موضوع يطفو من حين لآخر على سطح وسائل آلتواصل آلأجتماعي، آلمقروءة خاصَّةً، ليَدُسَّ ناشره سَمًّا أو يُطلق سهمًا عسى ولعلَّ يزيدُ آلخناق على آلأيمان ويوَّسعُ آلجُرحَ في جسد آلمسيح. ويقرأُ آلموضوع أُناسٌ بُسطاء أو جاهلون به كلَّيًا فيقعون في فخِّ آلخدعةِ. إِذ يتظاهرُ صاحبُ آلمقال بإيمان، وينبري خِفيَةً في ساحةِ آلأنتقاد، وهو ليس، كما قال آلربُّ يسوع، سوى من آلذئاب آلخاطفين ومن آلأنبياء آلمُدَّجلين.
نشر كاتبٌ وقعَّ إسمه طانيوس نمر بو صادر، بتأريخ 13ـ3ـ 2022، ربمَّا نقله بدوره عن غيره، وقرأته مؤمنة وصَدَّقته ونشرته بدورها ليطلع عليه آلاف آلناس وبنيَّةٍ حسنة، على أغلب آلظن، لخدمة غيرها دون أن تعلم خطورة نشر مقالات كاذبة هدفُها تشويه آلأيمان، وبنوع خاص ألأيمان آلمسيحي.
جاءَ في آلمقال :” أنَّ سنة 2025 سينتهي آلعالم حسب، سر فاطيما “. حسبما ورد في رسالةٍ سلمتها لوسيا لأول مرة إلى البابا يوحنا بولس الثاني، والكنيسة تخفي آلحقيقة عن آلناس. فقال:” هذه آلرسالة قرأَها آلبابا الذي قرَّر ألا يكشف هذا آلسر لأنه إعتبر أن آلقيام بذلك سيجلب آلذعرَ وآليأسَ إلى آلعالم”.
جاء فيه أيضًا أن لوسيا أخبرت أخاها بأنَّ عقابَ آلبشرية يأتي قريبًا جدًّا من سنة 2020.
جاء أيضًا عن علامات آلنهايةُ :” في ليلة باردة جدًّا. وقبل منتصف آلليل بعشر دقائق، حسب توقيت البرتغال (!!) يحدث زلزال يستمرُّ لمدة (8) ساعات “.
وجاء أيضًا تحذير وتنبيه :” سيحُلُّ آلظلام علينا لمدة 72 ساعة. لا تخرج من منزلك. ولا تدع آلغرباء يدخلون عندك “
وغيرها من آلخيالات آلمُرَّوعة لزرع آلقلق في آلنفوس وإضعاف همتها في مقاومة آلشر وآلفساد، بآلأنشغال بآلحماية آلذاتية. وتفاصيل أُخرى إن دَلّت على شيء فهي تدل على جهل الكاتب بما ينقله، أو بسوء نيَّةٍ هو مدفوعٌ إليها.
سِرُّ عذراء فاطيما
أمَّا سِرُّ عذراء فاطيما فهو مختلفٌ وغريبٌ جدًّا ع، آلمذكور. وهو :
1ـ بريءٌ من هذه آلإشاعات مثل ” براءةِ آلذئبِ من دم يوسف إبن يعقوب”.
2ـ وقد نشره آلفاتيكان منذ سنة 2000م، بآللغات آلعالمية ومنها آلعربية، وأنا نفسي إقتنيت نسخةً منه منذ 2001. وأعلنه البابا يوحنا بولس آلثاني ( قرأه الكردينال أنجلو سودانو، أمين سر دولة آلفاتيكان ) في قداس إحتفالي أقامه في فاطيما ـ البرتغال ـ نفسها في 13ـ5ـ2000م، حضرته لوسيا، وأعلن فيه أيضًا فرانسوا وهياسنت طوباويين.
3ـ والسر هو عبارة عن رؤيا شاهدَها آلرؤاة في 13ـ 7 ـ 1917، في آلظهور آلثالث لمريم آلعذراء لهم. وقد كتب تفسيره آلكردينال جوزيف راتزنغر ( بعده البابا بنيديكتس السادس عشر)، وكان آنذاك عميدًا لمجمع آلعقيدة وآلأيمان.
