أهلا وسهلا بالسائلين الأعّـزاء.
خابرني شماسٌ يوم السبت 4/10 يستفسرُعن تلاوةِ صلاةِ رمش أيّ أحدٍ من ايليا؟ و خابرني مؤمنٌ يومَ الأحد 5/10 مستغربًا من أنَّ القراءاتِ الطقسية من الكتاب المقدس التي سمعها تُتلى في قداس ذلك اليوم لم توافق لما هو مثَّبَتٌ في التقويم الكنسي ، فتساءَلَ ما السبب ، ثم سألني ما الخبر؟. ولماذا هذا الأختـلاف ؟.
الصلاة الطقسية !
إنَّ الصلاةَ الطقسية هي صلاةُ الكنيسة ، لا الفرد، وهي لذلك منظَّمةٌ وثابتة لتسهلَ تلاوَتُها على جمهور المؤمنين الذي يشتركون في أدائها. واالصلاةُ مؤلفَةٌ على أساس التدبير الفدائي أى تذكرُ أحداثَ الخلاص من الخليقة والى حياةِ المخَّلِص ، مُمَّدِدَة ً مفعولَها الى جميع الناس الى نهايةِ العالم حيثُ تكون الخاتمة بالحياةِ في السماء وتمجيدِ اللهِ للأبد. تحاولُ الكنيسة أن تحيا كلَّ أحداثِ الأيمان وتُغَّذيَ بواسطتِها حياة أبنائِها المؤمنين فتقودَ مسيرَتَهم نحو السماء.
السنة الطقسية !
تشملُ صلاةُ الكنيسة عملَ الله في تدبير الخلاص و توَّزعُها على مدارِ السنة مُقَّسَمَة ً الى مراحلَ رمزيةٍ تُدخلُ المؤمن من خلالِها الى الجو الألهي وتساعدُه ليحيا تلك الأحداث وكأنها تحدثُ اليومَ أمامَه فتشُّدُهُ إليها ليُدركَ عمقَ التعليم المُعطى فيها ، وكيفَ يتفاعلُ معها فيُنَّـورُ إيمانَه ويجعله سراجًا يُضيءُ للعالم حواليه ويُحَّولُ سيرَتَه مِرآة ًيعكُسُ فيها صورة اللهِ خالِقِه.
السنة الطقسية الكلدانية !
بدأ المسيحيون ، في الأيام الأولى، بالصلاةِ على غرارِ اليهود وكانت تتوَّقفُ على قراءاتٍ من العهدِ القديم ، ثم من الجديد بعدَ أن كُتِب ،ويُنشدون المزامير ويستمعون الى موعظةِ الرسول ،أو الأساقفةِ والكهنة بعدهم، ويقيمون القداس(أع2: 42-47؛ 1كور14: 26-32). ثم بدأوا يُعَّيدون القيامة فالميلاد فالأنتقال. ثم صاروا يؤَّلفون صلواتٍ جديدة ً وترانيمَ توافقُ الحاجة والمناسبة. وهكذا بدأت تظهرُ مجموعات دينية للعبادة مختلفة تتبعُ المناسبات و الأعياد المستحدَثة. وأصبحت الحياةُ المسيحية تُقاسُ ،معَ تقَّدُمِ الزمن، على حياةِ المسيح و تأخُذُ من أحداثِ الخلاص أساسًا لتأملاتِها وعبادتِها. قتشَّكلت الطقوس ، ثم توَّزعت على مراحلَ متعَّددة ومختلفة تُسَّهلُ أمورَ العبادة ، وتتكررُ سنةً بعد سنة.
