الأحد الأول للصوم

 << الصوم طريقُ الحــياة >>

يُحتَفَلُ بهذا الأحد كعيد رغم أنَّه يُعتبَرُ اليومَ الأول للصوم

تُتلى علينا اليوم القراءات:اش58: 1-14؛ خر34: 1-7، 27-35  أف4: 17-33 ؛ متى3: 16-4: 11

القـراءة : إشَعْيا 58 : 1 – 14 :– الصومُ الحقيقي ليس بالإنقطاع فقط عن الطعام، بل هو بالإبتعادِ أيضًا عن الشَّر، وبممارسةِ أعمال المحبة والرحمة والفضيلة.

القـراءة البديلة : خروج 34 : 1 -7 ، 27-35 :– كسر موسى لوحَي الوصايا بسبب خطيئةِ الشعب، ثمَّ دَوَّنَها من جديد بأمر الله. كان وجهُه يشُّعُ بجلال الله بعدَ كلِّ  لقاءٍ معه. خافَ الشعبُ فغَطّى موسى وجهه. وأصبحَ حجابُهُ رمزًا لآختفاءِ معرفةِ الله عن اليهود.

الرسالة: أفسس 4 : 17 – 33 :– دعوةٌ الى السلوكِ الجَّيد اللائق بالمؤمن و التجَّدُدِ بالروح والفكر، وإلى العيشِ في الحَّقِ والصِدْقِ والسماح.

الأنجـيل : متى 3 : 16 – 4 : 11:– بعدَ ما صامَ يسوع جَرَّبَه ابليسُ بشهوةِ البطن و الجاهِ والمال. لكنَّ يسوع خَيَّبَه لأنَّه قَوَّمَ مسارَ الشهوَةِ بالصوم.

 لِنَقْرَأْ كلامَ الله بآنتباهٍ وتقوى

الصلاة الطقسية

يقول المثل:” في الإعادة إفادة “. ذكرتُ في الأحد الأول من السنة الطقسية الجديدة أني إخترتُ هذه السنة تقديم غِنى الصلاة الطقسية الغائب عن المؤمنين لقطف ثمارها ايضًا بعد أن قدَّمتُ عن القراءات في السنين الماضية. وآخترت الترانيم الأربع الأساسية في تركيبة الصلاة لأنها تطرح نوعًا ما الفكرة الأساسية لتأمل الأحد والأسبوع الذي يليه والرابط بينهما. وهي تتكرر في أيامه كالآتي: ترنيمة الرمش لصباح الأثنين؛ ترنيمة السهرة لصباح الثلاثاء؛ ترنيمة الفجر لصباح الخميس؛ وترنيمة القداس لصباح السبت. أما العيد فلا علاقة له بالأيام التالية له. ذكرتْ أولى الترانيم المعموديةَ والثالوث وهي مواضيعُ سابوع الدنح، و كأنها توديعية لها لتباشر بمواضيع السابوع الجديد. ونوَّهت ترنيمة السهرة الى ما بعد عماد المسيح أي تجربة الشيطان ليسوع. وركَّزت بقيةُ أجزاء الصلاة والترانيم على صوم يسوع المسيح وتجاربه. فقالت إحداها :” إعتمد يسوع وأعطانا ذخيرة البنين الحقة، وصام وأكسبَ ضُعفَنا قوَّةً ليتغَّلبَ على الشيطان”. وكملَّتها أُخرى:” تبارَكَ الملكُ الذي بعماده أشرق نورًا في الكون، وبصومِه إنتصرَ فنصَّرَ طبيعَتنا ورفعنا الى السماء”. ودعت المؤمنين الى الصوم:” صومُ الربِّ وصَلَ وبيده إكليلُ المجد لمن يصومُه بنقاءٍ ويُطَّهرُله الجسد والنفس”.

الترانيم

1+ ترنيمة المزمور السابق : ” يا مُخَّلِصَنا أعلنتَ، منذ البداية بالمعموديةِ، لكنيستِك التي

     تبِعَتْكَ كُلّيًا بحُّبٍ وإيمان، عن أقانيم لاهوتك المُمَّجَد وبواسطتها كشفتَ لجموع

     الروحانيين المعرفة الكاملة لِسِرِّ ثالوثِك. يا رب لِيُحفَظ بلا عيب الأيمانُ الذي تقَّلَدَتْه

     منك في بشارتك “*.

