكرهم الخاص ويرفضون فيه شريعةَ الله. فالزواجُ ليس تجارةَ بيع ٍ وشراء ، ولا حالةَ سيادةٍ وعبودية ، ولا آمتيازًا لطرفٍ على حساب الآخر. إنه مشاركةُ الحياة بين حُرَّين متساويين هما ذكر وأنثى يتكاملان فيها بواسطة رباط المحبة والتعاون ويمددانها الى نهاية العالم. يُشكلُ الهيدروجين2 مع الأوكسيجين H2O المــاء. هكذا يُشَّكلُ الرجل والمرأة الأنسان. لم يكن كلٌ من الذكر والأنثى إنسانا كاملا قبل الزواج. وبعد الزواج لا يُشكلان سوى أنسان واحد ، كامل بكل مقومات الطبيعة الأنسانية. وكل آختلافٍ للتوازن الحاصل بين العناصر المُكَّونة يُسَّبب فشلَ النتيجة. وكلُ إخلالٍ بقيمِ الزواج و مُقَّوماتِه يعني عدم إكتمال الزواج حسب مشيئةِ الله. و يكون الزواج عندئذٍ باطلاً، أى غير موجود في نظر الله. أما إذا كانت كلُ مقَّومات الزواج كاملة ً فلا يحُّق لأحد أن ينحازَ لنزواتِه أو شهواتِه ولا لأرادةِ البشر ويُحَّطمَ زواجَه فـيُطلق زوجَه ، ذكرًا كان أو أنثىً. والمُطَّلقْ في هذه الحالة لْم يُفَّرقُه الله عن زوجِه. ولا يحُّقُ له أن يتزوجَ وهو ما زالَ مرتبطًا به. وإذا فعلها فهو ” زان ٍ”.
وإذ ليسَ كلُ الأزواج المؤمنين المسيحيين مؤَّهلين ليحكموا في معرفة هل جمع الله بينهم أم لا لذا لا يقدران ولا يحُّق لهما أن يُقررا بإرادتهما الخاصة الأفتراق ، حتى ولو بطلاقٍ فقط مدني. أو حتى لو طلقا مدنيًا فهذا لا يعني أنه يحُّقُ لأي منهما أن يتزوجَ من جديد. وإذا وقعَ خلافٌ بين زوجين وشَّكٌا بأنَّ زواجَهما باطلٌ من أساسِه ، أى لم يجمع الله بينهما ، فعليهما الألتجاءُ الى الكنيسة ورفع قضيتهما الى محكمتها لتدرسَ الحالة وتبُّتَ بها. وإذا فرَّقت بينهما الكنيسة فعندئذ لا يُحسبُ ذلك طلاقا بل إنهاءًا لحالةٍ مخالفة لمشيئةِ الله. وفي هذه الحالة يجوزُ للطرفين لا فقط حضور المراسيم الدينية بل وحتى أن يتزوجا من جديد.
مخالفون يحضـرون القـداس !
وقد شَّكت السائلة وسألت ” هل يجوزُ ذلك “. وأجبتُ بـ ” نعم يجوز”. نعم يجوز لمُطلقين متزوّجين خارجَ الكنيسة الكاثوليكية وخلافا لتعليمها وقوانينها أن يحضروا القداس أو أي مراسيم دينية أخرى. ولا يعني ذلكَ تبريرَ تصَّرفهم أو الأعتراف بزواجهم الثاني المُمَّوه. بل لأنَّ المسيحَ جاءَ من أجل الخطأة والمرضى الروحيين ويريدُ رحمة لا ذبيحة (متى9: 12-13). بحيثُ ” مات من أجلنا إذ كنا خاطئين… ونلنا البرَّ بدمِه “(رم5: 8-9)، لأنَّ اللهَ ” لا يريدُ أن يهلكَ واحد منكم ، بل أن تبلغوا جميعا التوبة “(2بط3: 9). والكنيسة مثلَ يسوع تدينُ الشّرَ والأخطاء ، وتُمارسُ في نفس الوقت الرحمة تجاهَ الخطأة لتُشَّجعهم على التوبة. فهذا مار بولس يدينُ مخالفا وينصح أهل تسالونيقي بأن ” لا تخالطوه ليخجلَ ، ولا تعاملوه معاملة عدو، بل إنصحوه نصحَ أخ لأخيه “(2تس3: 14-15؛ 1تس5: 14؛ متى18: 15-18).
قد يعتبرالبعضُ موقفَ الكنيسةِ خاطئا ودليلَ ضعفها. هكذا أدان الفريسيون يسوع لأنه جلس على الطعام مع عشَّارين وخطأة (متى9: 11). لكن يسوع عَّلمنا أنَّ الخاطيءَ يبقى إبنا للـه ودفعَ المسيح عنه ، على الصليب ، قصاصَ خطاياه ، فعلينا أن نسلكَ دربَ المسيح وندعـوَ الخطأة ونُشجعَهم على التوبة. إذا منعنا الخاطئين حضورَ القداس ربما نُعَّرضهم الى الأبتعاد عن الله كليا، ونكون بذلك نغلقُ بابَ الرحمة في وجوههم. ليسَ اللهُ عـدالة ً فقط ، بل رحمَـتُه النابعة من محَّبتِه ، تفوق عـدالته. والكنيسةُ تُعطي الخاطئين ، بالسماح لهم حضور المراسيم ، فرصَة ً للـتوبة. أما أعطى اللهُ أهل نينوى الخاطئين ، كما علمتنا إياه الباعوثة في الأيام الثلاثة الماضية ، فرصةَ الخلاص فتابوا من شرورهم وأنقذوا حياتهم ومدينتهم!.