تتلى علينا اليوم القراءات : اش7: 10-16+9: 1-7 ؛ ميخا 4: 1-3+5: 2-9 غل3: 15 – 4: 6 ؛ لو2: 1-20
القـراءة : اشعيا 7 : 10-16 + 9 : 1-7
يُحاصرُ الآثوريون مدينة القدس. اليهود مرعوبون. يلوم إشَعْيا قِلَّةَ إيمانهم، ويدعوهم إلى الصمود والأتكال على الله. النصرُ آتٍ بعونه. ودليل النصر هو أنَّ العذراء تحبل وتلد إبنًا يُدعى” عمانوئيل”. إنَّه اللهُ معنا ، إبنُ عذراء، إلَــهٌ قوي ، رئيسُ السلام القـراءة البديلة : ميخا 4 : 1-3 + 5 : 2-9 :– يتحَّدثُ عن زمن المسيح الذي سيولد في بيت لحم، ويُعَّلمُ في القدس، وسيغلبُ كلَّ الأمم ويُقيم السلام.
الرسالة : غلاطية 3 : 15 – 4 : 6
يتحَّدثُ الرسول عن دور الشريعة في رعاية البشر لا في خلاصِهم، وإلى مجيء المسيح. أمَّا الخلاص فهو بالمسيح المولود من امرأة.
الأنجيل : لوقا 2 : 1 – 20
يولدُ المسيح والناسُ مُنشغلون عنه بالتعداد وبالكسبِ الوفير. ويُحَّققُ اللهُ وعدَه فيولد المسيحُ المُخَّلِصُ في الوقت المحَّدَد، وحسبَ وصف النبوءات : فقيرًا منبوذًا من أهل العالم وقادتِه، مقبولاً ومعبودًا ممن كانوا ينتظرون الخلاص.
من هو يسوع ؟
ماذا نعرفُ عن يسوع المسيح الذي نحتفلُ اليوم بعيد ميلاده سنةً بعد سنة؟. يرُّدُ علينا الكتاب: ” إنَّه اللهُ الكلمة الذي تأَّنسَ”، ويقول:” في البدء كان الكلمة. والكلمة كان عند الله. و الكلمة هو الله.. به كان كلُّ شيءٍ .. هو الحياة لكل موجود .. لم يولد من لحم ودم .. بل اللهُ ولَدَه. فالكلمة صار جسدًا وحَّلَ بيننا.. مِلؤُه النعمةُ والحَّق ” (يو1: 1-14).
هذا ما نؤمن به. وهو ما أوضَحه بولس الرسول في تعليمه، قائلاً :” إنَّه صورةُ الله الذي لا يُرى .. لقد شاءَ الله أن يحُّلَ الكمالُ كلُّه فيه. وبه شاء أن يُصالحَ كلَّ موجود. وهو الذي حقَّقَ السلام بدمه على الصليب” (كو1: 15-20). فهذا الله المُتأَنس والكاملُ في كلِّ شيء تخَّلى عن مجدِه وتحَّلى بضعفِ الإنسان وبؤسِه،:” مع إنَّه في صورة الله لم يعُّد مساواته لله إختلاسًا. بل تخَّلى عن ذاتِه، وآتَّخذَ صورة العبد، وصار على مثال البشر.. وضعَ نفسَه، و أطاعَ حتى الموت..” (في2: 6-8). هذا الأله المتاَّنس، الكامل في كلِّ شيء، يوضعُ رمزُه أمامنا، في كلِّ الكنائس، طفلا بسيطًا، فقيرًا، مُهمَلاً موضوعًا في مذود للحيوانات، عوضَ سريرٍ في قصر، ملفوفًا بأقماطٍ ذليلة عوض َ ملابس ناعمة وفاخرة كما يليق ويجري لعظماء القوم وأغنيائِه، بل وحتى لأبسط عائلةٍ فتلُّفُ رضيعَها بالحنان وتقيه نوائبَ الدهر. نعم ولدَ يسوعُ في سردابٍ إصطبل للحيوانات، وهو الطابق السفلي لبيت، إذ لم يحصلوا على الجزء الأعلى منه ولا على غيره ولا على فندق لأنَّ يوسف ومريم كانا فقيرين!. ولم ينعم لا بملابس دافئة ولا بسرير لطيف. لم يحصل يسوع على غير حُّبِ أُمِّهِ المضطرم يُدفِئُه, و عنايةِ مُرَّبيه الفائق السخاء يُطَمْئِنُه. هذا ما يُذَّكرُنا به كلَّ عام عيدُ الميلاد.
