أهلا وسهلا بالأخ باسل ألبرت
سأل آلأخ باسل :” هل تعتمدُ قُوَّةُ آلصلاة وفاعليتُها على الشخص المُصَّلي ، فتختلفَ من مُصَّلٍ إلى آخر، ومن آلقديس الذي تُرفَعُ إليه آلصلاة إلى غيره “؟. وأتبعَها بسؤالٍ ثانٍ : ” هل قُـوَّةُ آلصلاة وفاعليتُها مرتبطةٌ بتحقيقها فآستجابتِها أم لا “؟.
لا فرقَ بين آلمُصَّلين أو آلقديسين !
لا تتعَلَّقُ قوَّة آلصلاة بالمُصَّلي كشخص. أن أكون أنا أصلي أو أنتَ أو هو. تتعَلَّقُ آلصلاة بالهوية آلأيمانية للمُصَّلي. فقد عَلَّمنا آلرب يسوع كيفَ نُصَّلي. وأبانا آلذي نموذجٌ لكل صلاة. فآلصلاة تمجيدٌ وتسبيحٌ لله، ونداءٌ إليه تعالى ألا يُهملَ حاجاتنا أي ألا يتخَّلى عَنَّا، وألا يُعاقبنا على خطايانا، بل أن يرحمنا فيغفر لنا ويحمينا من آلشّرير.
تتعَلَّقُ فاعليةُ آلصلاة بعلاقة المُصَّلي آلمباشرة بالله وثقته بكلامه تعالى، علاقة آلإبن بأبيه، بينهما محبَةٌّ وثقة. لذا علمنا أن ندعو، في آلصلاة، آللهَ ” أبانا “. وهذا آلأب وعد أنَّ كلَّ من يسأله شيئًا بإيمان يناله. لأنَّ آلأيمان أيضًا يقتضي آلمحبة وآلثقة. فمن تحَّلى بهذه آلفضائل ينالُ رضى آلرب، و لا يخيبُ عند طلبِهِ. فهنا يختلفُ الذي يرفع آلصلاة، بين هذا أو ذاك، عن غيره بإيمانه و ثقته بالله. وآحتمالية إستجابِة آلصلاة أقوى. لماذا يجري آللهُ آلمعجزات على طلب آلقدّيسين، بينما تبقى صلاة غيرهم بلا ثمر؟. لأنَّ آلقديسين أرضوا آلله في حياتهم وتصَّرفوا معه كبنين و وثقوا به. ولهذا يرفعُ آلمؤمنون صلاتهم بشفاعة آلقديسين. إنَّ صلاتهم ” كعطر بخور أمام الله ” (رؤ8: 4). إستجابَ يسوعُ طلبَ آلضابط آلروماني بسبب إيمانه الذي لم يجد مثله بين آليهود، وكذلك صلاة لص آليمين. ولم يُلَّبِ طلب لصِّ آلشمال وآلرؤَساء الذين كان طلبهم إزدراءًا لا إيمانًا به ولا مَحَبَّةً بتمجيدِه.
أمَّا عن آلقدّيسين أيُّهما أفضل فهذا أسلوبٌ بشري فقط. أما عند آلله فكلُّ آلقديسين سواءٌ. فالقدّيس هو من إستجابَ لطلب آلله وقَدَّس ذاته، سيرته. فهنا أيضًا يبقى آلفرقُ بين مُصَّلٍ وآخر. وليس غريبًا ولا مُخالفًا أن نتعَرَّف إلى قديسٍ أكثر من غيره، أو حتّى نقتنعَ بواحد أكثر من غيره بسبب علاقتنا نحن به. بسبب تأَثُرنا بحياتِه وسبقَ فنلنا منه نِعَمًأ. كتبت آلقديسة ترازيا آلطفل يسوع أنَّها ستقضي سماءَها بعمل آلخير للناس على آلأرض. وآلذين يجهلونها لا يلتجئون إليها. ولا يقلل ذلك من قداستها وقدرتها، ولا يتعالى عليها مثلا آلقديس شربل لأنَّه إشتهر ويجري آلله آلمعجزات على يده بكثرة. وبآلأخير هو الله الذي يستجيب و يعطي بشفاعتهم ليُمَجدَّهُم بين آلناس، حتى يقتدوا بسلوكهم في آلأيمان وآلمحَّبة.
