اهلا وسهلا بالأخ سامر فرنسو.
سمع الأخ سامر، عن طريق الفيس بوك، عن خلاص غير المسيحيين، فسألَ :
” ما هو ايمان وتعليم الكنيسة الكاثوليكية بخصوص “” خلاص غير المؤمنين بإيمان كنيستنا الكاثوليكية “” ؟. وقد كثرت في الآونة الأخيرة تساؤلات وحوارات مماثلة.
أنقُلُ ، فيما يلي ، ما رأيُ الكنيسة الكاثوليكية وما تعلِيمُها ، كما أعلنها المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني سنة 1965م :–
رأيُــها !
” لمَّا كان من واجب الكنيسة تعزيزُ الوحدةِ والمحَبَّة بين الناس، بل بين الشعوب، فهي تأخذُ بعين الإعتبار ما هو مشترَكٌ بين الناس وما يدفعُهم الى مصيرهم جنبًا الى جنب. فالشعوبُ كلُّها جماعةٌ واحدة تنحدرُ من أصل واحد إذ إنَّ اللهَ هيَّأَ للجنس البشري قاطبةً الإقامةَ على وجه الأرض كلِّها. كما أنَّ غايةَ الشعوبِ الأخيرة واحدةٌ، وهي الله، الذي يشملُ الجميعَ بعنايَتِه وآياتِ لُطفِهِ وتدابيره الخلاصية. وذلك الى أن يلتَئِمَ شملُ المختارين في المدينة المُقَدَّسة االتي سيُضيئُها اللهُ بسنائِه حَيثُ في نورها ستسيرُ الأُمم “.
” وينتظرُ الناسُ من مختلفِ الأديان جوابًا عما في الحياةِ الأنسانية من ألغازٍ غامضةٍ لا تزالُ، اليومَ كالأمس، تُقلقُ جِدّيًا القلبَ البشري: فمَنْ هو الأنسان؟ وما هو معنى حياتِنا وهدفُها؟. وما هو الخير؟ وما هي الخطيئة؟ وما هو مصدرُ الألم، وما هي غايَتُه؟ وما هو الطريقُ المُوصِلُ الى السعادةِ الحقيقية؟ وما هو الموت؟ وما الحساب وما الجزاءُ اللذان يعقبانه؟. وفي النهاية ما هو ذلك السِرُّ الأخير والمُذهل الذي يُحيطُ بكياننا والذي منه أتينا وإليه نسعى “؟ {علاقة الكنيسة بالأديان غير المسيحية ، رقم 1}.
” يوجدُ عند مختلفِ الشعوب، منذ القِدَم وحتى في عصرنا الحاضر، إدراكٌ ما لتلك القُدرة الخفية الماثلة في مجرى الأشياء وفي أحداث الحياة البشرية. لا بل أحيانًا معرفةُ الكائن الأعظم وحتى الآ بَ أيضًا. وقد أدخَلَ هذا الإدراكُ وهذه المعرفة الروحَ الدينيةَ في أعماقِ القلوب، في حين أنَّ الأديان المرتبطة بتقَدُّم الثقافة تحاولُ أن ترُدَّ على الأسئلة بدرايةٍ أعمق وبأسلوبٍ لغوي أرقى “.
“وكلُّ الديانات القائمة في جميع أنحاءِ العالم تسعى، وبشَتَّى الأساليب الى مواجهةِ قلق القلب البشري بما تعرضُه من طرقٍ وتعاليمَ ومباديءَ للحياة وطقوس مقدَّسَة. والكنيسةُ الكاثوليكية لا ترفُضُ شيئًا ممّا هو صحيح، ومُقَدَّس في هذه الأديان. فهي تنظرُ بآحترام صادقٍ الى أساليب العمل والحياة فيها. فهذه المباديء وهذه التعاليم ، وإن إختلفتْ في نواحي كثيرة عما تملكُه الكنيسة وتُقَدِّمُه من مباديء، إلاّ انه كثيرًا ما يكون فيها شُعاعٌ من تلك الحقيقة التي تُضيءُ على الناس جميعًا. ومع ذلك فالكنيسةُ تُعلنُ ، ومن واجبِها أن تُعلنَ دومًا، أنَّ المسيحَ الذي هو ” الطريقُ والحَّقُ والحياة ” (يو14: 9) فيه يجدُ الناسُ ملءَ حياتِهم الدينية، وبه ” صالحَ اللهُ كلَّ شيءٍ مع نفسِه ” (2كور5: 9) { المصدر أعلاه، رقم 2}.
تعليمها !
” إنَّ جميعَ الناس مدعوون إذن الى وحدةِ شعبِ الله الجامعة ، التي تُشَدِّدُ على السلام العام وتُؤَّيدُه، وينتمي إليها أو يدخل في نطاقِها، بأنواعٍ شتّى، المؤمنون الكاثوليك وسائر المؤمنين بالمسيح، وأخيرًا بوجه عام جميعُ الناس المدعوين بنعمةِ الله الى الخلاص “.
