أهلا وسهلا بالأخت أحلام أوراها
سألت الأخت أحلام عن :
1. ما هي عقوبة الزاني في المسيحية ؟ وهل يفرقُ إن كان رجلاً أو امرأة ؟
2. الحلفان على الأنجيل بالكذب !!! ؟ يرجى التعليق عليه
3. حلفتُ برأسي ابني ولا طاقة لي بتنفيذه … ما الحَّل ؟
عقـوبة الـزاني ! ….> لا .. لا .. لا تزنِ
عند قراءةٍ سطحية للعهد القديم من سفرِه الأول التكوين يتصَّورُالقاريءُ، بقناعةٍ تّامة، أن الله يُعاقبُ الخاطئين. ولكن عند تأَّملٍ عميق في النص، وبقراءةٍ روحية لا حرفية، يندهشُ إذ تنقلبُ الآية ويتعَّلمُ أن الله لا يقاصصُ بل يُطالبُ فقط أن يُحافظَ الأنسان على براءَةِ طبيعتِه والنمو في قداسةِ سيرتِه. الله خَيِّرٌ وقدوسٌ بذاتِه. ولا يحُّقُ أنْ تكون صورته بشكل مختلفٍ عنه. فالأنسانُ أيضا مدعُوٌ الى القداسة. وقداسةُ الله لا تتحَّملُ النجاسةَ بأي شكل تكون. و رفضُ تلك النجاسة سَطَّرَها البشر في الكتاب المقدس على شكل عقوبة. مثلا خروج آدم و حواء من الفردوس بعد السقوط ، عند رفض الإصغاء الى الله والانتقال الى معارضتِه تبَعًا لتحريض ابليس. يُركزُ القاريء على معلومة ” الطرد” من قبل الله (تك3: 23-24)، ولا ينتبِه الى ما سبقهُ من موقفِ الأنسانِ نفسِه ألا وهو أنَّ الأنسان هو الذي ، لمَّا أحَّسَ على غلطتِه، إنسحبَ من حضرةِ الله بـ” آختبائه من وجه الرب” (تك3: 8). ولو كان الله عاقبَه لما “صنع لهما ثيابًا من جلدٍ وكساهما” بحنان والدي (تك3: 21)، ولا ترك لهما حُرّية الأختيار. أرادَ الله للأنسان الحياة السعيدة ولن يُعَّكرَ صفوَها إذا أحسن الأنسانُ التصَّرفَ. و نصح قايين بعدم القتل ولم ينتصح فلم يعاقبه بل كشفَ له بأنَّ الطبيعةَ الشاهدة للجريمة لن تسكتَ عليها بل ترفضُ التعاون مع المجرم لأنه أخطأ التصَّرفَ ضد طبيعته. والقداسة والنجاسة ضدّان متناقضان يستحيلُ الجمعُ بينهما. والفردوسُ بيتُ سكنى الله. و الطبيعةُ صنعُ يديه. ومن يُعارضهما لا يمكن أن يتّفقَ معهما ويُعاشرهما. والفرقُ شاسعٌ بين العقوبة والأنفصال. يريدُ الله أن يحيا الأنسان في القداسة، وهو لا يتحمَّلُ نقيضَها النجاسة، والأنسانُ رفضَ أن يكون مثل الملاكِ “تابعًا لله” وآختار الحرية فآحترمه الله وبيَّنَ له الثمن الباهظ الذي سيدفعه مقابل ذلك. لا لأنَّ الله يُعاقبه ولكن لأنَّ الأنسان جاهلٌ وقصيرُ الباع. و لكن رغم ذلك فإنَّ محَّبة الله ورحمته تجاه الأنسان لا فقط لم تسمحا له بأن يُهملَه بل ظلَّ يُتابعُه ويُرشده الى سواءِ السبيل ليُنقذَه من الورطةِ التي وقعَ فيها. ولا دواء لنجاة الأنسان سوى أن يسلك سبيل القداسة التي خُلقَ عليها لتستقيم أمورُه. فنرى الله يُكَّثف على يد موسى في إرشادِه الى تجَّنب السلوك المؤذي وتبَّني السلوك البَّناء بالأرتقاءِ الى روحانيةِ طبيعتِه والتشابه مع سمو الله. وما الوصايا العشر سوى الطريق الى ذلك. ويدعو الله شعبَه بالحرفِ الى القداسة :” لا تُدَّنسوا أنفسَكم .. ولا تتنجَّسوا .. تقَّدسوا وكونوا قديسين لأني أنا قدّوس..” (أح11: 43-45؛ 19: 2). وأحد مسلك للقداسة هو ” لا تزنِ “. ومثله يفعل الرب يسوع فيدعوالأنسان الى الكمال مثل الله (متى5: 48). ويصدي له الرسل في نقل تعاليمه :” وهل مشيئة الله