أهلا وسهلا بالأخت سـندس صـلـيوا.
سألتْ الأخت سندُس ما يلي :
|.*.| هل يلزمُ أن تضعَ المرأةُ غطاءًا على رأسها في الكنيسة ؟ أم لا يهُّـمُ ؟؟
مصدرُ الوصّــية !
جاءَ في كورنثية الأولى 11: 13-15 ما يلي : ” 13 أُحكموا أنتم بهذا : أ يليقُ بالمرأةِ أن تُصَّليَ للّه وهي مكشوفةُ الرأس؟. 14 أما تعَّلمُكم الطبيعةُ نفسُها أنَّه من العارِ على الرجل أن يُعفيَ شعرَهُ. 15 في حين أنَّه من الفخرِ للمرأةِ أنْ تُعفيَ شعرَها ؟. لأنَّ االشعرَ جُعِلَ لها قِـناعًا ؟.
تعليمٌ لاهوتي ، أم إجراءٌ إداري ؟
إنَّ طبيعةَ السؤال والواقعُ المُعاشُ يوميا في الكنائس يدعو الى التأمل في النص : هل ما كتبَه مار بولس هو تعليمُ وحيٍ إلهـي يتطَّلبُ التنفيذ ولا يجوزُ مخالفَتُه ، أم هو فقط إجراءُ إداريٌ إتخَّذه مار بولس في زمانِه وحسب متطلبات البشارة آنذاك؟. لو كان تعليما إلهيا لآلتزمت به الكنيسة وفرضته شرقًا وغربًا ، ومن عهدِ الرسل والى يومنا!. لكنَّ تأريخ الكنيسة يشهدُ عكسَ ذلك. ماذا عنى به الرسولُ إذن؟. إنَّ الرسولُ يهُّمه أن تنتشرَ البشارةُ ويؤمن كلُ الشعوبِ بالمسيح. وحتى يضمنَ إيمان الشعوب بآنجذابِها الى المسيحية وعدمَ نفورِها منه يتقَّـيدُ الرسول ببعضِ الآداب الأجتماعية لزمانِه حتى لا يبدوَ شاذًّا أو مُســيئًا الى الحضاراتِ القائمة ، بل إستغلالِ تلك الحضاراتِ والثقافات وآستعمالِها وسيلةً لنشرِ إيمانِه و إنجيله بين جميع البشر. فهو يريدُ :
أولاً : أن تكون أمور الجماعة المسيحية كلها ” بأدبٍ ونظام ” (1كور14: 40 ) ؛
ثانيًا : أن يُحافظَ المؤمنون على كل تقـليدٍ سبقَهُم يخدُمُ قضيتَهم (1كور11: 2) ؛
ثالثًا : أن يُحافظوا على السُنن المُعلنة ” مشافهة ً او مكاتبَة ً ” (2تس 2: 15 ) ؛
رابعًا : أن يقتديَ جميعُ الناس بآدابِ سيرتِه (1كور4: 17) هوالذي ” عَّدَ كلَّ شيءٍ نفاية ً ليربحَ المسيح” (في3: 8). فجعلَ من نفسِه كلَّ شيء لجميع الناس ” لأَهديَ بعضَهم مهما يكن الأمر. أفعلُ كلَّ هذا في سبيل البشارة ” (1كور9: 22-23). وطلبَ من المؤمنين أن يتعَّلموا منه ويقتدوا بسلوكِه (1كو11 : 1) ، هو الذي إحترمَ تقاليد كل الأمم فـ” عاشَ مع اليهودي كيهودي ، ومع الوثني كوثني ، ومع الضعيف ضعيفا ” (1كور9: 19-22)، لا يتبعُ ضُعفَهم وأخطاءَهم بل فكرَهم وثقافَتَهم ليُوصلَ اليهم من خلالِها فكرَه الخاص وإيمانَه. باتَ واضحًا أنَّ مار بولس لا يَّدعي إبلاغنا تعليما الهـيا لا يُناقَش. بقدر ما يُلهمُنا إجراءًا إداريًا يخدمُ ، في عصرِه وموقعه الجغرافي ، قضية نشرِ الأيمان المسيحي. وكلُّ نظام أو إجراءٍ إداري يخضعُ لتقلبَّات ظروف الحياة ويتغَّيرُ مع تطَّوُرِها.
المرأة المــتزوجة !
لم يكتبِ الرسول ” أ يليقُ بالفتاة ” أو” بالأنثى “، أى الأنثى بشكل عام. بل خصَّص بالمرأة التي هي، حسب العرفِ القانوني، الأنثى المتزوجة. وفعلاً يدورالحديث عن الرجل والمرأة. أى عن متزوّجة. وقد فرضَ المجتمعُ على المتزوجة ، على ما يبدو، إستعمال غطاءِ الرأس كشريحة متمّيزة في المجتمع تغَّيرَوضعُها بعدَ أن تزوَّجت. قبل الزواج كانت حُرَّة في حياتِها ،أما بعد الزواج فهي مرتبطة بزوجها ” ما دام حَّيا “ولا يحقُ لها الفراقُ أوالزواجُ من آخر (1كور7: 39). ويجب أن يتم حضورها وعملها في المجتمع من خلال زوجها (1كور14: 34-35؛ 1طيم 2: 11). كما لا يحُّقُ للشباب أن يطمعوا بعد في الزواج منها لأنها إختارت طريقَها و شريكها في الحياة. فآستعمال غطاء الرأس دليل إحترام الزوج وليس الله. الغـطاءُ إشارة وعلامة تُذَّكرُ كلَّ الأطراف ،المرأة والمجتمع ، بذلك.