نحن والميلاد !
كيف نستقبلُ يسوع وكيف نتفاعلُ مع العيد ؟. هل بالحلويات والملابس والمغارة وشجرة مُزَّينه؟. ماذا تعني هذه ليسوع؟. إنَّها تُعَّبرُ عن فرحنا وآمتيازنا في النيل من خيرات الدنيا ما يُبهجنا و يُريحُنا نحنُ. أم نهرعُ أولاً إليه بفكرنا وقلبنا مع الرعاةِ والمجوس ونُعَّبر له عن حُّبنا وإيماننا وشكرنا لمجيئه إلينا ؟. أم نتعَّرفَ على ما فعله بتجَّسده من أجلنا و ما ينتظرُه منّا أن نقابله به، فيفرحَ هو بنا ويفتخر لأننا إستوعبنا رسالة الميلاد وتجاوبنا معها؟.
يُجيبُنا مار بولس ويُرشدُ المؤمنين بيسوع قائلاً: ” تخَّلقوا بأخلاق المسيح “(في2: 5). لا يعني بالطبع أن نولد فقراء في كوخٍ ومُهمَلين من حتى ذوينا. نحن قد ولدنا، وكلُّ واحد في ظرفٍ خاص به. لم نختر نحن ولادتنا ولا حدَّدنا ظروفها. ولا نقدرأن نُغَّير فيما حدثَ شيئًا. مطلوب منا كيفَ نحيا هدف ميلاد يسوع ونحيا قيَمه. كيف نجعل قلبنا مغارة يحُّل فيها يسوع ومنها ينشر نعمَه وأفضالَه. قال بولس يسوع تخَّلى عن مجدِه وتحَّلى ببؤسِ البشر. فعن ماذا علينا أن نتخَّلى نحن أيضًا وبماذا نتحَّلى ؟.
1. يسوع تخَّلى عن ذاتِه >> التخَّـــلي <<
قال بولس ” تخَّلقوا بأخلاق المسيح “، ولم يقُل ” كونوا آلهة ثم تجَّسَدوا وآختاروا مغارة وضيعة “. وصف بولس أخلاق يسوع بالتخَّلي، أي بالتنازل عما هو وعما يملكه. لم يفتخر بلاهوته وعظمته ولم يتمسَّك بمجده وسلطانه بل فاضُ حُّبُه للبشر الخاطئين والمحرومين عن المشاركة في راحته ومجده. ولم يستنكف ذُلَّ طبيعتنا المخلوقة والواهية بل إعتبرَ دعوتنا وضيقنا وآستحالة أن نداويَ جرحنا ونعالج حاجتنا بأنفسِنا. لا أحد قادرٌ على إنقاذِنا من ورطتنا. لقد طوَّقنا عدُّونا بأغلال لا نقوى على التحَّرُرِ منها. رأى أن أفضل حَّلٍ هو أن يتنازل هو فيُصبح إنسانًا مثلنا يعيشُ معاناتنا، فنختبر معه حياة جديدة ونلقي عليه حملَنا و نمسك بيده ليُنقِذَنا من ذلنا ويرفعنا إلى مقام مجده. فـ” تخَّلى” عن وضعه المجيد والقدير و المريح، وعن إمتيازاتِه وحقوقِه الألهية، وقبل أن يكون إنسانًا مثلنا في كلِّ شيء ” ما عدا الخطيئة ” (عب4: 15). تخَّلى فترك نعيمه وراحته وعبادة الملائكةِ له، وتبع هدفًا أرادَ أن يُحَّققَه ألا وهو إنقاذ الأنسان وتحريره من سطوة ابليس وسُلطان الشهوة وطُغيان الشر.
