أهلا وسهلا بالأخ ألبرت باسل
الأخ البرت طالبُ دورةٍ لاهوتية، ومعَّلمُ التعليم المسيحي، وصديقُ آباءٍ كهنة عديدين، تعلّم أنَّ ” للكاهن حَدًّا معَيَّنًا لمغفرةِ الخطايا “، وأنَّ هناك خطايا لا يقدرُ أن يحّلها لأنها محفوظة للأسقف أو للبطريرك أو حتى للبابا. يذكر أن بعضَ من رُسموا كهنة لم يتلقوا دروسَهم في المعاهد المُختَّصة بتهيئة الكهنة. شهادتهم من دورة لاهوتية أو معهدٍ تثقيفيٍّ لمعلمي التعليم المسيحي، أو كانوا شمامسةً فقط. فيسأل :” هل لمثل هؤلاء أن يسمعوا خطايا الناس وأن يحُلّوها ؟. أ ليس من المفروض أن يقوموا فقط بالواجبات الطقسية كالقداس والزواج و الدفنة والعماد ..الخ؟. هل ممكن الإِعترافُ لكهنةٍ لم يدرسوا في المعاهد الكهنوتية الخاصّة؟ هل يحُّقُ لهم حلُّ الخطايا “؟. يضُيفُ قال له كاهنٌ :” الرسامة تطغي على الشهادة”، وهو لا يريدُ جرحَ مشاعر أحد، خاصّةً أصدقائِه، كما لا ينوي” التقليل من مكانةِ رسامتهم “.
الخطايا المحفوظة !
يحتفظ القانون الكنسي للأسقف أو للبطريرك أوللبابا بعضَ أنواع الخطايا لثقل مادتها أو لمنصب الخاطيءِ التائب أو لظرفٍ شاذ، وليس بسبب شهادة الكاهن ومستواه الثقافي. وفي حالةِ خطر الموت وضيق المجال للأتّصال بمن حُفِظتْ له الخطيئة يمكن أن يحُّلها الكاهنُ، إن لم يكن هو نفسُه محرومًا أو موقوفًا كلّيًا عن توزيع الأسرار. وللرئيس الكنسي، مطرانَا كان أو بطريركًا أو بابًا، أن يُوقفَ كاهنًا ما، صاحب شهادة أو بدون شهادة، عن سماع كلِّ الإعترافات لأسبابٍ مرضية أو خلقية أو جهل خطير أو سوء إستعمال السِّر. يبقى كاهنًا ، ويمكنه أن يقدم بعض خدمات طقسية أو راعوية يُحَدِّدُها الرئيس المُختَّص. وهذا الإجراء يُطبق حتى على الأساقفة. قبل سنين أوقف البابا كردينالاً عن الخدمة لسوء سلوكه.
يوحنا ماري فْيَانِّىي !
هو القدّيس خوري آرس، كاهنُ قريةٍ صغيرة في فرنسا، توُّفيَ سنة 1859م. كان ضعيفَ الإدراك، رفَضَتْ إدارةُ المعهد الكهنوتي رسامتَه لرسوبه المُتَكَّرِر في امتحان القبول. لم ييأس. ولا يئسَ مُطرانُه الذي يعرفُ معدَنَه وقداسةَ سيرتِه. أخذه عنده في المطرانية و أشرف بنفسِه على تعليمه. لمَّا إمتحنته لجنةُ المعهد نفسِه نجحَ في الفحص بدرجة مقبول. رسمَه كاهنًا وعَيَّنَه لخدمةِ قريةٍ صغيرةٍ مشهورةٍ بالإلحاد، هي آرس. لمَّا إستلمَها لم يحضر
قدّاسَه الأول، يوم الأحد، سوى نفرين: الساعور وعجوزة. زار العوائل وأحَسَّ الناسُ بعطر قداستِه وبساطته وغيرته ولاسيما محَبَّتِه، فبدأ عددُ المؤمنين يزدادُ في المشاركة في القداس. كانوا مُعجبين به تُـنْعشُ فيهم مواعِظُه الأيمانَ ومحَبَّةَ الفضيلة. ذاع صيتُه بعيدًا. حتى بدأ الناسُ يأتون من قرى مجاورة لسماعه وحتى من مدنٍ بعيدة للحديث معه. وبدأوا يتوبون ويطلبون الأعتراف عنده. وقد قضى تلثي وقته في منبر الأعتراف. لمَّا تُوُّفيَ كانت كنيسته لا تستوعبُ عدد الحاضرين، لأنَّ آلافُ الناس إستعادت على يده إيمانها وآنتعاشَها الروحي.
الرسامة والشــهادة ؟!
ما تزالُ في الشرق رعايا كثيرة يخدمها كهنةٌ متزوجون، لا شهادة لهم، وقليلاً ما يتشَّكى منهم الناس. يخدمون بإخلاص وبحكمة، قوَّتُهم من إيمانهم وقناعتهم بدعوتهم في الخدمة ، والربُّ يُعينُهم. مبدئيًا تشترطُ الرسامةُ مواهبَ خِدمية تضمنها ثقافةٌ كهنوتية مُعَّينة. لكنَّ الدعوة الألهية أولُ الشروط. وإذا دعا الله واحدًا، غير جديرأو غير كفوء بنظرنا، فهو أدرى منا لماذا دعاه. أما دعا يسوع يهوذا الأسخريوطي مثلما دعا بطرس؟. لذا عندما تكتشفُ الكنيسة وتتأكد من وجود الدعوة الألهية تتكلُ على الله وترسم المُتَقَّدم للخدمة وتساعدُه على أدائِها. لا ترسم الكنيسة كهنة للخدمة الطقسية وغيرهم للتعليم. الكاهن صورة للمسيح لخدمة كاملة : طقسيًا، راعويًا، تعليميًا، روحيًا. هذا قد لا يعني أنَّه كاملٌ في أداء كلها بنفس القياس . وبالتأكيد يمتاز كلُّ واحدٍ بخدمةٍ منها دون غيرها حسب مواهبه الأنسانية. مطلوبٌ من الكاهن ان يخدم كالمسيح، وبآسمه، ولأجله. و سِّر التوبة إحدى الخدمات العّامة يؤَّديها كلُّ كاهن لم يُحرم منها رسميًا. أمَّا الإعتباراتُ آلأخرى، او سلوكٌ مغاير، فيتحمَّلُ كلُّ واحد وزرَه، إذ يُحاسَبُ عليه.
ربَّما يفشَلُ كهنةً أصحابُ شهادات، حيثُ يفلحُ غيره بدونها. أعرفُ كهنةً قدامى ومن جيلنا وبعدنا عارضَت إدارة المعهد رسامتهم لضئالةٍ إستعابهم، لكنَّ أساقـفـتهم تمسَّكوا برسامتهم لميزةٍ فيهم أو بسبب الحاجة، وسَدّوا فراغًا كبيرًا، لاسيما في الخدمة الطقسية، وفسحوا بذلك المجال لأصحاب الشهادات أن يكملوا الخدمة في جوانبها الأخرى. إنَّما لم يُمنعوا عن سماع الأعترافات ، بل أدّوا تلك الخدمة أيضًا كلَّما طُلِبَتْ منهم. ولم يتشَكَّ أحدٌ منهم.