إختلفت الطقوسُ بسبب البيئة وظروف اللغة والعقلية والحاجة. المشترَكُ في كلها أنَّ المسيحَ محوَرُها وتغذيةُ الأيمان هدفُها. ومنها الطقس الكلداني وقد نُظّمَ على مدار السنة الواحدة. و قد نظّمَها آباؤُنا المشرقيون ، في شكلها النهائي الحالي، سنة 650م على غرار أجزاءِ السنةِ الكلدانية أو البابلية، سُّميَت “سوابيع”. وأتت في ثمانية سوابيع ، يتكونُ كل سابوع منها من سبعة آحاد ، كالآتي :
1- البشارة : 4 أربعة آحاد (صليب إيمان في البدء) يُضافُ إليها أحدان للميلاد. وهي فترةُ البشاراتِ السّارة ، ولقاءات الأيمان دليلا لحضور الله بين أبنائِه البشر وتحقيق وعده بإعادتِهم الى الفردوس المفقود. ويتحَّققُ ذلك بتعاون البشر مع الله.
2- الـدنح : 7 سبعة آحاد ، وترمزُ الى أنَّ اللهَ يُلقي تعليمَه والأنسانُ يُصغي اليه. لقد أشرقَ نورُ الحقيقة والبر بين البشر بإعلان المسيح ذاتَه لهم ودعوتهم الى التغيير بالتوبة.
3- الصوم : 7 سبعة آحاد، ترمزُ وتساعدُ على التوبة والتجَّدُد بالصيام والصلاة بطريقةِ الأختلاء في بريةِ الحياة ، والجهاد ضد الشر والفسد بإماتةِ الحواس.
4- القيامة : 7 سبعة آحاد، وترمزُ الى أنَّ بعدَ الموت عن الخطيئة نقومُ إلى حياةٍ جديدة روحية في المسيح (رم6: 1-11). لقد أصبحنا في المسيح خليقة جديدة.
5- الرسل : 7 سبعة آحاد، هذا الأيمان وهذه الحياة الجديدة نبَّشرُ بها وننقلُها الى العالم كله. إستلمتْ المسيحيةُ رسالة يسوع وتشهدُ لها بحياتِها وتنشُرُها بين الشعوب.
6- الصيف : 7 سبعة آحاد، إنها فترةُ توبةِ أبناء الله الخاطئين. جهادُنا لا يخلُ من جروح وكبوات ، ورجاؤُنا بالحياة الأبدية يحمينا من اليأس ، فنتوب لئلا يُداهمَنا الهلاك.
7- ايليا/ الصليب : سبعة آحاد متداخلة. إيليا أتى وعَّرفَ بالمسيح (متى17: 12؛ 11: 14)، وقبْلَ الأنتقال من هذه الحياة نستعّدُ للأبدية. نجاهدُ لأجل الحَّق والبر. نصلُبُ ذواتِنا عن العالم (غل6: 14). ونتشَّبثُ بصليب المسيح.
8- (موسى) تقديس الكنيسة : 4 أربعة آحاد(صليب النصرفي النهاية) يسبقُها في بعض السنين آحادٌ أخرى لسد الفراغ الحاصل بين هذا السابوع وسابقِه ، يتمجَّدُ الناسُ المخَّلَصون ويرفعون الأمجاد والتسابيح لله في كنيسةِ السماء ، مع الملائكة والأبرار.
سابوع ايليا / الصليب !