“أمَّا الذين لم يقبلوا الأنجيلَ بعدُ ، فإنَّهم يمُتّون بصِلةٍ بشعب الله من نواح شتّى. وأوَّلُهم ذلك الشعبُ الذي أُعطيَ العهودَ والمواعيدَ وكان منه المسيح بحسب الجسد. و تدبيرُ الخلاص يشملُ أيَضًا الذين يعترفون بالخالق وفي طليعتهم المسلمون، الذين يُعلنون تمَسُّكَهم بإيمان إبراهيم، ويعبدون معنا الأله الأوحد، الرحيم، الذي سيدينُ البشر في اليوم الأخير. أمَّا الذين يتلمَسّون الأله المجهول من خلال الظِلال والصور، فاللهُ عينُه ليس ببعيد عنهم لأنَّه يُعطي الجميعَ حياةً ونفسًا وكلَّ شيء (أع17: 25-28)، وبوصفه المخلص يريدُ أنَّ جميع الناس يخلصون (1طيم2: 4؛ يو3: 16-17) “.
” فالذين يجهلون بلا ذنب انجيلَ المسيح وكنيستَه، ويبحثون عن الله بقلبٍ سليم، ويسعون بأعمالهم، تحت تأثير النعمة، إلى إتمام مشيئتِه الظاهرة لهم، فيما يُمليه عليهم ضميرُهم، يستطيعون أن يصلوا إلى الخلاص الأبدي. والعنايةُ الألهية لا تحرُمُ من العون الضروري للخلاص الأبدي الذين لم يبلغوا بعدُ، بلا ذنبٍ منهم، إلى معرفةِ الله معرفةً واضحة ويسعون بنعمةٍ إلهية إلى حياةٍ قويمة. وكلُّ ما كان عندهم من خيرٍ وحَقَّ تعتبرُهُ الكنيسة بمثابةِ تمهيدٍ للأنجيل، وهِبَةً من لدن مَن يُنيرُ كلَّ إنسانٍ حتى أخيرًا ينالَ الحياة” { دستور الكنيسة ، رقم 13 و16).
الخلاص والمعمودية !
كلُّ إنسان ينتمي، بولادته الجسدية، إلى أصل البشرية، آدم الذي أخطأ وخسرَ نعمة الخلاص في صداقة الله ومشاركة خيراته الأبدية. والمسيح كَفَّر عن تلك الخطيئة وفتح باب الخلاص، إنمَّا ربطه بالأيمان به وبالمعمودية:”من آمن وآعتمد يخلُص، ومن لم يُؤمن يُدان” (مر16: 16). من يرفضُ المسيح وتعليمَه، عن معرفة ووعي بالحقيقة ، فهو يدين نفسه بالهلاك. ومن آمن ولم يستطع أن يعتمد فهنا يخضعُ لتحقيق إلهي، للدينونة، لمعرفة سبب عدم إعتماده. وعن الموضوع تقول الكنيسة ما يلي :
” يُؤَّكدُ الرب يسوع نفسُه ضرورة المعمودية للخلاص ( للتخلص من فساد الشر الذي ورثه كلُّ إنسانٍ وآلتأَّهُل للقاء قداسة الله ومشاركة مجده ). وإذ ربط اللهُ الخلاص بسر المعمودية، لكنَّه هو نفسُه غيرُ مرتبطٍ بالأسرار التي وضعها”.
” لقد إعتقدت الكنيسة منذ القِدَم إعتقادًا ثابتًا ، بأنَّ الذين يموتون في سبيل الله، ولم ينالوا المعموديةَ، إنَّما يعتمدون بموتهم لأجل المسيح ومع المسيح. هذه المعمودية بالدم، مثل المعموديةِ بالشوق، تحملُ ثمار المعموديةِ من غير أن تكون سِرًّا “.
” وأمَّا الموعوظون الذين يموتون قبل أن يعتمدوا، فرغبتهم الصريحة في قبول المعمودية، مقرونةً بالتوبة عن خطاياهم وبالمحَبَّة، تكفلُ لهم الخلاص الذي لم ينالوهُ بسرِّ المعمودية ” { التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية ، الأرقام 1257 – 1259 }.
” لذلك فالكنيسةُ تحُثُّ أبناءَها لكي، بحوارهم وتعاونهم القائمين على الفطنة والمحبَّة، مع أتباع الأديان الأُخرى، وبشهادتهم للأيمان والحياةِ المسيحية، يعترفوا بما لديهم من خبراتٍ روحية وأدبية وقِيَمٍ إجتماعية ثقافية، ويعملوا على صيانتها وتعزيزها” { المصدر آلأول، رقم 2 }.