هذه هي قصة السر
كتبت لوسيا ما يلي في 21 ـ8 ـ 1941 على طلب من مرشدها بأن تبوح بما لديها من”سر” عن ظهورات مريم آلعذراء لها سنة 1917 :” أرى أني أستطيعُ أن أبوح به، لأنَّ السماءَ قد سمحت لي بذلك، وآلذين يُمثلون الله على آلأرض قد أَذنوا لي به، مرّاتٍ متكررة في آلرسائل، منها رسالة آلأب خوسيه برنردو غونزالفز، التي فيها يأمرني بأن أكتب إلى آلأب آلأقدس. وبَيْنَ آلنقاطِ التي يُحَدِّدُها لي هي إعلان آلسر. عدا نصيب آلسر الذي لا يُسمح لي بإعلانه آلآن. أقول كلَّ شيء ، لا أكتم شيئًا عن قصد “. إِذًا لم يكن آلبابا يخفي آلحقيقة ، بل كانت لوسيا تخضع لتوجيهات مريم آلعذراء نفسها في متى تكتب ، ومتى يُعلن عنه. حتى كتبت :” لقد إكتفيتُ بآلضروري الذي لا بُدَّ منه، تاركة لله مناسبة أُخرى مؤاتية “.
قالت :” يحوي آلسر ثلاثة أمور مختلفة. سأكشفُ منها أمرين (كما أوعزت إليها السماء).
آلأول هو رؤيا جهَّنم .. وآلثاني عن نهاية الحرب آلعالمية آلأولى وبدء الثانية، و ويلاتها وتداعياتها ، وتكريس روسيا لقلب مريم لكي تعود روسيا إلى آلأيمان”. لقد أُعْلِنَ عن ألسرين سنة 1960، حسب توقيت آلسماء.
أما عن آلقسم الثالث من آلسر، فقد كتبته في 3ـ 1ـ 1944، ونقل الى آلفاتيكان سنة 1957 وآحتفظ به في ” دار المحفوظات في آلمجمع آلمقدس”. إِطَّلع عليه آلبابا يوحنا بولس آلثاني سنة 1981 بعد نجاته من محاولة إغتياله في 13 ـ 5 ـ 1981، ذكرى حضور مريم آلأول للرؤاة. خمَّن البابا أنَّ لنجاته من آلموت علاقة برؤى فاطيما. فقرأ رسالة لوسيا لكنه لم ينشرها تقَيُّدا بأمر آلسماء. كرَّس روسيا وآلعالم لقلب مريم البريء من آلدنس في 25ـ 3ـ 1984. ولما أوعزت مريم آلعذراء الى لوسيا بإعلان الأمر أو السر آلثالث نفذه ألبابا خلال يوبيل آلخلاص سنة 2000م، وكما ذكرتُ أعلاه في فاطيما نفسها وفي 13، 5 أيار. أنقل نصَّه كاملاً كما نشره الفاتيكان.
نص رسالة لوسيا عن الرؤيا وسرها.
” إني أكتبُ طاعةً لك ، يا إلهي، يا من تأمرُني بواسطة سيادة مطران ليريا، وأُمِّك آلكلية آلقداسة، وهي أيضًا أُمّي.
بعد القسمين آللذين سبقتُ فعرضتُهما، رأينا إلى جانب سيِّدتنا آلأيسر، وقليلا نحو آلأعلى، ملاكًا يحملُ بيده آليسرى ىسيفًا من نار. وكان هذا آلسيف يلمع ويُرسلُ شُهُبَ نارٍ مُعَدَّةٍ، على ما يبدو، لتُحرقَ آلعالمَ. ولكنَّها كانت تنطفيء لدى ملامستِه آلبهاء الذي كان يَنبعثُ من يدِ سيِّدتنا آليُمنى في إتّجاهِ آلملاك. وآلملاك الذي كان يُشيرُ بيده آليُمنى إلى آلأرض، قال بصوتٍ قويٍّ : توبوا ! توبوا ! توبوا !.
