القُـدّاسُ المُـؤَبَّـد

أهلا وسهلا بالأخ عيسى إِسّـو

قرأ الأخ عيسى المقال السابق ” إنتقل من الموت إلى الحـياة ” ليوم 22/2/2022، وأبدى إرتياحَه ثم أضاف سؤالاً يقول :” ما هو القدّاسُ المُـؤَّبَد؟. وما يترَتَّبُ على الذين يأخذون آلافَ الدولارات من الناس البُسطاء الغُشمة { ! } ، بحُجّة إنتقال الأموات من المطهر الى الملكوت “؟.  

القـدّاس المُؤَّبَـد !

يُسّمى بالقداس المُوّبد رفعُ الصلاة ، بإقامة الاقداس، على نيّاتِ مؤمنٍ مقابلَ مَبلغٍ من المال لمدّة حوالي 20-25 سنة. المبلغ يُقّدمُ لمساعدة الكنيسة. ويكون عاليًا يُغّطي أكثر من حسنة عشرين قداسًا مضاعفًا، ذلك فائدةً للكنيسة، لا الكاهن. ويطلب صاحبُ التقدمة هذه إقامة قدّاسٍ سنوي من أجل نيّةٍ مُحدّدة، اكثر الأحيان من أجل مَيِّتٍ عزيز.  

ومسؤولُ الرعية ، كان كاهنًا أو مُطرانَ الأبرشية، عليه تسجيلُ المبلغ في حساب الكنيسة وكتابةُ ملاحظة تُذكِّرُ بإقامة القداس ، مّرةً او أكثر حسب الأتّفاق، في السنين التالية. ويُقامُ عادةً سِجِّلٌ خاص بها، ويُشار إلى الأيفاء بالأمر سنةً بعد سنة.

بحُجَّة إنتقال ٍ من المطهر الى الملكوت” !!

يبدو كلام السائل الكريم وكأنَّه غيرُ مؤمنٍ بالمطهر، وكأنَّ المسؤول الكنسي يضحكُ علي الناس، ويستغِلُّ الأيمان لمنفعة ما، شخصية أو كنسية.

أولا، وجود المطهر إيمانُ الكنيسة المبني على مُعطيات الكتاب المقدس، وعلى ممارستها ، منذ بدايتها وعبر الأجيال، الصلاةَ من أجل الموتى ، وبتأييد السماء ، كما أكَّد عليه المقال. ومن يطلبُ قدّاسًا مُؤَّبَدًا فهو أيضًا يفعلُ ذلك نتيجة إيمانه ، إذ لا تُلزمْه الكنيسة بذلك.

ثانيًا، وجود المطهر، حالة التطهير مؤَّقتة تخدمُ الخطأة الذين ، رغم توبتهم، لم يلحقوا أن يتنقَّوا من آثار دنس خطاياهم، بعكس لص اليمين الذي تنقَّى وكَفَّرَعن خطاياه بآلام صلبِه. فكل صلاة وتقديم عمل خير من أجلهم ينفعهم، وقد طلبت ذلك مريم العذراء نفسُها.     

ثالثًا، إذا قدّم المؤمنُ للكنيسةِ عونًا فهو لم يُرغَم عليه ، بل إيمانه يدفعه الى سند كنيسته في حاجات خدمتها الروحية كما قال مار بولس (2كور9: 11-13). وسبق فبرَّرَ تعليمه قائلاً: ” فإذا كُنَّا زرعنا فيكم الخيرات الروحية، فهل يكون كثيرًا علينا أن نحصُدَ من خيراتكم المادّية”؟ (1كور9: 11-13). قد تقعُ أخطاءُ سوءِ تصّرَف البعض، ولكن لماذا لا يُرى في الصفحةِ البيضاء سوى نقطة واحدة سوداء؟. ولماذا لا نتنوَّرُ إيمانيًا بدل أن نميل دومًا الى تأويل عمل الآخر؟. نعم ” الويلُ لمن على يدهم تأتي الشكوك “، ولكن أيضًا ” الويلُ للمرائين و المنافقين … وللشاهدين زورًا ” (متى18: 7 ؛ 23: 13-29 ؛ 15: 19؛ و19: 18). هذا لا يمنع التنبيهَ عن الأخطاء او نقدًا علميًا صادقًا بهدف البناء لا التشهير، ولكن يجب دومًا التمييز بين الأفراد والمؤسسة وبين المبدأ والسلوك، وعدم تعميم ِأيِّ شيءٍ، كان حَقًّا أو باطلاً ، على الكنيسة أو الرئاسة، ولا حتى على كل المؤمنين تصَّرفِ مسؤولٍ ما.