بعد هذه المقدمة العامة لآدخالِ السابوع، الذي نحن بصدده، في موقعه الأيماني نأتي الى الآجابةِ على الأسئلة الواردة. يبدو أنَّ كنائسَ عديدة عاشت هذه البلبلة لعدم خيرةِ المُصَّلين بالطقس، ولاسيما لعدم ضبط بعض التقاويم الكنسية النظامَ الطقسي، لاسيما في هذا سابوع ايليا/الصليب. لقد إختلطتْ قواعدُ عديدة متداخلة لم ينتبِهْ اليها منَّظمو التقويم أو الصلاة. توجد هذه القواعدُ والتعليمات في كتابِ الحوذرا : طيعة روما ، ج3- ص 233/ ܪܟܓ ، و 256-7/ ܪܢܘ ـ ܪܢܙ ، و 1311/ ܐܫܝ ـ ܐܫܝܐ ، وهي :
1- بداية رأس السابوع : يجبُ أن يُصَّلى أولُ أحدٍ من ايليا قبلَ عيد الصليب ؛
2- عيد الصليب : يقع دوما في 14 / 9 أيلول ولا يتغَّير ؛
3- بعد العيد مباشرة ً: يلي عيد الصليب مباشرة الأحد 1 للصليب / 4 لأيليا ؛
4- العيد يوم الأحد : إذا وقع عيد الصليب يومَ أحدٍ يُعتبرُذلك الأحد نفسُه الأول للصليب/ الرابع لأيليا. يتغَّلبُ العيد فتُتلى صلاتُه والقراءاتُ الطقسية للقداس. والأيام التالية من الأسبوع تُتلى صلاة الأسبوع 1 للصليب / 4 لأيليا ؛
5- آحادُ الصليب مدموجة مع آحاد ايليا كالآتي : 4 لأيليا /1 للصليب ؛ 5 لأيليا / 2 للصليب ؛ 6 لأيليا / 3 للصليب ؛ 7 لأيليا / 4 للصليب ؛
6- عيد القيامة متحَّرك : القيامة مركز السنة الطقسية وتحكمُ النظامَ الطقسي من بعد عيد الدنح 6/2 كانون الثاني والى نهاية سابوع أيليا/الصليب. بينما يتحَّكمُ عيد الميلاد فقط في تحديد نهاية السنة الطقسية وبداية السنة الجديدة التالية ، أي يُحَّددُ بداية سابوعَيْ تقديس الكنسية والبشارة.
إنَّ عيد القيامة ليس ثابتًا. إنه يتـنَّقلُ بين 23/3 آذار و24/4 نيسان. وهذا يُسَّببُ تغييرًا في نظام آحاد الدنح ، وبلبلة ً أحيانا في سابوع ايليا ، مثل هذه السنة. إذا تقدَّمَ العيدُ وجاءَ في آذار تقُّلُ آحادُ سابوع الدنح وتكثرُ بالمقابل آحادٌ بعد سابوع ايليا ، لأنه يقعُ فراغٌ بين سابوع ايليا وسابوع تقديس الكنيسة. ويُصَّلى عندئذٍ عددٌ من الآحاد تُسَّمى ” آحاد موسى” بما يكفي لملئِ الفراغ الحاصل. وإذا تأخَّرَ العيدُ الى 20/نيسلن وما بعدَه يتأخرُ بدءُ سابوع ايليا عن موعِدِه.
هذا ما يَهُّمنا هنا ، إذ حصل هذه السنة 2014. بلبلت القيامةُ نظامَ آحاد ايليا/الصليب. إنَّ أفضل تاريخ للقيامة هو أن تقعَ بين 30آذار و5نيسان. تتعاقبُ الآحادُ عندئذ على بعضِها بتسلسل طبيعي. لأنَّ الفترة الممتَّدة من عيد القيامة والى عيد الصليب تقتضي 24 أحدًا ليتم هذا التعاقب دون إشكال.
:- إذا وقع العيد بين 23 و29/3 يوجد 25 أحدًا. يُصَّلى عندئذٍ أحد ايليا6 قبل عيد الصليب.
:- إذا وقع العيد بين 6 و12/4 يوجد 23أحدا. يُصَّلى عندئذٍ أحد ايليا3 بعد عيد الصليب.
:- إذا وقع العيد بين 13 و19/4 يوجد 22 أحدًا. يُصَّلى عندئذٍ أحدا ايليا2 و3 بعد العيد.
:- إذا وقع العيدُ بين 20 و24/4 يوجد21 أحدًا، مثل هذه السنة، يُدمَجُ عندئذٍ معًا آحاد الصيف 6 و7 ، ثم يُصَّلى الأحد1 أيليا ، ثم عيد الصليب (مع أحده 1للصليب/4لأيليا إذا وقع العيد يوم الأحد مثل هذه السنة) ، ثم الأحد 1للصليب/ 4لأيليا (إذا لم يقع العيد يوم الأحد) ، ثم الأحد 2 لأيليا ، فـ 3لأيليا، ثم 5 لأيليا/2 للصليب ويُكملون الآحاد المتبقية.