ورأينا في نورٍ عظيم ، مَن هو آلله : ” أشبهُ بما يرى فيه آلأشخاصُ أنفُسَهم في مِرآةٍ عندما يمُرّون من أمامها “، أُسقُفًا لابسًا أبيضَ، ” وقد أحسَسْنا مُسَبَّـقًا بأنَّه آلأبُ آلأقدس”. ورأينا أساقفةً آخرين عديدين، وكهنةً ورهبانًا وراهباتٍ صاعدين إلى جبل وَعِر. وفي قمَّـتِه كان ينتصبُ صليبٌ كبيرٌ من جذعين خَشِنين، وكأنَّ قشرتَهما من جذع سنديان ونخيل. فآلأبُ آلأقدس، قبل أن يصلَ، جاز في وسطِ مدينةٍ كبيرة، نصفُها مُدّمَّر. وفيما كان يرتجفُ ويمشي بخُطى مترجرجة وهو مُـقَـتَّمٌ من آلألم وآلتعب، كان يُصَّلي من أجل نفوس آلجُثث التي كان يُصادفُها على طريقِه.
ولمَّا وصلَ إلى قِمَّةِ آلجبل، وسجد على ركبتيه عند أقدام آلصليب آلكبير،قتلَه رهطٌ من آلجنود، أطلقوا عليه عِدَّةَ طلقاتٍ، من سلاحٍ ناري وأسهم. وبآلطريقةِ عينها ماتَ الواحدُ بعد آلآخر الأساقفةُ آلآخرون وآلكهنة وآلرهبان وآلراهبات وعلمانيّون كثيرون، رجالٌ ونساء، من مختلف فئاتِ آلمجتمع. وتحت ذراعي آلصليب، كان ملاكان يحملان كلُ واحدٍ منهما بيده مرَشَّةً من بلور، فيها كانا يُجمعان دماءَ آلشهداء، ومنها كانا يُسقيان آلنفوسَ التي كانت تدنو من آلله “”.
هذا هو كل محتوى السر. وكلُّ ما هو خلاف هذا فهو دخيلٌ وغريبٌ، من خيال الذين يلعبون بآلحقائق آلتأريخية لغايةٍ في أنفسِهم.
عند نشر آلسر أُرْفِقَ بآلإعلان نصُّ رسالة لوسيا بخط يدها بآللغة آلبرتغالية مع ترجمته آلأيطالية. وقبل إعلانه في فاطيما يوم 13ـ5ـ2000 ونشره أرسل البابا وفدًا رسميًا ليستطلع تفسير لوسيا نفسها، ما إفتهمته عن مغزى الرؤيا وذلك في 27ـ4ـ2000 مع رسالة خاصة لها من البابا حررها في 19ـ4ـ2000. اكدت لوسيا أن الرسالة المخطوطة هي رسالتها وبخط يدها. وعن رأيها في آلرؤيا قالت :” السر رؤية نبوية ، أشبه بآلرؤى التي حصلت في آلتأريخ المقدس. وأكدت من جديد قناعتها بأن رؤيا فاطيما تتعَلَّقُ قبل كل شيء بصراع الشيوعية آلمُلحدة ضَدَّ آلكنيسة وآلمسيحيين، وهي تصفُ آلام آلضحايا الشديدة من أجل آلأيمان، في آلقرن العشرين “.
جميع هذه آلوثائق منشورة مع آلأعلان عن آلسر، وعن تفاصيل آلرؤيا، مع تعليق وتفسير مجمع آلعقيدة وآلأيمان لعميد آلكرادلة ورئيس المجمع آنذاك جوزيف راتزنغر الذي خلف البابا يوحنا بولس بتأريخ 19ـ4ـ2005. لقد قُريءَ على آلملأ حتى هذا التفسير، عند إعلان السر في 13ـ5ـ2000، على أنَّه التعليمُ الرسمي للكنيسة عن آلسر الثالث لعذراء فاطيما. توفيَّت لوسيا في 14ـ2ـ2005 وآلبابا القديس يوحنا بولس الثاني في 2ـ4ـ2005. وآلكنيسة تستمرُّ في جهادها من أجل آلحق وألبر، وتكون شهادتها أحيانًا بآلدم الذي هو بذار آلأيمان، لكنها ستنجحُ في إيصال صليبها إلى آلقِمَّة. فآلنصرُ للصليب.