أهلا وسهلا بنـــجاد بــوداغ.
يقول السائل الكريم : ما هو موقفُ المسـيحي الذي يتحَّـولُ من المسيحية الى دين آخر، مثلا الإســلام ؟
من أنــكرني … أُنـكِرُهُ !
خلقَ اللهُ الأنسان ، وَّفرَ له كل مستلزمات العيش، وأضاءَ له دربَ الحياة مُرشِدا الى الحق ومُحَّذرا من سوء التصرف ، وخَّـيَرَهُ بين أن يثقَ به ويسمع كلامه أو يتبع شهواتِه مُهمِلا نصائح الله ودعـوتَه. ويحترمُ الله حرية الأنسان في الأختيار. وإذا آختار الأنسانُ أن يبتعدَ من الله ومن الخير فلن يُجبرَه اللهُ لاعلى الخير ولا على إتباعِه. هذا ما عناه الرب بقوله : ” من أنكرني قدام الناس يُنكَرُ قـدامَ ملائكةِ الله “(لو12: 9). فإذا كان إنسانٌ قد إعتمد بآسم المسيح ومارس حياته المسيحية لفترة ثم جحدَ إيمانه المسيحي وتبَّنى إيمانا آخر، هو حُّر. وإذا ثبتَ في إيمانه الجديد لن يُرغِمَه الله على العودة الى الحَّق. إنما لن يكون له نصيبٌ في مملكةِ المسيح وسعادتِه. ليس قصاصا له وآنتقاما منه. كلا. بل هو آحترام الله لهذا الشخص الذي يرفض المسيح. وإذا رفض المسيح فهو يرفضُ الله بذات الفعل. لأنَّ المسيح هو الله المتجسد. ” أنا والآب واحد ” يقول المسيح، ويضيفُ ” من رآني رأى الآب”. ومن يرفضُ الله سوف لن يرَ وجهه، ولا يشاركه مجده وسعادته.
ومن إحترقَ عملُه يخلص كَمِنْ خلال النار !
من ينكُرُ المسيح إذن على الأرض ليس له نصيبٌ مع المسيح في السماء (يو13: 8). ولكن يطرح السؤال نفسَه: وإذا نكرَ أحدٌ تحت ضغط الخوف من الموت ، أو لسبب جهل حقيقة شخص المسيح، أو لشكوكٍ دفعته الى التهَّرب من المسيحيين الأشرار، أو ندم عليها وتاب، فهل ينالُ نفس النتيجة؟. هنا جاءَ كلام مار بولس المذكورأعلاه ليَّدُلنا على التعليم الصحيح، فيقول:” كلُّ واحدٍ سيَظهرُ عملُه ، ويومُ الرَّبِ يُعلنه “. نحن ندين الآن الجاحدين لأنهم ظاهريا رفضوا المسيح. أما باطنيا وما هو السبب لهذا الجحود ربما لا نعرف عنه الحقيقة. أما الله فيعرفها ويحاسبُ الجاحد حسب نيته وظروفه.
بطرس جحد المسيح لكنه تاب “< بكى بكاءًا مُرًّا>”، فغفر له الرب وثبته في منصبه رئيسا للكنيسة وهو الآن قديس. بولس لا فقط نكر أن يعترفَ بالمسيح بل قاومه فآضطهدَه لكنه فعل ذلك عن جهل ، ولما عرف الحقيقة تاب وغيَّر سلوكه. اللصُ اليمين قضى حياته في الشر ولم يعرف الخير والبر، ولم يهتم لا بالشريعة ولا بالله، إلا وهو على الصليب فآمن وتاب وطلب الرحمة فنال الخلاص.
ولو إفترضنا أنَّ مسيحيا أسلمَ لأنه لم يفهم عن المسيح شيئًا، ولم يرَّبِهِ والداهُ تربية مسيحية ، وعاشَ في بيئة إسلامية بحتة، و كان إختلاطه محصورًا على المسلمين ، وبالمقابل نال في آختلاطِه هذا صورة عن الأسلام لا فقط مقبولة بل ومرغوبة ومُشَّجعة فأسلمَ ، ماذا نتوَّقع منه غير هذه النهاية؟. وعندئذ نسأل مدى مسؤوليتِه عن جهله للمسيح ، ومدى إنحرافِه إذا خطا هذه الخطوة؟؟. ترى ماذا جرى ويجري في عمق كيانه وكيف يقيس ضميره الحقيقة؟. من يقدرُ أن يُقَّدرَ مدى جرمِه أو مدى براءَتِه؟ لا أحد. ولهذا لا تدين الكنيسة أحدًا. تتألم لهذا الأختيار المؤلم والمؤسف لأنه لا يوجد مخلصٌ غير يسوع المسيح. تدينُ الفعلَ الجاهل ، و تحَّذرُ من مغَّبةِ الأقتداءِ به. تعتبره خارج جسم الكنيسة ولا تقدم له عونا بآسم المسيح الذي نكره. تصَّلي من أجل عودته مثل الأبن الضال. ونحن ليس لنا إلا أن نحترمَ قرارَه الحُّـركما إحترم يسوع قرار يهوذا وهو يخونه ويسلمه للموت. فهذا المستسلم ليس أخطأ من يهوذا.