2+ ترنيمة المزمور اللاحق : ” تُنشِدُ الخليقةُ الجديدة المجدَ للأبنِ المسيح، الذي جَدَّدَها

     وحَّنَ عليها بتجَّليه، وكَثَّرَ رأفَتَه على ضُعفِها، وفطمَها بصومِه من دم ذبائح الكائنات

     البهيمة، ونَجَّاها من ضلال الأصنام وسَلَّمَ إليها معرفةَ الحَّق : التعليمَ الكامل للثالوث

     المجيد. فكلُّ مَن في المسيح يُنادي بالشكر للتدبير الذي تَمَّ لأجلنا “*.

3+ ترنيمة الرمش : ” يا رب !. كنيستُك المُخَّلَصَةُ بصليبِك، ورعِيَّتُك المُشْتراةُ بدمك

     الكريم، تُقَّربُ لك إكليلَ الشكر بإيمان يا عظيمَ أحبار البِرِّ بأنَّكَ عظَّمتَها بتواضُعِكَ. فهي

     تفرحُ مثل عروسةٍ مجيدة وتبتهجُ بك خَتَنًا مجيدًا. عَّظِمْ إذًا بِبأسِ الحق أسوارَ خلاصِها.

     وأَقِم فيها كهنةً يكونون رسُلَ السلام لأجل أبنائِها “*.

4+ ترنيمة السهرة : ” الملكُ المسيح حَرَّرَ الخليقةَ بتَجَّليهِ ونَجَّاها من الضلال. وأبطلَ سُلطةَ

     الشيطان الذي خذَلَ جنسَنا بسبب حَسَدِه ، فأصبَحَ هو الرئيسَ المُمَّجَد والمُكَّمِل لأيماننا

     بمعموديتِه. مثله نعتمدُ بالأعتراف بالأقانيم الثلاثة : الآب والأبن والروح، طبيعة واحدة

     وقوة واحدة بلا حدود. الذي هو من الأزل وتسجُدُ له كلُّ الخلائق “*.

     ܫܲܒܲܚ.  المجدُ لك لأنَّك أبطلتَ بقُوَّتِكَ قتال الشيطان المقابل عندما إعتمدتَ في الماء،

     خرجتَ الى البرّية، وغلبتَ بقوتك العظيمة العدُّو الذي أرادَ أن يغلبَكَ بحِيَلِ شَرِّهِ ، و

     آنتصرتَ عليه وأبطلتَ سُلطانَه. وقَوَّيتَ عبيدَك وقلتَ :” تشَّجعوا ولا تخافوا، فانا الذي

     منكم  بالجسد والنفس غلبتُ العالم “*.

5+ ترنيمة الفجـر : ” يا رب ليطرُدْ نورُك الذئابَ أولاد الضلال وظلامَ المُخاصمين “*.

6+ ترنيمة القداس : ” تلاميذَ المسيح وأبناءَ أسرارِه إحترسوا الإختلاط مع الوثنيين ومع

     الكفرة. لئلا يسلبوا إيمانَكم والمعمودية التي قبلتم بالأفعال التي تكسبونها منهم وهي مُفسِدة للجسد والنفس “*.

