أهلا وسهلا بـ Liss Beth
السؤالُ هو ما طُرحَ أعلاه : العهدُ بين الله والأنسان.
يبدأ العهدُ مع ابراهيم الذي يختارُه الله من بين شعبه ويُخرجه فيَعزِلُه عنه ليُكَّوِنَ منه شعبًا جديدًا خاصًّا به، لا يعبدُ الأصنام الجامدة الخرساء ولا المخلوقات الزائلة بل يتعَّرَفُ على خالق الكون وما فيه ويتهَّذبُ على يَدِه في الحَّق فيعيش حياةً هادئة ومُريحة. جهلَ الأنسانُ خالقه وعاشَ في الذُّلِ والشقاء. عاش الأنسان يتفاعلُ، مثل الحيوان، غريزيًا مع أمثاله. و إنحدرَ أكثرَ من اللازم الى مستوى العاطفة فالمشاعر والأحاسيس. فقَدَ سيطرة الروح على أفعاله التي أصبحت ” ردودَ فعلٍ” أكثر من أن تنبع من العقل والأرادة الخاصّة. رحمَه اللهُ وأرادَ أن يُنقذه فيرفعه الى التصَّرف بالروح، بالعقل والإرادة، ويُحسنَ آخلاقَه فيسلك سبيل الحَّق والمحَّبة. كان على الأنسان أن يتعَّلمَ ويتدَّربَ على ممارسةِ سلوكٍ مختلفٍ يثقُ به حتى يُحَّسنَ حياتًه. فآتخّذ الله البادرة وباشر بتهذيب الأنسان وآتفَقَ معه بعهدٍ يرتبطُ به كلاهما.
العهد… !
يصفُ الكتابُ المُقَّدَس مباديءَ العهد وعناصرَه. المبدأ هو أن الله خلقَ الأنسان على صورته كائنا روحيًا وسَلَّطه على بقية الخلائق وسَلَّمه الكون ليُكَّمِله (تك1: 27-28). زاغ الأنسانُ عن تحقيق هدفه، بتحريض من ابليس، وآختار طريق الكبرياء. لم يفلح في تحقيق سعادته. ولم يقوَ على التحَّرر من ورطته. فيبادرُ الله الى مساعدته ليستعيدَ كرامته وحُريَّتَه في أن يحيا في الحق. أما عناصرُ العهد فتتوقف على التزامين : الأول أن يسمع الأنسان كلام الله ويتقَّيدُ بتوجيهاتِه. والثاني أن يحميه الله ويوَّفرُ له مستلزمات الحياة. وهذا ما قاله الكتاب : ” قال الرَّبُ لأبرام: إرحَل من أرضِكَ وعشيرتِك وبيتِ أبيك الى الأرض التي أريك. أجعلك أُمَّةً عظيمة و أُباركًكَ وأُعَّظمُ إسمكَ ..” (تك12: 1-3). هذه دعوة الله لأبراهيم.
و لمَّا لَبَّى ابراهيم الدعوة فغادرَ أرضه وأهله مُظهرًا بذلك ثقته بالله وتجاوبه مع العرض وَعدَه الله أنْ يُرزقه إبنًا يرثُه (تك15: 4) مُظهرًا بذلك ثقته هو أيضا به وأنه صادقٌ في كلامه و وعوده. ثم يُعلنُ لهُ بنودَ ” العهد ” : ” أنا اللهُ القدير. أُسلُك أمامي وكُن كامِلاً ، فأجعلُ عهدي بيني وبينك و أُكَّثرُ نسلكَ جِدًّا”. ثم يُضيف:” هذا هوعهدي معك: تكون أبًا لأممٍ كثيرة… ويكون عهدي أبديًا بيني وبينك وبين نسلكَ من بعدك… فأكون لكَ إلَـهًا ولنسلكَ من بعدك”. فالبندُ الأساس هو أن يعبدَ ابراهيم اللهَ وحدَه، دون الأصنام، ويقتدي به نسله من بعدِه. يُكَّمِلُه البندُ الآخر: ” أُسلك أمامي وكن كامِلاً”. على ابراهيم ونسله التقَّيد بما يُمليه عليه الله ويُرشده إليه ويحيا حياةً كاملة حسب تخطيط الله، وكما تقتضيه طبيعة البشر الناطقة. وحتى لا ينسى ابراهيم ونسله العهدَ وسَمَه بعلامةٍ ظاهرة للعيان يُجريها ابراهيم في جسده، بإرادتِه وحُريتِه، مثلما بادر الله بحُرَّيته وأعطى له إمتيازات. والوسم هو ” ختانةُ كل ذكرٍ من الشعب علامة إنتمائه لله” (تك17: 10-14).
بالمقابل وعد الله أن يعطي لأبراهيم نسلاً، وله ولشعبه أرضًا ومجدًا أبديًا. هذه الوعود مرتبطة بأمانة الشعب للعهد. يقول الرب :” أنا اخترته ليوصيَ بنيه وأهل بيتِه من بعدِه بأن يسلكوا في طرقي ويعملوا بالعدل والأنصافِ حتى أفيَ بما وعدتُه به” (18: 19). وإذا نقض الشعبُ العهدَ تَبَرَّأَ الله ايضا من وعده. وسيتشكى الله من قساوة قلب الشعب وغلاظة رقابهم وخيانتهم من زمن موسى والى أيام المسيح (اش29: 13؛ متى19: 8؛ اف4: 18). والمسيح يعلن أنَّ امتيازات الشعب ستسحب منه لعدم أمانته للعهد (متى22: 43).