أهلا وسهلا بالأخ زاك إليـاس
# سألَ الأخ زاك : ” هل سيخطأُ الناس في الملكوت أو الجّنة بعد الموت والدينونة ؟ وإِن كان جوابُك ” لا ” ، فلمـــاذا ؟
الجواب ::– ” لا يخطــأُون ”
مع الموت ” يتحدد ” مصير الأنسان ! ولا ” يتَـغَّـيَرُ” أعطى يسوعُ مَثَلَين على ذلك : الغني المُترف و لعازر البائس ( لوقا 16 : 19-31 )، و : العذارى العشر ( متى 25 : 1 ـ 13 ).
في الأول : لمَّا مات لعازر ” حملته الملائكة إلى حضن إبراهيم “. ولما مات الغني ” دُفِن”، أي وُرِيَ التراب في أرض الشقاء، ” في الجحيم يُقاسي العذاب “. لعازر يتنَّعم والغني يتعَّذَب. ولما طلب الغني رحمة الله على يد إبراهيم أجابه :” أُقيمت بيننا وبينكم هُـوَّةٌ، حفرة، عميقة تجعلُ مُستحيلاً التنَّقلُ بين الملكوت والجحيم. ولمَّا إزدادَ إسترحامًا وطلب إرسال وفد من الموتى يشهد على واقعه، و واقع الحقيقة التي قليلٌ من الناس يهتمون بها، ردَّ عليه ” لهم موسى و الكتاب المقدس فليستمعوا إليه “. في الثاني : عذارى صالحات ومجتهدات (حكيمات)، وأخرى مُقَّصرات في واجبهن و مهملات (جاهلات). كلهن مدعوات الى عُرس المسيح السماوي. لم يظهر الختن في الوقت الذي حسبناه. تأخر. نمن كلهن (مُتن). تحَّدد مصيرُهن. إنطفأ زيتُ الجاهلات ( المحبة و الأعمال الصالحة : لم تكن أصيلة لم تثبت في الأمتحان).. طلبن العون من الحكيمات لم يحصلن. بعد الموت لا مجال لا لأنماء القداسة ولا لزيادة الشر، ولا لمشاركة الحياة بين متناقضين. حاولن التصَّرف حسب منطقهن البشري، لم يفلح. لأنهن تأخرن على العريس وأُغلق باب العرس (الملكوت). ولمَّا عالجن الأمر حسب فكرهن، لا حسب ما طلبه المسيح من جهادٍ أصيل وآستعداد متواصل، لم يُفتح لهن الباب (خسرن المشاركة في عرس المسيح : السعادة الأبدية )، وقال لهن الرب :” لا أعرفكن”. لستم أنتم من يُقَّرر أنكم صالحون و جاهزون للملكوت، بل أنا الله.
الملكوت : ما هــو ؟
نعني به مملكة الله، وليس مكانًا مُحدَّدًا. والجَّنة حالة الراحة والمجد في حضرة الله. خلق الله الأنسان للراحة والهناء ( في جَّنة !). وكان ” الله يتمشَّى ( يتنَّزه فيها : إنَّه حاضر مع الأنسان) في الجنة “. ويوم أخطأ الأنسان و” سمع صوت الرب الأله، إختبأَ من وجه الرب الأله.. ناداه الرب : أين أنتَ”؟. أجاب” سمعت صوتك في الجنة فخِفتُ ولأني عُريان ( إذ خسر نعمة صداقة الله ) إختبأتُ ” (تك2: 8-10). فحالةُ أهل الملكوت/الجنة هي حالة الراحة والسعادة والمجد في حضرة الله، حالة البرارة و القداسة التي هيَّأَها الله للذين يرضونه ويُحافظون على برارة نعمة المعمودية، التي كفَّرت عن عصيان آدم وحواء فأعادت الأنسان المطرود الى جنة الله. هذا هو الإرثُ الذي هيَّأه الله لأولاده :” تعالوا يا مباركي أبي رثوا المُلْكَ المًعَّدَ لكم منذ إنشاء العالم ” (متى25: 34).
آدم موجودٌ في الجَّنة لأنه كان بارًّا،لا بجهدِه الخاص في التعاون مع النعمة، بل بفضل إلهي. ويوم أخطأ لم يكن بوسعه أن يبقى بعد فيها. لأنها تقتضي حالة القداسة. يتناقضُ الشَّرُ مع البر. ولكن مقابل آدم يروي لنا الأنجيل قصة لص اليمين على الصليب، حيث إلتقى الشّرير المطرود بالبار صاحب الجنة. إعترف بذنبه، آمن بالمسيح، وَفَى عقوبَة آثامِه، سأل الرحمة والغفران، نالها فعاد الى الفردوس براحةٍ وفخر وهناء. آدم وحده كان في الجنة وطرد منها لمَّا أخطأ، مثل ابليس. أمَّا بقية البشر المولودين كلهم تحت خيمة العصيان، فكلهم خارج الجنة و يُجاهدون العودة إليها. والعودة ليست مثل ” شُربَة ماء”. إنها تتطلب التخَّلُصَ أولاً من نير العصيان، من روح الشر، ثم الجهاد في سبيل الجنة (متى11: 12). ولا ننسى أن الشرَّير لنا في المرصاد ومكايده تترَّبصُ بنا في كل زاوية من حياتنا (1بط5: 8-9)، وينشر شباك خدَعِه مثل ذئبٍ خاطف (متى7: 15) أو حتى مثل رسولٍ للمسيح أو ملاك (2كور11 : 13-15). فمن أحَّب الله وسمع كلامه أصبح لله جنَّةً يُحِبُّها ويقيم فيها (يو14: 23). ومن وصل هذا المستوى من القداسة أن يكون الرَّبُ معه مثل مريم (لو1: 28) وحصل الجنة حيث لا شرٌّ ولا أشرار، كيف سيخطأ؟. لقد تحَدَّدَ مصيرُه وثبُتت حالتُه على تلك البرارة للأبد ولن يُغَّيرها ألفُ تسونامي من الشر أو طوفان قد إنحصر في أصحابه المتندمين والمتعَّذبين والمُلقَين في ” بحيرة النار” (رؤ20: 13-14).