ما هو النـــذر ؟

أهلا وسهلا بالأخ وليد عبد المسيح

أصدى الأخ وليد للسلوك العام بخصوص النذور وهو أنَّ المؤمن يطلبُ من الله نعمةً ويَعِدُ ، إذا حصلَ عليها، أن يقومَ بعمل الخير أو يقَّدمَ ” هدية” للكنيسة أو للفقراء أو لأيةِ جهةٍ محتاجة. فسأل : @@ ما هو المفهومُ الصحيح للنـذور ؟

النــذرُ في تعليم الكنيسة !

جاءَ في التعليم المسيحي للكنيسةِ الكاثوليكيةعن تعريف جوهر” النذر” كالآتي، ” يستطيعُ المسيحي، بداعي العبادة الشخصية، أنْ يعدَ اللهَ بعملٍ ما، أو ضلاة، أو ضدقة، أو حج…والأمانةُ لما نَـعِدُ به اللهَ هي علامةٌ للأحترام الواجب للعّزةِ الألهية، والمحية لله الأمين ” (رقم 2101). فالنـذرُ إذن هو وعد من إنسانٍ لله.

أضاف التعليم :” النذرُ، أى الوعدُ المعقودُ لله عن قصد وآختيار، بأمرٍ ممكن وأصلح، يجب أنْ يُكَّمَلَ على أنه من موجباتِ الدين”. فالنذرُ عملُ عبادةٍ به يُقَّدمُ المسيحيُّ ذاتَه لله أو يَعِدُه بعمل صالح. وبإتمامه النذورَ يُعيدُ الى الله إذن ما وعَدَه به وكَّرَسه له. وأعمالُ الرسُل تُبَّينُ لنا أنَّ القديس بولس كان حريصًا على إتمامِ نذورِه.،أع18:18؛ 21: 23-24″ (رقم 2102).

النذرُ هو إذن وعدٌ واع ٍوحُّر يُصبحُ واجبًا يجب إتمامه. ما وُعِدَ به لله أصبَح له مُلكًا وعلى المؤمن دينًا يجب أن يُوفى.

النـذرُ في الكتابِ المقَّدَس !

نعرفُ أنَّ تعليم الكنيسة يستندُ الى الكتاب المقدس بعهديه إلا إذا غيَّر العهد الجديد وكمل ما جاء في القديم. جاءَ في متى5: 33:” قيل لآبائكم: لا تحلِفْ، بل أوفِ للربِ نذورَكَ. أما أنا فأقول لكم: لا تحلفوا مُطلقًا، لا بالسماء ..، ولا..”. لقد أعادَ الربُ وصية عدم الحلفان الى مطلبها الأصلي. أما النذور فلم يهتم بها. عدم الحلفان وصية الهية لا يجوز اللعبُ بها. أما النذور فوصية بشرية نظمها موسى فيمكن للسلطة الدينية الزمنية ان تتصَّرفَ بها.

جاءَ عن النذر:” قال موسى .. بما نصحه به الرب: أيُّ رجل نذرَ نذرًا للرب ، أو حلفَ يمينًا فألزمَ نفسَه شيئًا، فلا يرجعُ عنه بل يعملُ بكل ما نطقَ به” (عدد30: 3). كما يلتزمُ اللهُ بوعوده هكذا على الأنسان أن يكون واعيا في عمله وصادقًا في أقوالِه. لا يتصَّرف مثل صبي جاهل ومتهَّور، بل كناضجٍ و واع ٍيلتزم بتبعية حديثه.

نذرُ المؤمنين !

ليسَ نذرًا أنْ يطلبَ مؤمنٌ نعمة من الله ويعدُ مقابلها ، وبعدَ أن يحصلَ عليها، أن يقوم بعمل خَيّر ما. يُعتبرُ ذلك نوعا من إتفاق وتعاهد. أما النذرُ الأصيل فيكون أن يُقررَ إنسانٌ القيام بعمل خير ما دون مقابل. أو لأنه نالَ نعمةً من الله فينذرُ على نفسه القيام بعمل صالح ينفعُ غيرَه مؤسسة دينية كانت أو مدنية. إلا إنه يُشبهُ النذرَ أن يُلزمُ أحدٌ نفسَه أمام الله بالقيام بعمل ما كصيام او صدقةٍ أوصلاة بروح إيمانية وعبادية للتعبير عن حمد الله على نعمة معَّينة، أو تمجيده والأعتراف بجوده وفضله، أو إستغفارِه لتقصير أو ذنبِ، أو فقط لرَّد جميله وإشراكِ مالِه وخيراتِه في بناء مملكة الله على الأرض. ليس مثاليا أن نشترطَ على الله نيل مطلب خاص حتى نُبَّينَ له شكرنا بعمل خير ما. واجبٌ علينا أن نعمل الخير كلَّ ما آستطعنا ومهما إستطعنا. ما نملكه من خيرات ليس سوى من فيض خيرات الله علينا يجودُ بها بواسطة الأفراد للبشريةِ كلها. وما نناله من نعم شخصية خاصة لا تقابلُ ما ننذره لله. فشفاءُ مريض أو عودة أسير أو نجاحُ مشروع أكبر وأعظم بكثير من مبالغ مالية نستعفي عنها مقابلها أو ذبيحة حيوان أو توزيع كمية من أطعمة أو ملابس.

النذرُ والوعدُ يلزمان من قام بهما ، إلا إِنَّ الأهم أن يكون تعاملنا مع الله علاقة بنوية معه نطلب منه ونتنازل له دون كلوفةٍ أو شروط. يكون الدافع اليها حُّبُنا البنوي وثقتنا الكاملة بأنَّ الله أبٌ يهتم بنا قبل أن نسأله، وأن نعرفه فنُحّبَه ونسمع كلامه. لأنه كما قالت الكنيسة النذر والوعد فعلُ عبادة لله ، وليس فقط منفعة زمنية بل تمجيدًا لله وأعترافًا بأنَّ كل ما نملكه هو عطية مجانية منه ، له الحقُ عليه لأنه هو ” صاحبُ كل عطية صالحة وكل هبة كاملة “.

القس بـول ربــان