أهلا وسهلا بالأخ أزل.
في جواب سابق دار الحديث عن جوهر كيان الله الثالوث وكيفية فهم بُنُّوة يسوع المسيح الذي هو الأقنومُ الثاني ، أو المعرفة ، في ذات الله. ومما جاء في المقال أنَّ الثالوث الألهي هو صفاتُه أو أقانيمُه الجوهرية ، التي تدخلُ ، بتعابيرنا البشرية ،في تركيبة كيان الله ،وهي : القـدرة (تُسَّمى الآب ) والمعرفة (تسمى الأبن ) والحياة (تسمى الروح). وبعد إطلاع الأخ أزل على المقال تساءَلَ بينه وبين نفسه : لماذا يقتصر الله أن يكون ثلاثي الأبعاد : القدرة، المعرفة ، والحياة ؟. ثم سأل من جديد :
1- ألا ترى أنَّ الله أكثر من كونه ثلاثي الأبعاد ؟
2- ماذا عن الصفات الأخرى : كالمحبة والرحمة والعدالة والحكمة ؟. أ ليست هذه من صفات الله أيضا ؟.
البعدُ الثلاثي !
يُعرَفُ في الهندسة أن المثلث هو كامل. وله ثلاثة أضلاع تقابلها ثلاث زوايا. الشمس ثلاثي الأبعاد : النار والنور والحرارة. الشجر ثلاثي الأبعاد : الخشب ، الورق ، الثمر. الزهر ثلاثي الأبعاد : الورق واللون والرائحة. الثمر ثلاثي الأبعاد : المادة الحجمية ، اللون ، الطعم. والأنسان ايضا ثلاثي الأبعاد : النفس ، الجسد ، الروح. .. الخ.
هذا ما يُلاحظه الأنسان. القدرة والمعرفة والحياة هي صفاتٌ تكوينية. ولو لم توجد كلها في الله لما كان كاملا. وهي تتمَّيز عن بعضها ، وتتكامل فيما بينها.
الصفاتُ الأخرى !
أما الصفاتُ الأخرى المذكورة وغيرها كاللطفِ والكرامة والعناية والغفران …الخ ، فهذه صفاتٌ حتمية تنبعُ من الأولى ، وتعود الى سلوك الله لا الى تكوينه. يعودُ قسمٌ منها الى سلطان الله وقدرتِه أن يفعلَ ما يشاء كالكرامة والغفران ؛ وقسمٌ آخر يعودُ الى المعرفة كالحكمة والعدالة ؛ وقسمٌ آخر الى الحياة كالمحبة واللطف والرحمة.
الله هو القدرة فخلقَ من لا شيء كل الكائنات ويرعاها ويحترمُ النظام الذي وضعه لها.
الله هو المعرفة يعلمُ كلَّ شيء وبعلمه نظَّم الكون والكائنات بطريقة حكيمة ومنطقية.
الله هو الحياة والحياة هي العلاقة مع آخروهذه تتطلب المحبة ، والمحبة تنتج اللطف والرحمة. وكلها سوية تقودُ الى حياة هادئة مسالمة وبهيجة. فالهدوء والسلام والفرح ثمار التقاء الصفات الأساسية وتفاعلها من خلال الصفات الفرعية. ولهذا لا توجد في الله سوى :
الفرح والسلام والهدوء لأنه رحوم ولطيف ومحب ، وحكيمٌ ومستقيم وجليلٌ وقوّي. وهكذا يكون الله حَّيًا عارفًا وقديرًا. أى كاملا ولكل الكائنات مصدر كل طاقةٍ وعلم وحياة.