غَّطـى اللـه رأسَ المرأة !
أما المرأة بشكل عام فقط أعطاها الله ما يحترمُ وُجودَه وجلالَه ، الشعرُ الذي على رأسِها. ولهذا لا يليقُ بالمرأةِ أن تكشفَ رأسَها أى أن تحلقَ شعرَ رأسها ولا أن تُقَّصرَه بحيثُ تبدو رجلاً. لأنَّ شعرَ رأسها ” جُعِلَ لها قِناعًا ” (أية 15)!. وإذا كان اللهُ قد زوَّدَ المرأة بغطاء الرأس ، فهل تحتاجُ الى أن يُضيفَ الأنسانُ غطـاءًا آخر يُخفي غطاءَ الله ؟. أ لا يكون بفعلِهِ هذا يزدري غطاءَ الله ويرفُضُ الإعترافَ به؟. وهل غطاءُ الأنسان أفضل من غطاءِ الله ؟. إنَّ غطاءَ الله غالٍ وتفتخرُ به المرأةُ (آية 15). ولماذا يُحاولُ الأنسانُ أن يُشَّوهَ خليقة الله بحجةِ إحترام الله؟. ولماذا يريدُ أن يقَّللَ من قيمة الزواج ومن قيمةِ الزوج بحذفِ علامةِ حبها وخضوعِها له ؟.
ورأى الله أنَّ كلَّ ما صنع حسَــنٌ !
وقد خلقَ الله المرأة بزينةِ شعرِها ولم يُضف اليه غطاءًا. لأنَّ الشعرَ نفسَه غـطاءٌ. والغطاءُ للرأس لا للشعر. ليسَ الشعرُرأسًا. بل ما تحتَ الشعر، الجمجمة التي يكسوها الجلدُ وينبتُ عليه شعرٌ. ذاك هو الرأس : وقد غطاهُ اللهُ للمرأة بشعر طويل ، وجعلَ الرجلَ ينظّمُ شعرَ رأسه ، وهو لا يطول مثل شعر المرأة. وعندما تجتمعُ الرجال الى بعضِها ترفعُ القُّبُعات عنها إحترامًا للموقف، و تفعلُ كذلك عندما تلتئمُ للصلاة في دورالعبادة. إنَّ عملَ الله جَّـيدٌ و أفضلُ من عمل الأنسان لأن اللهَ واحدٌ أزلي حكيمٌ لا يخطأ في عملِه. أما الأنسان فلأنه كثيرُ ولا تتفقُ بينهم الآراءُ والرغبات ، ولأنهم لايملكون زمام المعرفة ، تبقى عاداتهم وتقاليدهم عرضة للتغيير على مَّرِ العصور والدهور. يُحاولُ الأنسان دومًا أن يُعطيَ قيمة ً لعمله الخاص فيُصَّنفُهُ فوقَ عملِ الله لـيُغَّطي عليه.
نتغَّطى في الكنيسة أم لا ؟
حتى نعرف إن كان غطاءُ المرأة لزاما أو لا في الكنيسة علينا أن نتساءَل بعد كل ما قرأنا أعلاه : لماذا نذهب الى الكنيسة ؟ وفي الكنيسة من أجل من تتغَّطى المرأة ؟. إنْ كان من أجل الله ليس الله بحاجة الى ذلك. إحترامنا وحبنا لله ليسا بالمظاهر الخارجية بل بأن نمتلك قلبًا نقيًا وحُّبًا صادقا بحيث نتصَّرفُ مع الله كأولاد أعّزاء مع أبيهم المحبوب. ولن نكون أولادا لله في الكنيسة فقط. بل يجبُ أن نعيشَ بُنُـوَّتَنا له في كل فعل وكل مكان وكل زمان. أما إن كنا نفعلُ ذلك بسبب المجتمع الذي يفرُضُه علينا فلا أجرَ لنا ونحن أشقى الأشقياء لأننا نتصَّرف كعبيد وليس كمن حرَّرهم المسيح من تقاليد البشر: ” قد دُعيتم الى الحرية ، على ألا تجعلوا هذه الحرية سبيلا لأرضاءِ الجسد.. بل أسلكوا سبيل الروح .. وثمارُ الروح هي : المحبة والفرح والسلام وطول الأناة واللطف ودماثة الأخلاق والأمانة والوداعة و العفاف “(غل5: 12-23). لم يُدرجْ بولس الغطاء بين ضروريات الحياة المسيحية.
ولكن إن كانت المرأة تتغَّطى من أجل الجماعة الحاضرة حتى لا تعطي الشكوك ولا تُغري أحدًا بجمال شعرها ولا بزينة رقبتها من قلادات وحلى ، فعندئذ الطوبى لها لأنها ميَّزت الكنيسة عن النادي أو قاعة عرس أو مسابقة ملكة الجمال. نذهب الى الكنيسة لنصَّلي و نسمع كلام الله ونقَّرب ذبيحةَ المسيح فنعرف أن نلبس بآحتشام من جهة ومن أخرى كيف نرفعُ أفكارنا وقلوبَنا نحو الله. لم تفرض الكنيسة أبدًا الغطاء. تنصح به إحتشاما وإكرامًا للمكان والمقال والرجال. وكلُّ إمرأة تختارُ وتتصَّرف بما يقّوي إيمانَها وفضيلتَها.