يقع عيد مار توما رسميًا في 3 / 7 تموز من كل سنه. وعندما لا يكون 3/ 7 يومَ أحد يُحتفلُ بالعيد في الأحد بعد 3/ 7 تموز حسب قرار السينودس البطريكي ليوالم العـيد مع عـطلة دينية كانت أم مدنية. ويمكن للأبرشيات في بلاد الإنتشار أن تتمسَّك بـ 3/ 7 للأحتفال بالعيد مع الكنائس المحلية. أما البطريركية فكانت تستقبل ضيوفَها المُهَّنئين دوما يوم 3/ 7 تموز.
نثَّبتُ فيما يلي قراءات العيد ونبذة تأريخية عن الرسول
تتلى علينا اليوم القراءات : أع4: 32-5: 11؛اش55: 4-13 1كور15: 1-19؛ يو20: 19-31
القـراءة : أعمال 4 : 32 – 5 : 11 :– المؤمنون بالمسيح مُتَّحِدون في المحَبَّةِ و مشاركةِ الخيرات ، يؤَّدون الشهادة ليسوع ، والروحُ يُرشِدُهم.
القـراءة البديلة : إِشعيا 55 : 4 – 13 :– يقودُ اللهُ التأريخَ خلافًا لرأيِ البشر. كلمتُه لا تبطل وأمرُه لا يُقاوَم. بقُـوَّةِ الله سيرجعُ المَسبيون، وهو سيتمَجَّد.
الرسالة : 1 كور 15 : 1 – 19 :– ترتكزُ بشارةُ بولس على قيامةِ يسوع. وقيامتُه دليلٌ وضمانٌ لقيامتنا نحن أيضًا ، وإِلَّا فإيمانُنا باطل.
الأنجيل : يوحنا 20 : 19 – 31 :– يتراءى يسوعُ للرسل بعدَ قيامتِه ، وفي ظهورِه الثاني يلومُ توما على عدم تصديقِه الخبر. توما يعترفُ أنَّ يسوع هو” الله “.
تــــوما !
يهودِيٌّ من عشيرة بنيامين، وُلد في الرامة شمال أورشليم وعماوس، لكنه إنتقل الى الجليل من حيث إختار يسوع المسيح غالبية رسله. في الجليل كان العمل متوفرًا والتجارة مزدهرة خاصَّة وقيل عن توما أنَّه كان ” صائِغًا “؟. أما في الهند حيث سيُبَّشر بالمسيح فآشتهر بلقب ” النجَّار”!. إسمُه الأصلي” يهوذا “، أما توما فهو لقبُه لأنه على ما يبدو كان” توأَمًا ” مع أخ آخر. هذا ما يقوله عنه تقليدُ الكنائس الشرقية السُريانية ويُوَثِّقُه المُؤَّرخ الكنسي المشهور أوسابيوس القيصري (265-340م). ويؤكده يوحنا الرسول لمَّا يقول: ” توما الذي يُقالُ لهُ التوأم ” (يو11: 16؛ 20: 24).
رسـول المسيح !
يبدو أن توما كان مؤمنًا يتوقُ وينتظرُ خلاص إسرائيل على يد المسيح. ولمَّا عرف بوجود المسيح لم يتأخر عن الإلتحاق به والتتلمذِ له. إنَّ الإزائيين يوَزِّعون الرسل الأثني عشر في قائمة أسمائِهم الى ثلاث مراتب ، وكل مرتبة تحتوي الأسماء نفسَها ، كالآتي :
متى 10: 2-4 :–
1+ بطرس سمعان ، أندراوس ، يعقوب ويوحنا (أبناء زبدى )؟
2+ فيليبس ، برتُلماوس ، توما ، متى.
3+ يعقوب ، تداوس ، سمعان ، يهوذا الأسخريوطي.
مرقس 3: 13-19 :– لوقا 6: 14-16 :–
يحتفظان بنفس الترتيب عدا تأخير الأسماء بين متى و توما. ربما المُغَّير هو متى الذي تواضُعًا منه قدَّم توما على نفسِه ، في قائمته.