مثال هذه السنة 2014 !
وقعت القيامة يوم 20 نيسان 2014. وإذا حسبنا الآحاد الى الصليب كانت كالآتي: 7 آحاد القيامة + 7 آحاد الرسل + 7 آحاد الصيف =21 أحدًا. و وقع الأحد 7 للصيف يوم 7/9/ 2014. وكان الأحد التالي 14/9 عيدًا للصليب. وعيد الصليب ثابتٌ لا يتنَّـقل. وسابوع ايليا لم يبدأ بعدُ. والمفروض أن يُصَّلى أول أحد لأيليا قبل عيد الصليب. فنَّـظمَ الطقسُ وأمرَ بدمجِ آحاد الصيف الـ 6 و7 معًا، وآعتبار الأحد 7/9 الأول لأيليا. وهذا ما غفلَ عنه تقويمُ البطريركية. والأحد 14/9 وهو عيد الصليب نظَّمَ الطقسُ وأمرَ أن يُعتبَرَ 1 للصليب/ 4 لأيليا، من أجل صلاة الأسبوع الذي يليه ، كما في عيد الدنح وعيد القيامة وحتى الميلاد. ولم ينتبه كثيرٌ من المصَّلين الى ذلك. والأحد 21/9 صَّلينا ، حسبَ النظام، صلاة الأحد 2 لأيليا ،والأحد 28/9 صلينا صلاة الأحد 3 لأيليا ، والأحد 5/10 صلينا الأحد 5 لأيليا / 2 للصليب. .. وسنُصَّلي الأحد 26/10 الأحد الأول لموسى ، كما جاءَ في تقويم كلدان أوربا.
مثال سنة 2008 !
وقعت القيامة في 23/3 آذار، أدنى حد تصله ويحدث حوالي كل ألف سنة !. وبسبب تقَّدمها هذا تقَّلَصتْ آحادُ سابوع الدنح الى أدنى حد وهو أربعة ، وكالآتي: 6/1 عيد الدنح وفي نفس الوقت الأحدَ الأول للسابوع. و13/1 صلينا الأحد 5 للدنح بسبب الباعوثة (وقعت في 14-16/1 ) والصوم الذي يليها بثلاثة أسابيع. ثم كملنا بقية آحاد الدنح الـ 6 و7. مقابل تقَّلُص آحاد سابوع الدنح حدثَتْ بلبلة وتغيير في آحاد سابوع ايليا وما بعدَه ، كىلآتي:
17/8 الأحد الأول لأيليا ، 24/8 الثاني لأيليا ، 31/8 الثالث لأيليا ، 7/9 السادس لأيليا (سُّبقَ على الصليب حتى يبقى العيد في موعده 14/9) ، 14/9 عيد الصليب مع الأول للصليب/ الرابع لأيليا ، 21/9 الخامس لأيليا/ الثاني للصليب، 28/9 السابع لأيليا/ الرابع للصليب.
وكان بدء سابوع تقديس الكنيسة يقع في الأحد 2/11. عندئذ ملأْنا الفراغ الحاصل من 5/ والى 26/10 بتلاوة صلاة آحاد موسى الأربعة.
أ جهلٌ أم غـباءٌ أم ماذا ؟
لماذا ترَّددَ المُصَّلون و “خربطوا” في تلاوة الصلاة الصحيحة للأحدِ المفروض والحوذرا قد شرحت بالتفصيل هذا الموضوع كما أشرنا إليه أعلاه ؟. هل كان عن جهل ؟. ربما !. ولكن التقويم الكنسي الطقسي لكلدان أوربا أشارَ الى ذلك بصريح العبارة. فهل لم يقدروا أن يَّطلعوا حتى ولا عليه ؟. “”> غريب أمـور ! عجـيب قضـية ! <“”.