أهلا وسهلا بالأخ العزيز كوركيس
تشكى آلأخ كوركيس من تصريحات بعض رجال دينِ مسيحيين آلغريبة ومن آرائِهم التي تخدش أحيانًا حساسية عقائدنا آلإيمانية، وتصَّرفاتهم الشاذة. كما أظهر في فيديو كيفَ أنَّ كاهنًا مسيحيّا يُصَّلي سورة آلفاتحة و يُحَّرضُ غيره على فعل ذلك، والتي تمُّجُ آلذوق السليم بسبب ظروفنا آلأليمة وآلجهادية، إذ نعيشُ في زمنٍ وبيئةٍ مشحونة بتطَّرفاتِ إرهابيةٍ وحتى بآضطهاداتٍ غير مُبَّرَرَةٍ وظالمة. وبَّررَ آلسائلُ تشَّكيَهُ، كي لا أقولَ إِعتراضَه، بأنَّ عقيدتنا آلأيمانية ترفضُ موقفًا مثل هذا، الذي يبدو إعترافًا مخالِفًا لتعليم آلمسيح، مُستَشْهِدًا بقول آلكتاب آلمقدس :” لا خلاصَ إلا عن طريق آلمسيح “. وطلبَ إِبداءَ رأيي.
من لم يُؤمن يُـدان !
لا شكَّ في ما ذهبَ إليه آلسائلُ آلكريم. قال آلأنجيل :” إِذهبوا إلى آلعالم كلِّه. وأَعلنوا آلبشارةَ إلى آلناسِ أجمعين. من آمنَ وآعتمدَ يخلُص ومن لم يُؤمن يُدان ” (م16: 15-16). وعليه أكَّدَ مار بطرس أنْ :” لا خلاصَ إلّا بيسوع. وما من إسمٍ آخر تحت آلسماء وهبَه آللهُ للناسِ نقدر به أن نخلُصَ ” (أع4: 12). وأعلنه مار بولس أيضًا :” إنَّ آللهَ واحدٌ، وآلوسيطَ بين آللهِ وآلناس واحدٌ هو آلمسيحُ يسوع الأنسان، الذي ضَحَّى بنفسِه فِدًى لجميع آلناس” (1 طيم 2: 5-6). ولا أحد ينكرُ هذا آلتعليم.
أمَّا رأيي فإِنّي لا أقدر لا أن أدينهم ولا أن أُبَرِّرَهم. لسبب واحد لأني لا أعلمُ نيَّتهم وقصدَهم مما فعلوا. أتَوقَّع أنَّ أغلبَهم تصّرَفوا بنيَّةٍ جيِّدة وبريئة. وقد لا يخلو آلظَّن أحيانًا من آلخطَأ. يقولُ المثل، إيجابًا وسَلبًا، ” إنَّ بعضَ آلظَّنِ إثْمٌ “. لذا قال الرب : ” لا تدينوا لئلا تُدانوا”. أعلمُ ويعلمُ آلسائلُ أيضًا ويعلمُ كلُّ آلمؤمنين أن آلكنيسة آلكاثوليكية فتحت أبوابها مع آلمجمع آلفاتيكاني آلثاني (1962-1965م)، بإِلهام آلروح آلقدس وتوجيه ألبابا القديس يوحنا الـ 23، على كل آلأديان، وسلكت سبيل آلتعايش آلسلمي مع كل آلديانات، لا تنازلاً لهم عن إيمانها ، بل تقَّرُبًا منهم بمَحَّبة، لتكشفَ لهم محَبَّةَ آلمسيح وآهتمامَه بخلاصِهم. لقد تألَّم من أجلهم ودفع ثمن خطاياهم بدمه على آلصليب. فالكنيسة رسميًا تُقيمُ آلحوار مع أصحاب كلِّ آلديانات كي تشهدَ لهم عن حقيقة آلمسيح وتعليمه ومحبَّتِه، وأنَّه يدعوهم إلى سلوك طريق آلمحبة و آلتعاون رغم إختلاف العقائد، فيزولَ آلتزَّمتُ وآلتعَنصُر، ويدورَ آلحوار آلأخوي، ويسودَ آلأحترام آلمتبادل مع قبول آلآخر كما هو، تمامًا كما فعل آلمسيح.
