الزمن الطقسي
تنتقلُ الدورة الطقسية الى سابوعٍ ثالثٍ هو ” ܨܵܘܡܵܐ صَوما ” الصوم، فيه ننقطع عن الطعام صباحًا أو لا نتناولُ اللحوم في أيامٍ مُحَدَّدة ومعدودة تَطلُبُها الكنيسة وتُثَّبِتُها، تشَّبُهًا بالمسيح وآستِعدادًا للأحتفال بعيد القيامة المجيد. المسيح لم يأْتِ ليتنَّعم وتَخدُمَه الناس. جاءَ ليَخدُمَنا فيَدُّلُنا على طريقَ الخلاص، ويُسندَ جِهادَنا ضِدَّ الخطيئةِ وأسيادِها: الجسد والعالم والشيطان. نحاولُ مرافقة يسوع والأقتداءَ بسلوكه. نحاولُ أن نختليَ معه في البَرّية غير مُهتَّمين بالأكل والشرب. نجتهدَ في أن نكون أقربَ الى الله والآخرين مما إلى أنفسنا. نتصَدَّقُ لنفكرَ ونُعينَ المحتاجين. نُصَّلي ونتذَّكرُ أننا لسنا وحدنا. الله معنا، وما لا نقدر عليه هو يُقَّوينا عليه، فلا نضعف أمام التجربة، ولا نيأس. نصومُ ونُتأملُ مجدَ الله ونتَّجهُ نحوَه ولا نتشَّبثُ بجاهِ الدنيا وزينتها وخيراتها. وصومُنا المادي يجب أن يقترنَ بالصوم الروحي ألا هو الأبتعادُ عن الخطيئة، والآنفتاحُ على الآخرين وعلى الحياة الأبدية.
قال الله على لسان إِشَعْيا النبي:” الصومُ الذي أُريدُه هو إتّضاعُ الأنسان… وأن يَحُّلَ قيودَ الظلم.. ويُطلقَ المُنسَحقين أحرارًا وينزعَ كلَّ نيرٍ عنهم، ويفرُشَ للجائع خُبزَه، ويُدخلَ المسكين الطريدَ بيتَه، ويلاحظَ العُريان ويكسُوَه، ولا يتهَّربَ من مساعدةِ قريبِه. بذلك ينبَثِقُ كالصُبح نورُه وتُزهرُ عافيَتُه سريعًا ” (اش58: 6-8).
بالصيام تدعونا الكنيسة، في هذه الفترة المُتمَّيزة، الى الأنقطاع عن مغريات الجسد للتغَّلب على التجارب، وتكوين إرادة قوية في مقاومة الشر. وطقوسُها تساعدنا على ذلك: تدعونا و تشَّجعُنا وتُرشِدنا وتذكرنا بعهدنا مع الله أن نسلكَ دربَ القداسة حتى نضمنَ معه حياةَ المجدِ الأبدية.
ينقسمُ صومُنا الى جزئين. الأول هو صومُ المسيح أربعين يومًا، والثاني هو صَومُنا يُكَّمله في أسبوع الآلام. تؤَّكدُ الصلاة الطقسية أن صومنا مع المسيح نبدأُه في الأحد الأول للصوم وننهيه يوم الخميس قبل جمعة لعازر. قالت صلاة الأحد الأول :” أهِّلنا لأن نستقبل صومَك بنقاء القلب”، وتقول صلاة جمعة لعازر:”المسيح الذي بقُوَّتِه بدأْنا وأنهينا صومَه المقدس..” وتكررها صلاة اليوم التالي:” أيُّها المسيح الذي بقوتك بدأنا و أنهينا صومك المقدس.”. وفي حساب الأيام تكون 40 يومًا. وأحدُ السعانين تصِفُه الصلاة ” خارجَ الصوم” (قالى دْشَهْرا).
وصومُ أسبوع الآلام تصفُه صلاةُ الثلاثاء :” يا رب إقبلْ صومَ ساجديكَ من اجلكَ”(قانونا). أما صلاةُ صباح سبت النور فتقول :” يا مُخَّلِصَنا ليُقبَلْ صومُنا مع صوم الأنبياء والرسل” (مزامير الصبح).
ملاحظة: يصومُ البعضُ أصوامًا خاصَّة بهم. ليقبلها الله ويُجازيهم عليها. منها صوم يوم السبت إكرامًا لمريم عذراء فاتيما. إنَّ صومًا خاصًّا لا يُعَّوض عن الصوم العام. تُشَّجعُ عليه الكنيسة ولكن لا تعتبرُه صومَها هي. الصوم العام يُلزم أبناء الرعية كلَّهم معَا في نفس اليوم ، أو في يوم بديل. أمَّا الصوم الخاص فهو لأفرادٍ يُلزمون به أنفسَهم بغايةٍ، إضافةً الى الصوم العام.