التعليم

يبدو لكل أحد موضوع واضحُ خاصٌّ به. عنوان هذا الأحد هو” الصومُ طريقُ الحياة”. جاء المسيح ليضمن لنا الحياة. كلُّ انسان يطلبُ الحياة. وتستشهد الصلاة وتقول:” من الذي يريدُ الحياة “؟ (مز34: 13-15). وردَّت عليه ترتيلة ” قلتا”: ” أُلجُموا بالصوم الجسدَ الشَرِه كما بنير، حتى يعمل في حقل الحياة الروحية “. بينما قالت غيرُها:” زارَ الصومُ دورَنا. صوموا وصَّلوا وآعطوا صدقة. فإكليلُ الحياة والمجد لمن يغتسلُ بالصوم ويتبعُ الصِدقَ”. وتمدح التراتيل الخاصة الذين نالوا بالصوم الحياة ، قائلة: ” محَّبةُ الصوم النقي فضيلةٌ. به إستحَّق موسى ان ينال الشريعة (خر34: 28)، وصعد إيليا في مركبة نارية (2مل2: 11)، وظهر يشوع بن نون فمنع جريَ الشمس وأوقفها لأنه أحَّب الصوم والنقاء (يش10: 12-13)، و دانيال سَدَّ فم الأسود (دا6: 23)، والفتيان الثلاثة أطفأُوا النار في الأتون” (دا3: 25-28). والصوم كما تصفه ترتيلة أخرى هو” دواءٌ ينفع كلَّ الأمراض. به يُجبَرُ الجسدُ المكسور بالشراهة. والنفس المربوطة بآلام الشهوات تُوقَظ كمِنَ النوم الى سيرة البرارة “. فالصوم يشترط التوبةَ وتغييرَ السلوك بالإبتعاد عن الشر والشهوات الرديئة ، والتحلي بالفضائل ، كما قالت ترتيلة :” نُقَّدمُ الثمار النقية للتوبة الى المسيح الذي هو الله فوق الكل. وبالصلوات والصوم والصدقات ورحمة المساكين نطلب الرحمة من القاضي العادل فنستحِّق بكثرة رحمته أن نرفع المجد لسيادته إذ يغفرُ لنا ذنوبنا وخطايانا “. ودعت صلاة أن ” نُزَّين أجسادنا ونفوسَنا بصوم نقي، ونرضيَ خالقَنا فنُجليَ عن أجسادنا كلَّ آلام الشهوات، ونرفعَ عن نفسِنا أيضًا الفكرة البغيضة للشرور، فنرُدَّ على كليهما بسيرةٍ صالحة وأفكارٍ روحانية “. لأننا نحن الذين في المسيح ” نسلُكُ سبيل الروح  ونهتَّمُ أيضًا بأمور الروح..والإهتمامُ بالروح حياةٌ وسلام ” (رم8: 1-6). هكذا يكون الصوم طريقًا للحياة و سبيلاً للراحةِ والعيش بسلام.

الصلاة

قالت فقرات من الطلبات :” أيُّها المسيح ملكُنا المنتصِرُ على ابليس في الحروبِ الثلاثة التي قاتله بها : محبة البطن، محبة المال، ومحبة المجد، وأعطانا قوَّة حتى، إن شِئنا ، أن نغلبَ الطاغية… خَلِّصْنا يا رب بنعمتك وأهِّلنا أن نستقبل< صومَك> بنقاوة القلب “. بينما قالت ترتيلةٌ، ما يلي :” إخوتي هوذا صوم ربِّنا دخلَ فحَّلَ في دورنا لنخرُج الى لقائه بفرح ونقبلهُ بقداسة “. أضافت غيرها :” إسمعوا أيُّها الشعوب وآصغِي أيَّتها الأمم : صوموا و صلوا و آعطوا صدقة، وآسألوا سيد الخلائق أن يُبعدَ عنكم الضيقات “. وطلبت ترتيلةٌ ” ألا يكون صومنا كما في ” يزرعيل، ولا يكون جوعٌ في بلدنا كما في السامرة “، زمن إيليا النبي والملك آحاب الجاحد (1مل18: 2 و45-46). أولئك صاموا جوعًا بسبب القحط، لاسيَّما بسبب خطاياهم وجرائمهم (1مل21: 1-27). لذا أضافت ” فلا يخلط أحدٌ المكرَ بـصومِه مثل الأثمة، لئلا يُدان بحكم سافكي الدم “.

وأخيرًا قالت ترتيلةٌ :” الخليقة كلُّها تُنشِدُ المجد والشكرَ للذي بصومه المجيد خلَّصَها من الضلال. إذ خرج الى البرية لمحاربة الشيطان وآنتصر ونصَّر طبيعة المائتين. وها هو الآن فوقُ يتشَّفعُ فينا لدى الآب الذي أرسله إلينا “. يبقى الصومُ إذًا وسيلة للعيش كأبناءِ الله وليس هدفًا بذاته للتباهي أو المنفعة الاقتصادية، ويُكسبُ الصائمين قوَّة لتحَّدي الذات وكسر الشهوة والتحَّلي بفضائل أبناء الله الروحية ” الأيمان والرجاء والمحبة ” (1كور13: 13).