أنتم شهودٌ لي !
هذا ما فعله البابا فرنسيس عند زيارته للعراق. كان شعارُ حَجِّه الى وطن أبراهيم ” أنتم كلُّكم إخوة “، فدعا الجميعَ الى آلتعايش آلسلمي، وصلَّى مع السيد السيستاني. تلا كلُّ واحدٍ صلاتَه. كما صلَّى يسوع مع آليهود وهم يبحثون عن قتله. لم يقرأ البابا في آلأنجيل فقط ” ومَنْ لم يُؤمنْ يُدان “( أعلاه)، ما يَخُّصُ مصيرَ غيرِه، كما قال يسوع لبطرس عندما سأله عن مصير يوحنا الحبيب،” .. ماذا يعنيك أنتَ؟. أنتَ إِتبعني” (يو21: 22)، بل شَدَّدَ البابا على واجب آلكنيسة وعلى دور تلاميذِ آلمسيح :” إذهبوا ( أنتم، ولا تنتظروا أن يأتي غيرُكم إليكم !) إِلى العالم أجمع ( جميع آلفئات، حتى من يُعاديكم ويسيءُ إليكم)، أعلنوا آلبشارة ( ما في إنجيل يسوع )..”. ودعا البابا من زمان أن يتصّرفَ كلُّ مسيحي هكذا إقتداءًا بيسوعَ آلمسيح نفسِه، حتى لو إقتضى أن يُخاطرَ بحياتِه. وقـد قال ” أحِّبوا أعداءَكم .. أحسنوا الى من يُبغِضُكم .. باركوا لاعنيكم .. عاملوا الناسَ كما تريدون أن يُعاملوكم .. تكونون هكذا ابناَءَ آلله آلحَّي، الذي يُنعِمُ على ناكري آلجميل وآلأشرار ..” (ل6: 27-36).
فرجال آلدين يتَصَّرفون، مبدئيًا، بهدف فتح آفاق أعضاء آلديانات آلأخرى على حقيقة آلمسيح وآلمسيحية ويُضيئون عليهم نور آلحق، ليكونوا فعلا نورًا للعالم ” أنتم نورآلعالم .. وليُضِيء نوركم للناس ..” (متى5: 14-16). قد لا تأتي كلُّ آلنشاطات وآلأساليب آلفردية
بثمر مُبتغى، وقد لا تتفق كلُّ آلأحداث مع آلهدف آلمنشود. نحن بشر. الله يريد منا ألا نتقاعس عن آلشهادة للمسيح ، لكل غير آلمسيحيين. هكذا قال آلرب:” أنتم شهودٌ لي” (أع1: 8). وإذا فشلت محاولة أو كانت غير ملائمةً، هذا لا يُشّوهُ كلَّ آلمبادرات. الكنيسة تتجاوب مع إلهامات الروح آلقدس أكثر من أن تكترثَ بردود فعل آلمقابل. إذا آمن خيرًا ، لأنَّه ربح لنفسِه آلحياة. وإذا رفضَ عن وعي وقصدٍ، وردَّ آليد الممدودة له فـ ” سيُدان ” من قبل آلرب ، الفاحص للكلى والقلوب، وهو يعرف آلأسباب آلحقيقية لرفضهم وتجديفهم. لم يدن اللهُ أهل نينوى آلخاطئين وآلكفرة ، لأنَّ لا أحد فتح لهم عيونهم على آلله آلحَّق، بل قبل توبتهم. بينما شجبَ وأدان تصَّرف نبِيِّه يونان الذي لا فقط قصَّر من أن يشهد أمامهم لآلاهه ، بل أضاف فأبدى تعَّصُبَه ودينونته حتى حزن لغفران آلله وعدم معاقبته آلنينويين.