2. يسوع تحَّلى بالناسوت >> التحَّــــلي <<
ليس التحَّلي إنتحالَ شخصية رمزية، أو تقَّمُصَ دورٍ يُعَّبرُ عن معلومةٍ أو حدث. يعني التحَّلي إكتسابَ وضعٍ جديد غريبٍ وبعيد عن بل معارضٍ للوضع الأصيل. إنَّه عيشُ ظرفٍ وسلوكٍ تجعله غير واحد، حتى يتوَّهم به أحيانًا من عرفه سابقًا. إذا كان ممكنًا أنْ يُشبه التخَّلي إفراغَ قدحٍ مما فيه، فالتحَّلي يمكن أن يشبه إملاءَ ذلك القدح نفسِه بمادةٍ مختلفة. بقيَ القدحُ نفسُه، إختلفَ فقط محتواهُ. فالكلمة الألهي صارَ إنسانًا دون أن يفقدَ لاهوتَه. بل أضافَ الناسوتَ فقط على طبيعته الأولى. كان إلَهًا فقط أصبح الآن إلَهًا وإنسانًا.
للهُ لا يُرى. أما الأنسان فيُرى. وهكذا رأى الناسُ الله في ناسوته وتعاملوا معه كمع صديق. ما تغَّير أيضًا أنَّ الله: لا يأكل ولا ينام ولايتعب ولا يرتاح ولا يحزن ولا يتألم ولا يجوع و لا يعطش ولا يضعف ولا يُهان ولا يعوزه أو ينقصُه شيء. لكنه عاش وآختبرهذه الظروف كلَّها مثل كل الناس. لم يكن بحاجة أن يختبرها ليُحِّسَ بمعاناة الأنسان بل لكي يُحّسَ الإنسان كم أنَّ الله قريبٌ منه ويُحَّبُه. وحتى يتعَّلم منه كيف يتحَّدى معاناته ويعيش في سلام. فتحَّلى بكل ما للأنسان ما عدا الشر ولم يفعَله.
عاش يسوع إذًا كإنسان لأنه أحَّبَ الأنسان. لا ليتعَّرف عليه بل ليتعرَّف الأنسان على سعة محبة الله ورحمته له وقربِه منه. حتى إذا دعاه إلى تغيير الأخلاق/السلوك يتجاوب معه فـ ” يتخَّلى” عن ذاتِه الأنسانية وعاداته وتقاليده وشهواته وملَّذاتِه ويقتدي بحياة الله المتجَّلية في يسوع، ولا يعتبرالأمر خسارةً إذا فقدَ شَرَّه ونـبذَ ضعفَه وآرتقى إلى مستوى أخلاق المسيح. إذا لم يُفرغ الأنسان ذاته عن أوهامه وقناعاته وملّذاته لن يستطيعَ أن يتحَّلى بما هو إلَهي. إذا لم يتخَّلَ الأنسان عن السفر سيرًا على الأقدام لن يتمتَّعَ أبدًا براحة السفر بالطائرة.