إلا أن تكونوا قديسين .. لأنه دعانا لا الى النجاسة بل الى القداسة “(1تس4: 3-8؛ 1بط1: 16). فالله لا يُعاقبْ بل يدعو الى السمو في القداسة. لم يفهمه البشر على مَّر العصور. أصَّرَ الأنسان ، وما يزالُ يُصّر، على أنَّ الشَّرَ يُقهرُ بالقوة والقصاص. أما الله الأبُ المحب فيعتبرُ الخاطيءَ مريضًا، ضّالاً ومائتًا/هالكًا بسبب خطيئته وهو يريدُ له الحياة. فظلَّ الله يُصّرُ على تغيير نظرة البشر الضّيقة ورفع العقوبات المسيئة وتبديلها بدواء الرحمة والحنان. فآعترضَ بشدة على قساوةِ قلبِ شعبِه :” هل بموتِ الشّرير يكون سروري؟ كلا. بل بتوبتِه عن شَّره فيحيا” (حز18: 23). وقد أعلن يسوع مشيئة الله الثابتة :” توبوا فقد إقتربَ ملكوتِ الله “(متى4: 17). ومثلُ الأبن الضال أقوى درس في الغفران والمسامحة وتغليب الرحمة على العدالة. الأبن الضال قضى غربته في الفساد حتى إنتهى الى العيش مع الخنازير الوسخة، رمز الدنس والنجاسة. وحتى الزانية التي أرادَ القادة معاقبتها حسب الشريعة الموسوية رفض يسوع الموافقة على العقاب وأبدله بالغفران، ” لا أدينكَ إذهبي ولا تخطأي” (يو8: 11). الربُ يكرهُ الشَّرَ لكنه لا يكرهُ الشرير بل يُحَّبهُ، فلا يُعاقبُه بل يُصلحُ سلوكه. العقوبة بذاتها شَرٌّ يُخالفُ مشيئة الله. منع يسوع بطرس إستعمال السيف، وهو شر، حتى للدفاع عن الحَّق. يرفض أن يُصبح العنفُ وسيلة للكف عن الشر. أوصى بعكس ذلك بالخير والسلم :” لا تدع الشَّرَ يغلبُك. بل آغلبِ الشَّرَ بالخير” (رم12: 21). لقد أصبحَ الغفران دعامةً أساسية للأيمان المسيحي. حتى أكَّدَ الله بأنَّ من لا يغفرُ للخطأة و المسيئين إليه لن يغفرَله هو أيضا خطاياه (متى18: 33-35). بل ثَبَّتها في الصلاةِ الربية الأساسية لأيماننا فقال:” إِغفِرْ لنا خطايانا كما نحن أيضا نغفرُ لمن أخطأ إلينا “. الله محبة. والمحبة حنان ورحمة. والأنسان صورة الله. فهو أيضا محبة، وبالنتيجة حنانٌ ورحمة. ولا يجوز أنَّ يعَّششَ في قلبه لا الحقد ولا الكرهُ ولا العنفُ. والعقوبة تعني تحطيم معنوية الواحد بينما التوبة تعني إصلاح السلوك. فالله والكنيسة يدعوان الى التوبة لا الى العقوبة. العقوبة دينونةٌ والدينونة لا ترحم (يع2: 13). البشر يدينون أما الله فلا يدين (يو8: 15) و يُطالبنا ألا ندين (متى7: 1). والزنى مثل بقية الخطايا ضد طبيعة الأنسان الروحية تقَّلبُ موازين القِيَم الألهية فتجعلُ الأبيضَ أسودًا والأسودَ أبيضًا. أ ما فعل هكذا شعبُ الله؟. وقد أدانهم يسوع على ذلك :” أنتم تُهملون وصية الله وتتمسَّكون بتقاليد البشر. وما أبرعَكم في نقضِ شريعة الله لتُحافِظوا على تقاليدكم “(مر7: 8-9). ” لا تزنِ ” وصَّيةٌ واحدة من عشر أخرى. وكلها متعادلة فيما بينها. ومن” أخطأ في واحدة منها أخطأَ في كلها ” (يع2: 10). يُركّزُ الناس على الزنى الذي هو إنحرافٌ فقط في الشهوة. ولا يهتمون بتقديس يوم الرب الذي هو إرادة و دعوة إلهية. الناسُ يُحَّرمون الزنى لغيرهم ويُحَّللونه لأنفسهم و يتباهون بمخالفة وصية ” لا تحلِفْ بآسم الله”. والحلفان لا يبطل من ألسنة الناس بسبب وبدون سبب. فالمسيحية تسيرُ على خطى معلمها فتعَّلمُ المحبة والسلام وترفضُ الكره والعنف.
