أهـلا وسهلا بالأخت ريــتا غـنام
سألت الأخت ريتالا ما يلي :” لماذا يظهرُ فيضُ النور في عيد القيامة عند الأرثذوكس ، ولا يظهر عندنا الكاثوليك ؟. هل له مدلولٌ مُعَّين ؟ كثيرٌ منَّا يسألُ هذا السؤال !!
إِمتحِنوا الأرواح هل هي من الله ! 1يو4: 1
كان من المفروض أن يُوَّجه هذا السؤال الى صاحب العلاقة، الى الذي يَدَّعي هذا الحدَث. بما أنه لا يظهر عند الكاثوليك فليس مبدئيًا من إختصاص كاثوليكي أن يعرفَ عنه كثيرًا. مع ذلك تحدثُ أمورٌ كثيرة لا علاقة لها مباشرة مع كل الناس ولكن لها مردودٌ على عامة الناس لأنَّ الظل الذي تلقيه يُغطي حتى من لا علاقة له بها. وقد أعطانا الله عقلا نُمَّيز به الأشياء، جَيِّدَها من سَيِّئها. وأعطانا أيضا ايمانًا يُنَوَرُ عقلنا عنما يُغَّوشُ عليه الجهل. وعليه نستعملُ عقلنا ونسَّلظُ معه ضوءَ إيمانا لنرَ ما خبرُ هذا النور ؟
هل الخبر صحيح ؟
ليس دومًا كلُّ ما نسمعه حقيقة تفقأ العين، حتى نتبَيَّنُها وعيننا مشدودة ونُصَدِّقَها دون جدال أو نقاش. فهل يظهرُ هذا النورُ فعلاً أم الأمر كِذبةُ واحد نيسان؟ أي كذبة بيضاء لأشغال الناس؟. لا يَحُّقُ للأنسان العاقل والمؤمن أن يُصَّدقَ كلَّ شيء قبل أن يعرفَ مصدرَ الخبر، ومدى مصداقية راوي الخبر وناشرِه. هل سمعتم من الناس أم رأيتم بعيونكم ؟. ماذا رأيتم؟ وكيف رأيتم؟. هل رؤية عابرة مثل كل الناس؟ أم رؤية بعد تدقيق وتمحيص للخبر كما فعل لوقا في كتابة الأنجيل (لو1: 1-4) لنقل خبر صادق واقعي لا شكَّ فيه؟.
هل الأمر من الله أم من البشر ؟
إذا صحَّ الأمر فإما مصدَرُه الأنسان أو الله. إذا كان من الله فهو معجزة. والكنيسة هي الجهة الوحيدة التي تقدر أن تتأكد بإيمانها من صحة الأمر أو بطلانه. والكنيسة ، لا السلطة الأرثذوكسية ولا السلطة الكاثوليكية، أعلنت بإثبات أنَّ الأمر صحيح. إذن يبقى الأنسان حُرًّا إزاءَ تصديقه أو الشك فيه أو حتى نكرانه. دينيًا لا أحد مُضطَّرٌ أن يؤمن به. ولا جواب على أيّ سؤال بخصوصِه. يبقى الأمر دينيا غير محسومٍ. ولكن يبدرُ سؤالٌ يتوَجَّه الى الله مباشرة: ” لماذا لم يحدث هذا من الفي سنة؟. لماذا لا يرتقي الأمرُ الى أبعدَ من عشرين سنة؟.
أما إن كان الأمر من الناس فلا إشكال فيه، ومن يقوم به هو يعلم كيف يفعل ذلك؟ ولماذا؟. يملكُ الأنسان اليوم ناصية العلم والتقنية ويُنجزُ أعمالا وتبدرُ منه أفعالٌ كانت سابقا بمثابة ” معجزة”. أما اليوم فأصبحت لعب أطفال. لا ننسى أنَّ الرَبَّ حَذِّرَنا من مصدر ثالث قلَّما ننتبه إليه. إنهم الأنبياء الكذبة الذين يحاولون تضليل المؤمنين (متى24: 11)، ” يصنعون الآيات والعجائب العظيمة ليُضَللوا إن أمكن حتى الذين إختارَهم الله ” (متى24: 24). إنهم عُملاءُ الشيطان الذي ” كأسد زائريرودُ في طلب فريسة له “(1بط5: 8)، والذي لا يتوَرَّع ” فيتزَيَا بزيِّ ملاكِ النور” ليضلل الناس (2كور11: 13-14).