إذا ذكر الأنجيلُ رسولا ما كلَّفه يسوع بخدمةٍ مُعَّينة، أو سألَ أحدُهم الرب أو طلب منه شيئًا يدور الحديث طبيعيًا لا يُلفِتُ النظر. أمَّا توما فقد ذكره يوحنا، وحدَه، في ثلاث مواقفَ برز فيها عن أقرانِه. جاء كلام توما ، في ثلاثتها، إعتراضيًا يُثيرُ الشَّك وليس إستفساريًا يطلب الإستنارة. كانت المرة الأولى عند مرض لعازر. لم يذهب يسوع ليشفيَه مع أنه صديقه و بكى لموتِه. لما عرف يسوع أن لعازر قد مات أعلن للرسل أنه نائمُ وهو ذاهبٌ ليوقظه، ثم صَرَّح ” إن لعازر قد مات، قوموا نذهب إليه “. لم يتمالك توما أعصابه : أنت لم تذهب في الوقت المناسب، الآن ماذا ينفع ؟؟. فيقول :” لنذهب نحن أيضًا ونمُـتْ معه ” (يو11: 11-16). لاسيما وأنَّ يسوع نفسَه كان مُهَّددًا بالقتل. و بنفس الأسلوب يرُّدُ ، في العشاءِ الأخير، على يسوع :” لا نعرف أين أنت تذهب، فكيف نعرفُ الطريق؟ ” (يو14: 4-7). وبنفس الشَّك يعترضُ على الرسل بخصوص القيامة : ” لا أُصًدِّق إلا إذا رأيتُ أثر المسامير في يديه، و وضعتُ إصبعي في مكان المسامير ، ويدي في جنبِه ” (يو 20: 25).
أصبح أسمُه مقرونًا بالشك. حتى أصبح كلُّ شًكَّاكٍ ينعُت بـ ” تـوما “؟. أما الصلاة الطقسية الكلدانية فتقول عنه :” صار للكنيسةِ سورًا عاليًا وقًوِّيًا ، لأنَّه جَسَّ جنب المُخَّلِص فآستأصلَ الشكوك والإنقسامات حول قيامة المسيح “. وتقول ترنيمة أخرى في خبر لعازر:” هيَّأَ توما نفسَه ليموتَ من أجلِ سَيِّده. فقال لرفاقِه : إن كُنَّا حَقًّا تلاميذَ الرجُل لنذهبْ نحن أيضًا ونمُت معه”. وكان يسوع قبل أيام من ذلك مُهَدَّدًا بالقتل ونصح الرسل يسوع ألا يخاطر فيعود الى اليهودية (يو11: 8). أمَّا الكنيسة فرأتْ فيه أنَّه يُجَسِّدُ صعوبة الأيمان، وأنَّه رمزٌ للمسيحيين الذين يصطدمُ إيمانُهم بالشَّك، لكنهم يُتابعون المسيرة مع المسيح ويصمدون حتى النهاية في تعلقهم به بعد أن يكونوا قد نالوا نورًا إلَهيًا إضافيًا. و توما وحدَه بَشَّرَ بالمسيح خارج حدود الأمبراطورية الرومانية.
تـوما البَشير !
يقول التقليد بأنَّ مار توما أسس كنيسة الرها، ومنها إِتجَه جنوبًا في وادي بين النهرين. عبر في شمال العراق، وله مزار في مانكيس ذكرى عبوره من هناك. واصل مسيرته نحو شمال فارس وهو يُبشِّرُ الجاليات اليهودية المتواجدة، ويكون قد وصل سنة 43م إلى شمال الهند فبشر فيها وفي الجنوب الغربي من الصين. وكانت خلافات بين البلدين على الحدود فبدأت، حوالي سنة 48م، حملة عسكرية صينية لآستعادة أراضيها فنزح سكان المنطقة و آضطر توما فعاد الى فلسطين بآلهام إلهي ليطلع على خبر إنتقال مريم العذراء. ثم يعودُ ثانيًة الى الهند، هذه المرَّةَ بحرًا، ويصل إلى كرانكانور في ولاية كيرالا سنة 52م، حيث تواجدت جالية يهودية تتكلمُ الآرامية. لكن الإقبال عليه للمعمودية جاء من الهنود الأصليين أكثر مما عن اليهود. إستقر في الجنوب وتغلغل منها الى عمق البلاد. بنى سبعَ كنائسَ في مدن مختلفة منها : كيرالا، تاميل وسيريلانكا. واصل توما البشارة والعمل في النجارة توفيرًا لمعيشته !. وبعد سنين من جُهدٍ وجهاد كما وصفتْه صلواتُ الكنيسة ” مثلَ شمسٍ أشرق توما بين الهنود وبدَّد ظلمة ضلالِهم بنى لهم قصرًا في السماء إشتهى ملوكُ الهند أن يتنَّعموا فيه “، سلَّم جهاده بضربةٍ رمحٍ في ظهره مزَّقت أعضاءَه. تمَّ ذلك حوالي سنة70-72م ، في ميلابور قرب مَدراس، في مغارةٍ على تلَّةٍ تُدعى حاليًا ” جبل القديس توما “، كان مُختليًا فيها للصلاة. ودفنت جثمانُه في مكان بُنيت بعدَه على قبره الكاتدرائية الحالية ، في مدراس – ميلابور
أخبارٌ شِبهُ أُسطورية !