رجل أم امرأة !
ضلالة أخرى من فساد فكر الأنسان. ما الفرق بين رجل وإمرأة ؟. كلاهما جزءان من الأنسان. ولا يقدر الجزء الواحد، ذكرًا كان أم أنثى، أن يحيا و يكتمل بدون الآخر. إنهما جزءان يختلفان في تركيبة الجسد ولكنهما يتساويان ويتكاملان في واجبهما لتمديد الحياة. كلاهما معا يشكلان الأنسان الواحد. لكن الرجل بطبيعة قوة عضلاته سيطر على المرأة الأضعف في جسدها رغم أنها ” شريكة للرجل في ميراث نعمةِ الحياة “(1بط3: 7). وقد إحترم الرب يسوع المرأة وأعاد اليها كرامتها فَـ ، في المسيح، لا فرق بين رجل وإمرأة” (غل3: 28). المرأة أضعف لأنها لا تقدر أن تخفي نتيجة زناها. بينما الرجل يتمَّلص بسهولة عن جريمته. قد يكون غيره فعلها. لكن الله يدين السرائر لا الأجساد. لذا لا فرقَ أمام الكنيسة بين زانٍ رجل أو زانية امرأة. كلاهما مخالفان لنفس الوصية. وتشملهما نفس العقوبة :” الهلاك”.
الحلفـان !
وصية الله الثانية هي” لا تحلف” بآسم الله باطلا، لأنَّ الربَّ لا يُبَّررُ من يحلفُ بآسمه باطلا (خر20: 7). والله أزليٌ في قرارِه ولا يرجع عن كلامه ولا يتغَّير(يع1: 17). ومن يحلفُ على الأنجيل يحلف على كلام الله. وكلام الله هو الله. والكذب باطلٌ لأنه يُعارضُ الحق الألهي. فمن يحلف على الأنجيل وبالكذب يتحَمَّلُ مسؤوليتَه. الأنجيلُ لا يُبَّررُ خطأَ الأنسان. وكم بالحري إذا كان ذلك الأنسان دَجّالاً. ومثل هذا الأنسان إذا لم يتُب ويكشف الحقيقة التي شَوَّهها ويُكَّفرَ عن السوءِ الذي سَبَّبه لن يتمَّكن أن يتمَلَّصَ من المحاسبة. لقد أرشد الرب يسوع تلاميذه الى عدم الحلفان نهائيا :” لا تحلفوا مطلقًا ” ودعاهم بالمقابل الى التمسك بقول الحق :” ليكن كلامكم إما ـ نعم { حيث هو حق} ـ أو ـ لا { حيث هو كذب} ـ. وما زادَ على ذلك فهو من الشرير”(متى5: 33-37).
النذر !
عن النذر قال الرب :” من نذر شيئًا للرب، أو حلفَ يمينًا فألزمَ نفسَه شيئًا فلا يرجع عنه بل يعمل بكل ما نطق به” (عدد30: 3)، لأنَّ ” الربَّ الهكم يُطالبكم به “، شريطة أن يكون أيضًا “تطَّوُعًا ” لا قسرًا (تث23: 22-24). المنذور يخرجُ عن سلطة التصَّرف به لأنه أصبحَ مُلكَ الله. كان حننيا حُرًّا في بيع حقلِه، وحُرًّا في التبَّرع بثمنه للفقراء أو الأحتفاظ به. لكنه باعه وسلَّمَ جزءًا من ثمنه للفقراء وخَبَّأَ جزءًا منه، لكنه إدَّعى أنه الثمن كله. نذر ثم طمع فكذب. أخطأ. وخطأُه فضحه فأهلكه (أع5: 1-11). إلا أنَّ أحدَ الشروط الأساسية للنذر أن يكون في طاقة الناذر إيفاؤُه. كثيرون قد يتمنون أن يعملوا الخير لكن الأمكانيةَ تخونُهم فلا يُحاسبون على ذلك. يمكن أن يتأخَّرَ تنفيذ النذر. لا ضيرَ في ذلك. المهم ألا يتهاون المرء مع ذاته فلا يتحجَّح لتبرير عدم الأيفاء. والأهم أنه لا يهملُ نذره بل يحاول تنفيذه متى ما يقدر عليه وكما يقدر عليه. الرب يَحسبُ إستقامة النية ويقَّدرُ الحب والأيمان اللذين يدفعانه الى النذر ولا سيما التصميم على تنفيذه عندما تسنح الفرصة. الرب لا يُطالبُ بما فوقَ طاقة الأنسان، ولا يُبَّررُ تهاون المخادعين. والصادقون في سلوكهم لا يكسرُ لهم قصبَتَهم المرضوضة.