قــيل لكم !
نسمع ما يُرَّدِدُه الناس وبعض وسائل الإعلام. يفيضُ النور في قيامة الأرثذوكس فقط ، وبطريقة إعجازية، تأييدًا من الله لأيمان الأرثذوكس وتأكيدًا لصحة التقويم اليولياني الذي يتبعه الأرثذوكس. وبالمقابل توبيخًا للكاثوليك على خروجهم عن الحق وتأكيدًا على خطيئة تغييرهم التقويم عام 1582م. مع العلم بأنَّ التقويم أمر يخُصُّ الزمن والعلم لا الأبدية والدين. والتقويم اليولياني علميا مغلوط وهو متأخر عن الزمن نفسه أيامًا، كانت عشرة عند تغييره وأصبحت حاليًا ثلاثة عشر، وستستمر بالتخَّلف عن الزمن. أما الغريغوري فيتماشى مع العلم والواقع ولا يُخالف الأيمان بل يُعَّزِزُه. لكن هذا التغيير في التقويم سَبَّبَ الأختلاف في تعييد القيامة. للعلم إِنَّ كلَّ حكوماتِ الشعوب الأرثذوكسية تتبع التقويم الجديد المُصَحَّح وليس اليولياني الذي ما زالت الكنائس الأرثذوكسية متمسكة به.
هذا من جهة. ومن أخرى إذا كانت الدعاية صحيحة بأن النور إعجازيٌّ وإعلانٌ للحقيقة هل الله يُؤَّيد هذا الأدعاء؟. لماذا لم يُبدِ الله ذلك يوم أخطأ البابا وغَيَّر التقويم أي سنة 1582م؟. أو حتى لماذا لم يحدث ذلك سنة 1964م عند لقاء أتيناغوراس بطريرك عموم الأرثذوكس وبولس السادس بابا الكاثوليك وفي القدس بالذات ؟. وإذا أُعتُبرَ التغييرُ خطأ ً ايمانيا فهل سمح الله لرئيس الكنيسة أن يخطأَ ايمانيا فتقوى عليه أبوابُ الجحيم ، والرب وعده بعكس ذلك (متى16: 18-19)، وأكدَّ انَّ إيمانه لن يتزعزع ؟ (لو22: 32). الشرطة الحكومية تتولى حراسة شديدة في سبت النور على الكنيسة لتؤَّكد بعده أن الأمر ليس مُفَبْرَكًا بل هو صحيح. وما مصلحة الدولة في ذلك وهي تضطهد الكنيسة وتضايقها؟. وما معنى هذه النخوة اليهودية وهم ينكرون المسيح هو وقيامته ويبذلون جهدَهم في محو المسيحية أقله من الشرق الأوسط ؟. فإذا وزنّا الأمر هكذا و حلَّلناهُ بالعقل والأيمان، وهذه العملية يقدر أن يُجريها كل إنسانٍ، بل يجب أن يقوم بها لصيانة كرامته وآستعمال النور الذي وضعه الله فيه، عندئذ نَقدِرُ أن نُقَّدِرَ ما هو حق وما هو باطل. هذا ما دعانا اليه من البدء يوحنا الرسول عندما نَّبهنا بقوله :” أيُّها ألأحباء لا تُصَّدقوا كلَّ روح. بل إمتحنوا الأرواح لتروا هل هي من الله؟. لأنَّ كثيرًا من الأنبياء الكذّابين جاؤوا الى العالم “( 1يو4: 1). والأخطرُ في الأمر أنَّ دعاية الباطل تطغي على الحقيقة وتخفيها لئلا يتعَرَّف عليها الناس ويتبعوها. وقد قالها يسوع بأنَّ أبناء الضلال أشطر في الدعاية لبضاعتهم من أبناء الله. علينا أن نشهد للحق وننشر العلم الصحيح ، لا بهدف محو الآخرين بل برغبة مساعدة العالم على التغلب على الشر والضلال.