آلصلاة وآستجابتها أو رفضِها !
لا تُقاسُ آلصلاة دومًا بالنتيجة. لا شَكَّ أنَّ لهوِّية آلأيمان آلشخصية دورٌ في آستجابة آلصلاة. أي إذا أُستُجيبَت فذلك يعنى أنها وفت آلشروط آلمطلوبة، ورضيَ آلله عن صاحبها. فأساسُ آلإستجابة هو رضى آلله. وأيضًا حكمُ آلله في نتائج آلإستجابة. ولمَّا ظهرت مريم آلعذراء في فاطمة قدَّمت لها لوسيا طلبًا لشفاء بعض آلمرضى. فقالت مريم آلعذراء عن بعضهم أنها ستشفيهم. ومن غيرهم طلبت أن يصَّلوا أو يُغَّيروا سلوكهم حتى تشفيهم. وغيرهم رفضت طلبهم مباشرةً. لأنَّ آلله يعرفُ مباشرةً ومُسَبّقًا نيَّةَ آلطالب هل هي صحيحة وبَنّاءَة أم لا. فقد تكون آلصلاة لا توفي آلشروط وقد يكونُ آلسائل نفسُهُ غير مُؤَّهَلٍ. وقد لا يؤولُ مثلاً الشفاءُ آلمطلوب إلى خلاص المُصَّلي، صاحب آلنيَّة. حَدّثَ وطلبَ مرضًى شفاءَهم، لم يستجبْ الله طلبهم. وبعد الموت ظهر ذاك آلمريض، في آلحلم، لذويه وهو مرتاحٌ وسعيد وقال لهم :” لم يستجب الله صلاتنا لشفائي وتعَذَّبْتُ كثيرًا لكني آلآن مرتاحٌ ، وكان ذلك من صالحي”. كان مرضُهم مُستعصِيا وكانوا يتألمون فأراحهم الرب ليَضمنوا خلاصَهم.
هكذا وإِن كانت آلإستجابة دليلاً لقوة الصلاة إلاّ إنَّ رَفضَها لا يدُّلُ دومًا على سوئها، بل أحيانًا ‘لى إرادة الله في خير آلأنسان آلحقيقي لا من مرض أو موت بل من آلهلاك. وأحيانًا قد تكون آلصلاة ضعيفةً وصاحبُها متذبذبًا فيتمَهَّلُ عليه آلله ليتقوى إيمانه. وأحيانًا أُخرى لخير أعظم للسائل وللمجتمع.
طال إبراهيم في طلب وريثٍ ولم ينلهُ إلا عندما كان يستحيلُ على سارة أن تلد. وظلَّ إبراهيم يرجو إبنًا من سارة. وهكذا صار إبراهيم يُضربُ بالمثل في آلأيمان. ويوسف آلصديق توَّسلَ إلى إخوته وإلى الله ليُنقذه من محنتِه، لم يستجب له مباشرةً بل وجَّه آلأمور بطريقةٍ مغايرة للطلب فجعله يُباع عبدًا، وأوصله إلى مصر الدولة آلعظيمة حيث أقامَه سيِّدًا على مصرَ فأَنقذ شعبَ الله من موت محَقَّق بالمجاعة. هذا ما قاله يوسف لأخوته :” كانت مشيئة آلله أن تبيعوني، لا مشيئتكم، ذلك لأنقـاذكم”. ويسوع صلَّى في بستان آلزيتون وطلب من آلأب إعفاءَه من موت الصليب، لكنه إستسلم طوعًا للمشيئة الألهية لآنقاذ البشرية من آلهلاك آلمحتوم عليها. وهذه كلها أمثلةٌ لنا، كما قال مار بولس، كُتبت لتعليمنا.
نحن مدعوون أن نتعَّلم كيف نسأل آلله بدون شكَّ وبدون ملل “صلُّوا ولا تمَّلوا “. وعلينا أن نثق بآلله أنه يريدُ خيرنا آلأعظم. لذا نتعلم من يسوع أن نطلب وفي نفس آلوقت أن نستسلم لمشيئة آلله قائلين :” يا رب لتكن مشيئتك “، لأنه يعرفُ خيرَنا أفضلَ مِنّا.