3. كيف يتخَّلى الأنسان ثمَّ يتحَّلى >> الســوءُ و الـــبِّر <<
تسميةُ الطفل هو إعترافٌ به إبنًا أو بنتًا وقبول كل الألتزامات اللوجستية المترتبة على ذلك. يأخُذُ يوسفُ دورَه الأبوي ويُمارسُه. إنَّه بمثابة الأب ليرعاه. يقبل بهذا الأمر ويُنَّفِذُه. فكما هو شرعيًا زوجٌ لمريم ويحميها أصبح أبًا ليسوع أمام الدولة والمجتمع البشري. لا أحد يقدر أن يتَّهم مريم بذنب ولا يقدر يوسف أن يتمَّلص من واجب الرعاية. لن يكون ليوسف دور في خلاص البشرية مثلما لمريم التي أصبحت شريكة في الفداء، لأنها شكلت مع إبنها الأنسان الواحد الكامل الذي أطاع الله عكس حواء مع آدم الذين عصوا أمر الله. لكن دور يوسف أيضًا عظيم جدًّا في ثقته بالله وطاعته له وتنفيذ كل ما دعاه إليه من البتولية ومن المسؤولية الأَبـوية. دوره أعظم من الأنبياء حتى من إيليا ويوحنا لأنَّه تعايش مع يسوع و عامله كإبنه فأحَّبه وحماه وخاطر بحياته من أجله. فقد ربَّاه إلى أن إشتَّد عودُ يسوع وأصبح قادرًا على أن يتحمَّل بنفسِه مسؤولية تدبير حياته وحماية أمِّه. هنا ينتهي دور يوسف. فآختفى عن مسرح حياة يسوع. وبآختفائه تتسَّلطُ الأضواءُ كلُّها على يسوع وحده، بحيث يندرُ حتى ذكرُ مريم إلاّ في مناسبات ركَّز عليها يوحنا أكثر من غيره. لمَّا دعا يوحنا الناس الى التوبة أوصاهم:” إثمروا ثمرًا جديرًا بالتوبة”. وعنى بذلك تغيير تصَّرفهم الأنساني حسب مباديء العالم والمصالح الدنيوية فقط وراحة الجسد، وتبَّني مباديء الله. سألوه :” ماذا نعمل”؟. أجابَهم:” تقاسموا ملابسكم وطعامكم مع من ليس له. و لغيرهم: لا تغُّشوا ولا تسرقوا. ولآخرين: لا تظلموا ولا تكذبوا. ولغيرهم: إقنعوا بأرزاقكم”. أجاب كلَّ واحدٍ بأن كشفَ له عيبَه وسوءَه وطالبَه بأن يكُّفَ عن ذلك.
أمَّا بولس فأعطى المبدأَ والمُبَّررَ الذي يستند اليه السلوكُ الجديد حسب المسيح. كتب لأهل روما:” نحن لا نسلك سبيلَ الجسد، لأرضائِه !، بل سبيلَ الروح ..لأنَّ الذين ينقادون إلى روح الله يكونون حَّقًا أبناءَ الله”. أمَّا لأهل غلاطية فأوضحَ ما هي أعمال الجسد، وما هي الثمارُ الجديرة بالتوبة وقال:” أُسلكوا سبيل الروح ولا تقضوا شهوة الجسد”. ثم يُعَّددُ أعمال الجسد الأثيمة ويَنهى عنها :” الذين هم خاصّة المسيح قد صلبوا أجسادَهم وما فيه من أهواءٍ وشهوات” (غل5: 19-21، 24). ثم يُعلن عن ثمار الروح :” المحَّبة والفرح والسلام و طول الأناة واللطف ودماثة الأخلاق والأمانة والوداعة والعفاف .. والتواضع والصبر .. و الصلاح والبِر والحَّق “. فعلى الأنسان أن ” يتخَّلى” عن أعمال الجسد في شكلها الأثيم، لكي ” يتحَّلى” بأعمال الروح، سالكًا درب المسيح. والميلاد يوحي بها إذ يُعَّلم الأنسان أن يبنيَ علاقته مع الله والقريب على قاعدة المحبة والتواضع والبذل.
تتغَّنى بها ترتيلة للميلاد، تقول:” ليلة الميلاد يُمَّحَى البُغضُ ..تُزهرُ الأرضُ ..تبطلُ الحربُ .. يثبُتُ الحُّبُ”. وتضيفُ: ” نكون في الميلاد عندما نسقي العطشان ماءًا .. نكسي العريان ثوبًا ..نكفكف دموع حزين ..نفرشُ القلوبَ بالرجاء .. أُقَّبِلُ رفيقي دون غش ..تموتُ فيَّ روحُ الأنتقام .. يُرمَدُ في قلبي الجفا .. تذوبُ نفسي في كيان الله “. وإذا ذُبنا في الله كما ذابَ هو بتجَّسده فينا ينمو فينا حُّبُ يسوع فيُصبح قلبُنا مذودَه حيث يجد مكانا لائقًا يُدفِئُه الحُّبُ و يُزَّينُه التواضُعُ ويُغَّطيه الأيمان. يدعونا الميلاد إلى أن نعرفَ اللهَ ونسلكَ دربَه فيحُّلَ فينا.
