إنَّ لأسبوع الآلام ، في الطقسِ الكلداني واللاهوتِ المشرقي ، موقعًا خاصًّا. صحيحٌ أنه ذكرى آلامِ المسيح وموتِه. ومن هنا دُعيَ ” أسبوع الآلام ” ! نعم. ولكنَّ تلكَ الآلام نفسَها فتحَتْ بابَ الخلاص للإنسان ، وبالتالي باب السعادةِ والسرور. تحتفلُ الكنيسةُ عامّة في هذا الأسبوع بأعـظم وأقدس أسرارها وعقائد إيمانها :
1- في السعانين بملوكيةِ يسوع ، إنما بالتواضع
2- في خميس الفصح بالكهنوت وتأسيس الكنيسة ، إنما في الذبيحة
3- في جمعةِ الآلام بالخلاص والفـداء ، إنما في الألـم والعذاب التكفيري
4- في سبت النور بإشراقِ نورالحياة للمعَّمدين من خلال موتِ يسوع وقيامتهِ.
لكــل ِوردةٍ أشــواك !
احتفالي خاص مُفرح مختار بين مختلف ألحان الآحاد والتذكارات و وحتى الأفكار والتعاليم اللاهوتية تمزُجُ الفرحَ بالحزن. فتقولُ مثلا : ” مُبارَكٌ الذي نصَّرَنا بألمِه.. وفرَّحَ كنيستَه وأبهَجَها ” ؛ ” هوذا كنيستُكَ ، يا آبنَ مريم، تقومُ في الحزنِ لأنَّ موتَكَ مؤلمٌ. وتُعَّيدُ ألَـمَكَ وتذكرُ صلبكَ” (حوذرا 2ص346)، ” تحتفلُ بأعيادِكَ بفرح ” (ص312)، ” أبوابُ العرسِ الروحي فُتحت لغفرانِ البشر .. فأدخلوا يا مدعـوين ‘لى الفرح المُعَّدِ لكم” (ص337) ، ” أَّهِلنا يا رب لنشتركَ في موتِكَ ثم نتنَّعم معك ” (ص 370) ، ” يا مخَّلصَنا تقيمُ الكنيسةُ بآهتمام ، سنةً فسنة ، ذكرى مقدَّسة لألمِكَ الثمين ، أهِلها لعيدِكَ الحَّق ثُمانيِّ الأيام ” (ص 373).
نمـوذجٌ لنحـــياهُ !
تدعو الكنيسةُ المؤمنَ إلى أن يحيا ، من خلال مدلول احتفالات أسبوع الآلام ، ويُعَّبر عن مثلِ هذا الإيمان : أنْ يفرحَ بخلاصِ الرب ، و ان يتألم لأنَّ هذا الخلاص تمَّ في أقسى عذاب ، سبَّبَ كلُ واحدٍ منا جزءًا منه. إنَّـنا ” نبتهجُ ونتألم معا “!. نحتفلُ ونصومُ في نفسِ الوقت !. إنه أسبوعُ أعيادٍ من نوعٍ خاص وألم من نوع خاص أيضا ، لا يُسْبَر ُغَـورُهُ إلا على ضوءِ سِّرَي التجَّسًد والفـداء. فعلاقة صومِ أسبوع الآلام بالصومِ الأربعيني هي أن يحيا المسيحي و يصوم مثل يسوع !. فـيكون صومُ أسبوع الآلام امتدادا لصوم المسيح وإتمـاما له ، فهو الألمُ الذي ” يُكَّملُ ما نقصَ من آلام المسيح “(كو1: 24).ويكون الصوم الأربعيني استعدادا لأسبوع ألآلام الرهيب ، المُر والحلو ، المُفرح والمُحزن معا !. فشّدةُ الصوم وآلامه طريقٌ ” للمجد المزمع أن يتجلى فينا ” (رم8: 18) كما تجَّلى في يسوع. وهكذا تصبحُ حياة المؤمن مسرحا لآلام المسيح وقيامتِه ، لذُّلِهِ ومجده. وتصبحُ حياة المسيح نورًا وقـوتا تهـدي وتسندُ جهاد المسيحي عبرَ الأجيال.