إنتشرت حول مار توما، كما حول المسيح وبقية الرسل، أخبارٌ” شعبية” ، هي رمزية أكثر من واقعية، حاكها الناس وتناقلوها لتعظيم القديس. وقد يكون لبعضِها أساسٌ واقعي بُنيت عليه بنات الخيال، أو يكون أمثولة لأعطاء درس. ليحاول القاريء اللبيب أن يدخل إلى عمق مغزى الكلام ولا يتأخر على ظاهره المُدهش. منها : نُسبَ إليه تأليفُ كتابين من الأسفار المنحولة، هي : إنجيلُ توما ، و أعمالُ توما. لا تعترف بها الكنيسة لأنها تحوي أخبارًا غير مؤَّكدة ، شبه أسطورية.
1* قصرٌ للملك في السماء.
قال الرب: ” إكنزوا لكم كنوزًا في السماء” (متى6: 20).
قيل أن توما إشتهر بالنجارة. وفي تبشيره إلتقى حتى بملوك ومنهم آمنوا. ويقال أنَّ أحدهم طلب منه أن يبني له قصرًا. وافق توما وبدأ يستلم من الملك المال الضروري لآنجاز العمل . طالت المدة ولم يرَ الملك شيئًا. فحسبَ الملك أنَّ توما مكّارٌ يخدعه. ألقاه في السجن وأمر بتعذيبه يوميًا. بعد فترة غير قصيرة رأى الملك في حلمه قصرًا جميلا خلَبَ لُبَّهُ. و إذ هو مبهور به ويتمنَّى أن يقتنيَ واحدًا مثله، سمع صوتًا يُنادي: هذا القصر لمن يريدُه. بناه توما. لمَّا فاقَ من نومِه إستدعى توما وتحَقَّقَ معه فعرف أنَّه صرف الأموال التي أخذها منه على الفقراء والبائسين. فبأدعيتهم هيَّأَ الرَّبُ للملك هذا القصر في السماء.
2* وليمة في الهند.
ترنيمة شبه أوبريت ، كانت سابقًا تُرَتَّل في عيد مار توما . تقول :-
أُقيمَتْ وليمةٌ في الهند، ودُعيَ مار توما إليها. و بدأَ يتحَدَّثُ بكلامٍ يليقُ بالموقف. رفعَ أحدُ السُقاةِ يدَه وضرَبه على فكِّه.
+ قال توما : لي ثقةٌ بالله أنَّ أسَدًا سيقطعُ تلك اليدَ اليُمنى.
+ نفذَ الماءُ. خرج الساقي ليجلبَ ماءًا. صادفه أسدٌ وقطع يمينَه.
+ أخذها كلبٌ وأتى بها فوضعها أمام المحفل. لمَّا رأى المدعوون ذلك مجَّدوا الله.
+ لم يكن هناك من يتحَدَّث بالعِبرية سوى فتاةٍ كانت تعزفُ على القيثارة.
+ ردَّت فقالت له : من تكون أنتَ، ومن أتى بك حتى تصنع هذه المعجزة ؟
+ أ لعَّلكَ أنت هو ذاكَ الذي حوَّل الماء خمرًا في مدينة قانا، وشربَ منها كثيرون ؟
+ أ لعَّلك أنت هو ذاك الذي أشبعَ الآلاف في البرّية، من ذلك الخبز الذي كثَّره أمامهم؟
+ أ لعلك أنت هو ذاك الذي شقَّ مياه البحر وعَبَّرَ شعب بني إسرائيل ؟
+ أ لعلك انت هو ذاك الذي فتح عيون الأعمى ، ولمَّا أبصرَ مجَّد المسيح ؟
+ أ لعلك أنت هو ذاك الذي أقام لعازر من بين الأموات وآمن به كثيرون ؟
+ ردَّ توما وقال لها : أنا خادمُ ذاك الذي صنع هذه كلَّها. المجدُ لمن أرسَلَه **