4. وماذا يقولُ عنَّــا العالم ؟
كثيرون يستثقلون عملية ” التخَّلي والتحَّلي” خاصة بسبب مردودها الأجتماعي حيث يراها أهل العالم خسارة الذات إذ يحصرُ الحياة في الحواس وخيراتها وملذاتها. نعم أهل العالم لا يفهمونها ويرفضونها لأنهم لا يؤمنون لا بالله ولا بالمسيح. أما نحن المؤمنين بالمسيح فهل نسمع لله أم لأهل العالم؟. من أحَّبنا وتنازل عن مجده لأجلنا المسيح أم أهل العالم؟. من شاركنا ضُعفنا وشقاءَنا المسيح أم العالم ؟. نحن أصلا لسنا من روح العالم. ويرانا العالم شاذّين عن أصوله وتقاليده. وأ لم يتَّهم أتباعُه يسوع بالشذوذ عن القاعدة العامة وبالجنون وبأنه لا يخضع للشريعة ؟. لم يخالف المسيح قواعد العالم حتى نتبعَ نحن العالم.
إبتعادُ المسيحي عن الشّر وتوَّجُهُه الروحي يعتبرُه الكثيرون ضُعفًا وجُبْنًا. ليكن. ولكن من أقام أهل العالم قضاةً يدينون وسلاطين يتحَّكمون في حياة الناس؟. أ ليس الصليبُ عند أهل العالم جهالةً ومعثرة؟. أما نحن فنعبُدُه لأنَّ عليه سفكَ المسيح دمه رحمةً ومحَّبةً لخلاصِنا؟. ونحن أقامنا المسيح شهودًا له في العالم لنكسبَ أبناءَه لله. ولو قبل أهل العالم يسوع المسيح وتتطابقوا معنا لما كان لنا بعدُ لا مشكلةٌ ولا خلاف. وإذا آحتقر أهل العالم مبادئَنا وسلوكنا فقد سبقَ وتصَّرف هكذا مع الأنبياء وحتى مع المسيح نفسِه. وإن كانوا قد رفضوهم بل و آضطهدوهم فهل ستحلوا في عيونهم سيرَتُنا ؟. فالتخَّلي عما لأهل العالم والتحَّلي بما للمسيج لا مفَّر منه. إنَّه الشهادة للمسيح والجهادُ الذي عنى به الرب يسوعُ من أجل الحياة الأبدية (متى11: 12).
وأخطر من نقد العالم وآحتقاره لنا أن نرى كلَّ ما فينا من آراءٍ وأعمال ورغبات أنَّها لا فقط هي صحيحة بل أنَّها وحدَها جديرة بالقبول، وأنَّ كلَّ ما لدى الآخرين هو خطأٌ وسوء عليهم أن يُغَّيروه، أما نحن فدومًا على حق. ولو تصَّرفَ المسيح كذلك، وهو مُحِّقٌ لأنه كذلك، لما تجسَّدَ وقبلَ شقاءَ الحياة من أجلنا. رآنا خاطئين ومُخطئين فغَّيرَ وضعه المجيد بوضع أتعس وشاركنا وضعَنا ليُغَّيرَه إلى أفضل. وأحيانًا أخرى نستصعبُ تخَّلي يسوع ودعوته للأقتداء به ونلوذُ بضعفِنا فنتقاعسُ عن سلوك درب الروح. ربما نبَّررُ تقاعُسَنا أننا لسنا آلهة. و يسوع تصَّرف كإنسان ولم يستغل قوَّته الألهية لمقاومة الشر وفعل الخير. بل إستعمل علمَه لكلام الله وحُبَّه لسماعه. وقد يتحَّججُ بعض المؤمنين فيقول ببساطة:” أنا لا أستطيع أن أعمل هذا. لا أقدر أن أتغَّير. أنا أُريد ولكن آخرين يوقعوني ويجُّروني الى الشر. هذه وغيرها حججٌ يسوقُها البعضُ لأنَّه ينقصُهم الأيمان والحب للمسيح. وهنا يطرح السؤالُ نفسَه: ” هل سيولدُ المسيح في قلبٍ هذا هو إستعداده ؟. وإذا لم يولَد فيه فكيف سيفرح؟. وإذا لم يفرح فبأيِّ عيد يحتفل ؟.